صحافة العرب:
2025-04-28@21:18:34 GMT

د. قاسم نسيم: حرب الخرطوم

تاريخ النشر: 10th, July 2023 GMT

د. قاسم نسيم: حرب الخرطوم

شاهد المقال التالي من صحافة السودان عن د. قاسم نسيم حرب الخرطوم، شرف الكتابة عن حرب الخرطوم شرفٌ لا يفوتنَّ كلَّ صاحب صنعة يراع، وهم قد فعلوا إلا من تحيد، حيث لا حيدة ولا حياد، فالمواقف الكبرى لا انغماس عنها .،بحسب ما نشر النيلين، تستمر تغطيتنا حيث نتابع معكم تفاصيل ومعلومات د. قاسم نسيم: حرب الخرطوم، حيث يهتم الكثير بهذا الموضوع والان إلى التفاصيل فتابعونا.

د. قاسم نسيم: حرب الخرطوم

شرف الكتابة عن حرب الخرطوم شرفٌ لا يفوتنَّ كلَّ صاحب صنعة يراع، وهم قد فعلوا إلا من تحيد، حيث لا حيدة ولا حياد، فالمواقف الكبرى لا انغماس عنها في أكوام الرمال اتقاء قول الحق، ولا يُنجيك تشاغلًا وتساهيًا، فللكلمة حدُّ ما يزال يطَّعِنُك حتى تُخرجها، أو تخرج تتفجر تشظيًا برغمك.

وحرب الخرطوم ليس لها توأم في تاريخها، ولعلها تكون يتيمة في مستقبلها – دمويةً وفظاعةً وتدميرًا وقسوةً وانتهاكًا، ثُمَّ يتقدم كل هذا أنَّها محاولة احتلال واستيطان جادة، أتت بمستوطنيها، وبرز قرنُها منذ سنين مضت، حين بدأت جذوتها تستعر في دارفور والناس عنها عُميٍ ومكذبون.

وما استعصى عليَّ فهم شيء كاستعصاء فهم مقولة (لا للحرب) وأختها (حرب عبثية)، تلك التي ينصبها بعضهم، فكيف أفهمها وغازٍ يود أن يحتل أرضي غصبا، ويبني دولته على أنقاضها غُلبا، بحشده الجرار من غرب إفريقيا، وهذا معلنٌ مشاهدٌ في الميديا، مجربٌ في دارفور، أأناجزه قتالًا، أم أدعوه إلى التفاهم والحوار، أغازٍ يدافع أم يحاور! وعلامَ يحاور أعلى اقتسام أرضي معه، والرضي بانقسام تراث غُنمها، وهتك عرض نسائها! هذا خورٌ وجبنٌ ودياثةٌ استحيت لدعاته وشفقت.

نعم ثَمَة مظالم ما فتئت تلزم الدولة السودانية منذ استقلالها كما لزم اللحا الشجر، وثمة تنكب عن منهاج رشد الحكم أورثنا هذه الحال، لكن من يتخذ هذه الأسباب مطيةً للغزو فما أنصف الله مظلمته! فقد فرَّ من هجير الشمس إلى لظى جهنم، بل أبعد مثلًا من هذا، ما نجد له ضريب.

لكن يا للعجب فالغازي كان يقاتل حركاتٍ نهضت ضد تلكم المظالم بسيف الدولة وترسها، في دارفور وجبال النوبة، فكيف غدا اليوم هاتفًا ومطالبًا بها، ويتقعَّر لسانه بخطاب المظلوميات!ويا للعجب، فمناصروه أكثرهم من زمرة الأحزاب التاريخية صانعة تلك المظالم، وكانت الهوامش تنتفض عليها؛ فكيف صاروا الآن مقاتلين من أجل رفعها، ويا للعجب ينعى على دولة 1956 ومناصروه من آساسها وبهاليلها، هذا عبطٌ وتزييف وتغبيش للوعي لا ينطلي إلا على غرير، أو عارف لكن له وراء تبعيته لهم غُنم يتحراه، فالسياسة غدت أوسع باب للثراء، ونقول إنَّ من شايع الغزاة برئت منه نسمة الوطن، ولزمته آثام الخيانة، خيانة لا طهر بعدها ولا فدية ولا كفارة، كحكم الساحر فلا استتابة له. هؤلاء الساسة بلتهم هذه المحنة فأبانت أنهم عن ريادة هذه الأمة غير جديرين، إنما اعتبطهم الزمان في إبطه كما اعتبط ثابت بن جابر سيفه، ثم رماهم في غير مكانهم الذي يستحقون، فتسيدونا.

