لجريدة عمان:
2025-03-29@10:03:45 GMT

العملات الرقمية المشفرة.. إلى أين؟

تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT

آري جويلزـ إسوار براساد

كان السقوط المدوي الذي أطاح بمؤسس بورصة العملات الرقمية المشفرة FTX الموصوم، سام بانكمان فريد، الذي أدين مؤخرا بالاحتيال وغسل الأموال في نيويورك، سببا في تسليط ضوء قوي على سوق غير منظمة إلى حد كبير. على الرغم من كل المعجزات المفترضة التي تجترحها تكنولوجيا سلسلة الكتل (blockchain) التي تقوم عليها صناعة العملات المشفرة، فإن الأحداث التي احتلت عناوين الأخبار الرئيسية في السنوات القليلة الأخيرة تشير إلى صناعة أصبحت في حالة شديدة من الاضطراب.

بالإضافة إلى النشاط الإجرامي الذي أدى إلى انهيار بورصة العملات المشفرة FTX المذهل في عام 2022 والحكم الصادر في حق بانكمان فريد في أوائل شهر نوفمبر والذي قضى بأنه مذنب، رفعت هيئات تنظيمية في الولايات المتحدة دعوى قضائية ضد Binance، أكبر بورصات العملات المشفرة على مستوى العالم، بزعم تشغيل «شبكة من الخداع».

والآن يقترب يوم حساب هذه الصناعة بالكامل. تُـرى هل تظل العملات المشفرة دائما منطقة جذب للاحتيال ومخالفة القانون، أو هل تتمكن في نهاية المطاف من تحويل التمويل وإضفاء الطابع الديمقراطي عليه؟ لا يخلو الأمر من مفارقة واضحة على نحو متزايد. ففي أعقاب الأزمة المالية العالمية التي اندلعت عام 2008، عندما كانت الثقة في الحكومات والبنوك المركزية عند أدنى مستوياتها، اقترح مبتكر عُـملة البيتكوين ساتوشي ناكاموتو (اسم مستعار) فكرة إنشاء نسخة من النقد الإلكتروني تقوم بشكل تام على التفاعل بين نظير ونظير. بعد فترة وجيزة من إطلاق البيتكوين في عام 2009، كتب ناكاموتو: «المشكلة الأساسية التي تعيب العملة التقليدية هي كل الثقة المطلوبة لإنجاحها».

اليوم، يعاني النظام الذي كان من المفترض أن يزيل الحاجة إلى الثقة بين الناس والثقة في المؤسسات المالية التقليدية من أزمة ثقة. تعتمد العملات المشفرة مثل البيتكوين والإيثريوم على رموز حاسوبية وشبكات لا يتحكم فيها ولا يديرها طرف مركزي. اللافت للنظر أن مثل هذه اللامركزية ناجحة، حيث يمكن إتمام المعاملات بطريقة آمنة، دون الاعتماد على بنك، أو إحدى شركات بطاقات الائتمان، أو غير ذلك من المؤسسات. من حيث المبدأ، هذا من شأنه أن يجعل الأنظمة المالية أقل عُـرضة للاحتيال والتلاعب. من المؤسف أن الشركات عديمة الضمير والمحتالين استغلوا الزبائن والمستثمرين الشغوفين بهذه التكنولوجيا الجديدة، وفي هذه العملية حجبوا الإبداع الأكثر إقناعا في صناعة العملات المشفرة: الأدوات المدعومة بتكنولوجيا سلسلة الكتل والتي يمكنها تحسين الشفافية وتعزيز مصداقية القطاع المالي. إن سلاسل الكتل، المحفوظة على أجهزة الحاسب الآلي في مختلف أنحاء العالم ويمكن الوصول إليها من قِـبَـل أي شخص متصل بالإنترنت، تتألف من دفاتر رقمية تحمل سجلًا ثابتًا لا يتغير من كل المعاملات في النظام. ويُوجد اعتمادها على الخوارزميات، وليس التفاعل البشري، أثرا ماليا قويا تفتقر إليه البنية الأساسية المالية التقليدية.

كيف انتهت بنا الحال إذًا إلى صناعة العملات المشفرة التي تناقض غالبًا الأخلاقيات التي تأسست عليها؟ تتلخص إحدى الإجابات في أن أي إبداع جديد يجتذب هوس المضاربة والخداع، وخاصة في المراحل الأولى من تطوره. في القرن التاسع عشر، خدعت البنوك المسؤولين عن فحصها بحشو احتياطياتها من الذهب بمسامير. وفي وقت أقرب إلى الزمن الحاضر، أعطانا عصر الدوت كوم شركات مثل إنرون، في حين جلبت طفرة التكنولوجيا الحيوية إليزابيت هولمز و Theranos.تتمثل مشكلة أخرى في حقيقة مفادها أن منصات الصناعة التي تتعامل مع المستهلك مباشرة عملت على تطعيم أدواتها بطرق قديمة لممارسة الأعمال في تكنولوجيا مصممة خصيصًا للتخلص من هذه الطرق. على سبيل المثال، في حين كانت FTX «بورصة» -بوابة إلى عملات مشفرة تعتمد على تكنولوجيا سلسلة الكتل- فإنها لم تستخدم بشكل جوهري تكنولوجيات لامركزية. على نحو لا يخلو من مفارقة، يخزن أغلب حاملي العملات المشفرة اليوم أصولهم في بورصات تتطلب مستويات عالية من الثقة وتَـحـمِـل عددا كبيرا من المخاطر المرتبطة بالمؤسسات المالية التقليدية.

