التقاعد والعزلة الاجتماعية
تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT
دعيت لإدارة إحدى جلسات الملتقى الثالث لحملة (نحن معك للتوعية بالصحة النفسية) التي تناولت قضية في غاية الأهمية ألا وهي الشعور بالانتماء، موضوع قريب جدا من نفسي، ذلك أنني صادفت الكثيرين في السنوات الأخيرة من المقربين عانوا من الشعور بالانفصال الذي ولد لديهم القلق والاكتئاب ومشاكل نفسية أخرى، وأقصد بالذات فئة من المتقاعدين، الذين كانت الوظيفة هي التي تغذي فيهم شعور الانتماء الذي هو في الواقع أكثر من مجرد شعور، إنه حاجة إنسانية أساسية، يمكن لنقص الشعور به كما ذكرت أن يؤدي إلى تحديات صحية ونفسية عميقة، وهو ما أكد عليه المتحدثون في الملتقى.
لقد سبق لي الحديث عن موضوع الوظيفة والهوية عند المتقاعدين في مقال سابق، أكدت فيه على ضرورة التمسك بهواياتنا وعدم التخلي عنها بانغماسنا في الوظيفة؛ لأن الوظيفة ليست دائمة، بينما تبقى الهوايات هي الملجأ، وقد سبق أن شاهدت فيلما وثائقيا على نتفليكس بعنوان (المناطق الزرقاء) يتحدث عن أسباب طول العمر في مناطق بعينها من الكرة الأرضية، وقد كان أحد الأسباب هو ارتباط هذه الفئة من البشر بهواية ظلوا يمارسونها حتى آخر لحظة في حياتهم، عززت فيهم الشعور بالإنجاز والانتماء.
ذلك أن الهوايات ومن خلال ربطك بأفراد يشاركونك ميولك واهتمامك، بإمكانها توفير الشعور بالهوية، وتعزيز التفاعل الاجتماعي، والحد من العزلة، ويمكن لهؤلاء الأفراد تأدية دور حيوي في بناء شبكة اجتماعية داعمة والتي هي ضرورية جدا لصحة نفسية سليمة بعد التقاعد بالذات، وتعزز شعورك بالهوية الذاتية، فعندما تحدد هويتك ككاتب أو رسام أو مزارع قد تشعر بارتباط أقوى بالآخرين الذين يشاركونك تلك الهوية، وبالتالي تعزز الشعور بالانتماء، إذ إن ممارسة الهوايات قد يتضمن الانضمام إلى فريق أو جمعية، أو حضور الأحداث المتعلقة بتلك الهوايات، كما أن العمل على تطوير هوايتك يمكن أن يعزز احترامك لذاتك وثقتك بنفسك ورفع معنوياتك بشكل عام، وهذا التصور الإيجابي لذاتك يمكن أن يجعلك تشعر بأنك أكثر ارتباطًا بالآخرين وبأنك جزء من مجتمع أكبر، توفر الهوايات أيضا طريقة بناءة لقضاء الوقت، مما يقلل من مشاعر العزلة والوحدة.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
كيفية تجنب التخمة في رمضان
يُعد شهر رمضان فرصة مثالية لاعتماد عادات غذائية صحية وتعزيز الصحة العامة، إلا أنه قد يتحول إلى فترة من الإفراط في تناول الطعام، مما يؤدي إلى الشعور بالتخمة وعدم الراحة بعد الإفطار. يعاني العديد من الصائمين من التخمة نتيجة لتناول كميات كبيرة من الطعام بسرعة بعد ساعات طويلة من الصيام، مما يسبب اضطرابات في الهضم، الإحساس بالخمول، وزيادة الوزن. في هذا المقال، سنتناول الأسباب التي تؤدي إلى التخمة بعد الإفطار، آثارها السلبية، ونستعرض نصائح فعالة لتجنبها والحفاظ على صحة الجهاز الهضمي خلال الشهر الفضيل.