أتراك سمعت مقالات محررينا -المزعومين- تنضح بها الوسائط، أسمعت أنهم يريدونها خالصة لأرومتهم التي تتفرع منها جماجمهم، فنرتد من جمهورية إلى مشيخية، أتراك سمعتهم ينعتوننا بالعبودية كلنا فيها شركة إذن هم أتوا لاستعبادنا لا لتحريرنا، أبهؤلاء تقام دولة، دعك أن تأتي منهم ديمقراطية، فلم تغسل سيوفهم من دماء أهل دارفور بعد؛ لتنغمس في أهل الخرطوم تارة أخرى، دارفور التي كان أكثرنا ينكر مأساتها، فأذاقها الله لنا جذعة، سواءً بسواء، قتلًا، وسرقةً، وحرقًا، واغتصابًا، واستيطانًا، فإدكر أكثرنا الآن وصار يسمع تلك الأصوات التي كانت تهمس في آذاننا ونحن عنها صادون، أأقول لمن يفعل هذا الآن في داري ومالي وأهلي وعرضي لا للحرب، وآخرون ممن يعتقد أنَّ الديمقراطية تأتي طافية على هذه الدماء، مستترة بين أضلع المسروقات، ترتوي بدم بكارات العذارى، أي جنون هذا يصدقه مجنون، قبحًا لها إذن من ديمقراطية أيتمها الله وأوترها.

كان قد قرَّ رأيي ألا مناص إلا تحكيم السيف، واشتراع الرماح لدحر هذه المليشيا من بعد الثورة مباشرة، فتمضي السنون وهي تتربص الانقضاض على الدولة وطنًا لشيعتها المهاجرة، ومُلكًا لأميرها، الذي لا يلوي على هدف غير هذا، ولات فرجة تفاوض، فماذا تراك تفعل غير المقاتلة جبرًا وكرهًا، وعزيمةً وقدرًا، لا تجد أن تفرَّ منه.

ويقولون الجيش بادأ، هذه حجتهم فما أوهاها، نقول إنَّه من العجز ألا يبادئ، ونحسبها على الجيش أنه قد تأخر كثيرًا، ومكَّن لهم حتى شقَّ دحرهم، ولو أنه بادأ لسلمت الخرطوم، وسلم الناس، وحُفظت الأموال وعفت النساء، فإن بادأ الجيش فتلك فضيلة يباهي بها.

إن ملحمة تحرير الخرطوم، ملحمة اختلطت فيها دماء شباب السودان تهرق دفاعًا عنها، فلا نقبل بعد هذا من يدعو لعصبية أو علو فئة على تلك، أو انعات بعضنا لبعض بنعوت سالبة، وعلى الجمهورية التالية أن تبدأ بالنص على تجريم من ينعت أو يسب قبيلة أو جهة، وإن جرم المليشيا تبوء به المليشياء وأفرادها، لا قبيلة أو جهة، وإلا فإننا لم نتعلم من هذا الدرس شيئًا.كلُّ شعب السودان هبَّ دفاعًا عن وطنه مع جيشه، منهم من سبق، ومنهم من لحق بعد انكشاف التزييف، وكانت الحركة الشعبية قد وقفت طويلًا تلتزم بوقف إطلاق النار، ولا تنتهز فرصة افراغ جنوب كردفان من جيشها ومقاتل

المصدر: صحافة العرب

كلمات دلالية: موعد عاجل الدولار الامريكي اليوم اسعار الذهب اسعار النفط مباريات اليوم حالة الطقس

إقرأ أيضاً:

سامح قاسم يكتب | فتحي عفيفي.. رسّامُ الغبار النبيل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في الزوايا التي لا تزورها الكاميرات، حيث لا يجلس الشعراء ولا يمرّ السائحون، وُلدت لوحات فتحي عفيفي. لم يُولد من رحم الضوء، بل من رحم الغبار، من سعال الآلات، من عرق العامل الذي نسي اسمه، وتذكرَ فقط صوت المخرطة.

فتحي عفيفي ليس فنانًا يرسم، بل كائنٌ يُصغي. يُصغي للحديد وهو يتألم، للحائط وهو يتقشّر، للقلب وهو يُطوى داخل بدلة زرقاء. خرج من حيّ السيدة زينب، لكن قلبه ظلّ هناك، يشرب من كوب الشاي المرّ، ينام على صوت الراديو العتيق، ويتأمل وجوه الرجال الذين لم يتعلموا البكاء، فصاروا يُسرّبونه في صمتهم الطويل.

كل لوحة له، ليست عملًا فنيًا، بل مَعلمًا من معالم الأرواح المنسية. كأنه لا يرسم بفرشاته، بل بأظافر جدته، بحنين أبيه، بأحزان أم لم تتعلم القراءة لكنها تحفظ وجه الله في التجاعيد.

في مصنع ٥٤ الحربي، تعلّم أن الحديد له قلب. أن الآلة تُحب. أن الندبة في ذراع العامل ليست عيبًا، بل ختمًا سماويًا. هناك، صادقَ الصدأ، وراقبَ الحزن وهو ينسكب على الخشب والبشر معًا، ثم عاد إلى مرسمه كي يُعيد رسم العالم كما يراه: عالم لا يخجل من شقوقه، ولا يتجمّل.

