عيدنا الوطني.. سطِّر يا تاريخ
تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT
إنه الثامن عشر من نوفمبر المجيد، تحتفل سلطنة عمان قيادة وشعبا هذا العام بعيدها الثالث والخمسين من زهو النهضة المباركة التي كتب قصتها المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- ليستكمل نهضتها المتجددة جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه. ولعل الاحتفال بالعيد الوطني هذا العام له خصوصيته، فهو وطني بمنجزاته في شتى الميادين والقطاعات الاجتماعية والاقتصادية.
ومع تلك المآسي والخنوع العالمي، نجد القيادة العمانية مع وقفة بطولية من الشعب العماني الأبي كلها تكاتفت على إلغاء جميع أشكال مراسم الاحتفالات والمناسبات الوطنية والشعبية تضامنًا مع الشعب الفلسطيني الشقيق، هذه الوقفة قلما تشاهد على المستوى العربي والإسلامي. وبالتالي نقول حقًا، سطر يا تاريخ بأن هذا البلد كان وسوف يظل كذلك محافظًا على مبادئ الدين والقيم الداعية لنصرة المظلومين، وفي قول كلمة الحق وفي التشبث بسياسته الخارجية التي لا تعرف الكيل بمكيالين، إلا مكيال الحق والطريق المستقيم. وعليه فإن صوت الحقيقة دائمًا سوف يصدح في كل مناسبة وكل خطاب وفي كل حدث تكون سلطنة عمان جزءًا منه.
سطِّر يا تاريخ، أن العيد الوطني هذا العام، يزف بشارات الخطاب السامي الذي ألقاه جلالته إبان افتتاح الانعقاد السنوي لمجلس عمان لعام 2023م، والذي أشار فيه إلى أن الخطط والرؤى كلها تخضع للمتابعة من حيث آليات دعم القرار الحكومي. وبأن عجلة التقدم والتنمية الشاملة تسلك الطريق الصحيح. سطر يا تاريخ، فلعل نظام الحماية الاجتماعية الذي يقترب تطبيقه بداية من العام المقبل، هو نظام يراعي جميع احتياجات المواطنين بما يشمله من مد جسور الحماية الاجتماعية لكل مواطن من اليوم الأول من ولادته وحتى بلوغه سن الشيخوخة، مما يولد نوعا من الأمان الاجتماعي، ويقلل من نسبة الإعالة على كاهل أغلب الأسر العمانية، ويأتي بمصدر دخل مالي بدون اللجوء لدراسة الحالات الذي كان نهجا متبعا منذ عقود مما نتج عنه تأثيرًا سلبيًا في عدم معرفة المستحقين للمنافع الاجتماعية كما أن نسبة الخطأ في نظام دراسة الحالات كانت كبيرة جدًا.
كما أن المتابع للقرارات الحكومية يلاحظ بأن نظام تقييم الأداء المؤسسي لجميع الجهات الحكومية لا يستثني أحدًا. وليس هناك من هو معفي من المساءلة والتقييم السنوي، وبالتالي يكون لازمًا على كل المواطنين في جميع الميادين بأن يضعوا نصب أعينهم إعلاء المصلحة العامة للوطن ويبتعدوا عن المصالح الشخصية لكي ترتفع عناصر الإنتاجية والمثابرة والجد في العمل. كما أن الجميع مطالب بتكريس الوقت والجهد لتحسين بيئة الأعمال في كل القطاعات الحكومية والخاصة ومؤسسسات المجتمع المدني.
الاحتفال هذا العام يتزامن مع إصدار التقرير الأول لتنافسية عمان لعام 2022م. هذا التقرير يبرز بجلاء تطبيق مبادئ الشفافية والإفصاح في العمل الحكومي. التقرير يعطي نظرة فاحصة لمستوى الأداء والتنافسية منها، بأن هناك جهودًا ملموسةً نحو رفع مؤشرات التنافسية في جميع بيئات العمل والاقتصاد، وأن العمل يجب أن يتضاعف لأننا نعيش عصر المنافسة الشرسة والجميع يريد أن يتبؤ مكان الصدارة. وبالتالي المؤشرات التي وردت بتقرير التنافسية خضعت لعمل وطني دؤوب راعى المعايير الدولية المستخدمة في سياسات الإفصاح، وبالتالي يفترض على جميع المسؤولين أن يكون نهجهم الجديد هي النظرة الخارجية وتأثيراتها على الخطط الاستراتيجية التي يضعوها. كما أن تقييم العمل والخطط ليس داخليًا فقط من قبل الجهات المختصة ومتخذي القرار الحكومي، وإنما أيضًا من الجهات التقييمية المحايدة والتي تقيم العمل بناءً على مرتكزات علمية ومنهجية مستدامة.
