رحم الله إسماعيل صدقى فقد كان يرى
تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT
لفّ الزمن ودار، تبعثرت الخطوات، وانقلبت الأفكار، واتضحت الرؤى، وأثبت التاريخ أن العقل ليس زينة، وأن حسابات المنطق أفضل وأنجع من غضبة حماس طارئة.
ويقيناً فإن التهديد سهل، واللعن يسير، لكن الأبقى هو تحقيق المكاسب على أرض الواقع. وكما يقول صديقنا الصريح نزار قبانى كرم الله ذكره: «بالناى والمزمار. لا يحدث انتصار».
وهكذا، آن لنا أن نترحم على إسماعيل صدقى (1875ـ1950)، السياسى الشرير، خصيم الشوارع، والملعون من الجماهير، وعلى فكره وعقله ورأيه وقراءاته للمستقبل.
كانت خطيئة الرجل، كما قدمت فى بحثى المعنون «ضد التاريخ» أنه نموذج صريح لرجل لم يقتنع بموقف الشارع غير العقلانى، ولم يتقبل إرضاء أصحاب الحناجر على حساب قناعاته. عاند الرجل القطيع، ورفض الخضوع للناس، مقتنعاً بأن الجماهير ليست دائماً على صواب.
فى قضية فلسطين، سبق الرجل كل معاصريه سبقاً، وكان مثالاً واضحاً لقارئ مستنير للمستقبل السياسى. ففى 29 نوفمبر سنة 1947 صدر قرار هيئة الأمم المتحدة رقم 181 بتقسيم فلسطين بين العرب والصهاينة.
ونص القرار على إنهاء الانتداب البريطانى على فلسطين، وتقسيم أراضيها إلى ثلاثة كيانات جديدة، هى دولة عربية اسمها دولة فلسطين، وتقع على الجليل الغربى، وعكا، والضفة الغربية، والساحل الجنوبى الممتد من شمال مدينة أسدود وجنوبًا حتى رفح، مع جزء من الصحراء على طول الشريط الحدودى مع مصر. والكيان الثانى يمثل دولة يهودية هى إسرائيل، وتقع على الساحل من حيفا وحتى جنوب تل أبيب، والجليل الشرقى بما فى ذلك بحيرة طبريا وإصبع الجليل، والنقب وإيلات. أما الكيان الثالث فهو كيان دولى يضم القدس وبيت لحم.
وبمنتهى البساطة، أعطى هذا القرار 55 فى المائة من الأرض لإسرائيل، و45 فى المائة لفلسطين، على أن تبقى القدس تحت إدارة دولية لأسباب دينية. وقتها كان عدد أعضاء الأمم المتحدة 57 عضواً وأيدت القرار 33 دولة بينها أمريكا، والاتحاد السوفيتى، وفرنسا، وكندا، وعارضت القرار ثلاث عشرة دولة بينها مصر، والسعودية، والعراق، والهند، وامتنعت عشر دول عن التصويت فى مقدمتها بريطانيا.
وكان رأى إسماعيل صدقى وكان وقتها خارج السلطة، هو قبول التقسيم وعدم الانجراف وراء دعوات التحرير بالحرب والتى ستنهك العرب عقوداً وعقوداً. وقال بصراحة إن الحصول على نصف أراضى فلسطين، سلماً، أفضل من القتال سعياً للحصول على الأراضى كلها وهو أمر مستحيل فى وقت احتشد فيه الصهاينة من كل شتات الأرض لمكان اعتبروه أرض الميعاد. وكان تقدير «صدقي» هو أن الصهاينة سيحيلون الأراضى المحتلة إلى ترسانة أسلحة ويستقطبون خبرات عسكرية من كل مكان، وأن رفض التقسيم خسارة للعرب فى الحاضر والمستقبل.
أهدرنا رأى السياسى العجوز، واندفعنا لرفض التقسيم تماماً، واعتبر البعض الموافقين عليه خونة. ثم خاض العرب صراعاً شرساً ضد الصهاينةـ لكنه كان صراعًا غير مُخطط وغير مُنظم وغير واقعى، والمُحزن أنه كان سبباً فى ترسيخ الديكتاتوريات ومنع حرية الرأى، واستغل كحُجة لدى الحكام لتبرير تعطيل التنمية. ثم أنتج هذا الصراع خسائر أكبر للأرض، وتحول الهدف من استعادة فلسطين لاستعادة ما أخذ لاحقا فى يونيو 67. وهكذا تقلصت الحلول لتصل مساحة الأرض الممنوحة لدولة فلسطين لنحو 22 فى المئة فقط من الأرض طبقا لاتفاق أوسلو. ورغم ذلك، فإن إسرائيل تعرقل حتى تنفيذه، وتمنع ميلاد الدولة الفلسطينية الصغيرة بكل وسيلة، فتجمد كافة المفاوضات، وتواصل سياسات تصفية القضية تماماً.
