أكبر فاشل في تاريخ إسرائيل| يوم قيامة نتنياهو يبدأ في تل أبيب.. وحملة موسعة لمحاسبته
تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT
في أكبر حملة تندلع ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منذ يوم انطلاق طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر، نشرت صحيفة كالكالست العبرية، تقريرا طويلا شمل كافة الأسباب التي يجب بسببها أن يرحل من وصفته بالفاشل، وكان على رأس تلك الأسباب تعامله الغير إنساني مع المختطفين في قطاع غزة على حد تعبريها، وأنه لم يتعامل كزعيم للأمة، ولكنه استهام بأروح هؤلاء الأسرى، وفندت الصحيفة العديد من المحاور التي فشل فيها مجرم الحرب الأول بالعالم في تلك اللحظة، وهنا نرصد ما جاء من محاور نشرتها الصحيفة.
بسبب التعامل مع المهجرين وأهالي المختطفين
دون ذرة من التعاطف، توقف عن أن يكون زعيم البلاد، ووفقا للصحيفة العبرية، فإن سلوك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المخزي تجاه الأشخاص الذين تم إجلاؤهم وعائلات المختطفين والشهداء ليس له أي مبرر أو تسامح، ولكن له تفسيرات عديدة، بعضها متجسد في شخصيته، وبعضها مستمد من سياسته، فنتنياهو ليس مخلوقاً للاعتذار، ولا يوجد ذرة واحدة من الرحمة والتعاطف مع محنة الآخرين في شخصيته، والقدرة على التعاطف مع الألم والمعاناة غير موجودة في نطاق إيماءاته وذكائه العاطفي يطمح إلى الصفر، وعندما احتاج إلى إظهار هويته البشرية، بدا رماديًا، وأخرق، وغير جدير بالثقة، وفي غير مكانه، فالعناق قسرى، والكلمات مزيفة.
وبعد أحداث السبت الأسود بالمنظور الإسرائيلي، أصبح من الواضح أن قسماً كبيراً من عائلات الشهداء والمختطفين ينتمون إلى شريحة مهمة من المجتمع الإسرائيلي، ولهذا السبب فهو مهتم بالحد الأدنى من الاتصال بهم، ولا يناسبه أن يخطف شكاواهم، بل ولا يناسبه أن يتم تصويرهم وهم يصرخون بجانبه، وهذه هي سياسة لقاءات نتنياهو: الوصول فقط إلى جمهور متعاطف، ولهذا السبب، يتم استبعاد جنود الاحتياط في اللقاءات مع الجنود، لأن في أعينهم أسئلة صعبة وحزن، ومعظم الشباب النظاميين لديهم بريق في أعينهم ويمنعون من الانتقاد، وهذا هو السبب وراء عدم إجراء مقابلات معه إلا من قبل وسائل الإعلام الأجنبية أو القناة 14، وهذا المزيج من العناصر الشخصية والسياسية يؤدي إلى استنتاج مفاده أن نتنياهو ليس مصنوعاً من المكونات الحقيقية للزعيم، لكن ربما زعيم حزب أو طائفة، ولكن ليس زعيم دولة.
دمر سمعة الجيش الإسرائيلي
وفي الملف الثاني، تحدث الصحيفة العبرية، أن نتنياهو دمر سمعة الجيش الإسرائيلي، وذلك بعد أن شن حربه الخاصة وهو يناور للتهرب من المسؤولية، ومثل هذا الصدع بين رئيس الوزراء وقادة الجيش الإسرائيلي ورؤساء المؤسسة الأمنية لم يكن موجوداً على الإطلاق، وبرغم الحرب الدائرة في قطاع غزة، انشغل رئيس الوزراء بحربه الخاصة، والتي تهدق إلى تخليصه من أي اعتراف بمسؤوليته المباشرة عن أكبر فشل في إسرائيل تاريخ البلاد، مما أدى إلى المجازر والدمار، وأرسل قضاته في البانشيات لجمع الوثائق السرية وبروتوكولات المناقشات السرية والنصوص التي قد تساعده في اليوم التالي على التنازل عن المسؤولية.
