خبرات وإمكانات وإجماع عالمي وسجل مناخي حافلمحرك أساسي لبناء نموذج جديد للنمو الاقتصادي المستدام

إعداد: راشد النعيمي

يقام مؤتمر «COP28»، في مرحلة بالغة الأهمية، نظراً للآثار السلبية التي يعانيها العالم، بسبب تغيّر المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والتحديات التي تواجه ضمان أمن الطاقة والأمن الغذائي والمائي، إلى جانب ما يتطلب هدف تفادي ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض فوق ال 1.

5 درجة مئوية، من خفض كبير في مستوى الانبعاثات الكربونية، وتحقيق انتقال واقعي، ومنطقي، وعملي، وتدريجي، وعادل، في قطاع الطاقة، وتقديم مزيد من الدعم للاقتصادات الناشئة.

الإمارات ستتحول خلال الأيام المقبلة، إلى محط أنظار العالم، عندما تستضيف القمة السنوية التي تجتمع فيها مئتا دولة تقريباً، برعاية الأمم المتحدة، لمناقشة سبل تجنب تغيّر المناخ الذي تسبب به البشر، والتأقلم مع ارتفاع درجات الحرارة. ولا تزال المحادثات مستمرة منذ 28 عاماً، وقد أعطيت مفاوضات هذا العام عنواناً من الناحية التقنية هو الدورة الثامنة والعشرون من «مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ».

وتتطلع دولة الإمارات إلى استقبال العالم في مؤتمر «COP28»، والعمل مع الأطراف المعنية كافة، لتحقيق نتائج ومخرجات متوازنة وطموحة وشاملة للجميع، لتكون إرثاً يمنح الأمل للأجيال القادمة.

وتمتلك دولة الإمارات سجلاً حافلاً في العمل المناخي والتعاون المتعدد الأطراف، ما يجعلها وجهة مثالية لعقد المؤتمر، حيث تستضيف الدولة المقر الدائم للوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا». وكانت الإمارات أول دولة في المنطقة توقع وتصادق على اتفاق باريس، وأول دولة في المنطقة تلتزم خفض الانبعاثات في جميع القطاعات الاقتصادية، فيما رسخت مكانتها وجهة مثالية لاستضافة الفعاليات الدولية الرفيعة التي تركز على العمل المناخي والتنمية المستدامة.

وعلى مدار 15 عاماً، عزّزت دولة الإمارات ريادتها في المنطقة في استثمارات الطاقة المتجددة والنظيفة، محلياً ودولياً، حيث استثمرت 50 مليار دولار في الطاقة النظيفة، وأعلنت أخيراً خطتها لاستثمار أكثر من 50 مليار دولار، خلال العقد المقبل، في مزيد من المشروعات، بما فيها الهيدروجين والأمونيا.. وتمتلك ثلاثاً من كبرى محطات الطاقة الشمسية، وأقلها كلفة في العالم، ولديها استثمارات في مشروعات الطاقة المتجددة في 70 دولة، تشمل تقديم أكثر من مليار دولار، في شكل منح وقروض ل27 دولة جزرية تعاني شحّ الموارد، وتُعد أكثر عرضة لتأثيرات تغيّر المناخ.

وتركز دولة الإمارات على تحقيق أقصى استفادة من إمكانات العمل المناخي الفاعل والمبتكر، لكونه محركاً أساسياً لبناء نموذج جديد للنمو الاقتصادي المستدام المنخفض الانبعاثات.

رؤية استشرافية

وبفضل رؤية القيادة الرشيدة الاستشرافية، وإرث الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، في العمل البيئي وحماية الطبيعة، وبفضل العزيمة والتصميم التي تمتلكها دولة الإمارات، وعلاقاتها الدبلوماسية الراسخة مع مختلف دول العالم، ونظرتها المنطقية والواقعية للقضايا الدولية الرئيسة مثل تغيّر المناخ، وبخبرتها العملية في الطاقة والاستدامة، اختيرت الدولة بإجماع عالمي في عام 2021 لاستضافة مؤتمر «28 COP».

