بوابة الوفد:
2025-01-03@11:20:28 GMT

اللغم الأخير فى خطة «دَالِتْ»

تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT

يعلم القاصى والدانى، الصديق قبل العدو، أن هدف الصهيونية الأساسى هو إقامة دولة خالصة لليهود فى فلسطين، وأن الإبادة الجماعية والتطهير العرقى والتهجير القسرى لأصحاب الأرض إحدى أهم وسائل تحقيق تلك الغاية، وهذا ما يؤكده «ديفيد بن جوريون» مخاطبًا اللجنة التنفيذية للوكالة اليهودية فى يونيو 1938 بأنه يؤيد الترحيل القسرى «ولا يرى فيه شيئًا غير أخلاقي».

يقول المؤرخ الإسرائيلى «إيلان بابه» فى كتابه «التطهير العرقى فى فلسطين»: «فى عصر يوم الأربعاء يوم 10 مارس 1948 وضعت مجموعة من أحد عشر رجلًا مكونة من قادة صهيونيين قدامى وضابطين عسكريين، اللمسات الأخيرة على خطة لتطهير فلسطين عرقيًا، وفى مساء اليوم نفسه أرسلت الأوامر إلى الوحدات على الأرض بالاستعداد للقيام بطرد منهجى للفلسطينيين».

كانت تلك الأوامر التى رسمتها خطة «دَالِتْ» بقيادة «بن جوريون»، أو كما يطلق عليها رسميًا خطة «يهوشواع» نسبة إلى أحد قادة عصابات الهاجاناه، تهدف إلى إثارة الرعب على نطاق واسع، ومحاصرة وقصف القرى وحرق المنازل، وطرد وهدم البيوت والمنشآت، وزرع ألغام وسط الأنقاض لمنع السكان المطرودين من العودة إلى منازلهم!

إذن ما يحدث فى غزة الآن وما يرتكبه الكيان المحتل من عمليات إبادة وقتل وتخويف وتدمير وتطهير عرقى وجرائم حرب، ما هو إلا امتداد طبيعى لخطة تم وضعها منذ عقود، وما هو إلا مشهد فى مسلسل خطة «دَالِتْ» بالعبرية أو الخطة «دال» بالعربية لتطهير فلسطين عرقيًا وليس شيئًا آخر كما يزعم البعض.

يقول «إيلان» إن خطة «دَالِتْ» هى النسخة الرابعة والنهائية لخطط سابقة أقل تفصيلًا، وإن هذه الخطة قد أوضحت وعلى نحو غير قابل للتأويل أن الفلسطينيين يجب أن يرحلوا، وبحسب تعبير «سمحا فلابان» من أوائل المؤرخين الذين أشاروا إلى أهمية هذه الخطة ومغزاها، فإن الحملة العسكرية ضد العرب بما فى ذلك غزو المناطق الريفية وتدميرها، رسمت معالمها فى خطة «دَالِتْ» التى أعدتها الهاجاناه.

كانت الفكرة العامة لأعمال العنف كما رسمتها الخطة «دَالِتْ» وشرحها «بن جوريون» هو ضمان أن يصبح المجتمع الفلسطينى تحت رحمة اليهود، وأن يفعلوا به ما يشاءون بما فى ذلك تجويعه حتى الموت!

ويؤكد المؤرخ الإسرائيلى «إيلان» أن الخطة «دَالِتْ» تحتوى على تشكيلة من أساليب التطهير العرقى المتطابقة أسلوبًا تلو الآخر مع أساليب التطهير العرقى الموصوفة فى التعريف الذى وضعته الأمم المتحدة للتطهير العرقى، وتشكل الخلفية للمجازر التى رافقت التهجير الجماعى للفلسطينيين.

والسؤال هنا: إذا كانت المذابح التى ارتكبتها إسرائيل منذ وضع تلك الخطة بداية من عملية «نخشون» فى الأول من أبريل 1948، وتدمير القرى بين يافا والقدس والتهجير قسريًا، ليست جرائم تطهير عرقى فليوضح لنا المجتمع الدولى ما هو مفهوم «التطهير العرقي» لديه، كى نفهم أو «نضحك على أنفسنا» ونتعايش مع تلك الجرائم مثلهم؟!

وليشرح لنا الذين يدعمون هذا الكيان الإجرامى، إذا كانت مذبحة «دير ياسين» 9 أبريل 1948 وما تلاها من جرائم حرب، وصولًا إلى ما يحدث فى غزة الآن، لا تندرج تحت عمليات الإبادة الجماعية، فما هو التعريف المناسب للإبادة الجماعية فى مراجعهم السياسية أو الأدبية أو التاريخية؟ لعلنا نجد سببًا نرتكن إليه ثم ننام وضمائرنا ميتة مثلهم!

نريد واحدًا من أصحاب نظرية التعايش فى سلام مع هذا الكيان المحتل، أن يرد على صرخات الأطفال ودماء الشهداء، ويُجيب على شهادة «فهيم زيدان» أحد الناجين من مذبحة «دير ياسين» وكيف أنه رأى عائلته تقتل أمامه بعد أن أخرجوهم واحدًا تلو الآخر، فقتلوا رجلًا عجوزًا، وعندما بكت إحدى بناته قتلوها، ثم استدعوا شقيقه محمد وقتلوه، وعندما صرخت أمه باكية قتلوها وهى منحنية فوقه وبين ذراعيها أخته الرضيعة «خضرة» التى قتلوها أيضًا!، إذا كانت هذه الجرائم الموثقة ليست جرائم حرب، فماذا تكون جرائم الحرب إذن؟! لعلنا نجد كلامًا نكذب به على أطفالنا، ونبرر لهم آراء التعايش فى سلام مع هذه المذابح مثلهم!

