على أمريكا السعي للتعايش التنافسي مع الصين
تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT
ترجمة - قاسم مكي
على الرغم من اجتماع الرئيسين جو بايدن وشي جينبينج في كاليفورنيا الأسبوع الماضي وموافقتهما على استئناف الاتصالات العسكرية إلا أن العلاقات بين الولايات المتحدة والصين تظل محفوفة بالتوترات.
يشير بعض الأمريكيين إلى حرب باردة جديدة. لكن وضع الصين ليس مثل حال اتحاد الجمهوريات السوفييتية الاشتراكية.
قد يكون من المفيد فك الارتباط الجزئي (أو خفض المخاطر) حول القضايا الأمنية، إلا أن فك الارتباط الاقتصادي التام سيكون باهظ التكلفة وقلة من الحلفاء هي التي ستحذو حذو الولايات المتحدة في هذا الجانب. وهنالك عدد أكبر من البلدان التي تعتبر الصين وليس الولايات المتحدة شريكها التجاري الرئيسي. لذلك مواجهة تحدي الصين سيتطلب استراتيجية أكثر تعقيدا.
جوانب الاعتماد المتبادل الأخرى مثل التغير المناخي والجائحات تخضع لقوانين الفيزياء والبيولوجيا التي هي أيضا تجعل فك الارتباط مستحيلا. فلا يمكن لأي بلد حل هذه المشاكل العابرة للأوطان بمفرده. وسواء كان ذلك خيرًا أو شرًا لا فكاك للولايات المتحدة من التنافس التعاوني مع الصين.
هذا ليس مثل «سياسة الاحتواء» أيام الحرب الباردة. فالشركاء والحلفاء كالهند يمثلون أصولا تفتقر إليها الصين. وثروة الحلفاء «الديمقراطيين» في مجموعها ستفوق كثيرا ثروة الصين (زائدا روسيا) لفترة ليست قصيرة خلال هذا القرن.
إذا كانت الولايات المتحدة تتوقع قدرتها على تغيير الصين على نحو شبيه بانهيار النظام السوفييتي في نهاية الحرب الباردة سيخيب أملها في الغالب. الصين أكبر من أن تغزوها الولايات المتحدة أو تفرض عليها بالقوة تغييرا داخليا والعكس صحيح أيضا. فلا الصين أو الولايات المتحدة تشكل تهديدًا وجوديًا للأخرى إلا إذا أخطأنا بالدخول في حرب كبرى.
أنسب مماثلة تاريخية لذلك ليست أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية ولكن أوروبا قبل الحرب العالمية الأولى. فتايوان يمكن أن تكون نقطة الاشتعال مثلما كانت منطقة البلقان وقتها. على الولايات المتحدة مساعدة تايوان في الدفاع عن نفسها لكن في سياق سياسة «صين واحدة» الناجحة والتي أوجدها ريتشارد نيكسون وهنري كيسنجر في أوائل السبعينيات. علينا توقع صراع منخفض الحدة واقتصادي. لكن يجب أن يكون الهدف الاستراتيجي للولايات المتحدة تجنب التصعيد.
مثل هذه الاستراتيجية معقولة لأن الولايات المتحدة لديها ميزات جيوسياسية كبرى ومن المستبعد أن تحل الصين محلها كقوة قائدة. جغرافيًّا، الولايات المتحدة محاطة بمحيطين (الأطلسي والهادي) وعلاقاتها ودية مع جيرانها في حين لدى الصين نزاعات حدودية مع الهند وإندونيسيا واليابان وماليزيا والفلبين وفيتنام.
هنالك ميزة أمريكية ثانية هي الطاقة. فثورة النفط والغاز الصخريين حولت الولايات المتحدة من بلد مستورد إلى مصدِّر لهما. والصين من جهة أخرى تعتمد بدرجة كبيرة على واردات الطاقة التي تمر عبر الخليج والمحيط الهندي.
أيضًا لدى الولايات المتحدة ميزة ديموغرافية. فالقوة العاملة الأمريكية ستنمو في الغالب خلال العقد القادم في حين بلغ عدد سكان الصين ممن هم في سن العمل الذروة في عام 2015. وفيما تتميز الصين في بعض الحقول الفرعية تظل الولايات المتحدة في المقدمة في بعض القطاعات المفتاحية مثل التقنية الحيوية وتقنية النانو وتقنية المعلومات.