وتمثل الاستضافة فرصة كبيرة لتحقيق فوائد سياسية واقتصادية، للدولة والمنطقة والعالم، تشمل دعم إيجاد حلول واقعية وعملية ومنطقية، لتسريع الانتقال في قطاع الطاقة العالمي، وإبراز دور الإمارات في مدّ جسور الحوار والتعاون، ودفع الجهود العالمية لضمان توفير التمويل المناخي للدول النامية.

مؤتمر «COP28» الذي ستستضيفه دولة الإمارات، سيكون حدثاً عالمياً مهماً، خصوصاً مع تزامن انعقاده مع احتفاء الدولة بيومها الوطني ال52، لأن الحدث من المتوقع أن يشهد مشاركة رفيعة تشمل 140 رئيس دولة وحكومة، و80 ألف مشارك، و5 آلاف إعلامي.

قصة الاستضافة

في مايو/ أيار2021 أعلن سموّ الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، تقدم دولة الإمارات بطلب لاستضافة مؤتمر «COP28»، في أبوظبي عام 2023. وجاء الإعلان عقب إيداع الدولة خطاباً رسمياً عن رغبتها في استضافة هذا الحدث، لدى أمانة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ، ورئيس مجموعة آسيا - المحيط الهادئ.

وتكتسب هذه الدورة أهمية كبيرة في تحقيق مستهدفات اتفاقية باريس للمناخ، إذ إنه سيشهد أول تقييم عالمي للمساهمات المحددة وطنياً، إضافة إلى تحديد ملامح الجولة التالية من هذه المساهمات.

وقال سموّ الشيخ عبدالله بن زايد «تمتلك دولة الإمارات جميع الإمكانات والخبرات والمقومات لاستضافة الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف، خاصة أن العمل المناخي من الركائز الأساسية لاستراتيجيتنا الاقتصادية الوطنية وسياساتنا الداخلية والخارجية».

سجل حافل

وتمتلك دولة الإمارات سجلاً حافلاً في العمل المناخي والتعاون متعدد الأطراف، ما يجعلها وجهة مثالية لعقد المؤتمر.

ورسخت دولة الإمارات مكانتها وجهة مثالية لاستضافة الفعاليات الدولية الرفيعة التي تركز على العمل المناخي والتنمية المستدامة، بما في ذلك «أسبوع أبوظبي للاستدامة» الذي يحشد الدعم الإقليمي والعالمي للتنمية المستدامة، منذ أكثر من عقد، واستضافة الاجتماع السنوي للجمعية العامة لوكالة «آيرينا»، الذي يحدد الأجندة العالمية لنشر حلول الطاقة المتجددة والنظيفة.

كما استضافت دولة الإمارات الاجتماعات التحضيرية لمؤتمرات الأمم المتحدة المناخية في عامي 2014 و2019، و«الحوار الإقليمي للمناخ» الذي عُقد الشهر الماضي، وعزز الالتزامات الإقليمية بشأن الاستثمار في التكنولوجيا النظيفة قبيل انعقاد قمة القادة بشأن المناخ في الولايات المتحدة.

وخلال الأعوام الخمسة عشر الماضية، أرست دولة الإمارات مكانة رائدة في استثمارات الطاقة النظيفة والمتجددة، محلياً ودولياً، حيث يوجد في الإمارات ثلاث من أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم وأقلها كلفة، كما استثمرت في مشاريع للطاقة المتجددة في 70 دولة، وتشمل هذه الاستثمارات أكثر من مليار دولار على شكل مِنَح وقروض مقدمة ل27 دولة جزرية منخفضة الموارد، ومعرضة بشكل خاص لتداعيات تغيّر المناخ.

وتعدّ الإمارات، كذلك، رائدة في استخدام مصادر الطاقة الخالية من الكربون في المنطقة، بما في ذلك الطاقة النووية السلمية، إذ أصبحت أول دولة في الشرق الأوسط تضيف الطاقة النووية إلى شبكتها الكهربائية، عندما تم التشغيل التجاري للمحطة الأولى في «براكة»، كما تعمل على استكشاف إمكانية إنتاج الهيدروجين الأخضر والأزرق عبر تحالف أبوظبي للهيدروجين، وتلتزم بتطوير سوق مستدامة للهيدروجين مصدراً للوقود بالشراكات الدولية بين القطاعين، العام والخاص.

