اللغم الأخير فى خطة «دَالِتْ»
تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT
يعلم القاصى والدانى، الصديق قبل العدو، أن هدف الصهيونية الأساسى هو إقامة دولة خالصة لليهود فى فلسطين، وأن الإبادة الجماعية والتطهير العرقى والتهجير القسرى لأصحاب الأرض إحدى أهم وسائل تحقيق تلك الغاية، وهذا ما يؤكده «ديفيد بن جوريون» مخاطبًا اللجنة التنفيذية للوكالة اليهودية فى يونيو 1938 بأنه يؤيد الترحيل القسرى «ولا يرى فيه شيئًا غير أخلاقي».
يقول المؤرخ الإسرائيلى «إيلان بابه» فى كتابه «التطهير العرقى فى فلسطين»: «فى عصر يوم الأربعاء يوم 10 مارس 1948 وضعت مجموعة من أحد عشر رجلًا مكونة من قادة صهيونيين قدامى وضابطين عسكريين، اللمسات الأخيرة على خطة لتطهير فلسطين عرقيًا، وفى مساء اليوم نفسه أرسلت الأوامر إلى الوحدات على الأرض بالاستعداد للقيام بطرد منهجى للفلسطينيين».
كانت تلك الأوامر التى رسمتها خطة «دَالِتْ» بقيادة «بن جوريون»، أو كما يطلق عليها رسميًا خطة «يهوشواع» نسبة إلى أحد قادة عصابات الهاجاناه، تهدف إلى إثارة الرعب على نطاق واسع، ومحاصرة وقصف القرى وحرق المنازل، وطرد وهدم البيوت والمنشآت، وزرع ألغام وسط الأنقاض لمنع السكان المطرودين من العودة إلى منازلهم!
إذن ما يحدث فى غزة الآن وما يرتكبه الكيان المحتل من عمليات إبادة وقتل وتخويف وتدمير وتطهير عرقى وجرائم حرب، ما هو إلا امتداد طبيعى لخطة تم وضعها منذ عقود، وما هو إلا مشهد فى مسلسل خطة «دَالِتْ» بالعبرية أو الخطة «دال» بالعربية لتطهير فلسطين عرقيًا وليس شيئًا آخر كما يزعم البعض.
يقول «إيلان» إن خطة «دَالِتْ» هى النسخة الرابعة والنهائية لخطط سابقة أقل تفصيلًا، وإن هذه الخطة قد أوضحت وعلى نحو غير قابل للتأويل أن الفلسطينيين يجب أن يرحلوا، وبحسب تعبير «سمحا فلابان» من أوائل المؤرخين الذين أشاروا إلى أهمية هذه الخطة ومغزاها، فإن الحملة العسكرية ضد العرب بما فى ذلك غزو المناطق الريفية وتدميرها، رسمت معالمها فى خطة «دَالِتْ» التى أعدتها الهاجاناه.
كانت الفكرة العامة لأعمال العنف كما رسمتها الخطة «دَالِتْ» وشرحها «بن جوريون» هو ضمان أن يصبح المجتمع الفلسطينى تحت رحمة اليهود، وأن يفعلوا به ما يشاءون بما فى ذلك تجويعه حتى الموت!
ويؤكد المؤرخ الإسرائيلى «إيلان» أن الخطة «دَالِتْ» تحتوى على تشكيلة من أساليب التطهير العرقى المتطابقة أسلوبًا تلو الآخر مع أساليب التطهير العرقى الموصوفة فى التعريف الذى وضعته الأمم المتحدة للتطهير العرقى، وتشكل الخلفية للمجازر التى رافقت التهجير الجماعى للفلسطينيين.
والسؤال هنا: إذا كانت المذابح التى ارتكبتها إسرائيل منذ وضع تلك الخطة بداية من عملية «نخشون» فى الأول من أبريل 1948، وتدمير القرى بين يافا والقدس والتهجير قسريًا، ليست جرائم تطهير عرقى فليوضح لنا المجتمع الدولى ما هو مفهوم «التطهير العرقي» لديه، كى نفهم أو «نضحك على أنفسنا» ونتعايش مع تلك الجرائم مثلهم؟!
وليشرح لنا الذين يدعمون هذا الكيان الإجرامى، إذا كانت مذبحة «دير ياسين» 9 أبريل 1948 وما تلاها من جرائم حرب، وصولًا إلى ما يحدث فى غزة الآن، لا تندرج تحت عمليات الإبادة الجماعية، فما هو التعريف المناسب للإبادة الجماعية فى مراجعهم السياسية أو الأدبية أو التاريخية؟ لعلنا نجد سببًا نرتكن إليه ثم ننام وضمائرنا ميتة مثلهم!
نريد واحدًا من أصحاب نظرية التعايش فى سلام مع هذا الكيان المحتل، أن يرد على صرخات الأطفال ودماء الشهداء، ويُجيب على شهادة «فهيم زيدان» أحد الناجين من مذبحة «دير ياسين» وكيف أنه رأى عائلته تقتل أمامه بعد أن أخرجوهم واحدًا تلو الآخر، فقتلوا رجلًا عجوزًا، وعندما بكت إحدى بناته قتلوها، ثم استدعوا شقيقه محمد وقتلوه، وعندما صرخت أمه باكية قتلوها وهى منحنية فوقه وبين ذراعيها أخته الرضيعة «خضرة» التى قتلوها أيضًا!، إذا كانت هذه الجرائم الموثقة ليست جرائم حرب، فماذا تكون جرائم الحرب إذن؟! لعلنا نجد كلامًا نكذب به على أطفالنا، ونبرر لهم آراء التعايش فى سلام مع هذه المذابح مثلهم!