فعلى سبيل المثال من المؤشرات المهمة بتقرير التنافسية مؤشر الحرية الاقتصادية (Economic Freedom Index )، الذي يشمل تقييم (184) دولة على مستوى العالم والذي تراجعت فيه سلطنة عمان بمقدار (37) مرتبة، حيث حلت في الترتيب (108) دوليا في عام 2022م مقارنة بالترتيب (71) في عام 2021م، مع المحافظة على الترتيب الخامس خليجيًا. يشخص تقرير التنافسية أسباب هذا التراجع في (8) عوامل منها: فعالية القضاء، نزاهة الحكومة، الإنفاق الحكومي، الصحة المالية، حرية الأعمال، حرية العمالة، الحرية النقدية، وحرية التجارة. وبالرغم من أن المؤشر يعنى بالاقتصاد، إلا أنه يتشارك مع عوامل غير اقتصادية، وبالتالي هذا يقودنا إلى النداءات الكثيرة لجلالة السلطان المعظم، في أغلب اجتماعات مجلس الوزراء ولقاءاته بمجلس عمان، بضرورة تكامل الأدوار وتجنب تضارب الاختصاصات والعمل على تبسيط الإجراءات وتفعيل اللامركزية وإيجاد بيئة عمل ديناميكية بالقطاعات كافة.
عيدنا الوطني سطره التاريخ هذا العام بأحرف من نور. مواقف عمانية مشرفة على مر الزمان والعصور وهذا ليس بجديد فلقد هبت سلطنة عمان لنجدة سقطرى وكانت مع إخوانها في الكويت والعراق واليمن وقطر تكون حيث يكون الحق، تلك هي السياسة الخارجية. أما الداخلية فنهج الدولة التدرج في اتخاذ القرارات والقوانين والمتابعة والمراجعة «لا التراجع» لكل شيء يخدم المصلحة العامة للوطن والمواطن. ولكي تكتمل الاحتفالات الوطنية أعواما عديدة وأزمنة مديدة بنفس الوتيرة، يجب على كل مواطن ومسؤول أن يعمل من أجل عمان اليوم والمستقبل بعزيمة صادقة وإخلاص تام، وأن يحافظ على مكتسبات الوطن، ويعمل على تعظيمها وتنميتها. وكل عام وعمان وسلطانها الماجد بألف خير.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: سلطنة عمان هذا العام کما أن
إقرأ أيضاً:
نهاية الأمل للسودانيين في سلطنة عمان
في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها السودان بسبب الحرب والتهجير القسري، وجد العديد من السودانيين في سلطنة عمان ملاذًا لهم، حيث كانوا يأملون في بناء حياة جديدة بعيدًا عن المعاناة. ولكن مع مرور الوقت، أصبحت هذه الآمال تتلاشى تدريجيًا، خاصة بعد القرارات الأخيرة التي اتخذتها السلطات العمانية، والتي كانت بمثابة ضربة قوية لجميع الذين كانوا يطمحون إلى استقرار حياتهم هناك.
لقد شهدت الفترة الأخيرة توقف جميع انواع التأشيرات للسودانيين، وهو ما أثر بشكل كبير على كل من كان يسعى لتحقيق أحلامه في عمان. لا سيما أن القرارات شملت أيضًا توقف الالحاق العائلي، وهو ما فاقم معاناة العديد من الأسر السودانية التي كانت قد بدأت في رحلة لم شمل أفرادها بعد تهجيرهم قسرًا بسبب الحرب. هذه الإجراءات كانت بمثابة خيبة أمل جديدة لكل من كان يتطلع إلى لم شمل أسرته وإعادة الحياة إلى طبيعتها في أرض جديدة.