وهنا تبقى فكرة إسماعيل صدقى المرفوضة وقتها بقبول قرار التقسيم واحدة من الفرص المهدرة فى أهم قضية عربية فى التاريخ المعاصر، فرحمة الله على الرجل، وليتنا نتعلم.
والله أعلم
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
إعتقالات في دولة أوروبيّة... ما علاقة الموقوفين بـحزب الله؟
نفذ الحرس المدني الإسباني، الثلاثاء، عملية مكافحة إرهاب ضد عدة متهمين بالانضمام إلى هيكل لوجستي لحزب الله في إسبانيا، وتحديدا فصيل كان يسهّل توفير قطع غيار لتجميع الطائرات المسيّرة.
وقد تم تنفيذ 3 اعتقالات، حتى الآن، في شقة في حي إيشامبل في برشلونة، على الرغم من أنه يتم تنفيذ عمليات تفتيش في جيرونا، وفقا لما أفادت به مصادر مطلعة على التحقيق لصحيفة "لا فانغوارديا".
العملية مرتبطة بتلك التي جرت في تموز الماضي أيضًا في برشلونة، بالتعاون مع السلطات الألمانية، لتفكيك الهياكل اللوجستية لتصنيع الطائرات المسيّرة التابعة لحزب الله. ونتيجة للوثائق التي تم جمعها في تلك العملية، استمر التحقيق ليؤدي إلى عمليات التفتيش والاعتقالات التي تمت الثلاثاء.
في تموز، كان جهاز المخابرات التابع للحرس المدني، بالتعاون مع الشرطة الألمانية، قد أوقف بالفعل 4 أشخاص، 3 في برشلونة وآخر في بادالونا، بتهمة توريد مكونات لتصنيع الطائرات المسيّرة الانتحارية التي تُطلق من لبنان ضد إسرائيل.
ومن بين المعتقلين آنذاك كان هناك اثنان من رجال الأعمال من أصل لبناني وحاصلين على الجنسية الإسبانية. (سكاي نيوز عربية) مواضيع ذات صلة هل يخوض "حزب الله" المعركة بـ"أبناء العــشائر"؟ Lebanon 24 هل يخوض "حزب الله" المعركة بـ"أبناء العــشائر"؟ 01/04/2025 16:50:33 01/04/2025 16:50:33 Lebanon 24 Lebanon 24 إسرائيل تستغل إطلاق الصواريخ لتوسيع عدوانها و "حزب الله" يقف "خلف الدولة" Lebanon 24 إسرائيل تستغل إطلاق الصواريخ لتوسيع عدوانها و "حزب الله" يقف "خلف الدولة"
01/04/2025 16:50:33 01/04/2025 16:50:33 Lebanon 24 Lebanon 24 نتنياهو أهدى ترامب هدية غير متوقعة.. ما علاقتها بـ"حزب الله"؟ Lebanon 24 نتنياهو أهدى ترامب هدية غير متوقعة.. ما علاقتها بـ"حزب الله"؟
01/04/2025 16:50:33 01/04/2025 16:50:33 Lebanon 24 Lebanon 24 صحيفة إسرائيليّة: هدف مُشترك يجمع أحمد الشرع وإسرائيل... ما علاقة "حزب الله"؟ Lebanon 24 صحيفة إسرائيليّة: هدف مُشترك يجمع أحمد الشرع وإسرائيل... ما علاقة "حزب الله"؟
01/04/2025 16:50:33 01/04/2025 16:50:33 Lebanon 24 Lebanon 24 لبنان عربي-دولي قد يعجبك أيضاً
المرأة اللبنانية في سوق العمل.. تحديات وفرص في ظل الضغوط الأسرية
Lebanon 24 المرأة اللبنانية في سوق العمل.. تحديات وفرص في ظل الضغوط الأسرية
09:30 | 2025-04-01 01/04/2025 09:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 المدير العام للأشغال زار عنايا واطلع على وضع الطريق العام
Lebanon 24 المدير العام للأشغال زار عنايا واطلع على وضع الطريق العام
09:13 | 2025-04-01 01/04/2025 09:13:32 Lebanon 24 Lebanon 24 هذا ما تحتاج إليه الحكومة لكسب ثقة الناس
Lebanon 24 هذا ما تحتاج إليه الحكومة لكسب ثقة الناس
09:01 | 2025-04-01 01/04/2025 09:01:00 Lebanon 24 Lebanon 24 هل ستستمرّ إسرائيل بقصف الضاحية؟
Lebanon 24 هل ستستمرّ إسرائيل بقصف الضاحية؟