خلف الكواليس، بدأت صناعة العملات المشفرة تستخدم التكنولوجيا لتحويل كفة الميزان مرة أخرى نحو الإبداع. يتلخص أحد الأمثلة على ذلك في تطوير «إثبات الاحتياطيات»، وهي طريقة تعتمد على الرياضيات لتمكين المؤسسات من التحقق من أصولها المشفرة. مثل هذه الأدوات من الممكن أن تساعد في منع كوارث مثل كارثة FTX، حيث سمح الافتقار إلى الشفافية لبانكمان فريد بإخفاء الاحتيال المالي. من الأهمية بمكان أن نعلم أن إثبات الاحتياطيات، وغير ذلك من الأدوات المماثلة، تعمل على أفضل نحو مع العملات المشفرة ولكن ليس الأصول المالية العادية - بما في ذلك الدولار الأمريكي.

وعلى هذا فقد دفعت هذه التطورات الفنية المؤسسات المالية التقليدية -وهي ذات المؤسسات التي سعت عملة البيتكوين إلى الحلول محلها- إلى احتضان العملات المشفرة. على سبيل المثال، أعلن بنك جيه بي مورجان عن خطط لنقل تريليونات الدولارات من القيمة إلى سلسلة الكتل، في حين تستكشف السلطات النقدية إنشاء عملات رقمية تابعة للبنوك المركزية، وهذا قد ينطوي على استخدام تكنولوجيا سلسلة الكتل لإصدار نسخ رقمية من عملاتها الورقية.

من المؤكد أن صناعة العملات المشفرة تواجه عدة تحديات عصيبة: البصمة البيئية الضخمة التي يخلّفها تعدين البيتكوين، واستخدامها في معاملات غير مشروعة، وأوجه القصور المرتبطة بالخصوصية، وغير ذلك الكثير.

ولكن كما يشير إثبات الاحتياطيات، فإن مجتمع العملات المشفرة يبتدع طرقا جديدة لتسخير الشفافية المتأصلة والجدارة بالثقة التي تتمتع بها تكنولوجيا سلسلة الكتل لإيجاد نظام بيئي مالي أكثر أمانًا ومرونة. مع تقدم هذه الإبداعات، تستكشف الحكومات في مختلف أنحاء العالم طرقًا لحماية المستهلكين من تجاوزات صناعة العملات المشفرة. وتُـحسِـن هذه الحكومات صنعا بالنظر إلى ما هو أبعد من عناوين الأخبار الرئيسية والسعي إلى إيجاد نهج متوازن يعمل على تمكين هذه التكنولوجيا الرائعة من الازدهار.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المالیة التقلیدیة

إقرأ أيضاً:

إشادات واسعة بمبادرات «صحة أبوظبي» الرقمية

أبوظبي (الاتحاد)

أخبار ذات صلة 8 حملات تفتيشية لضمان الالتزام بمعايير الصحة والسلامة في دبي 28 ألف مصلٍّ أحيوا ليلة 27 رمضان في جامع الشيخ خليفة الكبير بالعين

