بوابة الوفد:
2024-11-09@02:05:21 GMT

اللغم الأخير فى خطة «دَالِتْ»

تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT

يعلم القاصى والدانى، الصديق قبل العدو، أن هدف الصهيونية الأساسى هو إقامة دولة خالصة لليهود فى فلسطين، وأن الإبادة الجماعية والتطهير العرقى والتهجير القسرى لأصحاب الأرض إحدى أهم وسائل تحقيق تلك الغاية، وهذا ما يؤكده «ديفيد بن جوريون» مخاطبًا اللجنة التنفيذية للوكالة اليهودية فى يونيو 1938 بأنه يؤيد الترحيل القسرى «ولا يرى فيه شيئًا غير أخلاقي».

يقول المؤرخ الإسرائيلى «إيلان بابه» فى كتابه «التطهير العرقى فى فلسطين»: «فى عصر يوم الأربعاء يوم 10 مارس 1948 وضعت مجموعة من أحد عشر رجلًا مكونة من قادة صهيونيين قدامى وضابطين عسكريين، اللمسات الأخيرة على خطة لتطهير فلسطين عرقيًا، وفى مساء اليوم نفسه أرسلت الأوامر إلى الوحدات على الأرض بالاستعداد للقيام بطرد منهجى للفلسطينيين».

كانت تلك الأوامر التى رسمتها خطة «دَالِتْ» بقيادة «بن جوريون»، أو كما يطلق عليها رسميًا خطة «يهوشواع» نسبة إلى أحد قادة عصابات الهاجاناه، تهدف إلى إثارة الرعب على نطاق واسع، ومحاصرة وقصف القرى وحرق المنازل، وطرد وهدم البيوت والمنشآت، وزرع ألغام وسط الأنقاض لمنع السكان المطرودين من العودة إلى منازلهم!

إذن ما يحدث فى غزة الآن وما يرتكبه الكيان المحتل من عمليات إبادة وقتل وتخويف وتدمير وتطهير عرقى وجرائم حرب، ما هو إلا امتداد طبيعى لخطة تم وضعها منذ عقود، وما هو إلا مشهد فى مسلسل خطة «دَالِتْ» بالعبرية أو الخطة «دال» بالعربية لتطهير فلسطين عرقيًا وليس شيئًا آخر كما يزعم البعض.

يقول «إيلان» إن خطة «دَالِتْ» هى النسخة الرابعة والنهائية لخطط سابقة أقل تفصيلًا، وإن هذه الخطة قد أوضحت وعلى نحو غير قابل للتأويل أن الفلسطينيين يجب أن يرحلوا، وبحسب تعبير «سمحا فلابان» من أوائل المؤرخين الذين أشاروا إلى أهمية هذه الخطة ومغزاها، فإن الحملة العسكرية ضد العرب بما فى ذلك غزو المناطق الريفية وتدميرها، رسمت معالمها فى خطة «دَالِتْ» التى أعدتها الهاجاناه.

كانت الفكرة العامة لأعمال العنف كما رسمتها الخطة «دَالِتْ» وشرحها «بن جوريون» هو ضمان أن يصبح المجتمع الفلسطينى تحت رحمة اليهود، وأن يفعلوا به ما يشاءون بما فى ذلك تجويعه حتى الموت!

ويؤكد المؤرخ الإسرائيلى «إيلان» أن الخطة «دَالِتْ» تحتوى على تشكيلة من أساليب التطهير العرقى المتطابقة أسلوبًا تلو الآخر مع أساليب التطهير العرقى الموصوفة فى التعريف الذى وضعته الأمم المتحدة للتطهير العرقى، وتشكل الخلفية للمجازر التى رافقت التهجير الجماعى للفلسطينيين.

والسؤال هنا: إذا كانت المذابح التى ارتكبتها إسرائيل منذ وضع تلك الخطة بداية من عملية «نخشون» فى الأول من أبريل 1948، وتدمير القرى بين يافا والقدس والتهجير قسريًا، ليست جرائم تطهير عرقى فليوضح لنا المجتمع الدولى ما هو مفهوم «التطهير العرقي» لديه، كى نفهم أو «نضحك على أنفسنا» ونتعايش مع تلك الجرائم مثلهم؟!

وليشرح لنا الذين يدعمون هذا الكيان الإجرامى، إذا كانت مذبحة «دير ياسين» 9 أبريل 1948 وما تلاها من جرائم حرب، وصولًا إلى ما يحدث فى غزة الآن، لا تندرج تحت عمليات الإبادة الجماعية، فما هو التعريف المناسب للإبادة الجماعية فى مراجعهم السياسية أو الأدبية أو التاريخية؟ لعلنا نجد سببًا نرتكن إليه ثم ننام وضمائرنا ميتة مثلهم!