وقالت الصحيفة العبرية، أن نتنياهو لا يملك الشجاعة للقاء الناجين من مجزرة الكيبوتسات المحيطة بغزة، ليعطيهم وصفاً بأنه هو الذي رعا حماس وخصبها وسقاها وموّلها طوال سنوات واعتمد على المفاهيم التي بردت راحته السياسية، فإنه يبتعد بقدميه عن الجنائز وبيوت العزاء ويعرف السبب جيداً، وحتى عندما يخرج إلى الميدان، فهو يفضل أن يتم تصويره مع الجنود النظاميين، لا سمح الله برفقة جنود الاحتياط الذين هم أكثر عناداً وأحراراً في صفع الحقيقة المرة في وجهه.
بسبب فشله بالسياسة الخارجية
يستمر في إزعاج إدارة بايدن، رغم المساعدات والدعم العسكري، وقد وصل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في يوم السبت الأسود بسجل إشكالي في واشنطن، ولا يقتصر الأمر على الانفصال عن إدارة جو بايدن، الذي حال دون دعوته التي طال انتظارها إلى البيت الأبيض، والاعتبارات الاستراتيجية التي مارسها نتنياهو على مر السنين، سواء من خلال تشجيع الرئيس دونالد ترامب على الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، أو من خلال ادعائه بإقامة تحالفات مع الكرملين وبكين، واللذين أدارا ظهرهما لإسرائيل في لحظة الحقيقة، ولم يغرس الثقة في حكمه السياسي، وربما يكون صب التمويل على حماس بهدف إضعاف السلطة الفلسطينية دليلاً في نظر البيت الأبيض على وجود نظام من الاعتبارات السياسية يخلو من الضوابط والتوازنات، ويهدف إلى تحقيق رأس المال السياسي.
ومنذ الخطاب التاريخي الذي ألقاه الرئيس بايدن في إسرائيل بعد اندلاع الحرب، كان على الإدارة في واشنطن مرة أخرى التعامل مع مجموعة اعتبارات نتنياهو المثيرة للجدل، وهكذا، وبينما يتعرض بايدن لضغوط متزايدة من المسؤولين في واشنطن لتقديم موقف أكثر حزماً تجاه إسرائيل، فإن نتنياهو يكرر ويوضح أنه لا يعتبر نفسه ملزماً بذلك، في حين أن حاملات الطائرات الأكثر تطوراً في العالم متوقفة في ساحتنا الخلفية بفضل إدارة بايدن، وقد أفادت وكالة بلومبرغ عن "محادثات صعبة" في الأيام الأخيرة. وتحت رعاية هذه النغمات القاسية، وربما يتنامى الفهم في واشنطن بأن نتنياهو عشية الهجوم، الذي لم يكن ضيفًا مرحبًا به في البيت الأبيض، قد يؤدي الآن إلى تقويض الحليف الأكثر أهمية الذي تواصل معه، وله في وقت الحاجة، إذا كان في ذلك نفع له.
دمر الدولة بنشر السلاح غير الشرعي
ومن أهم الأسباب التي ذكرها تقرير الصحيفة العبرية عن ضرورة محاسبة ورحيل نتنياهو، هو نشر السلاح غير المرخص داخل الدولة، وهو ما يدمرها، وقد قرر نحو ربع مليون إسرائيلي في الشهر الماضي أنهم يريدون التجول حاملين سلاحا، بحسب بيانات طلبات إصدار تراخيص الأسلحة الخاصة المقدمة إلى وزارة الأمن القومي منذ اندلاع الحرب، وهذا رقم مجنون، ويساوي عدد الطلبات المقدمة في العشرين سنة الماضية مجتمعة، والأهم من ذلك كله أن الاندفاع إلى السلاح الشخصي يشير إلى خوف حقيقي بعد الصدع الكبير الذي أصاب الأمن الشخصي منذ 7 أكتوبر.
