خبراء ومحللون: فاتورة حرب غزة باهظة على إسرائيل وقد تجبرها على وقفها
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
يتفق خبراء عسكريون ومحللون على أن الخسائر البشرية والاقتصادية التي تتكبدها إسرائيل بسبب الحرب التي تشنها على قطاع غزة ستؤدي إلى إحداث تصدعات في المجتمع الإسرائيلي، وإلى ضغوط قد تجبر القادة السياسيين والعسكريين على إيقاف هذه الحرب.
وتشير الأرقام إلى أن عدد القتلى وسط الجنود الإسرائيليين ارتفع إلى 63 ضابطا وجنديا، منذ بداية التوغل البري لقوات الاحتلال في غزة.
وبحسب الخبير بالشأن الإسرائيلي، الدكتور مهند مصطفى، فإن تراكم خسائر الإسرائيليين ستؤدي بشكل تدريجي إلى تصدع الإجماع الموجود حاليا حول الحرب على غزة، وهناك نقاشات داخلية تجري عن جدوى إطالة أمد الحرب في ظل الخسائر في صفوف الجنود الإسرائيليين وفي ظل التداعيات الاقتصادية لهذه الحرب.
وقال -في حديثه ضمن الوقفة التحليلية على قناة الجزيرة "غزة.. ماذا بعد"- إنه من خلال تجربة الحروب التي خاضتها إسرائيل في السابق، فإنه في مرحلة معينة يبدأ السؤال حول جدوى الاستمرار في الحرب مقابل الخسائر.
وكشف عن معطيات رسمية من وزارة المالية الإسرائيلية تفيد بأن توقعات تكلفة الحرب الحالية في قطاع غزة ستكون 200 مليار شيكل (حوالي 55 مليار دولار) بينما كلفة حرب لبنان 2006 وحرب غزة 2014 لم تكلف كل واحدة منها أكثر من 10 مليارات شيكل.
وزيادة على التكلفة المباشرة للحرب التي لن تستطيع الموازنة الإسرائيلية تحملها، هناك تكاليف غير مباشرة على قطاع السياحة والصناعة، وقال الخبير إن جنود الاحتياط هم موظفون وعاملون في الاقتصاد، وبعد أن تم تجميعهم حدث شلل في السوق الإسرائيلية.
وأشار أيضا إلى أن حوالي 250 ألف إسرائيلي تم إجلاؤهم من بيوتهم والحكومة تقوم بإيوائهم والإنفاق عليهم، مبرزا أن التكلفة المباشرة وغير المباشرة للحرب على غزة تشكل عبئا على المجتمع الإسرائيلي وعلى الاقتصاد الذي يحمل آلة الحرب الإسرائيلية.
وبعد حديثه عن الخسائر البشرية والاقتصادية وأثرها المتوقع على المجتمع الإسرائيلي، رأى الخبير بالشأن الإسرائيلي أن هناك 3 عوامل قد تؤدي إلى توقف الحرب الإسرائيلية على غزة، وهي عدم قدرة المجتمع الإسرائيلي على تحمل الحرب، والضغط الدولي على إسرائيل وخاصة من طرف الولايات المتحدة، وعجز إسرائيل عن تحقيق الإنجاز العسكري الذي من أجله شنت عدوانها على القطاع.
عجز عن حسم المعركةوفي السياق نفسه، نوّه الكاتب والباحث، معين الطاهر إلى أن النقاشات في الصحف الغربية تشير إلى عدم قدرة إسرائيل على تحقيق أهدافها من الحرب، ولا بد أن تتوقف الحرب، مشيرا إلى أن هدف الإسرائيليين حاليا هو التدمير والقتل لأن معركتهم يقودها جنرالات متعطشون لإعادة هيبتهم التي فقدوها في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وقال إن الخسائر التي تتكبدها إسرائيل كبيرة جدا على الصعيدين الاقتصادي والبشري، وعلى المستوى العسكري فإن أغلب قتلاها هم من قوات النخبة الذين تم تدريبهم لأعوام وسنوات ويدفع بهم إلى الواجهة من أجل تحقيق إنجازات.
كما لم يستبعد الكاتب والباحث من أن مسارات المعركة في حال هزيمة الجيش الإسرائيلي ستؤثر على المجتمع الإسرائيلي الذي هو مجتمع عسكري بالكامل، وربما ستكون هناك هجرة مضادة.
