لجريدة عمان:
2024-09-17@10:26:51 GMT

على أمريكا السعي للتعايش التنافسي مع الصين

تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT

ترجمة - قاسم مكي

على الرغم من اجتماع الرئيسين جو بايدن وشي جينبينج في كاليفورنيا الأسبوع الماضي وموافقتهما على استئناف الاتصالات العسكرية إلا أن العلاقات بين الولايات المتحدة والصين تظل محفوفة بالتوترات.

يشير بعض الأمريكيين إلى حرب باردة جديدة. لكن وضع الصين ليس مثل حال اتحاد الجمهوريات السوفييتية الاشتراكية.

فأمريكا لم يكن لديها اعتماد اقتصادي متبادل مع السوفييت في حين تبلغ تجارة أمريكا مع الصين نصف تريليون دولار.

قد يكون من المفيد فك الارتباط الجزئي (أو خفض المخاطر) حول القضايا الأمنية، إلا أن فك الارتباط الاقتصادي التام سيكون باهظ التكلفة وقلة من الحلفاء هي التي ستحذو حذو الولايات المتحدة في هذا الجانب. وهنالك عدد أكبر من البلدان التي تعتبر الصين وليس الولايات المتحدة شريكها التجاري الرئيسي. لذلك مواجهة تحدي الصين سيتطلب استراتيجية أكثر تعقيدا.

جوانب الاعتماد المتبادل الأخرى مثل التغير المناخي والجائحات تخضع لقوانين الفيزياء والبيولوجيا التي هي أيضا تجعل فك الارتباط مستحيلا. فلا يمكن لأي بلد حل هذه المشاكل العابرة للأوطان بمفرده. وسواء كان ذلك خيرًا أو شرًا لا فكاك للولايات المتحدة من التنافس التعاوني مع الصين.

هذا ليس مثل «سياسة الاحتواء» أيام الحرب الباردة. فالشركاء والحلفاء كالهند يمثلون أصولا تفتقر إليها الصين. وثروة الحلفاء «الديمقراطيين» في مجموعها ستفوق كثيرا ثروة الصين (زائدا روسيا) لفترة ليست قصيرة خلال هذا القرن.

إذا كانت الولايات المتحدة تتوقع قدرتها على تغيير الصين على نحو شبيه بانهيار النظام السوفييتي في نهاية الحرب الباردة سيخيب أملها في الغالب. الصين أكبر من أن تغزوها الولايات المتحدة أو تفرض عليها بالقوة تغييرا داخليا والعكس صحيح أيضا. فلا الصين أو الولايات المتحدة تشكل تهديدًا وجوديًا للأخرى إلا إذا أخطأنا بالدخول في حرب كبرى.

أنسب مماثلة تاريخية لذلك ليست أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية ولكن أوروبا قبل الحرب العالمية الأولى. فتايوان يمكن أن تكون نقطة الاشتعال مثلما كانت منطقة البلقان وقتها. على الولايات المتحدة مساعدة تايوان في الدفاع عن نفسها لكن في سياق سياسة «صين واحدة» الناجحة والتي أوجدها ريتشارد نيكسون وهنري كيسنجر في أوائل السبعينيات. علينا توقع صراع منخفض الحدة واقتصادي. لكن يجب أن يكون الهدف الاستراتيجي للولايات المتحدة تجنب التصعيد.

مثل هذه الاستراتيجية معقولة لأن الولايات المتحدة لديها ميزات جيوسياسية كبرى ومن المستبعد أن تحل الصين محلها كقوة قائدة. جغرافيًّا، الولايات المتحدة محاطة بمحيطين (الأطلسي والهادي) وعلاقاتها ودية مع جيرانها في حين لدى الصين نزاعات حدودية مع الهند وإندونيسيا واليابان وماليزيا والفلبين وفيتنام.

هنالك ميزة أمريكية ثانية هي الطاقة. فثورة النفط والغاز الصخريين حولت الولايات المتحدة من بلد مستورد إلى مصدِّر لهما. والصين من جهة أخرى تعتمد بدرجة كبيرة على واردات الطاقة التي تمر عبر الخليج والمحيط الهندي.

أيضًا لدى الولايات المتحدة ميزة ديموغرافية. فالقوة العاملة الأمريكية ستنمو في الغالب خلال العقد القادم في حين بلغ عدد سكان الصين ممن هم في سن العمل الذروة في عام 2015. وفيما تتميز الصين في بعض الحقول الفرعية تظل الولايات المتحدة في المقدمة في بعض القطاعات المفتاحية مثل التقنية الحيوية وتقنية النانو وتقنية المعلومات.

