مهمة مستحيلة.. لهذا لن تحقق إسرائيل نصرا استراتيجيا على حماس
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
نظرا للأنماط التاريخية للصراع بين الجيش الإسرائيلي وجماعات فاعلة غير حكومية، مثل جماعة "حزب الله" اللبنانية وحركة "حماس" الفلسطينية خلال السنوات الأربعين الماضية، يمكن التنبؤ بأن تحقيق تل أبيب نصر استراتيجي على "حماس" في الحرب الراهنة هو "مهمة مستحيلة".
تلك القراءة طرحها أمير هادزيكادونيتش، في تحليل بموقع "فير أوبزرفر" الأمريكي (Fair Observer) ترجمه "الخليج الجديد"، على ضوء حرب متواصلة بين جيش الاحتلال وفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وفي ذلك اليوم، شنت "حماس" هجوم "طوفان الأقصى" ضد مستوطنات محيط غزة؛ ردا على اعتداءات الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى في مدينة القدس الشرقية المحتلة.
وأضاف هادزيكادونيتش أن "فرص إسرائيل في الفوز بالحرب ضد حماس ضئيلة. وقد وضع (رئيس وزراء إسرائيل بنيامين) نتنياهو نفسه في الزاوية بشعار "تدمير حماس" كهدف".
ورأى أن "وضع نتنياهو يشبه تماما (رئيسي الوزراء السابقين مناحم) بيجن و(إيهود) أولمرت حين وضعا نفسيهما في الزاوية بشعار "تدمير منظمة التحرير الفلسطينية" أو "تدمير حزب الله"، فكلاهما ربح معاركهما، لكنهما خسرا حروبهما وانسحبا من القتال دون أن يحققا أهدافهما المعلنة".
هادزيكادونيتش قال إنه "إذا كان نتنياهو يهدف إلى "تدمير حماس"، فسيتعين عليه أن يشن حرب مدن طويلة ودموية، على غرار ما واجهه بيجن. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل إسرائيل مستعدة لحرب طويلة الأمد على جبهات متعددة ضد (الجماعات) ذات الدوافع القوية الراسخة منذ أكثر من عقد من الزمن؟".
واستطرد: "وهل سيتسامح الشعب الإسرائيلي مع وقوع خسائر كبيرة في صفوف الجيش؟ وحتى لو نجح الجيش في إعاقة حماس في غزة، كما فعل مع منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عامي 1982 و1983، فإن مجرد تدمير البنية التحتية لن يقضي على أيديولوجيتها".
وشدد على أن "حماس فكرة، وستستمر بين الفلسطينيين ما دام لا يوجد خيار سلام حقيقي يمكنهم أن يعلقوا عليه آمالهم، كما أنه من غير المرجح أن تتمكن تل أبيب من إخضاع مليوني فلسطيني في قطاع غزة المحتل".
وأضاف أن "الأرجح، بالنظر إلى التاريخ، أننا سنشهد انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، مخلفا وراءه دمارا، على غرار الانسحاب القسري من لبنان (في 2000). وستعلن حماس النصر لأنها، أو على الأقل أيديولوجيتها، لم يتم تدميرها بالكامل".
اقرأ أيضاً
واشنطن بوست: ترسانة أسلحة حماس تعقّد مهمة إسرائيل في غزة
تأثير عسكي
ورغم قول نتنياهو إنه "سيغير الشرق الأوسط" ويؤسس لنظام إقليمي يتماشى مع مصالح إسرائيل، إلا أن تصرفاته بعد 7 أكتوبر الماضي كان لها تأثير عكسي، كما أضاف هادزيكادونيتش.
وتابع: "شهدت المنطقة تغيرات جذرية، إذ اندلعت الاحتجاجات في العواصم العربية الكبرى، مما أدى إلى تعليق محادثات التطبيع بين إسرائيل والسعودية، وإجبار القاهرة وعمان والرياض على تغيير روايتها الرسمية (بشأن أحداث 7 أكتوبر وأسبابها)".
