لن يكون العالم بعد الحرب الإسرائيلية على غزة كما كان قبلها، حيث سيشهد المزيد من التراجع الحاد للهيمنة الأمريكية في المنطقة والعالم، إذ تجد واشنطن نفسها في ثلاث فجوات من الثقة جراء دعمها المطلق لتل أبيب، وفقا لفيكتور ميخين في مقال بمجلة "نيو إيسترن أوتلوك" (NEO).

ميخين أضاف، في المقال الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أنه: "أولا، ستعمل الأزمة على توسيع الفجوة داخل الولايات المتحدة نفسها بين الرأي العام وصناع القرار السياسي".

وأوضح أنه "في حين يدعم البيت الأبيض والكونجرس تل أبيب بقوة، فإن المثقفين والأكاديميين وأبناء الطبقة المتوسطة يعارضون بشدة الحكومات الأمريكية التي تنفق بشكل متهور ثروة البلاد على قضايا لا علاقة لها بمصالحها الوطنية".

وزاد بأن "أزمة غزة أثارت رد فعل فوري من البيت الأبيض، عندما زار (الرئيس الأمريكي جو) بايدن إسرائيل (في 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي) وأظهر دعما قويا للإسرائيليين، وطلب في خطاب عام من الكونجرس منح إسرائيل مليارات الدولارات من التمويل الجديد".

واستدرك ميخين: "لكن الرأي العام الأمريكي على خلاف مع البيت الأبيض والكونجرس. وإدراكا لأن احتلال فلسطين هو السبب الرئيسي للأزمة، خرجت مظاهرات حاشدة ضد الاحتلال الإسرائيلي والسياسة الأمريكية بالشرق الأوسط في مدن أمريكية، بينها نيويورك وواشنطن العاصمة".

ولليوم 44 يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلّفت 12 ألفا و300 قتيل فلسطيني، بينهم 5 آلاف طفل و3 آلاف و300 امرأة، فضلا عن أكثر من 30 ألف مصاب، 75 بالمئة منهم أطفال ونساء، وسط دعوات لفتح تحقيق دولي في الهجمات الإسرائيلية، ووقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية.

فيما قتلت حركة "حماس" 1200 إسرائيلي وأصابت 5431، بحسب مصادر رسمية إسرائيلية. كما أسرت نحو 239 إسرائيليا، بينهم عسكريون برتب رفيعة، ترغب في مبادلتهم مع أكثر من 7 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، في سجون إسرائيل.

اقرأ أيضاً

رئيس وزراء ماليزيا لبايدن: تطلب منا إدانة روسيا وتصمت عن فظائع إسرائيل بغزة

الحلفاء العرب

"وثانيا، ستعمل أزمة غزة على توسيع الفجوة بين الولايات المتحدة وحلفائها في العالم العربي"، كما زاد ميخين.

وأردف: "صحيح أن بعض القادة العرب يرغبون في رؤية نوع من الوجود الأمريكي القوي في المنطقة للحصول على الحماية الأمنية لدولهم، لكن لم تتضامن أي دولة عربية بكل إخلاص مع السياسة الأمريكية في المنطقة".

وأرجع ذلك إلى أن "الولايات المتحدة كثيرا ما تدخلت بشكل صارخ في شؤونها الداخلية (الدول العربية)، وقوضت بشكل خطير حق الفلسطينيين المشروع في إنشاء دولتهم الخاصة بسياساتها المنحازة والسلبية".

ميخين أفاد بأن "أزمة غزة كشفت مجددا أن السياسة الأمريكية شديدة الانحياز في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فبدلا من بذل الحد الأدنى من الجهود لتهدئة التوترات، تسترت الولايات المتحدة على جرائم قتل عديدة ارتكبتها إسرائيل في غزة؛ ما قوض الحد الأدنى من ثقة العرب في أمريكا".

ورجح أن "تؤدي الفجوة الآخذة في الاتساع إلى تدمير العديد من الأفكار الأمريكية الحديثة فيما يتعلق بالشرق الأوسط، وبينها خطة إنشاء نسخة شرق أوسطية من حلف شمال الأطلسي (موجهة ضد إيران بالأساس) وعملية اتفاقات إبراهيم، التي سعت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول عربية، ومشروع بناء ممر اقتصادي من الهند إلى شبه الجزيرة العربية وإسرائيل وأوروبا".