ولكن في خضم هذه اللحظة، عندما يكون الخوف عظيمًا والغضب مشتعلًا، لا نتحدث عن مخاطر سباق التسلح، أو عما سيفعله بنا كمجتمع - زيادة جرائم القتل، والانتحار، النشاط الإجرامي والاشتباكات العنيفة في المجال العام، وتشير الغالبية العظمى من الدراسات إلى أن هذه هي النتيجة المتوقعة لسكان مدججين بالسلاح، وفي الوقت نفسه، تم إنشاء حوالي 700 فرقة مسلحة احتياطية تحت مسؤولية الشرطة، ومعظم المتطوعين هم مواطنون مهتمون بحماية المنزل، ولكن من بينهم أيضًا أنواع مثل "الظل"، الذين عندما يتجولون ببندقية هجومية في وسط تل أبيب، يبدأ الأمر في الظهور كأنهم حلم بعيد المنال حول الميليشيات المسلحة في قلب البلاد.
إطلاق العنان لعنف المستوطنين
وإذا لم يتم كبح جماح العنف الذي يمارسه المستوطنون المتطرفون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية بسرعة، فإن ذلك من شأنه أن يعجل بإنهاء الشرعية الدولية التي تحتاج إليها إسرائيل بشدة لتحقيق أهداف الحرب في غزة، وبحسب الصحيفة العبرية، فبصرف النظر عن الإضرار بالشرعية، فإن هياج المستوطنين في الضفة الغربية، المدججين بالسلاح وبدعم من الوزراء اليمينيين المتطرفين والمسيحيين، يضر هذه الأيام بجيش الدفاع الإسرائيلي، الذي تنتشر قواته إلى أقصى الحدود في المنطقة، وبجميع القطاعات، في الجنوب وفي الشمال، ولا داعي في هذا الوقت حيث أن الجبهة ضد حزب الله تتصاعد أيضاً كل يوم.
ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي تعتمد حكومته على قوى تسعى إلى إدامة التفوق اليهودي، لا يكبح جماح مشعلي وزرائه، الذين أعرب أحدهم بالفعل عن رغبة قلبه في "إحراق هافارا" في العام الماضي. وسوف ندفع جميعا هذا الثمن، فالإدارة الأمريكية، التي تنظر بقلق إلى ما يحدث في إسرائيل، سبق أن حذرت إسرائيل من استمرار أعمال الشغب التي ينفذها المستوطنون ضد الفلسطينيين ومن سيناريو انهيار السلطة الفلسطينية بشكل قد يؤدي إلى اشتعال المنطقة وانهيارها. الفوضى التي لا يحتاجها أحد هنا.
وتضمن التقرير العديد من المحاور التي فشل نتنياهو في إدارتها داخل البلاد، ومنها ملفات محلية مثل ملف النقل، والتعليم، والهجوم على القضاء، والملف الاقتصادي، والعديد من الملفات الأخرى التي دفعت الداخل بإسرائيل إلى إعلان بدء يوم قيامة نتنياهو في تل أبيب.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه العسكر
في السوربون حيثُ كان يدرس مبتعثًا من الجامعة السورية بسبب تفوقه في كلية الحقوق وكلية الشريعة خلع معروف الدواليبي الجبة والعمامة التي كان يرتديها بصحبة رفيقه الأقرب مصطفى الزرقا، وارتدى البدلة الإفرنجية لكنه لم يخلع أفكاره ومبادئه وتوجهاته ولم يلبس أفكار الاستشراق بل كان دائم المجابهة لأفكار أساتذته المغلوطة عن الإسلام.
ومن شدة مجابهته للمغالطات الاستشراقية التي تثار في المحاضرات استدعته إدارة الجامعة وطالبته بكتابة أطروحته في المواضيع التي يثور فيها نقاش دائم بينه وبين أساتذته، فما كان منه إلا أن تقدم بأطروحة دكتوراه بعنوان "الاجتهاد في الشريعة الإسلامية" يرد فيها على كثيرٍ مما كان يدور من نقاشات بينه وبينهم.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"موجز تاريخ الحرب" كما يسطره المؤرخ العسكري غوين دايرlist 2 of 2محاكمة "الاستغراب".. قراءات نقدية متعددة لمشروع حسن حنفي الفكريend of listوهو يقول عن أطروحته هذه: "فُرض علي الموضوع من قِبل جامعة باريس، بعد أن نقدت الكثير مما جاء في كتبهم الجامعية".