لوحاته ليست أنيقة. بل صادقة.

ليست لامعة. بل دامعة.

فيها صوت السلم المكسور، وهمهمة الخوف، وبكاء الليل في أذن امرأةٍ تصنع الغداء من الهواء.

هو فنان من طينة نادرة، لا يرى في الألوان بهجة زائلة، بل يرى فيها توثيقًا للعابر، للمنكسر، للهامشي الذي لا تكتبه الصحف. في الأحمر يرى الجرح، وفي الأزرق يرى الغياب، وفي الأبيض يرى جسدًا خرج من العمل ولم يعد.

لوحات فتحي عفيفي ليست مُجرد صُورٍ للمكان، بل هي رحلة في ذاكرة الإنسان، رحلة في قلب العالم الذي يعجّ بالآلات والبشر، بالأحلام التي لا تُكتب، وبالأفكار التي لا تتسع لها الصحف. هنا، في تفاصيل هذا العالم، تجدُ الأجساد غير المرئية تُحاول أن تصرخ، لكنهم لا يمتلكون سوى فمٍ صامت وأيدٍ مهشمة. ولهذا، فقد حمل عفيفي هذه الهمسات الصامتة في لوحاته، وأعطاها حقها في التعبير. فنراه يغير وجه الحياة في كل لون يرسمه، في كل حركة فرشاة تُمرّ على القماش، كأنه يعيد استكشاف المعنى في الأشياء البسيطة.

في جوائزٍ مثل جائزة التحكيم في بينالي القاهرة السابع عام 1998، وجائزة الدولة للتفوق في الفنون عام 2023، كان تكريمًا له، ولكن في حقيقة الأمر كان تكريمًا لكل هذه الوجوه التي رسمها، لكل هذه الأرواح التي لم تجد طريقًا للتعبير عنها سواه. لم يكن عفيفي بحاجة إلى الكلمات ليُعبّر عن نفسه؛ فقد كانت أعماله هي اللغة الأكثر صدقًا، وهي الأداة التي لم تترك بابًا مغلقًا إلا وفتحته، ولم تترك ملامح غريبة في عالمه إلا وأخرجتها من الظلام إلى النور.

لكن الفضل الأكبر في أعماله لا يكمن في الجوائز ولا في التصفيق الحاد، بل في قدرته على جعلنا نرى الحياة كما هي، دون تكلف، دون تجميل، فقط بكل شجاعتها وأحزانها. هو لم يرسم الحياة كما نريدها، بل كما هي بكل قبحها وجمالها. وفي لوحاته، نجح في أن يجعلنا نتأمل في تفاصيل تلك الحياة التي تمرّ دون أن نلتفت إليها. هو لم يكن فنانًا يخبئ الحقيقة في ألغازٍ معقدة، بل كان يضعها أمامنا كما هي، بشكل مباشر، عميق، وحميم.

فقد عرفت لوحاته الطريق إلى القلب، كما عرفت طريقها إلى الذاكرة. فتحي عفيفي، بكل ما يحمله من حزنٍ وطموح، رسم لنا مدينة من صمت وأصوات، مدينة لا نراها، لكنها دومًا في قلوبنا. وبذلك، لم يكن فقط فنانًا يقتصر عمله على الألوان والفرشاة، بل كان شاعرًا أيضًا، يسرد تاريخًا ضاع بين الزوايا، ويغني للأشياء التي لا يسمعها سوى الصامتون.

مقالات مشابهة

  • عماد السنوسي يوضح حقيقة الحرب الدائرة في السودان نافضًا عنها غبار الروايات المتداولة دوليًا
  • لتقف الدولة على قدميها.. قاسم يُعلنها: لن نتخلى عن قوتنا!
  • الأمين العام لحزب الله: جيش الاحتلال خرق اتفاق وقف إطلاق النار
  • نعيم قاسم: القصف الإسرائيلي هدفه الضغط والدولة مسؤولة عن متابعة وقف إطلاق النار
  • عبر شطيرة ذرية.. الصين تفتح أبواب عصر ما بعد الغرافين
  • ابن كيران: القضايا التي دافع عنها "البيجيدي" تظهر حاجة البلاد إلى حزب وطني مستقل معتز بمرجعيته الإسلامية
  • عبد السلام فاروق يكتب: قاسم أمين .. مشروع لم يكتمل !
  • رئيس أفريقية النواب لـ صدى البلد: أتوقع وجود تقدم نحو دارفور لاستعادتها بعد السيطرة على الخرطوم.. وإسرائيل دربت كثير من القوات بدول القارة ودخلت في صناعة التعدين
  • سامح قاسم يكتب | فتحي عفيفي.. رسّامُ الغبار النبيل
  • ما تم نهبه فقط من بنك السوداني ٨٢٠ مليون دولار نقدا، و٥ طن ذهب