اقرأ أيضاً

بايدن ومجازر إسرائيل.. 50 عاما من الدعم وآلاف الأطفال القتلى

حقوق الإنسان

وثالثا، كما أردف ميخين، "من شأن أزمة غزة أن توسع الفجوة بين الولايات المتحدة ومناطق أخرى من العالم".

وزاد بأن "دول العالم الأخرى كانت تدرك تماما مدى تدمير هيمنتها وغطرستها وأنانيتها (شعار أمريكا أولا) ونفاقها".

وأضاف: "بوسع المرء أن ينظر إلى أوروبا اليوم، التي تعاني سياسيا واقتصاديا من الهيمنة الأمريكية ورغبة واشنطن في تحويل العبء الكامل للحرب التي تقودها في أوكرانيا ضد روسيا (منذ فبراير/ شباط 2022) إلى الأوروبيين".

وشدد على أن "أزمة غزة تمثل فضحا جديدا لنفاق الولايات المتحدة، فحتى الآن، تنتقد واشنطن بشدة قضايا حقوق الإنسان في بلدان أخرى، بينها الصين وإيران والدول العربية، باسم النزعة الإنسانية".

واستدرك ميخين: "لكن عندما اندلعت أزمة إنسانية حقيقية في غزة نتيجة للحصار والاحتلال الإسرائيلي، لم تكتف الولايات المتحدة بعدم انتقاد إسرائيل، بل دافعت عنها وزودتها بالمزيد والمزيد من الأسلحة الحديثة، وخاصة الطائرات والقنابل".

ولفت إلى أن "بعض القادة الأوروبيين سافروا إلى إسرائيل لإظهار وحدتهم مع بايدن، لكن شوارع الولايات المتحدة ودول أوروبية عديدة حكت جزءا مختلفا تماما  من القصة، وهو عقود من الاحتلال، وحصار غزة، وتدمير المنازل، والأزمة الإنسانية الأكبر".

ومنذ اندلاع الحرب، يقطع الاحتلال الإسرائيلي إمدادات الماء والغذاء والدواء والكهرباء والوقود عن سكان غزة، وهم نحو 2.3 مليون فلسطيني يعانون بالأساس من أوضاع معيشية متدهورة للغاية؛ جراء حصار إسرائيلي مستمر للقطاع منذ أن فازت "حماس" بالانتخابات التشريعية في عام 2006.

اقرأ أيضاً

بايدن يدعم حرب إسرائيل.. فكيف يقنع الفلسطينيين بحل سياسي؟

المصدر | فيكتور ميخين/ نيو إيسترن أوتلوك- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: فجوات ثقة حرب غزة واشنطن خسائر الاحتلال الإسرائیلی الولایات المتحدة أزمة غزة

إقرأ أيضاً:

حرب غزة تكبد السياحة في إسرائيل 5.25 مليارات دولار

تكبد قطاع السياحة في إسرائيل خسارة بلغت 19.5 مليار شيكل (5.25 مليارات دولار) خلال سنة من العدوان على قطاع غزة وتداعياته في المنطقة، وفق ما ذكرت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية.

وبلغت الخسائر في قطاع السياحة الدولية 18.7 مليار شيكل (5.04 مليارات دولار) فيما سجّلت خسائر في قطاع السياحة الداخلية بلغت 756 مليون شيكل (204 ملايين دولار)، وخاصة في شمال إسرائيل، وفق الأرقام التي نقلتها الصحيفة عن وزارة السياحة الإسرائيلية.

إدارة النزوح

وتدير الوزارة عملية نزوح السكان خلال الحرب لا سيما في الشمال في المناطق قرب حدود لبنان وفي الجنوب قرب الحدود مع غزة، بالإضافة إلى اختصاصها.

وذكرت الوزارة أن حوالي 853 ألف سائح دخلوا إسرائيل، وتصدر القادمون من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والفلبين القائمة، وكان ثلثا الزوار من اليهود 62%، و29% من المسيحيين الإنجيليين أو الكاثوليك.