حظيت المبادرات والخدمات الرقمية، التي تقدمها دائرة الصحة - أبوظبي، الجهة التنظيمية لقطاع الرعاية الصحية في الإمارة، على إشادات واسعة لتميزها في خدمة الجمهور، مساهِمةً في تحسين خدمات الرعاية الصحية، والارتقاء بصحة وسلامة أفراد المجتمع.
ومع نجاح أبوظبي برقمنة معظم خدمات الرعاية الصحية مثل مبادرة «سندكم» وخدمة تصديق شهادة إجازة مرضية على منصة «تم»، وغيرها من الخدمات، تعمل الدائرة على تقديم تجربة جديدة كلياً للرعاية الصحية لينعم بها جميع المواطنين والمقيمين عبر تبسيط العمليات وتحسين الكفاءة وضمان سهولة الوصول، بما يرسّخ ريادة أبوظبي في تميز الخدمات الحكومية الرقمية.
وقالت الدكتورة نورة الغيثي، وكيل دائرة الصحة - أبوظبي: «تعكس مبادراتنا مثل (سندكم) وخدمة تصديق الإجازة المرضية التزامنا الراسخ بتعزيز الابتكار والمضي في التحول الرقمي لقطاع الرعاية الصحية. ومن خلال تبسيط الإجراءات وتعزيز سهولة الوصول، نعيد تعريف تجربة الرعاية الصحية بما يمكن الأفراد والمجتمعات على حد سواء. وتعد هذه المبادرات جزءاً أساسياً من رؤيتنا الطموحة لبناء أحد أكثر أنظمة الرعاية الصحية ذكاءً وكفاءةً على مستوى العالم، قائم على حلول تركز على المرضى، وسعي دائم نحو التميز».
وتبسط مبادرة «سندكم» الإجراءات الإدارية، وتحد من تعقيدها بالنسبة لأسرة المتوفى، وتقدم خدماتها اليوم لأكثر من 2.9 مليون مواطن ومقيم في أبوظبي، وتضمن تجربة سلسة تُراعي ظروف مستخدميها خلال الأوقات العصيبة، التي يمرون بها. وتعمل هذه المبادرة التي شهدت تعاون سبع جهات حكومية، على تقليص الزمن اللازم لإجراءات الوفيات الإدارية من شهور عدة إلى أيام معدودة، لتحد من الأعباء التي تواجه أسر المتوفين، وتحسن من سير العمليات ودقتها.
وتعتبر خدمة «تصديق شهادة إجازة مرضية» عبر منصة «تم» حلاً رقمياً متكاملاً أحدث تحولاً نوعياً في إجراءات الحصول على شهادات الإجازات الطبية. فقد ساهمت في الاستغناء عن الحاجة إلى الحضور الشخصي، ونجحت بتقليل الوقت اللازم للطلب بنسبة 83%، لينجز خلال دقيقة إلى دقيقتين بدلاً من 6 دقائق. تم ربط الخدمة بهيئة الموارد البشرية ووزارة الموارد البشرية والتوطين، مما ساهم في خفض معدلات الأخطاء البشرية بنسبة 39%، وعزّز من دقة العمليات وسهولة الوصول للمستخدمين، كما انعكس هذا التطويل في ارتفاع معدلات رضا المتعاملين بشكل ملحوظ لتصل إلى 94%. وباتت هذه الخدمة أكثر بساطة بفضل ما تقدمه من مزايا مبتكرة مثل التنبيهات الذكية والإشعارات بالرسائل القصيرة وواجهة المستخدم المحسنة، لتتمكن من تعزيز ثقة المستخدمين ومعدلات الثقة بالخدمة. وينعكس ذلك في الارتفاع الكبير ضمن مقياس جهد المتعاملين ومقياس ثقة المتعاملين، بما يسلط الضوء على الأثر الإيجابي للمبادرة على رحلة المتعامل.
وأضاف خلف هلال المزروعي، مدير عام التمكين المؤسسي والخدمات المجتمعية في دائرة الصحة - أبوظبي: «تعتبر رقمنة الخدمات أمراً في غاية الأهمية لتحسين سبل الوصول للرعاية وتعزيز كفاءتها. ويتصدر قطاع الرعاية الصحية في أبوظبي جهود التحول الرقمي هذه، إذ يقدم للمواطنين والمقيمين الخدمات الحيوية بأسلوب رقمي مبتكر، ويلبي احتياجاتهم بأسلوب استثنائي ينسجم مع وتيرة الحياة المتسارعة».
وتواصل دائرة الصحة - أبوظبي توجيه تركيزها نحو تحسين خدماتها والتنبؤ بالاحتياجات الناشئة لأفراد المجتمع من خلال الاستماع لآراء المتعاملين والاستفادة منها وتسخير قدرات تحليل البيانات، سعياً لإرساء معايير جديدة في رعاية المرضى، وضمان كفاءة الرعاية الصحية في أبوظبي، وسهولة الوصول لخدماتها، بما ينسجم مع أفضل الممارسات العالمية.
وكانت دائرة الصحة - أبوظبي قد حصلت على جائزتين مرموقتين خلال الدورة الأولى من «جائزة أبوظبي لتجربة متعاملين بلا جهد» من دائرة التمكين الحكومي بما يشمل جائزة «أفضل تجربة حياة» لمبادرة «سندكم»، إضافة إلى تكريم خاص عن خدمة تصديق شهادة إجازة مرضية. وتؤكد هذه الجوائز التزام الدائرة بتعزيز الابتكار الرقمي، وتحسين جودة الحياة في المجتمع.

مقالات مشابهة

  • واشنطن تصادر محافظ عملات مشفرة بذريعة أنها تابعة لـحماس
  • بعد ضبط شخصين.. الحبس وغرامة مليون جنيه عقوبة التعامل بالعملات المشفرة
  • حبس شخصين بتهمة تداول عملات رقمية مشفرة على المنصات الإلكترونية والاتجار بها
  • ضبط شخصين لاتهامهم بالاتجار في العملات الرقمية المشفرة بالقليوبية
  • الأمن السيبراني أولوية في عصر الثورة الرقمية
  • هل تتحول باكستان إلى سوق عالمية للعملات الرقمية؟
  • القبض على شخصين يتداولان العملات الرقمية المشفرة بالقليوبية
  • ملاحقة الجرائم الالكترونية.. ضبط تاجرَيْن للعملات الرقمية فى القليوبية
  • إشادات واسعة بمبادرات «صحة أبوظبي» الرقمية
  • الـفيفا يكشف عن قيمة الجائزة المالية التي سينالها الفائز بلقب مونديال الأندية