لدى الصين مكامن قوة مؤثرة لكن أيضا مواضع ضعف خطيرة. على سبيل المثال يكمن الحل لتدهورها الديموغرافي في زيادة الإنتاجية. لكن الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج ظلت تتدنى. وتشديد الحزب قبضته على الاقتصاد تخنق طاقة ريادة الأعمال في القطاع الخاص.
رغم تمتع الولايات المتحدة بمزايا جيدة إلا أن الاستراتيجية الخاطئة يمكن أن تفقدها فرصة الاستفادة منها. مثلًا من الممكن أن تتخلى إدارة ترامب (إذا فاز في الانتخابات الرئاسية القادمة) عن الأوراق الرابحة للولايات المتحدة والمتمثلة في التحالفات والمؤسسات الدولية أو أن تقيد الهجرة بشدة.
لي كوان يو رئيس وزراء سنغافورة السابق ذكر لي مرة أنه لا يعتقد أن الصين يمكنها التفوق على الولايات المتحدة لقدرة هذه الأخيرة على اجتذاب أصحاب المواهب من كل أنحاء العالم. ونظرًا إلى قوميتها العرقية ودولة الحزب مثل هذا النوع من الانفتاح ليس ممكنًا للصين.
يجب أن تكون استراتيجية واشنطن تجاه بكين تجنب كل من الحرب الساخنة والباردة والتعاون متى ما أمكن ذلك وتعبئة أصولها لتشكيل التصرفات الخارجية للصين. هذا يمكن القيام به من خلال سياسة الردع وتقوية التحالفات والمؤسسات الدولية.
اليابان مهمة استراتيجيا بالنسبة لسلسلة الجزر الأولى قبالة ساحل الصين. إنها حليف وثيق للولايات المتحدة وتأوي قوات أمريكية على أراضيها.
على الولايات المتحدة في الوقت نفسه تقديم يد العون للبلدان الفقيرة التي يتم التودُّدُ لها حاليا بمبادرة الحزام والطريق الصينية. وفوق كل شيء على أمريكا الحفاظ على الانفتاح الداخلي وحماية القيم الديمقراطية.
تكشف استطلاعات الرأي العالمية تمتع الولايات المتحدة بقوة جاذبية ناعمة أكبر من الصين. وترحِّب العديد من البلدان التي ترغب في الحفاظ على علاقات ودية مع الصين لكن لا تريد الخضوع لسيطرتها بقوة الردع العسكرية الأمريكية.
على أمريكا التركيز على استراتيجية تَعِدُنَا بمنافع أكبر من تلك التي يمكن أن يحققها لنا تكرار الحرب الباردة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة للولایات المتحدة مع الصین أکبر من
إقرأ أيضاً:
كم من الأرواح البريئة كان يمكن إنقاذها لو وافق الجيش على حضور مباحثات جنيف؟
أحمد الملك
معلوم أن الجيش واقع تحت اسر الحركة الإسلامية، يقوده رجل يحترف المراوغة، حين قفز الى المنصب في غفلة زمان، ذهب الى مصر وأدى التحية العسكرية أمام رئيسها، لم يكن تصرفه نابعا فقط من فرحه بوصوله للمنصب الذي حلم به والده، لكنه كان يعي تماما أنه يفتقد لأية شرعية وأنه يجب عليه وهو سيواجه حتما الثورة التي ركب على ظهرها، يجب عليه البحث عن ما يدعم شرعيته من خارج الحدود، فذهب والتقي نتنياهو، أملا في رضاء أمريكا، فالتنظيم الذي يدعمه لم يشأ تكرار تجربة عداء أمريكا له، أمريكا التي سعى التنظيم لاسترضائها طوال ثلاثة عقود دون جدوى رغم انبطاحهم وتسليمهم كل ملفات الحركات الإسلامية التي ربطتهم بها أواصر علاقات قوية في بادئ عهدهم.