وحسب البيانات التي نقلتها الصحيفة، فإن ما يقرب من نصف الزوار (44%) جاؤوا لزيارة الأصدقاء والعائلة، و28% كانوا سياحًا، و13% جاؤوا للعمل.

وذكرت بيانات وزارة السياحة الإسرائيلية أن 68 ألفا و712 من السكان – معظمهم من الشمال- ما زالوا نازحين عن أماكن سكناهم، ويعيش حوالي 15 ألفا و600 نازح منهم في الفنادق، فيما يعيش 53 ألفا و113 نازحًا في أماكن سكن أخرى.

وقدّرت الوزارة كلفة إسكان النازحين بنحو 5.45 مليارات شيكل (1.5 مليار دولار)، وتم تحويلها إلى الفنادق القريبة، مشيرة إلى أنه تم دفع 3.18 مليار شيكل (859 مليون دولار) إضافية مباشرة كمنح معيشية للنازحين الذين اختاروا العيش في أماكن بخلاف الفنادق.

كلفة النزوح داخل إسرائيل

وبلغت كلفة النزوح 100 ألف شخص من السكان من مناطق الحرب المباشرة 8.648 مليارات شيكل (2.34 مليار دولار)، بما في ذلك 5.46 مليارات شيكل (1.5 مليار دولار) نفقات الفنادق.

وحجزت الوزارة نحو 4 ملايين غرفة و13.5 مليون ليلة إقامة.

وتم دفع 3.2 مليارات شيكل (864 مليون دولار) إضافية في شكل منح الإقامة، وتوفر هذه المنح 18 ألف شيكل (4858 دولارا) شهريا صافيًا لأسرة مكونة من شخصين بالغين وطفلين، وهي حاليًا الحل المفضل للتعامل مع أزمة النزوح، حيث تتلقى 53 ألفا و113 أسرة هذه المنح، حسبما نقلت جيروزاليم بوست عن الوزارة.

خسائر قطاع السياحة الدولية في إسرائيل بلغت 5 مليارات دولار (غيتي إيميجز) وقف التعافي

وأضافت الوزارة أن الحرب في غزة أوقفت تعافي قطاع صناعة السياحة الإسرائيلي من أزمة كوفيد-19، التي ضربته بشدة في عام 2020.

وترجح التوقعات أن ينتهي عام 2024 بدخول نحو مليون سائح فقط إلى إسرائيل أي ثلث السياح الذين دخلوا دولة الاحتلال في السنة الماضية، وأقل من ربع الداخلين في 2019.

مقالات مشابهة

  • مادورو: الولايات المتحدة تدعم العدوان الإسرائيلي ضد فلسطين ولبنان
  • الخارجية الأمريكية: الولايات المتحدة ستنسق الرد على الهجمات الصاروخية الإيرانية مع إسرائيل
  • الولايات المتحدة تحذر إيران من عواقب وخيمة إذا هاجمت إسرائيل.. أوستن: واشنطن مستعدة للدفاع عن شركائها وحلفائها بالمنطقة
  • البنتاجون: واشنطن تسعى لمنع اندلاع حرب إقليمية فى الشرق الأوسط
  • الولايات المتحدة تعترف بإسقاط الطائرة الأمريكية الـ11 في اليمن
  • واشنطن بوست: إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة التخطيط لعملية برية محدودة بلبنان
  • حرب غزة تكبد السياحة في إسرائيل 5.25 مليارات دولار
  • الوزير صباغ: لا يمكن فصل جرائم سلطات الاحتلال الإسرائيلي وعدوانها المستمر على سورية عن الدور التخريبي الذي انتهجته بعض الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، حيث واصلت تلك الدول انتهاك سيادة سورية ووحدة وسلامة أراضيها عبر استمرار وجود قوات
  • الإعلام الإسرائيلي: الغارات على الحديدة تمت بالتنسيق مع الولايات المتحدة
  • أرتفاع عدد قتلى أعصار هيلين الى 63 بعد أمتداد الفيضانات إلى المزيد من الولايات وتسجيل خسائر بقيمة 95 مليار في الولايات المتحدة