لدى الصين مكامن قوة مؤثرة لكن أيضا مواضع ضعف خطيرة. على سبيل المثال يكمن الحل لتدهورها الديموغرافي في زيادة الإنتاجية. لكن الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج ظلت تتدنى. وتشديد الحزب قبضته على الاقتصاد تخنق طاقة ريادة الأعمال في القطاع الخاص.

رغم تمتع الولايات المتحدة بمزايا جيدة إلا أن الاستراتيجية الخاطئة يمكن أن تفقدها فرصة الاستفادة منها. مثلًا من الممكن أن تتخلى إدارة ترامب (إذا فاز في الانتخابات الرئاسية القادمة) عن الأوراق الرابحة للولايات المتحدة والمتمثلة في التحالفات والمؤسسات الدولية أو أن تقيد الهجرة بشدة.

لي كوان يو رئيس وزراء سنغافورة السابق ذكر لي مرة أنه لا يعتقد أن الصين يمكنها التفوق على الولايات المتحدة لقدرة هذه الأخيرة على اجتذاب أصحاب المواهب من كل أنحاء العالم. ونظرًا إلى قوميتها العرقية ودولة الحزب مثل هذا النوع من الانفتاح ليس ممكنًا للصين.

يجب أن تكون استراتيجية واشنطن تجاه بكين تجنب كل من الحرب الساخنة والباردة والتعاون متى ما أمكن ذلك وتعبئة أصولها لتشكيل التصرفات الخارجية للصين. هذا يمكن القيام به من خلال سياسة الردع وتقوية التحالفات والمؤسسات الدولية.

اليابان مهمة استراتيجيا بالنسبة لسلسلة الجزر الأولى قبالة ساحل الصين. إنها حليف وثيق للولايات المتحدة وتأوي قوات أمريكية على أراضيها.

على الولايات المتحدة في الوقت نفسه تقديم يد العون للبلدان الفقيرة التي يتم التودُّدُ لها حاليا بمبادرة الحزام والطريق الصينية. وفوق كل شيء على أمريكا الحفاظ على الانفتاح الداخلي وحماية القيم الديمقراطية.

تكشف استطلاعات الرأي العالمية تمتع الولايات المتحدة بقوة جاذبية ناعمة أكبر من الصين. وترحِّب العديد من البلدان التي ترغب في الحفاظ على علاقات ودية مع الصين لكن لا تريد الخضوع لسيطرتها بقوة الردع العسكرية الأمريكية.

على أمريكا التركيز على استراتيجية تَعِدُنَا بمنافع أكبر من تلك التي يمكن أن يحققها لنا تكرار الحرب الباردة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة للولایات المتحدة مع الصین أکبر من

إقرأ أيضاً:

تقرير: الصراع بين الولايات المتحدة والصين يضرّ العالم

لا تتوقف فصول الصراع بين الولايات المتحدة والصين على الزعامة العالمية في شتى المجالات، لكن على ما يبدو أن العالم كله يواجه خطر الخسارة بسبب التنافس بين واشنطن وبكين، وفق ما يذكره جدعون رحمان في مقال له في صحيفة "فايننشال تايمز".

ووفق الكاتب، في بعض الأحيان، تبدو السياسة الخارجية الأمريكية والصينية وكأنها صورتان متطابقتان، فالأمريكيون مهووسون باحتواء القوة الصينية، والصينيون مهووسون باحتواء القوة الأمريكية.

ولكن الانعكاس يتوقف عندما يتعلق الأمر بكيفية تنفيذ هذه السياسات، فواشنطن وبكين تستخدمان نقاط قوة مختلفة في معركتهما من أجل القوة والنفوذ؛ ونتيجة لهذا، فإنهما تتبنيان استراتيجيات مختلفة.

China, America and a global struggle for power and influence https://t.co/Kv6Mbn9Edy

— FT China (@ftchina) September 16, 2024 نقاط القوة

يرى رحمان أن القوة الوحيدة التي تتمتع بها أمريكا، تتمثل في قوتها العسكرية واستعدادها لتقديم ضمانات أمنية لحلفائها. فقد أبرمت الولايات المتحدة اتفاقيات دفاعية جماعية مع 56 دولة في مختلف أنحاء العالم، في أوروبا وآسيا والأمريكيتين.

