منذ اللحظة الأولى التي اندلعت فيها الحرب الصهيونية على قطاع غزة، انتفضت مصر لنصرة فلسطين كعادتها، متبنية القضية كما كانت دائمًا، تحاول بكل ما أوتيت من قوة لإنقاذ غزة من بين فكّي الكيان الصهيوني، ومنذ اليوم الأول رفعت درجة الاستعداد القصوى لتجهيز قوافل الإغاثة المختلفة، بالتعاون مع التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي.

على الرغم من أن هذه المساعدات لا تكفي سوى 10% فقط من احتياجات الشعب الفلسطيني، وفقًا لتقارير بحثية، إلا أن الشباب لم يشعروا لحظة باليأس، بل استمرّوا في تكثيف الجهود لجمع التبرعات، وأيضًا التطوّع بالمؤسسات الأهلية والخيرية المختلفة، في محاولة لأن يكونوا في أقرب نقطة من غزة.

تمر المساعدات الغذائية والطبية بالعديد من المراحل، عايشت "الفجر" تلك المراحل التي تمر بها المساعدات، منذ بدء التبرّع بها أو الشراء، مرورًا بمرحلة الفرز، ثم التعبئة داخل الشاحنات، ثم التوجّه إلى معبر رفح للتفتيش، وأخيرًا المرور عبر البوابة المصرية إلى مقابلتها الفلسطينية، والتي تتسلّمها جهات الأمم المتحدة ووكالة الأونروا والصليب الأحمر الدولي، وفي النهاية يتم توزيعها عليهم.

على وجه التحديد، ظلّت محافظة شمال سيناء هي البطلة طوال القصة، والتي دائمًا كانت كذلك؛ حيث تعمل بعض الجمعيات الأهلية على توفير مخازن للتعبئة في مدينة العريش، والتي تشهد نسبة كبيرة من المتطوّعين للتعبئة، سواءً من الشباب أو الأطفال أو النساء وغير ذلك.

قُرب المسافة بين مدينة العريش وقطاع غزة، جعلهما في حالة تكامل كبيرة؛ فقد ترى الكثير من حالات الزاوج بين المصريين بالمدينة وأيضًا الفلسطينيين بغزة، واختلطت هنا الدماء، حتى الثقافة التي ظهرت في شكل البيوت والشوارع، ما جعلها هي المدينة الأقرب لقلب الأشقاء في غزة، تنتفض لألمهم، وتأن لوجعهم، وتعمل ليل نهار من أجل مساعدتهم.

ثقافة الجمعيات الأهلية

تشهد محافظة شمال سيناء، وفي القلب منها مدينة العريش، تنوعًا ملحوظًا في العمل الأهلي؛ حيث يعي المواطنون في تلك المحافظة النائية، ثقافة الجمعيات الأهلية بشكل كبير، وترى متطوّعين دائمين في شتّى المجالات، سواءً المجال الطبي أو الزراعي أو الخيري، وغير ذلك.

كانت تلك الجمعيات الأهلية في شمال شيناء، أو مكاتب المؤسسات المختلفة، أول من توجّه إلى معبر رفح، وعملوا على توفير سُبل التعاون المختلفة مع الجهات المعنية.

خلال رحلتنا لرصد المراحل التي تمر بها تلك المساعدات، لاحظنا وجود مكاتب كثيرة للجمعيات الأهلية المختلفة في شتّى شوارع العريش، وهو ما عكس انتشار ثقافة العمل الأهلي بين المواطنين، حتى لو اقتصر عملها فقط على المدينة، بعضها يهتم بالتنمية الزراعية، وآخر يهتم بالأيتام، وربما الأجهزة التعويضية، وبعضها متعدد النشاطات، وغير ذلك.

خلية نحل في محيط معبر رفح المصري، تجد أغلبها من متطوّعي الجمعيات الأهلية المختلفة، بدءًا بتجهيز الشاحنات، وصولًا لتوفير الوجبات الغذائية والإعاشة المختلفة للمتواجدين بمحيط المعبر، وعلى رأسهم وسائل الإعلام والصحفيين.