تحدث التخمة بعد الإفطار عندما يستهلك الصائم كميات كبيرة من الطعام بسرعة، دون إتاحة الفرصة للمعدة لهضم الطعام تدريجيًا. ومن أبرز الأسباب التي تؤدي إلى ذلك الإفراط في تناول الطعام بسرعة، حيث يدفع الجوع الشديد بعد ساعات الصيام الطويلة الشخص إلى الأكل بسرعة دون إعطاء الجسم الوقت الكافي للشعور بالشبع التدريجي. كما أن تناول وجبات ثقيلة ودسمة مباشرة بعد الإفطار، خاصة الأطعمة الغنية بالدهون والزيوت، يؤدي إلى امتلاء المعدة بسرعة، مما يسبب الشعور بالانتفاخ والثقل. بالإضافة إلى ذلك، يساهم الإكثار من المشروبات السكرية، مثل العصائر المحلاة والمشروبات الغازية، في ارتفاع سريع لمستوى السكر في الدم، مما يزيد من الشعور بالخمول والتخمة. كما أن قلة الحركة بعد الإفطار، والجلوس مباشرة بعد تناول الطعام، يبطئ عملية الهضم، مما يعزز الإحساس بالامتلاء الزائد. وأخيرًا، يؤدي تناول كميات كبيرة من الطعام دفعة واحدة إلى تمدد المعدة بشكل مفاجئ، مما يسبب الشعور بعدم الراحة والتخمة الشديدة.
لا تقتصر التخمة بعد الإفطار على مجرد الشعور بعدم الراحة، بل يمكن أن يكون لها تأثيرات سلبية على الصحة بشكل عام. فعند امتلاء المعدة بكميات كبيرة من الطعام، تتباطأ عملية الهضم، مما يؤدي إلى الشعور بعسر الهضم والانتفاخ نتيجة لتراكم الغازات. كما أن تناول وجبات دسمة يزيد من تدفق الدم نحو الجهاز الهضمي، مما يقلل تدفقه إلى الدماغ والعضلات، الأمر الذي يؤدي إلى الشعور بالخمول والتعب. بالإضافة إلى ذلك، يسهم الإفراط في تناول الأطعمة الدهنية والمقلية في زيادة الوزن، حيث يتم تخزين السعرات الحرارية الزائدة على شكل دهون. وقد تؤدي التخمة أيضًا إلى اضطرابات في الجهاز الهضمي، مثل الحموضة، الارتجاع المريئي، والحرقة، بسبب امتلاء المعدة بشكل مفرط. كما أن تناول كميات كبيرة من الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات والسكريات يؤدي إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم، مما قد يسبب تقلبات في مستوياته، وهو أمر خطير خاصة لمرضى السكري.
لتجنب التخمة بعد الإفطار، يُنصح بالبدء بوجبة خفيفة مثل حبات التمر مع كوب من الماء أو اللبن، حيث يساعد ذلك في إعادة توازن مستوى السكر في الدم بعد ساعات طويلة من الصيام دون إجهاد المعدة، مع الانتظار 10-15 دقيقة قبل تناول الوجبة الرئيسية. كما يُفضل تناول الطعام ببطء والمضغ جيدًا، حيث يستغرق الدماغ حوالي 20 دقيقة لإرسال إشارات الشبع، مما يساعد في تقليل كمية الطعام المستهلكة وتجنب التخمة. بدلاً من تناول وجبة كبيرة دفعة واحدة، يُنصح بتقسيم الوجبات على مراحل، مثل تناول إفطار خفيف أولًا، ثم الوجبة الرئيسية بعد فترة، مع وجبة خفيفة بين الإفطار والسحور. وللحفاظ على صحة الجهاز الهضمي، يجب تجنب الأطعمة الدسمة والمقلية التي تحتاج إلى وقت طويل للهضم، واستبدالها بوجبات متوازنة تحتوي على البروتينات، الكربوهيدرات المعقدة، والخضروات. كما أن شرب الماء بانتظام بين الإفطار والسحور يساعد في تحسين عملية الهضم وتجنب الجفاف، مع الحرص على عدم شرب كميات كبيرة دفعة واحدة أثناء الأكل لتجنب الانتفاخ. كذلك، ينبغي تقليل استهلاك المشروبات السكرية التي تؤدي إلى ارتفاع سريع في مستوى السكر بالدم وتسبب الشعور بالخمول، واستبدالها بالماء أو العصائر الطبيعية غير المحلاة. بعد الإفطار، يُفضل ممارسة نشاط بدني خفيف مثل المشي لمدة 15-30 دقيقة لتنشيط الجهاز الهضمي ومنع الشعور بالثقل. كما يُنصح بعدم النوم مباشرة بعد الأكل، والانتظار 2-3 ساعات قبل النوم للسماح للجسم بهضم الطعام بشكل صحيح، مما يقلل خطر الإصابة بالارتجاع المريئي. ومن الأفضل التحكم في كميات الطعام بدلاً من ملء الطبق بكميات كبيرة، مع الانتباه إلى إشارات الجسم عند الشعور بالشبع. وأخيرًا، يُنصح بتناول وجبة سحور متوازنة تحتوي على البروتينات، الألياف، والدهون الصحية، مما يقلل الشعور بالجوع خلال النهار ويحدّ من الرغبة في الإفراط في الأكل عند الإفطار.