وإضافة إلى الطاقة، تتطلع دولة الإمارات إلى المشاركة في الحلول المناخية في القطاع الزراعي الذي يشكل نحو ربع انبعاثات غازات الدفيئة العالمية، حيث أطلقت الشهر الماضي، بالتعاون مع الولايات المتحدة، و8 دول أخرى «مبادرة الابتكار الزراعي للمناخ»، بهدف زيادة الاستثمارات في الأبحاث والتطوير وتسريع الابتكار في الممارسات الزراعية المستدامة لتلبية المتطلبات الغذائية لأعداد السكان المتزايدة عالمياً، مع التركيز على الحدّ من الآثار البيئية.

لجنة وطنية

بدأت دولة الإمارات بالاستعداد لهذه الاستضافة وشكّلت لجنة وطنية عليا، برئاسة سموّ الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، للإشراف على أعمال التحضير لمؤتمر«COP28» التي من مهامها اتخاذ القرارات والتوجهات الاستراتيجية الخاصة بتنظيم المؤتمر. وكانت الاستعدادات مكثفة وشاملة، خاصة أن الحدث يكتسب أهمية خاصة، لأنه سيشهد إنجاز أول حصيلة عالمية لتقييم التقدم في تنفيذ مستهدفات اتفاقية باريس للمناخ.

حيث تتعدد مهام ومسؤوليات الدولة المستضيفة التي ستتولى رئاسة المؤتمر، لتشمل قيادة المفاوضات الدولية المرتبطة بالعمل المناخي للدول الأطراف وتعد الإمارات مؤهلة لإنجاح ذلك بعلاقاتها الطيبة، وتركيزها على مد جسور الحوار والتواصل والتعاون، وخبرتها في توفيق الآراء، وقدرتها على استضافة العالم تحت سقف واحد.

وإضافة إلى ذلك، تتميز الإمارات بتركيزها على إيجاد حلول عملية تسهم في ضمان أمن الطاقة بشكل متزامن مع خفض الانبعاثات، منوهاً بأن مسؤولية قيادة مفاوضات المناخ طوال عام الرئاسة تشمل الالتزام بالحيادية بين الأطراف، والتواصل معها، لتحفيز العمل المناخي وصياغة مخرجات المؤتمر، والإشراف على عملية المفاوضات للتوصل إلى قرارات رسمية يتم الإعلان عنها خلال المؤتمر.

عالم واحد

في يناير/ كانون الثاني 2023 أطلق سموّ الشيخ عبدالله بن زايد، الشعار الرسمي والهوية البصرية الخاصة بمؤتمر «COP28».

وانطلاقاً من مفهوم أننا جميعاً سكان عالم واحد، جاء التصميم في شكل كروي باللونين الأخضر الفاتح والداكن، ويتضمن مجموعة من الرموز المتنوعة المتعلقة بالعمل المناخي، مثل الإنسان وتكنولوجيا الطاقة المتجددة، وعناصر من الحياة البرية والطبيعة، وكلّها متضمَّنة داخل شكل كرة أرضية. وتعكس تلك العناصر مجتمعة ثروة الموارد الطبيعية والتكنولوجيا البشرية، وتؤكد ضرورة الابتكار في جميع القطاعات لتحقيق نقلة نوعية في التنمية المستدامة الشاملة.

ويُعد التصميم إشارة إلى المجتمع الدولي بضرورة توحيد الجهود وتضافرها لاتخاذ إجراءات مناخية عاجلة، والمضي قُدماً في مسار يحتوي الجميع للوفاء بالالتزامات المناخية العالمية بصورة تعاونية، وعمل عالمي مشترك. ويؤكد الشعار الرسائل الأساسية للمؤتمر، أنه سيكون مؤتمراً للتعاون وتضافر الجهود ومدّ جسور الحوار بين دول الشمال والجنوب، واحتواء القطاعين، الحكومي والخاص، والمجتمع العلمي، والمجتمع المدني، والنساء، والشباب، حيث تم تمثيل جميع تلك الفئات ضمن الرموز المتنوعة الموجودة في الهوية البصرية.