واستطرد: "كما توترت علاقات إسرائيل مع تركيا، واستهدف وكلاء إيران إسرائيل، فضلا عن الأصول (العسكرية) الأمريكية في العراق وسوريا، بالصواريخ والطائرات بدون طيار".
وزاد بأن "العملية البرية الإسرائيلية المستمرة في غزة (منذ 27 أكتوبر) يمكن أن تؤدي إلى سقوط عشرات الآلاف من الضحايا، وزيادة خطر نشوب صراع إقليمي أوسع وزعزعة استقرار حكومات دول العربية، كما ألمحت إيران إلى أنها لن تسمح بخسارة حماس دون تصعيد الصراع".
ولليوم الـ 44 يشن جيش الاحتلال حربا مدمرة على غزة، خلّفت 13 ألف شهيد فلسطيني، بينهم 5.5 آلاف طفل و3 آلاف و500 امرأة، فضلا عن أكثر من 30 ألف مصاب، 75% منهم أطفال ونساء، وسط دعوات لفتح تحقيق دولي في الهجمات الإسرائيلية، ووقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية.
فيما قتلت "حماس" 1200 إسرائيلي وأصابت 5431، بحسب مصادر رسمية إسرائيلية. كما أسرت نحو 239 إسرائيليا، بينهم عسكريون برتب رفيعة، ترغب في مبادلتهم مع أكثر من 7 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، في سجون إسرائيل.
اقرأ أيضاً
الأردن: حماس فكرة لا تنتهي.. والسلطة الفلسطينية لن تدير غزة على ظهر دبابة إسرائيلية
أقطاب متعددة
و"على المستوى الدولي، يضيق حيز المناورة المتاح لإسرائيل، مع رفض الرأي العام بشكل متزايد تجريد الشعب الفلسطيني من إنسانيته، إذ يتردد صدى الأصوات الداعمة للفلسطينيين من لندن مروا بمدريد إلى واشنطن"، كما تابع هادزيكادونيتش.
وأردف: "والولايات المتحدة (الداعمة لإسرائيل)، التي كانت ذات يوم القوة الأساسية في الشرق الأوسط، لم تعد السلطة الوحيدة أو الرئيسية. نحن نعيش في عالم متعدد الأقطاب".
وأضاف أن "الدول ذات الأغلبية المسلمة في الشرق الأوسط تُظهِر قدرا أعظم من الاستقلال والرغبة في إقامة شراكات استراتيجية مع قوى عالمية مختلفة، بينها مجموعة البريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) ومنظمة شنغهاي للتعاون".
واعتبر أن "انسحاب القوات الأمريكية من العراق في 2011 وأفغانستان في 2021 هو بمثابة تذكير مؤثر بالواقع الإقليمي المتطور".
اقرأ أيضاً
هآرتس: ما تعرفه إسرائيل عن أنفاق حماس لا يقترب من حجمها وتعقيداتها
قبر نتنياهو
هادزيكادونيتش قال إنه "بالإضافة إلى قتل حل الدولتين (فلسطينية بجوار إسرائيلية)، تضمنت خطة نتنياهو تطبيع العلاقات مع جميع الدول العربية، ومعاملة الفلسطينيين باعتبارهم مصدر قلق أمني يجب إدارته إلى أجل غير مسمى".
واستدرك: "لكن كل ما بناه نتنياهو لعقود من الزمن انهار في ساعات، والقبر السياسي الذي حفره لحل الدولتين قد يصبح قبره الآن، وكما فعل بيجن قبل أربعة عقود من الزمن، فقد يتقاعد نتنياهو ووزراؤه الذين لا يتمتعون بالشعبية من السياسة".