محافظ شمال سيناء: تطوّر كبير شهدته المؤسسات الأهلية مؤخرًا

قال اللواء محمد عبدالفضيل شوية محافظ شمال سيناء في تصريحات لـ "الفجر"، إن المؤسسات الأهلية في مصر وخاصة في محافظة شمال سيناء، تشهد تطوّرًا مستمرًا في آليات عملها، خاصة بعد بدء التجهيز للمساعدات الإنسانية التي تدخل عبر معبر رفح.

وأضاف: "حتى الكشري نرى الآن أن تجهيزه أصبح أكثر سهولة، والمؤسسات تتعلّم كل جديد خلال إعداد تلك القوافل، وهذه شهادة حق لجميع الجمعيات والمؤسسات الأهلية في مصر، نفتخر أن لدينا هذا التطوّر الذي يشهدها العمل الأهلي مؤخرًا".

رحلة المساعدات الإنسانية

قد يعتقد البعض أن رحلة المساعدات الإنسانية هي أمر سهل، ولكن عندما تقترب من التفاصيل، تكتشف أنها شديد الصعوبة، وكثيرة التفاصيل، ويحتاج إلى ترتيب ومجهود كبيرين.

في البداية خاضت "الفجر" رحلة المساعدات الإنسانية مع "مؤسسة مصر الخير"، وهي أحد أبرز أذرع التحالف الوطني للعمل الأهلي، ونجحت في إدخال عدد من الشاحنات إلى قطاع غزة خلال القافلتين الأولى والثانية.

وفي التجهيز للقافلة الثالثة التي يعدها التحالف الوطني للعمل الأهلي، توجّهنا إلى أحد أكبر المخازن التابعة للمؤسسة بمدينة العريش في محافظة شمال سيناء.

تتنوّع المساعدات الإنسانية التي تقوم على تجهيزها تلك المؤسسات بين تبرّعات يتوجّه بها المواطنون أو رجال الأعمال إلى تلك المؤسسات، سواءً عينية أو مادية، والنوع الآخر هو تبرعات تقوم المؤسسة على شرائها بنفسها، سواءً كانت مساعدات غذائية أو طبية.

تستقبل تلك المؤسسات قائمة باحتياجات القطاع من الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر، ثم يبدأون في الإعداد والتجهيز؛ حيث تكون المرحلة الأولى في شراء أو إحضار تلك المساعدات إلى مقر مخزن كبير سواءً في القاهرة أو المحافظات المختلفة، أو في محافظة شمال سيناء.

يعتمد جزء كبير من تلك المؤسسات على المتطوّعين أو العاملين فيها، وتضع تلك المساعدات داخل تلك المخازن؛ حيث تبدأ هنا مرحلة الفرز، وتتأكد من صلاحيتها للاستخدام الآدمي، وأنها سليمة ومتوافقة مع الاحتياجات التي يطلبها الأشقاء في غزة، ثم يبدأ الفرز والترتيب، فيتم وضع المساعدات الغذائية مع بعضها البعض في "كراتين"، ويتم توزيع النواشف أو البسكويت بشكل عام مع بعضه البعض، ثم يتم وضع المعلبات مع بعضها البعض في كرتونة أخرى، وفي المقابل يتم ترتيب المساعدات الطبية على ذات النحو.

وبعد الانتهاء من تجهيز كل المساعدات، يتم ترتيبها ووضعها داخل الشاحنات التابعة للمؤسسة، والتي تكون مجهّزة وموجودة في خارج المخزن، والتي تتوجّه بعد ذلك إلى معبر رفح بشكل مباشر، ليتم تفتيشها من الجانب المصري والتأكد من سلامة كل محتوياتها وإجراءاتها، ويتم الإعداد لعبورها عن طريق ميناء رفح البري.

توفير الأدوية بالتعاون مع الجهات المختلفة

قالت الدكتورة عفاف الجوهري رئيس قطاع الصحة بمؤسسة مصر الخير، إن القافلة الطبية التي تعدها المؤسسة الآن هي الثالثة التي تدخل عن طريق معبر رفح، بالتعاون مع التحالف الوطني للجمعيات والمؤسسات الأهلية. 

وأضافت في تصريحات لـ "الفجر"، أن أكثر ما تهتم به القافلة الطبية التابعة للمؤسسة هي الإسعافات الأولية وجبس كسور العظام؛ لأنها أكثر المساعدات التي تُطلب لإسعاف من يتم إنقاذهم من تحت الأنقاض، بالإضافة إلى الإعداد لحملات التبرع بالدم، وعملت المؤسسة على التبرع بنحو ألف كيس دم للأشقاء في غزة، والذي يدخل عن طريق بنوك الدم المركزية لوزارة الصحة المصرية، وأيضًا كل ما يخص إسعاف أنواع الحروق المختلفة. 