ورأى الخبير العسكري والإستراتيجي، اللواء فايز الدويري، أن الخسائر الإسرائيلية جراء حرب غزة وانسداد الأفق العسكري وتراجع الدعم الدولي، يضاف إليها موقف الشارع الإسرائيلي الضاغط، كلها عوامل ستجبر الإسرائيليين على التراجع والاعتراف بعجزهم عن حسم المعركة.
ومن جهة أخرى، شكك الدويري في حقيقة الأرقام التي يقدمها الاحتلال بخصوص خسائره في صفوف جنوده، وقال "أجزم أن حصيلة القتلى أضعاف ما يعلن عنه"، مستعينا في تقييمه للفيديوهات التي تبثها المقاومة الفلسطينية حول تدمير الآليات الإسرائيلية المختلفة وقتلها للجنود.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المجتمع الإسرائیلی إلى أن
إقرأ أيضاً:
مبتورو الأطراف بغزة.. معاناة تتفاقم مع الحصار والإبادة الإسرائيلية
في إطار حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة والمدمرة على غزة منذ أكثر من عام ونصف، تزداد أعداد ومعاناة وآلام مبتوري الأطراف، معظمهم من الأطفال والنساء، لا سيما مع النقص الحاد في المعدات الطبية والأدوات اللازمة لتصنيع الأطراف الصناعية، بسبب استمرار الحصار الخانق على القطاع.
ومن بين هؤلاء، الفلسطيني رائد أبو الكاس، الذي يجلس داخل مركز الأطراف الصناعية والشلل في مدينة غزة، بانتظار دوره في تلقي خدمة العلاج الطبيعي والتأهيل الجسدي لاستخدام الطرف الصناعي، بعد أن بترت قدمه في قصف إسرائيلي أثناء ممارسة عمله في تشغيل آبار المياه.
وتجسد قصة أبو الكاس، أحد موظفي بلدية غزة، حجم المأساة الإنسانية التي خلفتها الحرب الإسرائيلية، فقد بترت قدمه اليمنى واستشهد اثنان من زملائه. وبينما كان يحاول الجيران وأبناؤه إسعافه وسط الدمار والدخان، لاحقتهم الطائرات من جديد، فقتل أحد أبنائه وأصيب الآخر بإصابات بليغة أدت إلى بتر قدمه لاحقا.
يتذكر رائد أحداث ذلك اليوم بصوت يختنق بالألم يقول: كنت أفتح محابس المياه للمواطنين، وكنت أظن أن عملي في خدمة الناس سيحميني، لكن الاحتلال لم يترك لنا أي أمان. استهدفونا ونحن عُزّل، بترت قدمي أمام عيني، واستشهد ابني، وتعرض محمود لإصابة غيرت حياته للأبد.
إعلانأما محمود، الذي كان يحلم بأن يصبح لاعب كرة قدم محترفا في صفوف ناشئي نادي الشجاعية، فيروي قصته لمراسل الأناضول، بصوت حزين: كنت ألعب كرة القدم يوميا، كان حلمي أن أرتدي قميص النادي وأسعد عائلتي، لكن الاحتلال دمر حلمي وبتر قدمي.
وأضاف: الآن أجلس على كرسي متحرك وأحلم فقط أن أركب طرفا صناعيا متطورا يساعدني على الوقوف مرة أخرى، حتى أعين والدي الذي بترت قدمه.
خلال الأشهر الماضية، خضع رائد ومحمود لعدد كبير من العمليات الجراحية داخل مستشفى المعمداني، في ظل ظروف طبية صعبة ونقص حاد في الإمكانيات، وتم تركيب أطراف صناعية لهما عبر مركز الأطراف الصناعية، إلا أن نقص المعدات والكوادر الفنية يؤثر على عمل المركز.
اليوم، يقضي الأب والابن عدة ساعات يوميا داخل مركز الأطراف، يتدربان على استخدام أطرافهما الصناعية، ويتلقيان جلسات التأهيل والتدريب، ووسط هذه الرحلة الشاقة، يحدوهما حلم واحد: السفر إلى الخارج لتركيب أطراف صناعية متطورة تمكنهما من استعادة جزء من حياتهما الطبيعية.