تعد القرارات الأخيرة التي اتخذتها عمان بمثابة ضربة قوية لمجتمع السودانيين المقيمين في السلطنة، حيث شملت المقيمين لعدة سنوات قبل الحرب، وهو ما يزيد من عمق توهان السودانيين الذين كانوا قد استقروا هناك لفترات طويلة. العديد منهم دفعوا ثمن الاستقرار في بلد آخر، لكنهم تفاجؤوا بأن حياتهم العملية والشخصية أصبحت في مهب الريح بعد هذه القرارات المفاجئة.
أحد القرارات الأكثر تأثيرًا كان توقف اجراءات السجلات التجارية حتى للذين سددوا الرسوم واستلموا شهادة السجل التجاري، مما عطل العديد من المشروعات التي كانت تعتمد على استمرار هذه الإجراءات. هذه الإجراءات كانت قد بدأت وفقًا للنظام، ولكن تم ايقاف اجراءاتهم عند هذا الحد، ما تسبب في حالة من تضرر كبير لأصحاب المشاريع الذين كانوا يراهنون على هذه الفرص لتحسين أوضاعهم الاقتصادية بعد ما عانوا من ويلات الحرب في وطنهم.
بالإضافة إلى ذلك، تم توقف اجراءات استقدام الزوجة والابناء، وهو ما جعل العديد من الأسر السودانية التي كانت قد بدأت الاستثمار في عمان غير قادرة على لم شمل أفرادها. هؤلاء كانوا قد بدأوا إجراءات الاستقدام بتفاؤل، على أمل أن تبدأ حياتهم في عمان بشكل جديد ومثمر، لكنهم وجدوا أنفسهم اليوم عالقين في حلقة مفرغة من الإجراءات المتوقفة التي وضعتهم أمام واقع مرير.
ومنذ بدء الحرب، اتجه السودانيون للاستقرار بالعديد من الدول، حيث سعوا إلى إنشاء مشاريعهم واستثماراتهم في محاولات لتأمين حياة أفضل بعيدًا عن النزاع. الجدير بالذكر أن للسودانيين إسهامات واضحة في بناء العديد من دول الخليج، إذ استعانت بهم هذه الدول في الماضي لدورهم البارز في التأسيس والبناء في قطاعات متعددة.
وفي ظل هذه القرارات، لم تقم السفارة السودانية بأي خطوات ملموسة للتوضيح أو معالجة الموقف، مما زاد من حالة الغموض التي تحيط بالموضوع. حتى الآن، لم تصدر السفارة أي بيانات رسمية تشرح تفاصيل الأسباب الكامنة وراء هذه الإجراءات أو تقدم حلولًا للمتضررين. هذا الصمت دفع العديد من السودانيين إلى الشعور بأنهم تُركوا يواجهون مصيرهم المجهول وحدهم، مما زاد من معاناتهم الاجتماعية والاقتصادية.
وفي النهاية، لم يتوقف الأمر عند هذه القرارات وحدها. لم يتم استرداد المبالغ للذين بدؤا اجراءاتهم وتوقفت بسبب القرارات، مما زاد من الضغط المالي على العديد من الأسر التي كانت قد بدأت بالفعل في دفع رسوم لهذه الإجراءات. هذا الموقف أضاف معاناة جديدة للمقيمين الذين كانوا يعولون على تلك المبالغ لإكمال مشروعاتهم وتطوير حياتهم.
كل هذه القرارات، التي جاءت في وقت كان يعاني فيه السودانيون من آثار الحرب والنزوح، ساهمت في تضرر كبير للعديد منهم، وأدت إلى زيادة معاناتهم النفسية والاجتماعية. ومع ذلك، تبقى الأسئلة دون إجابة: هل ستستمر هذه القيود على السودانيين في عمان؟ وهل ستتغير هذه القرارات في المستقبل؟ ما يزال الكثيرون يترقبون في أمل أن يعيد الأفق المستقبلي فرصًا جديدة للعديد من الأسر التي كانت قد تعلق آمالها على هذه الدولة كمصدر للأمان والاستقرار.
إنضم لقناة النيلين على واتساب