فى النهاية وبعد تلك الجرائم والمذابح المخطط لها منذ عقود، ورغم أن الفاعل معلوم والجرائم موثقة بالصوت والصورة وعلى الهواء مباشرة، يظهر علينا البعض مستخدمًا مصطلحات ومفردات تساعد المجرم على الإفلات بجريمته، فيساوى بين القاتل والمقتول، ويضع الجلاد والضحية فى كفة ميزان واحدة، تحت مظلة الصراع والحرب أو شرعية الدفاع عن النفس بارتكاب تلك المذابح، إن هذه الرؤية العوراء عار وعورة على الإنسانية كلها.. لتبقى الإجابة عن السؤال: لماذا لا يُعاقب المجرم على فعلته؟ كلمات وسطور مخزية لعالم يدعى أنه حر.
ختامًا.. ربما ما يحدث فى غزة الآن لا يكون المشهد الأخير من خطة «دَالِتْ»، ولكنه حتماً سيكون اللغم الأخير الذى ينفجر فى وجه الجميع.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أشرف عزب فلسطين الإبادة الجماعية التطهير العرقي التهجير القسري الترحيل القسري
إقرأ أيضاً:
إطلاق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات.. تفاصيل
كشفت الإعلامية روان أبو العينين عن تفاصيل إطلاق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، التي أطلقتها وزارة التضامن الاجتماعي وصندوق مكافحة وعلاج الإدمان الخطة الوطنية لمكافحة المخدرات والحد من مخاطر التعاطى والإدمان لعام 2024 إلى عام 2028.
وأضافت روان أبو العينين خلال برنامج «حقائق وأسرار» المذاع على قناة «صدى البلد»: أن الخطة تم إعدادها بالتعاون بين التضامن وصندوق مكافحة الإدمان وزارات "الداخلية والتعليم العالي والخارجية والصحة والعدل، والشباب والتعليم والثقافة"، وذلك بالتنسيق مع مكتب الأمم المتحدة المعنية بالمخدرات والجريمة لضمان اتساق الاستراتجية الوطنية مع المواثيق والمعايير الدولية.
وأوضحت روان أبو العينين، أنه في هذا الصدد تتحد أهداف الخطة الرئيسية فى تقليص نسبب تعاطى المخدرات وتعزيز الوعى المجتمعى بمخاطر الإدمان وتعزيز قدرات المؤسسات الصحية في علاج الإدمان وتوفير بيئة قانونية لرادع المجرميين المتورطين في تجارة المخدرات.
وتابعت أن هذه الوقاية تأتي ضمن أبرز مكونات الخطة الوطنية لمكافحة الإدمان حيث تتضمن الوقاية الأولية بالمؤسسات التعليمية والشبابية وتنفيذ برامج موجهة للأسرة أى الوقاية والاكتشاف المبكر مع التركيز على المناطق الأكثر عرض للمخدرات لمشكلات المخدرات، فضلا عن تهيئة بيئة تعليمية ورياضية تعزز قدرة النشئ والشباب على رفض ثقافة التعاطي والمواد المخدرة واستثمار المؤسسات الدينية والتعريف بالخدمات المجانية لعلاج الإدمان لاسيما فى المحافظات الأقل طلبا لتلك الخدمات.
وكشفت روان أبو العينين، إحصاءات صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي عن أن نسبة الإدمان حوالي 4.02% وذلك في الفئة العمرية مابين 14 وحتى 60 عاما ولدى الصندوق 33 مركزا علاجيا بـ19 محافظة حتي الآن بعدما كان عدد المراكز لا يتجاوز 12 مركزا علاجيا في 7 محافظات عام 2014 مع الخط الساخن للصندوق رقم 16023.
ونوهت أن الخدمات العلاجية يتم تقديمها لما يقرب من 170 ألف مريض إدمان سنويا ومجانا مابين جديد ومتابعة، موضحة أنه وفقا للمعايير الدولية منهم حوالي 4% إناث و96% ذكور وفي هذا الإطار يتم تدريب 15 ألف متعافي سنويا في مراكز العزيمة للمتعافين، وذلك من خلال برامج التمكين الاقتصادي سواء بالتدريب على حرف مهنية يحتاجها سوق العمل وإتاحة قروض لمشروعات صعيرة ومتناهية الصغر بالتعاون مع بنك ناصر الاجتماعي.
متابعة أنه وفقا لصندوق مكافحة الإدمان فإن أكثر أنواع المخدرات انتشارا هو الحشيش من المخدرات التخليقية مثل "الشابو والبودر والاستروكس" وشدد الصندوق على وحذرا تحذيرا كاملا على مخدر GHB، المعروف بعقار الاغتصاب وخاصة الفتيات حيسث أنه عديم اللون والطعم ويؤدي إلى فقدان الوعى وضعف الذاكرة والوفاة في حالة زيادة الجرعة.
وأشارت إلى أنها استراتيجية وطنية متكاملة تتنوع أدواتها بين التوعية والعلاج والتأهيل لتمكين المتعافين، وتتضافر على الجهود الحكومية والأهلية من أجل الحفاظ على شباب مصر.