كما يعزز الشعار تأكيد نهج المؤتمر في أن يكون عمليّاً، يشمل ويحتوي الجميع، ويرتقي بالطموحات، لينتقل بالعالم من وضع الأهداف إلى تنفيذها بشأن موضوعات التخفيف، والتكيّف، والتمويل، والخسائر والأضرار.

وسيستخدم الشعار الجديد والهوية البصرية في كل المواد المتعلقة بالمؤتمر.

وفي وقت سابق من شهر يناير/ كانون الثاني، أعلنت الإمارات تكليف فريق قيادي للمؤتمر سيعمل عن قرب، مع الرئاسة المصرية لمؤتمر الأطراف COP27، والأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ، لدعم جدول أعمال شامل ومتكامل لهذا الحدث المناخي العالمي.

مدينة إكسبو دبي موقع استثنائي

وجّه صاحب السموّ رئيس الدولة حفظه الله، باستضافة المؤتمر في «مدينة إكسبو دبي»، وهو موقع «إكسبو2020 دبي»، الذي استضافته الدولة، وجاء توجيه سموّه باستضافة الحدث في «إكسبو»، لكونه موقعاً استثنائياً شكّل وجهة متميزة، جمعت العالم على أرض دولة الإمارات خلال ستة أشهر. فيما يشترك الحدثان في تحقيق الاستدامة، وتعزيز العمل الدولي، لما له من أهمية في مواجهة التحديات العالمية.

ويشكل الاختيار امتداداً لإرث «إكسبو» ورسالته الأساسية «تواصل العقول وصنع المستقبل».. وتأكيداً على استمرار الالتزام بموضوعاته التي تركز على «الاستدامة»، و«الفرص»، و«التنقل»، بجانب توافر البنية التحتية المتقدمة والجاهزة والمستدامة، بما يتماشى مع رؤية دولة الإمارات لهذه الدورة من مؤتمر الأطراف.

الصورة

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات كوب 28 الإمارات الشیخ عبدالله بن زاید الطاقة المتجددة العمل المناخی الأمم المتحدة دولة الإمارات تغی ر المناخ وجهة مثالیة ملیار دولار فی المنطقة أکثر من

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية الإيراني: ندعو إلى تشكيل حكومة تضم كل الأطراف السورية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

دعا وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، اليوم الإثنين، إلى تشكيل حكومة تضم كل الأطراف السورية، مؤكدًا ضرورة العمل على حفظ الأمن والاستقرار في سوريا.

وأكد "عراقجي" في تصريحات نقلتها فضائية "القاهرة الإخبارية" اليوم الاثنين، على ضرورة العمل على حفظ الأمن والاستقرار في سوريا.

وفي سياق آخر، أدان وزير الخارجية الإيراني، العدوان الإسرائيلي على اليمن ونؤكد وحدة أراضيه.

مقالات مشابهة

  • قال إن حاجتهم مستمرة للسوق الإماراتية.. جبريل إبراهيم: مصر تقود جهود وساطة بين السودان والإمارات
  • سفراء الاتحاد الأوروبي يشاركون بحملة «بالدماء نرويك يا وطن»
  • الطاقة الشمسية هبة لدعم خطط التنمية المستدامة فى مصر ندوة بهندسة أسيوط
  • مدينة الأبحاث تنظم ورشة عمل بعنوان «تحديات تحلية المياه المستدامة وتغير المناخ»
  • درجات حرارة قياسية ضربت العالم في 2024.. والأمم المتحدة تحذر من "طريق الدمار المناخي"
  • وساطة إماراتية تقود إلى نجاح تبادل أسرى بين موسكو وكييف
  • الحكومة تعتزم زراعة 3.1 مليون فدان قمح.. وخبراء: مصر تطمح لزيادة الإنتاجية لتبلغ 25 إردبا.. وتغير المناخ أبرز التحديات
  • وزير الخارجية الإيراني: ندعو إلى تشكيل حكومة تضم كل الأطراف السورية
  • 14 مليار درهم تكلفة الخطة التي تتوخاها الحكومة للحد من البطالة
  • ترحيب إماراتي بجهود تركيا لحل أزمة السودان