كما تقدم الولايات المتحدة مساعدات عسكرية حاسمة لدول أخرى، ليست حليفة رسمية لها مثل إسرائيل وأوكرانيا.

وعلى النقيض من ذلك، فإن الصين لديها معاهدة دفاع مشترك مع دولة واحدة فقط وهي كوريا الشمالية. وعلى النقيض من الولايات المتحدة، فإنها تخوض أيضاً نزاعات إقليمية مع العديد من جيرانها، وهو ما يميل إلى دفعهم في اتجاه أمريكا.

Chinese ambassador lays down ‘red lines’ in US-China relationship https://t.co/7qbZBDG4UX

— South China Morning Post (@SCMPNews) September 12, 2024 العلاقات الاقتصادية

وعندما يتعلق الأمر بالعلاقات الاقتصادية، فإن الصين تتمتع بميزات أكبر، بحسب الكاتب.

وتشير حسابات معهد لووي الأسترالي، إلى أن 128 دولة تتاجر الآن مع الصين أكثر من تجارتها مع الولايات المتحدة. وعلى مدى العقد الماضي، أنفقت الصين أكثر من تريليون دولار في أكثر من 140 دولة على الاستثمار في البنية الأساسية، لتصبح بذلك أكبر دائن في العالم وأكبر قوة تجارية في العالم.

وتتجلى النتائج في مختلف أنحاء العالم، سواء في السكك الحديدية عالية السرعة في إندونيسيا، أو الموانئ والجسور في أفريقيا، أو الطرق السريعة العابرة للقارات التي تعبر آسيا الوسطى.

الواقع أن الدول الغربية قادرة على الإشارة إلى العيوب في مبادرة الحزام والطريق الصينية، وهي تفعل ذلك بالفعل، وخاصة الديون الضخمة المستحقة للمقرضين الصينيين والتي تثقل كاهل دول مثل باكستان وسريلانكا وزامبيا.

ولكن بالنسبة للدول النامية التي تسعى إلى تحقيق تقدم اقتصادي سريع، يظل العرض الصيني جذاباً. وكما قال دانييل روندي، المسؤول السابق في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، للكونغرس هذا العام: "من تحديد المشروع إلى التوقيع عليه، والبدء فيه وإكماله.. الصين أسرع وأرخص كثيراً من الولايات المتحدة في كل مرحلة تقريباً".

وتحاول الولايات المتحدة صد هذه المحاولات، ففي العام الماضي، وقع بنك التصدير والاستيراد الأمريكي اتفاقية لتمويل مشاريع نقل وطاقة في أنغولا تتجاوز قيمتها المليار دولار.

The US, EU, & China are pursuing policies to diversify their import sources with varying degrees of success: The US has made some progress, but the EU & China have become more reliant on each other for imports since 2018. #PIIECharts
Read more: https://t.co/OxaunDViDE pic.twitter.com/5nbOkEk2Be

— Peterson Institute (@PIIE) September 14, 2024 استراتيجيات واشنطن وبكين

ولكن في ظل العجز الهائل في الميزانية الأمريكية، وعدم وجود اتفاقيات تجارية جديدة على طاولة الكونغرس، فسوف يصبح من المستحيل تقريباً على أمريكا أن تنافس العرض الاقتصادي الصيني.

إلا أنه بدلاً من ذلك، يضاعف الأمريكيون جهودهم فيما يجيدونه، فمع سعي إدارة بايدن إلى احتواء القوة الصينية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، عززت الولايات المتحدة علاقاتها الأمنية الإقليمية و"وضعت الكثير من النقاط على السبورة"، على حد تعبير مسؤول كبير.

وخلال سنوات حكم جو بايدن، فإن الولايات المتحدة عملت على تشديد معاهدة الأمن بين الولايات المتحدة واليابان، وإطلاق اتفاقية أوكوس الأمنية مع أستراليا وبريطانيا، وتعزيز العلاقات الأمنية مع الفلبين والهند، والتقارب بين حليفين رئيسيين للولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان.

ولكن الاستراتيجية الأمنية التي تنتهجها أمريكا لبناء نفوذها ربما بلغت حدودها القصوى. فالصين تستعرض عضلاتها حالياً في بحر الصين الجنوبي. وتهدد الاشتباكات العنيفة بين السفن الصينية والفلبينية باختبار مدى التزام واشنطن بالأمن.

