أصل الحكاية (٥) اتفاقية "رودس" وما بعدها.. !!
تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT
يقول "أرنولد توينبي" المؤرخ الإنجليزي الكبير (المتوفي ١٩٧٥) مُشَبِّهاً مذابح العرب على يد اليهود في فلسطين والمذابح اليهودية على يد النازيِّة خلال الحرب العالمية الثانية: "إن أبشع مأساة في الحياة الإنسانية هي أن شعبا عانى الويلات يسوم العذاب لشعبٍ آخر".
كما اعترض "توينبي" على مطالبة الصهيونية بفلسطين كوطنٍ قومي لليهود قائلاً: "إذا ما أُريدَ الوفاء بجميع مطالب الشعوب القديمة في الوقت الحاضر وهي مطالب ترجع إلى ألفي سنة مَضَتْ فلن تكون هناك نهاية لعملية توزيع الأراضي وانتزاع شعوب من أوطانها في جميع أنحاء العالم.
وفي المقال السابق، أعلنت العصابات الصهيونية قيام دولة إسرائيل في ١٥ مايو ١٩٤٨ وبعد دقائق اعترفت بها أمريكا وتبعتها بريطانيا وبعض الدول المرتبطة مصالحها بالمنطقة وباليهود، فهبَّت الجيوش العربية لتُنقِذ فلسطين وكان بإمكانها تحقيق النصر لولا عدم التنسيق فيما بينها وتضارب الأوامر التي كانت تصدر من القصور الملكية كما لم تكن أسلحتهم بالكفاءة اللازمة أو لم يتم التدريب عليها جيداً.
وما كادَ العَرب يُحرِزونَ بعض الانتصارات حتى ضَجَّ الصهيونيون بالصراخ وبدأوا يَبذِلون أموالهم ونُفوذَهم للتأثير على الضمير العالمي فأصدر مجلس الأمن قراراً في ١٦ نوفمبر ١٩٤٨ بوقف القتال بعد أسبوع من بدايته، وبالفعل عُقِدَتْ في جزيرة "رودس" (باليونان) مفاوضات بين وفدٍ عسكري مصري وبين ممثلي الصهيونية في ٢٤ فبراير ١٩٤٩ وتم توقيع هُدنَة تَنُص على عدم قيام أي من الطرفين بأي عملٍ عسكري عَدائي كما تم تبادل الأسري فيما بينهم، واستغل اليهود الهدنة فاستوردوا الأسلحة الحديثة من دول شرق أوربا وأخذ الألوف من المهاجرين (المحاربين) يتدفقون على إسرائيل وعندما شعر اليهود بقوتهم خرقوا الهدنة التي احترمها العرب مُرغَمين نتيجة الضغط الأمريكي البريطاني.. وقد بَلَغَت جرأة اليهود أن اغتالوا الكونت "برنادوت" الوسيط الدولي لحل مشكلة فلسطين كما استمرت إسرائيل في عدوانها على الحدود العربية واحتلت "أم الرشراش" (إيلات) بعد توقيع الهدنة بأسبوعين.
وجدير بالذكر أنه في نوفمبر١٩٤٧ أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها بتقسيم فلسطين ولأن "القُدس" ذاتَ مكانةٍ خاصة عند المسلمين والمسيحيين اعتبرتها منطقةً دولية ووضعَتْها تحت الإشراف الدولي، لكنها عَجَزَت عن تنفيذ القرار وانتهى مصير القُدس بأن احتلت قوات الملك "عبد الله بن حسين " قسمها القديم واحتل اليهود أحياءها الجديدة، وبعد انتهاء الحرب عادت لجنة السياسة بهيئة الأمم المتحدة وأصدرت قراراً جديداً ٧ ديسمبر ١٩٤٩ بتدويل المدينة بأسرها وحماية الأماكن المقدسة، ووافقت الجمعية العمومية على قرار لجنة السياسة بالأغلبية وأصبح مصير المدينة المُقدَّسة بيدِ هيئة الأمم..
(نكمل لاحقا)
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
دون تصويت.. «الأمم المتحدة» تعتمد اتفاقية تاريخية لمكافحة الجريمة السيبرانية
اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس الثلاثاء اتفاقيةً جديدةً ملزمةً قانونًا تهدُف إلى منع ومكافحة الجريمة السيبرانية، لتتوج بذلك عملية تفاوض استمرت خمس سنوات.
وتهدف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية - التي تم اعتماد قرارها دون تصويت - إلى زيادة فعالية جهود منع ومكافحة الجرائم السيبرانية، بما في ذلك من خلال تعزيز التعاون الدولي وتوفير الدعم الفني وبناء القدرات، خاصة إلى الدول النامية.
وقال فيليمون يانج، رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة - بهذه المناسبة - " نعيش جميعًا في عالم رقمي، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات لها قدرة كبيرة على دعم التنمية في المجتمعات، إلا أنها تحمل أيضاً تهديدًا متزايدًا من الجرائم السيبرانية".
وأضاف أنه من خلال اعتماد هذه المعاهدة، اتفقت الدول الأعضاء على الأدوات والآليات اللازمة لتعزيز التعاون الدولي ومنع ومكافحة الجرائم السيبرانية وحماية الأشخاص وحقوقهم في المجال الرقمي.
من جانبها.. أكدت غادة والي، المدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة أن اعتماد هذه الاتفاقية التاريخية يُمثل انتصارًا كبيرًا للتعددية، إذ تُعد أول صك قانوني دولي للأمم المتحدة بشأن قضايا الجريمة منذ أكثر من 20 عامًا.
واعتبرت ان اعتماد الاتفاقية يشكل خطوة بالغة الأهمية نحو تعزيز الجهود لمكافحة الجرائم، بما في ذلك الاعتداء الجنسي على الأطفال عبر الإنترنت، والاحتيال الإلكتروني المعقد، وغسل الأموال.
وأضافت "والي" أنه "في العصر الرقمي اليوم، أصبحت الجريمة الإلكترونية أكثر انتشارًا وضررًا، حيث تستغل الفئات الأكثر ضعفًا وتستنزف تريليونات الدولارات من اقتصاداتنا سنويًا.
وأوضحت أن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة على أتم الاستعداد لدعم الدول الأعضاء في التوقيع على الاتفاقية الجديدة، والتصديق عليها، وتنفيذها من خلال توفير الأدوات والمساعدة التقنية، وبناء القدرات التي تحتاجها الدول لحماية اقتصاداتها وضمان فضاء رقمي آمنٍ وخالٍ من الجرائم السيبرانية.
وكانت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بمشاركة المجتمع المدني، والمؤسسات الأكاديمية، والقطاع الخاص، قد تفاوضت على نص الاتفاقية على مدار خمس سنوات، حيث اكتملت صياغة مسودتها النهائية في التاسع من أغسطس 2024.
وسيتم فتح الاتفاقية للتوقيع في حفل رسمي تستضيفه فيتنام في عام 2025، على أن تدخل حيز التنفيذ بعد 90 يومًا من تصديق الدولة الأربعين عليها.
ومن المقرر أن يواصل مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة -الذى عمل كأمانة للمفاوضات- دوره كأمانة للجنة المختصة بالتفاوض على مشروع بروتوكول مُكمل للاتفاقية، وكذلك للمؤتمر المستقبلي للدول الأطراف.