وتابعت: "لنا الفخر أن أول سيارة تعبر عن طريق بوابات معبر رفح للجانب الفلسطيني في القافلة الأولى بعد فك الحصار عن القطاع، هي سيارة مؤسسة مصر الخير، والتي كان مُحمّلة بالمستلزمات الطبية المختلفة، والتي نُعدها بالتنسيق مع الصليب الأحمر الدولي، والهلال الأحمر الفلسطيني والمصري، ووزارة الصحة الفلسطينية، وأيضًا عن طريق متابعة وسائل الإعلام المختلفة؛ حيث رأينا ببعض الفيديوهات أطفال يحملون المحاليل خلال تلقّيهم العلاج، فعملنا على توفير حامل لتلك المحاليل".

وأكدت "الجوهري" أن المؤسسة فور علمها بقيام الأطباء بالعمليات الجراحية دون بنج، وفّرت بنج يكفي نحو 9 آلاف عملية جراحية، بالإضافة إلى أدوية غسيل الكُلى، والتي تكفي ألفي مريض، وأدوية الكيماوي أيضًا، وأدوية الأمراض المزمنة، بالإضافة إلى أدوية للسيدات الحوامل، خاصة وأن غزة بها نحو 50 ألف سيدة حامل في شهورهم المختلفة.

سيدة من العريش تشارك متطوّعة مع أطفالها

حُسنة محمد هي سيدة من مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء، حرصت على التواجد داخل مخزن مؤسسة مصر الخير، خلال الإعداد للقافلة الثالثة، والتي رأيناها تعمل بكل جد، على الرغم من أنها متطوّعة ولا تتقاضَ شيئًا على تجهيز تلك المساعدات، تقف بكل حزم وسط المساعدات الغذائية، وتعمل على توجيه الفتيات للتعبئة الصحيحة، وتعمل بيدها أيضًا.

قالت في تصريحات لـ "الفجر"، إن مشاركتها جاءت من دافع حبها للأخوة الفلسطينيين؛ حيث أحضرت أطفالها معها، ليتطوّعوا هم أيضًا في الإعداد والتجهيز، وتزرع فيهم مفهوم القضية الفلسطينية والإيمان بها.

وأضافت: "أتمنّى أن نُصلي في المسجد الأقصى، أعبّر عن حبي وامتناني للشعب الفلسطيني، وخاصة الأشقاء في غزة، سننتصر بإذن الله".

طفل عمره 13 عام يشارك في التعبئة والتجهيز

حرص الطفل محمد أحمد، والذي يبلغ من العمر 13 عامًا فقط، على المشاركة أيضًا في الإعداد والتجهيز للقافلة، واهتم بالمساعدات الغذائية؛ حيث وجدناه منهمكًا في تعبئة البسكويت والمعلبات في الكراتين في جانب من المخزن، وعلى وجهه نظرة تعبّر عن التفاؤل والأمل.

قال في تصريحات لـ "الفجر"، إنه كان حريضًا منذ اليوم الأول على التواجد والمساعدة في الفرز والتعبئة، كنوع من أنواع الدعم ولو كان بسيطًا للأخوة والأشقاء في غزة، لافتًا إلى أنه سيظل يتطوّع ويساعد في التجهيز رغم صِر سنه، حتى انتهاء الحرب.

جامعات مختلفة وأطفال

دعم القضية الفلسطينية لم يقتصر يومًا على الكِبار، ولكن وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة خلقت حالة من الوعي لدى حتى الأطفال وليس الشباب فقط؛ فقد عهدنا منذ صِغرنا أن نعرف عدونا الأول وهو الكيان الصهيوني، ونمنا على أغنية "الضمير العربي"، ووعينا للانتفاضة الفلسطينية، ولم تترك مشاهد استشهاد محمد الدرة مكانًا في ذاكرتنا لم تُحفر فيه.