وأضاف أن "الصراع والدمار الراهنين في غزة قد يزرعان بذور نظام جديد يتحدى البنية القائمة لاحتلال فلسطين، والذي بدوره يحتوي على بذور المزيد من الحروب التي لا تستطيع إسرائيل أن تنتصر فيها ولا تستطيع إنهائها".
و"حل الدولتين هو الشيء الوحيد الذي يمكنه إصلاح هذا النظام، فإنهاء ما أسماه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش "56 عاما من الاحتلال الخانق"، هو الخيار المعقول الوحيد لأي حكومة إسرائيلية مستقبلية، وهو النصر الوحيد الذي يمكن لإسرائيل أن تحققه"، كما ختم هادزيكادونيتش.
اقرأ أيضاً
جثة سياسية تتحرك.. تغريدة منتصف الليل قد تعجل بدفن نتنياهو
المصدر | أمير هادزيكادونيتش/ فير أوبزرفر- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: مهمة مستحيلة إسرائيل حماس نصر استراتيجي غزة حرب اقرأ أیضا فی غزة
إقرأ أيضاً:
إسرائيل: عائلات المحتجزين طلبت مرافقة نتنياهو في زيارته إلى واشنطن لكن طلبهم قوبل بالرفض
ذكر إعلام إسرائيلي، أن عائلات المحتجزين طلبت مرافقة نتنياهو في زيارته إلى واشنطن لكن طلبهم قوبل بالرفض، وفقا لماذكرته فضائية “القاهرة الإخبارية” في نبأ عاجل.
السيسي وترامب يؤكدان أهمية الاستمرار في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة الصحة العالمية: نواجه ظروفا صعبة في تقديم المساعدة بقطاع غزة
وفي إطار آخر، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 47,487 شهيدا و 111,588 مصابا منذ 7 أكتوبر عام 2023.
وأشارت الوزارة في بيانها الصادر اليوم السبت إلى وصول 8 مصابين وجثامين 27 شهيدا إلى مستشفيات قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية.
وكان القطاع الطبي في قطاع غزة هو الأكثر تحملاً لفاتورة العدوان الإسرائيلي على غزة على مدار 15 شهراً.
ونقل تقرير نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" تأكيد خُبراء في المجال الطبي على أن النظام الصحي منهار تماما في عموم القطاع جراء حرب الإبادة الإسرائيلية، وإعادة بنائه تتطلب نحو 12 عاماً.
وأشار التقرير إلى أن ذلك التأكيد جاء في فعالية تحت عنوان "الاحتجاج الكبير في الخيمة البيضاء" تم تنظيمها أمام مكتب الأمم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية، لتسليط الضوء على الأحداث في غزة.
وجاء ذلك مُتوافقاً مع ما ذهبت إلى متحدثة الصليب الأحمر التي أكدت أن النظام الصحي في قطاع غزة دمر بشكل كامل والمستشفيات لم تعد قادرة على تقديم خدماتها
يواجه القطاع الطبي في قطاع غزة أزمات حادة نتيجة الحروب المتكررة والحصار الإسرائيلي المفروض منذ عام 2007، مما أدى إلى نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية والبنية التحتية الصحية. تعرضت العديد من المستشفيات والمراكز الصحية للقصف خلال جولات التصعيد العسكري، مما تسبب في دمار واسع وضعف القدرة الاستيعابية للمرافق الصحية.
تعاني غزة من دمار واسع بعد كل حرب تشنها إسرائيل، مما يجعل إعادة الإعمار ضرورة إنسانية ملحة. تشمل جهود إعادة التأهيل إصلاح البنية التحتية، وإعادة بناء المنازل المدمرة، وترميم المستشفيات والمدارس التي تعرضت للقصف. تشارك المنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة والصليب الأحمر، إلى جانب دول عربية وإسلامية، في تمويل مشاريع إعادة الإعمار، لكن هذه الجهود غالبًا ما تواجه قيودًا إسرائيلية على دخول مواد البناء، مما يؤدي إلى بطء الترميم واستمرار معاناة السكان.