ولاحقا حين يئسوا من استمالة قلب الامريكان أعلن رئيس نظامهم انّ الأمريكان خدعونا، ففصلنا الجنوب ولم نحصل منهم على شيء ولم يلتزموا حتى بوعدهم في رفع العقوبات! إن لم تكن تلك الخيانة فكيف تكون؟ ورغم ذلك يوزعون اتهامات الخيانة على كل المدنيين المحسوبين على الثورة ويعلنون في الوقت نفسه استعدادهم للصلح مع المليشيا التي صنعوها لإرهاب شعبنا، وصنعوا منها عدوا في حربهم على شعبنا وثورته.
كم من الأرواح كان يمكن انقاذها لو تنازل الرجل وأعلن لتنظيمه (مخالف يا شيخنا) وأرسل وفدا الى جنيف! يحترف الرجل اهدار كل الفرص التي تنفتح له لدخول التاريخ، يركلها بقدمه ويثابر على رفض كل اتجاه لحقن دماء الابرياء، والغريب انه رغم الخراب ورغم هروبه من عاصمته الى البحر، لكنه لا يزال يعيش وهم تحقُق حلم والده، يترك مواطنيه غرقى في السيول ويطير لحضور احتفالات تنصيب الرؤساء، يترك المواطنين موتى ومرضى تحصدهم الانتهاكات والدانات وقنابل الطائرات والكوليرا، ويطير لحضور قمة المناخ! وكل ذلك لإثبات شرعية مستحيلة سقطت يوم بدأ تآمره على الثورة من لحظة وصوله للمنصب، بدعمه لكل جهود دولة الكيزان العميقة لإفشال جهود الحكومة الانتقالية، مرورا بإغلاقه للميناء (في واقعة لم يشهد لها التاريخ مثلا) تمهيدا لانقلابه مع شريكه قائد الدعم السريع وشركائه في الحركة اسلامية.
الحرب التي يدفع اثمان تكلفتها الباهظة مواطن برئ، هي حرب الحركة الإسلامية للعودة الى السلطة. حزب حكم ثلاثة عقود ارتكب فيها من الجرائم ما يندي له جبين البشرية، قتل الناس وعذبهم في بيوت اشباحه، شن الحرب في الجنوب ودفع أهلنا هناك دفعا لخيار الانفصال، حرم المواطن من حقوقه في دعم الدولة للصحة والتعليم في بلد غالب اهله من الفقراء ووجه الدعم لجيوب منسوبيه ولمجهوده في إشاعة الحروب والفتن، أيقظ نعرات القبيلة، رغم علمه ان اللعب بنار العصبيات لن يقود الا الى تفتيت الوطن! (من قال ان بقاء ووحدة الوطن تقع ضمن اهتمامات التنظيم الاسلاموي) نهب المال العام وباع كل مؤسسات الدولة الى منسوبيه، حتى الهواء قاموا ببيعه، حين أقدموا على بيع خط هيثرو الذي كانت تمتلكه الدولة، ودمروا معه الناقل الوطني، وباعوا ممتلكات وطننا في لندن وغيرها ووضعوا الأموال في جيوبهم، مؤسسات الدولة التي ضحى شعبنا لإنشائها وتأهيل العاملين فيها، باعوها الى أنفسهم بتراب المال وحولوها الى شركات محسوبة على منسوبي الحزب اللصوصي. وحين جاءت لجنة التفكيك بعد الثورة لتكشف الغطاء عن جرائم نهب ونصب واحتيال لم يشهد لها التاريخ مثيلا، اوعزوا الى لجنتهم الأمنية للقيام بالانقلاب!
ما لم تتكاتف الجهود لوقف الحرب ومحاسبة من سعى لشنها، ومن ارتكب الجرائم ضد المدنيين اثناء هذه الحرب، وإعادة هيكلة الجيش وحل جميع المليشيات والقوات الموازية، ووقف نزيف تماسك نسيج هذه البلاد المجتمعي. فإن مصير هذه البلاد سيكون الفوضى الشاملة وتنفرط وحدتها وتصبح نهبا لكل طامع في مواردها وثرواتها.
#لا_للحرب
ortoot@gmail.com