رصدت عدسة "الفجر" خلال تواجدها بمكان تعبئة وتجهيز المساعدات، تواجدًا ملحوظًا ورسميًا لطلبة المدارس والجامعات المختلفة، والذين كانوا حريصين كل الحُرص على أن يكونوا جزءًا من هذا الدعم.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: التحالف الوطني للعمل الأهلي جمعية مصر الخير مؤسسة مصر الخير المساعدات الغذائیة محافظة شمال سیناء المؤسسات الأهلیة الجمعیات الأهلیة التحالف الوطنی الأشقاء فی غزة تلک المساعدات فی تصریحات لـ مدینة العریش تلک المؤسسات مصر الخیر معبر رفح عن طریق وأیض ا

إقرأ أيضاً:

جامعة أسيوط الأهلية تُنظم رحلة سياحية لطلابها لمدينة الأقصر لزيارة أهم معالمها الأثرية

 

 

 

 

   نظّم اتحاد طلاب جامعة أسيوط الأهلية  بالتعاون مع رعاية الشباب؛ رحلة سياحية إلى مدينة الأقصر، لمدة يوم واحد؛ تحت إشراف الدكتور نوبي محمد حسن نائب رئيس جامعة أسيوط الأهلية للشئون الأكاديمية، وذلك بمشاركة 150 طالب وطالبة من مختلف كليات الجامعة.

وأكد الدكتور أحمد المنشاوي رئيس الجامعة على حرص إدارة الجامعة على تنظيم رحلات تعريفية لأبنائها الطلاب إلى مختلف محافظات الجمهورية، وذلك لزيادة الوعي الثقافي لديهم، وتعريفهم بأهم المعالم الأثرية والتاريخية، التي تعكس حضارة مصر العريقة، وتاريخها العظيم، وما تتميز به من أماكن سياحية فريدة جعلتها تتبوأ مكانة متميزة على الخريطة السياحية العالمية.

ومن جانبه؛ أوضح الدكتور نوبي محمد حسن نائب رئيس جامعة أسيوط الأهلية للشئون الأكاديمية؛ أن برنامج الرحلة تضمن؛ زيارة معبد حتشبسوت بالبر الغربي، وأعقبها تم التوجه إلى البر الشرقي لزيارة معبد الكرنك، وطريق الكباش، وحضور حفلة الصوت والضوء، وفي ختام الرحلة أجرى طلاب جامعة أسيوط الأهلية جولة حرة في أنحاء المدينة.

 وشارك في تنظيم الرحلة؛ الدكتورة شيرين عبد الغفار منسق عام أنشطة رعاية الشباب بالجامعة الاهلية، ومصطفى حسن أمين عام الجامعة، وميسرة أحمد ثابت مسئول رعاية الشباب، وسهام بكر محمد، وهبة حجازي مسئولتيّ النشاط، وفريق الإشراف العلمي على الرحلة من أعضاء هيئة التدريس بكلية الألسن واللغات التطبيقية، وهم؛ الدكتور خالد سلامة، والدكتورة لبنى محمد عبده، والدكتور عبد الحكيم حشمت، وأحمد حسن، والدكتور أحمد علام، بكلية العلوم الإدارية والمالية.

مقالات مشابهة

  • أوكسفام تكشف عدد شاحنات المساعدات التي دخلت لشمال غزة
  • جامعة أسيوط الأهلية تُنظم رحلة سياحية لطلابها لمدينة الأقصر لزيارة أهم معالمها الأثرية
  • أزمة جديدة في وصول المساعدات الإنسانية لأهالي غزة.. عصابات مسلحة ونهب منظم
  • المؤتمر: المساعدات الإنسانية لغزة تعكس التزام مصر التاريخي لدعم القضية الفلسطينية
  • المبعوث الأمريكي للسودان يطالب العالم بزيادة المساعدات الإنسانية للخرطوم
  • مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية: الكارثة الإنسانية في غزة تشتد على كافة المستويات.. فيديو
  • التضامن: منح السيدات فرصة في التقديم للإشراف على حج الجمعيات الأهلية
  • رئيس «المنظمات الأهلية الفلسطينية»: الكارثة الإنسانية في غزة تفوق الوصف
  • المنظمات الأهلية الفلسطينية: نطالب بإرسال بعثات دولية إلى غزة لمتابعة حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها شعبنا
  • مشروعات ميدانية لطلاب برنامج الحاسبات بجامعة جنوب الوادي الأهلية