وفي محاولة لاحتواء النفوذ الصيني المتزايد في الشرق الأوسط وتأمين اتفاق سلام إقليمي، تدرس إدارة بايدن بجدية أيضاً تقديم ضمانات أمنية للمملكة العربية السعودية. ولكن هذا قد يزيد من الأعباء على القوات المسلحة الأمريكية، التي تعاني بالفعل من استنزاف التزاماتها في أوروبا ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ.

ومع وصول الولايات المتحدة إلى حدود دبلوماسيتها القائمة على الأمن، فإن استراتيجية الصين القائمة على التجارة والاستثمار تواجه أيضاً مشاكل، خصوصاً وأن جهود الرئيس الصيني شي لإحياء الاقتصاد المحلي للصين، من خلال حملة تصدير متجددة تزعج العديد من البلدان النامية، التي تخشى تقويض صناعاتها المحلية.

وعلى سبيل المثال، رفعت إندونيسيا والمكسيك والبرازيل والهند وتشيلي مؤخراً التعريفات الجمركية على السلع الصينية، مما يسلط الضوء على ما أسماه المؤلف جيمس كرابتري "معضلة استراتيجية كبرى للصين، حيث تهدد السياسات المصممة لاستعادة اقتصادها المحلي بتقويض علاقاتها مع الجنوب العالمي".

صحيح أن الدعم الأمريكي لإسرائيل ألحق الضرر بالولايات المتحدة في الجنوب العالمي، وخاصة في البلدان الإسلامية، ولكن الصين دفعت ثمناً باهظاً لسمعتها في أوروبا بسبب دعمها لروسيا.

Amid the US's rising competition with the PRC, many developing nations believe that their interests better align with what Beijing is promising than with what DC is delivering.

John Lee explains how the US and allies should respond to this reality: https://t.co/1s9NOgqcTg pic.twitter.com/aaQlC90GrK

— Hudson Institute (@HudsonInstitute) September 10, 2024 نقاط إيجابية وأخرى سلبية

ويرى الكاتب، أن المنافسة بين الولايات المتحدة والصين ليست كلها سيئة، وذلك فيما يتصل بالعديد من البلدان الثالثة. فدول مثل جنوب أفريقيا والفلبين والبرازيل تشعر بأنها تتمتع بقدر أكبر من الحرية لتحدي واشنطن أو بكين في ظل نظام ثنائي القطب.

ولكن حتى بالنسبة لدول عدم الانحياز، هناك سلبيات كبيرة للتنافس المتزايد بين الولايات المتحدة والصين.

ويقول الكاتب إن "الحمائية وتقسيم الاقتصاد العالمي من شأنهما في نهاية المطاف أن يلحقا الضرر بالنمو الاقتصادي للجميع. والواقع أن سباق التسلح الجديد يشكل إهداراً للموارد ويزيد من خطر اندلاع حرب كارثية".

كما أن التنافس بين الصين والولايات المتحدة، يجعل من غير المرجح كثيراً أن تعمل الدولتان معاً على مواجهة التحديات العالمية التي تهدد الجميع، مثل الذكاء الاصطناعي غير المنظم والاحتباس الحراري العالمي غير المقيد.

مقالات مشابهة

  • تقرير: الصراع بين الولايات المتحدة والصين يضرّ العالم
  • اسوشيتد برس: حدثان يوضحان التحديات التي تواجه الولايات المتحدة والعالم مع الحوثيين
  • نتنياهو: لا يمكن إعادة مواطنينا إلى الشمال دون تغيير جذري في الوضع الأمني
  • الولايات المتحدة تتجه إلى رفع مستوى سلاح الجو الإسرائيلي
  • الحرب التجارية تعود بين أمريكا والصين.. كيف ستتأثر السيارات الكهربائية؟
  • الولايات المتحدة تؤكد دعمها لديمقراطية السودان وتندد بالقتال المستمر
  • هل يمكن أن تحيي حرب غزة حظر الانتشار النووي في الشرق الأوسط؟
  • كيف يمكن لبوتين أن يستخدم السلاح النووي التكتيكي في أوكرانيا؟
  • «سوليفان»: الولايات المتحدة تستعد لتقديم حزمة مساعدات كبيرة لأوكرانيا
  • وزير النفط العراقي يجري عملية جراحية طارئة في الولايات المتحدة