وبهذا الخصوص، قال رائد، وهو ينظر إلى نجله محمود بعينين حزينتين: لم يتبق لي من أبنائي إلا محمود، وزوجتي التي تتحمل العبء الأكبر في رعايتنا، وحلمنا أن نركب أطرافا خفيفة نتمكن من خلالها أن نساعد بعضنا بعضا ونعيش بكرامة.
ويقاطعه محمود قائلا: أحلم بالسفر، أريد أن أركض مجددا، أن أعود للعب الكرة ولو بشكل بسيط مع أصدقائي (..)، الاحتلال دمر أحلامي، لكن لم يدمر إيماني بأننا سنعود للحياة.
أعداد مضاعفة
ويشهد قطاع غزة تصاعدا كبيرا في أعداد المصابين بحالات البتر نتيجة الإبادة الإسرائيلية المدمرة المستمرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وسط نقص حاد في المعدات الطبية والأدوات اللازمة لتصنيع الأطراف الصناعية، بسبب الإغلاق المستمر للمعابر ومنع دخول المستلزمات الأساسية.
إعلانوسُجلت 4700 حالة بتر بسبب الحرب الإسرائيلية، ضمن قوائم برنامج صحتي، الذي تنفذه وزارة الصحة الفلسطينية بالشراكة مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومركز الأطراف الصناعية والشلل التابع لبلدية غزة، في كافة محافظات القطاع، وفق مسؤول الإعلام والعلاقات العامة في المركز حسني مهنا.
وشدد مهنا، للأناضول، على أن تضاعف أعداد حالات البتر المسجلة منذ بداية الحرب الإسرائيلية ناتج عن الاستخدام المكثف للأسلحة المتفجرة والاستهداف المباشر للمدنيين.
وقال: إنّ مركز الأطراف الصناعية استقبل نحو 600 حالة من مبتوري الأطراف منذ بدء العدوان الإسرائيلي، ويتم متابعتهم دوريا عبر المختصين والطواقم الفنية.
وأضاف أن المركز تمكن منذ بداية الحرب من تركيب أطراف صناعية لنحو 100 مصاب، كما قام بتسليم عشرات الأجهزة التعويضية والكراسي المتحركة للمحتاجين.
وأشار مهنا إلى تزايد الطلب على خدمات المركز يوميا.
وحذر من أن استمرار الحرب سيؤدي إلى ارتفاع عدد الحالات بشكل كارثي، خاصة أن 48% من حالات البتر الجديدة هي لسيدات، و20% لأطفال،مما يفاقم الأوضاع الإنسانية بشكل خطير.
نقص حاد
وأشار مسؤول الإعلام والعلاقات العامة إلى أن المركز يعاني من نقص في المواد الخام الأساسية لتصنيع الأطراف الصناعية، بالإضافة إلى حاجة ماسة للأجهزة والمعدات الطبية وقطع الغيار اللازمة للمعدات الموجودة، مما يعيق تقديم الخدمات بشكل فعال للمصابين.
وبين مهنا أن الطواقم العاملة في المركز، التي تعمل تحت ضغط شديد وبإمكانيات محدودة، تكافح يوميا لتلبية احتياجات الأعداد المتزايدة من المصابين، مع الحاجة إلى مضاعفة الكوادر البشرية لمواكبة هذه الزيادة الكبيرة.
وتخضع حاليا 320 حالة للعلاج الطبيعي داخل مركز الأطراف الصناعية والشلل، حيث تُقدم خدمات العلاج الطبيعي والتأهيلي ومتابعة تركيب الأطراف الصناعية والصيانة الدورية لها، بحسب مهنا.
إعلانوفي مطلع مارس/آذار الماضي، صعَّدت إسرائيل من جرائمها باتخاذ قرار تعسفي بإغلاق جميع المعابر المؤدية إلى القطاع، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية وشاحنات الوقود بشكل كامل.
وفي 18 مارس/آذار الماضي، تنصلت إسرائيل من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الساري منذ 19 يناير/كانون الثاني الماضي، واستأنفت حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، رغم التزام حركة حماس بجميع بنود الاتفاق.
وتسبب تنصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته من الاتفاق وعدم إكمال مراحله في إبقاء المحتجزين الإسرائيليين قيد الأسر لدى حماس، حيث تشترط الحركة وقف الحرب وانسحاب كافة القوات الإسرائيلية من قطاع غزة.
وبدعم أميركي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 170 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.