وفي باريس كان الحاج أمين الحسيني مفتي القدس في السجن الفرنسي سببًا في أزمة بين فرنسا من جهة وأميركا وبريطانيا من جهة ثانية إذ كانت أميركا وبريطانيا تطالبان فرنسا بتسليمه لبريطانيا، لكن الدواليبي عمل جاهدًا على منع ذلك واستغل فرصة زيارة الملك المغربي محمد الخامس إلى باريس وتوسط له عن طريق أحد رجال الأعمال المغاربة وأقنعه بأن يطرح قضية تسليم الحسيني مع شارل ديغول، وفعلًا كان ذلك ووعد ديغول الملك المغربي بعدم تسليم الحاج أمين الحسيني.
الدوليبي كان له دور في الإفراج عن مفتي القدس أمين الحسيني (مواقع التواصل)بل أكثر من ذلك؛ فبعد إخراج الحاج أمين من السجن بأوامر من ديغول أقدمَ الدواليبي على مخاطرة كبيرة إذ قام بتزوير جواز سفر للحاج أمين الحسيني وضع عليه صورته ليقوم بتهريبه من فرنسا إلى إيطاليا ومنها إلى مصر على متن طائرة أميركية.
وبعد أن نال الدواليبي شهادة الدكتوراه من السوربون رجع إلى سوريا ليبدأ مرحلة جديدة من الحياة الزاخرة بالمشاكسات.
حلبي في البرلمانفي عام 1947م انتخب الدواليبي في البرلمان ممثلا لمدينته حلب وبقي محتفظًا بتمثيل حلب في البرلمان من تلك السنة حتى عام 1963م، أي حتى انقلاب البعث على الحكم.
وكان الدواليبي مرشح الإخوان المسلمين رغم أنه لم يكن على ارتباط تنظيمي معهم إلا أن صلته بهم كانت وثيقة واستمرت عقب ذلك.
في 1948 انقسمت الكتلة الوطنية التي ينتمي لها الدواليبي إلى حزبين مناطقيين هما: حزب الشعب في حلب وحزب الوطن في دمشق، وبناء على هذا التقسيم المناطقي كان الدواليبي أحد أعمدة حزب الشعب الحلبي مع رشدي الكخيا الذي خلف سعد الله الجابري في زعامة حلب، وبعد تشكيل حزب الشعب غدا الدواليبي يعمل باسمه وتحت لافتته وبذلك نال دعمًا كبيرًا أوصله إلى رئاسة البرلمان.
في مواجهة الانقلاب العسكريفي الشدائد تظهر معادن الرجال، وفي الانقلابات تظهر أصالة السياسيين ومبدئيتهم.
ومع بدء عصر الانقلابات أثبت الدواليبي معدنًا نادرًا وشراسة كبيرة في مواجهة الاستبداد العسكري.
أطاح حسني الزعيم بالحياة الدستورية بانقلاب عسكري وجمّد الحياة السياسية، واعتقل الرئيس شكري القوتلي، وأعلن حلّ الأحزاب، غير أن الدواليبي عندئذ أفصح عن نفسه وكشف عن شخصيته القيادية الفذة عندما أعلن باسم حزب الشعب رفضه للانقلاب ومجابهته لتعطيل الحياة السياسية.
حسني الزعيم أطاح بالحياة الدستورية في سوريا بانقلاب عسكري على الرئيس شكري القوتلي (مواقع التواصل)ما هي إلا أشهر قليلة حتى قام سامي الحناوي بانقلابه على حسني الزعيم بعد أن حشد الحزبان "الشعب والوطن" الرأي العام ضد الانقلاب وكان الدواليبي الأكثر تأثيرًا وحضورًا.