نريد واحدًا من أصحاب نظرية التعايش فى سلام مع هذا الكيان المحتل، أن يرد على صرخات الأطفال ودماء الشهداء، ويُجيب على شهادة «فهيم زيدان» أحد الناجين من مذبحة «دير ياسين» وكيف أنه رأى عائلته تقتل أمامه بعد أن أخرجوهم واحدًا تلو الآخر، فقتلوا رجلًا عجوزًا، وعندما بكت إحدى بناته قتلوها، ثم استدعوا شقيقه محمد وقتلوه، وعندما صرخت أمه باكية قتلوها وهى منحنية فوقه وبين ذراعيها أخته الرضيعة «خضرة» التى قتلوها أيضًا!، إذا كانت هذه الجرائم الموثقة ليست جرائم حرب، فماذا تكون جرائم الحرب إذن؟! لعلنا نجد كلامًا نكذب به على أطفالنا، ونبرر لهم آراء التعايش فى سلام مع هذه المذابح مثلهم!

فى النهاية وبعد تلك الجرائم والمذابح المخطط لها منذ عقود، ورغم أن الفاعل معلوم والجرائم موثقة بالصوت والصورة وعلى الهواء مباشرة، يظهر علينا البعض مستخدمًا مصطلحات ومفردات تساعد المجرم على الإفلات بجريمته، فيساوى بين القاتل والمقتول، ويضع الجلاد والضحية فى كفة ميزان واحدة، تحت مظلة الصراع والحرب أو شرعية الدفاع عن النفس بارتكاب تلك المذابح، إن هذه الرؤية العوراء عار وعورة على الإنسانية كلها.. لتبقى الإجابة عن السؤال: لماذا لا يُعاقب المجرم على فعلته؟ كلمات وسطور مخزية لعالم يدعى أنه حر.

ختامًا.. ربما ما يحدث فى غزة الآن لا يكون المشهد الأخير من خطة «دَالِتْ»، ولكنه حتماً سيكون اللغم الأخير الذى ينفجر فى وجه الجميع.

 

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أشرف عزب فلسطين الإبادة الجماعية التطهير العرقي التهجير القسري الترحيل القسري

إقرأ أيضاً:

بعد موافقة النواب.. الموعد الأخير لتقديم طلبات إنهاء المنازعات الضريبية

وافق مجلس النواب، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، نهائيا على تجديد العمل بالقانون رقم 79 لسنة 2016 في شأن إنهاء المنازعات الضريبية.

ونصت المادة الأولى من مشروع القانون على أن يجدد العمل بالأحكام والإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 79 لسنة 2016 في شأن إنهاء المنازعات الضريبية المعدل بالقانونين رقمي 14 لسنة 2018، و174 لسنة 2018، والمجدد العمل به بالقوانين أرقام 16 لسنة 2020، و173 لسنة 2020، و153 لسنة 2022 حتى 30 يونيو 2025.

وتستمر اللجان المشكلة وفقاً لأحكام القانون رقم 79 لسنة 2016 المشار إليه في نظر الطلبات التي لم يفصل فيها، كما تتولى الفصل في الطلبات الجديدة التي تقدم إليها.

ويهدف مشروع القانون إلى إتاحة الفرصة أمام الممولين والمكلفين للتقدم بطلبات لإنهاء المنازعات الضريبية المنظورة أو المتداولة أمام لجان الطعن الضريبي والمحاكم بمختلف درجاتها.

ويأتى مشروع القانون، فى إطار سعى وزارة المالية للحد من المنازعات الضريبية وسرعة تسويتها نحو تخفيف الأعباء المالية التى يتحملها ممولى الضرائب واستقرار أوضاعهم ومراكزهم الضريبية والمالية فى ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية التى يمر بها العالم أجمع، وكذلك نحو تحسين الأداء المالى والحرص على تحصيل حقوق الخزانة العامة للدولة، وتنشيطاً للمتحصلات الضريبية، وبما يُسهم فى توطيد جسور الثقة بين الإدارة الضريبية والممولين على نحو من شأنه دعم توجه الدولة لمساندة الأنشطة الاقتصادية وتحفيز الإنتاج وزيادة الاستثمارات.

 

مقالات مشابهة

  • الإدارة الأميركية: نبذل الجهد الأخير لإنهاء الحربين
  • خبير تغذية تناول 5 حبات بيض مسلوقة ثم أجرى فحص سكر الدم.. وهكذا كانت النتيجة!
  • حماس تُعقّب على موقف إسبانيا الأخير ضد إسرائيل وتصفه بـ "المُشرّف"
  • الكويت تدين الهجوم الأخير ضد اليونيفيل
  • كانت شاهدة على جرائم إسرائيل في لبنان.. الصحافية نجلاء أبو جهجه في ذمة الله
  • دعا لمصر.. المنشور الأخير للشهيد منير مراد يهز السوشيال ميديا
  • مكتب الاتحاد الأوروبي يثني على انتخابات كوردستان: كانت ناجحة ومنظمة
  • الخارجية: حماية شعبنا في شمال غزة الاختبار الأخير
  • الخارجية الفلسطينية: حماية شمال غزة الاختبار الأخير لمصداقية الإنسانية
  • بعد موافقة النواب.. الموعد الأخير لتقديم طلبات إنهاء المنازعات الضريبية