فى النهاية وبعد تلك الجرائم والمذابح المخطط لها منذ عقود، ورغم أن الفاعل معلوم والجرائم موثقة بالصوت والصورة وعلى الهواء مباشرة، يظهر علينا البعض مستخدمًا مصطلحات ومفردات تساعد المجرم على الإفلات بجريمته، فيساوى بين القاتل والمقتول، ويضع الجلاد والضحية فى كفة ميزان واحدة، تحت مظلة الصراع والحرب أو شرعية الدفاع عن النفس بارتكاب تلك المذابح، إن هذه الرؤية العوراء عار وعورة على الإنسانية كلها.. لتبقى الإجابة عن السؤال: لماذا لا يُعاقب المجرم على فعلته؟ كلمات وسطور مخزية لعالم يدعى أنه حر.

ختامًا.. ربما ما يحدث فى غزة الآن لا يكون المشهد الأخير من خطة «دَالِتْ»، ولكنه حتماً سيكون اللغم الأخير الذى ينفجر فى وجه الجميع.

 

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أشرف عزب فلسطين الإبادة الجماعية التطهير العرقي التهجير القسري الترحيل القسري

إقرأ أيضاً:

أعضاء بالكنيست يطالبون بتجريد قطاع غزة من السلاح وفرض حكم عسكري

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أفاد إعلام عبري، اليوم الخميس، بأن أعضاء اللجنة الخارجية والأمن بالكنيست طالبوا بتجريد قطاع غزة من السلاح وفرض حكم عسكري عليه، وفقا لنبأ عاجل بقناة "القاهرة الإخبارية".

وقبل قليل، طالب 8 أعضاء في لجنة الخارجية والأمن بالكنيست في رسالة لوزير الدفاع تنفيذ "خطة الجنرالات في غزة".

ما هي خطة الجنرالات؟

يشمل الحصار قطع جميع المساعدات الإنسانية عن شمال القطاع، ما يضع المسلحين أمام خيارين: الاستسلام أو الموت جوعًا، بحسب صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية.

 ويدعي واضعو الخطة أن هذه الطريقة تعتبر الأكثر فاعلية لإنهاء الحرب مع تقليل الخسائر في صفوف الجنود والمدنيين.

وترى الخطة أن السيطرة على شمال غزة ستؤدي إلى تصاعد السخط الشعبي ضد حركة حماس، ما سيشكل ضغطًا كبيرًا على قيادة الحركة، ويسرع من إمكانية التوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى، كما وصفت الخطة هذه النتائج بأنها قد تمثل "كابوسا" ليحيى السنوار، قائد حركة حماس.

وتنسجم هذه الرؤية مع مواقف قادة اليمين المتطرف الإسرائيلي، مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذين طالبوا باتخاذ إجراءات صارمة منذ بداية الحرب.

 وأعرب المحلل السياسي لصحيفة "هآرتس"، عاموس هارئيل، عن شكوكه في إمكانية تنفيذ "خطة الجنرالات"، مشيرا إلى أنها قد تصنف كـ"جرائم حرب" بموجب القانون الدولي.

وفي وقت سابق، تناول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الخطة خلال اجتماع مغلق للجنة الخارجية والأمن في الكنيست، حيث أشار إلى أنها واحدة من الخيارات التي يجري بحثها.

وقال أمير بار شالوم، المحلل العسكري لإذاعة الجيش الإسرائيلي، إن نتنياهو ووزير الدفاع يوآف جالانت يدرسان الخطة بجدية.

 وأكد بار شالوم أن نتنياهو أشار إلى الخطة في الكنيست، لكن لم يتضح بعد إلى أي مدى أو في أي مرحلة سيتم تنفيذها.

وأضاف المحلل العسكري أنه إذا تمت الموافقة على الخطة، فإن الجيش الإسرائيلي سيبدأ بالسيطرة على جميع المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى شمال قطاع غزة، بهدف منع حركة حماس من الاستفادة منها، ومن ثم توزيع هذه الإمدادات على السكان الفلسطينيين.

ومع ذلك، أوضح بار شالوم أن "خطة الجنرالات" لم تحظ حتى الآن بموافقة المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية في إسرائيل.

مقالات مشابهة

  • بـ 124 ألف.. فيلم "الهوى سلطان" يحتل المركز قبل الأخير في شباك التذاكر
  • تفاصيل مران الأهلي الأخير استعدادًا لمواجهة شباب بلوزداد
  • باحث: خطة لاحتلال الإسرائيلي فى قطاع غزة التطهير العرقي
  • باحث سياسي: التطهير العرقي خطة نتنياهو غير المعلنة لقطاع غزة
  • تفنيد خطاب حميدتي الأخير
  • صيدنايا.. كان أملي الأخير للقاء والدي
  • أعضاء بالكنيست يطالبون بتجريد قطاع غزة من السلاح وفرض حكم عسكري
  • الحوثيون.. سلاح طهران الأخير
  • "أكشن ايد": الأشهر الـ3 الماضية كانت الأقسى على سكان قطاع غزة
  • رحاب الجمل: ٢٠٢٤ كانت سنة حلوة إلا لو الأهلي اتغلب فيها