08:50 | 2025-04-01 01/04/2025 08:50:23 Lebanon 24 Lebanon 24 "حزب الله": هو عهد المقاومة لأهلها الشّرفاء
Lebanon 24 "حزب الله": هو عهد المقاومة لأهلها الشّرفاء
08:27 | 2025-04-01 01/04/2025 08:27:34 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة
أمطارٌ غزيرة وعواصف رعديّة... الأب إيلي خنيصر: هكذا سيكون الطقس
Lebanon 24 أمطارٌ غزيرة وعواصف رعديّة... الأب إيلي خنيصر: هكذا سيكون الطقس
10:05 | 2025-03-31 31/03/2025 10:05:12 Lebanon 24 Lebanon 24 هجوم عنيف من وديع الشيخ على وسام حنا.. إليكم بالفيديو ما قاله
Lebanon 24 هجوم عنيف من وديع الشيخ على وسام حنا.. إليكم بالفيديو ما قاله
14:04 | 2025-03-31 31/03/2025 02:04:41 Lebanon 24 Lebanon 24 برفقة أولاد زوجها.. هكذا احتفلت إعلامية الـ MTV نبيلة عواد بعيد الفطر (صورة)
Lebanon 24 برفقة أولاد زوجها.. هكذا احتفلت إعلامية الـ MTV نبيلة عواد بعيد الفطر (صورة)
04:43 | 2025-04-01 01/04/2025 04:43:31 Lebanon 24 Lebanon 24 "ترند" جديد يجتاح لبنان.. هذا هو سره وهذه خطورته
Lebanon 24 "ترند" جديد يجتاح لبنان.. هذا هو سره وهذه خطورته
15:00 | 2025-03-31 31/03/2025 03:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 ساعد في التخطيط لهجوم كبير.. إسرائيل تكشف هوية المُستهدف في الغارة على الضاحية الجنوبية
Lebanon 24 ساعد في التخطيط لهجوم كبير.. إسرائيل تكشف هوية المُستهدف في الغارة على الضاحية الجنوبية
23:10 | 2025-03-31 31/03/2025 11:10:46 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان
09:30 | 2025-04-01 المرأة اللبنانية في سوق العمل.. تحديات وفرص في ظل الضغوط الأسرية 09:13 | 2025-04-01 المدير العام للأشغال زار عنايا واطلع على وضع الطريق العام 09:01 | 2025-04-01 هذا ما تحتاج إليه الحكومة لكسب ثقة الناس 08:50 | 2025-04-01 هل ستستمرّ إسرائيل بقصف الضاحية؟ 08:27 | 2025-04-01 "حزب الله": هو عهد المقاومة لأهلها الشّرفاء 08:13 | 2025-04-01 عن أمن المطار وهبوط الطيران الإيراني في لبنان... هذا ما قاله وزير الأشغال فيديو تراجع فجأة خلال المباراة وفقد وعيه.. ملاكم توفي بطريقة مأساوية (فيديو)
Lebanon 24 تراجع فجأة خلال المباراة وفقد وعيه.. ملاكم توفي بطريقة مأساوية (فيديو)
03:54 | 2025-04-01 01/04/2025 16:50:33 Lebanon 24 Lebanon 24 "فرّ" من الجيش.. فنان لبناني شهير يكشف تفاصيل عن حياته وهذا ما قاله عن فضل شاكر (فيديو)
Lebanon 24 "فرّ" من الجيش.. فنان لبناني شهير يكشف تفاصيل عن حياته وهذا ما قاله عن فضل شاكر (فيديو)
03:59 | 2025-03-25 01/04/2025 16:50:33 Lebanon 24 Lebanon 24 برج إيفل مُغطى بحجاب.. إعلان في فرنسا يؤدي لانقسامات ثقافية ودينية (فيديو)
Lebanon 24 برج إيفل مُغطى بحجاب.. إعلان في فرنسا يؤدي لانقسامات ثقافية ودينية (فيديو)
01:50 | 2025-03-25 01/04/2025 16:50:33 Lebanon 24 Lebanon 24
Download our application
مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد عربي-دولي فنون ومشاهير متفرقات أخبار عاجلة
Download our application
Follow Us
Download our application
بريد إلكتروني غير صالح Softimpact
Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24