أعاد الحناوي الحياة السياسية لسوريا وأجريت انتخابات البرلمان ليفوز الدواليبي عن حلب مرة أخرى بدعم جماعة الإخوان المسلمين في مواجهة البعثيين والشيوعيين، وشكل خالد العظم الحكومة ليكون الدواليبي وزيرًا للاقتصاد، ثم وزيرًا للدفاع فيها.
الشيخ الأحمربقي الدواليبي على عهد المشاكسة، ففي عام 1950م شهدت الوزارة أبرز موقف صعد فيه نجم الدواليبي دوليًّا بشكل كبير، وذلك في اجتماع رؤساء الوفود العربية في الدورة 12 للجامعة العربية حين أدلى بتصريح لجريدة المصري الوفدية التي نشرته بخط عريض على صفحتها الأولى وقال فيه:
"أعلن بصفتي الشخصية، لا بوصفي وزيرًا للدفاع، أنه في استمرار الضغط الأميركي على العرب، لجعلهم يسيرون في سياسة لن تنتهي إلا بتهويد بقية أبناء الأمة العربية، فإني أقترح إجراء استفتاء في العالم العربي، ليعرف الملأ ما إذا كان العرب يفضلون ألف مرة أن يصبحوا جمهورية سوفياتية، على أن يكونوا طعمة لليهود".
كان لهذا التصريح دوي كبير في المحافل الغربية وتناقلته الصحافة الأميركية والأوروبية بشكلٍ واسع مع إطلاق وصف "الشيخ الأحمر" على الدواليبي.
من جديد في مواجهة العسكرفي معركة انتخابية شرسة تعكس الصراع بين العسكر والسياسيين فاز الدواليبي برئاسة البرلمان على النائب عبد الباقي نظام الدين مرشح أديب الشيشكلي رئيس الأركان والشخصية العسكرية الأقوى في البلاد بفارق كبير في الأصوات، وأصبح رئيسًا للبرلمان عام 1951م.
كلف الرئيس هاشم الأتاسي معروف الدواليبي بتشكيل الحكومة، فيما رآه الشيشكلي استهدافًا مباشرًا له وللعسكر معه وتحديًا لسلطته وأعلن اعتراضه الصريح على تكليف الدواليبي برئاسة الوزراء.
لم يعبأ الدواليبي بهذا الاعتراض وشكل الوزارة وأعلن تولّيه وزارة الدفاع بنفسه، وفي يوم 28 نوفمبر/تشرين الثاني 1951م وفي اليوم نفسه عقد اجتماع ضم الرئيس هاشم الأتاسي ورئيس الوزراء معروف الدواليبي مع رئيس الأركان أديب الشيشكلي الذي أعلن بشكل صريحٍ رفضه تولّي الدواليبي وزارة الدفاع، وطالب بحلّ الحكومة وتشكيل حكومة جديدة تنسجم مع توجهات الجيش، وانتهى الاجتماع العاصف دون أن يرضخ الأتاسي أو الدواليبي لإملاءات الشيشكلي.
الدواليبي تعرض لتحقيق قاس في سجن المزة وحاولت سلطات الانقلاب بكل ما أوتيت من سطوة أن تنتزع من الدواليبي استقالته من رئاسة الوزراء (مواقع التواصل)في صباح اليوم التالي 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1951م فاجأ أديب الشيشكلي الجميع بانقلاب عسكري جديد هو الانقلاب الرابع في تاريخ سوريا الحديث والانقلاب الثاني لأديب الشيشكلي، واعتقل رئيس الوزراء معروف الدواليبي وأعضاء الوزارة جميعًا ووضعهم في سجن المزة.
تعرض الدواليبي لتحقيقٍ قاسٍ في سجن المزة، وحاولت سلطات الانقلاب بكل ما أوتيت من سطوة أن تنتزع من الدواليبي استقالته من رئاسة الوزراء، لكنه رفض ذلك وأبى أن يقدم أية وثيقة تدل على رضوخه للانقلاب العسكري أو قبوله به.
ولم تملك سلطات الانقلاب إلا إخراجه بعد بضعة أشهر من السجن إلى الحدود اللبنانية ليغادر البلاد حتى إسقاط انقلاب أديب الشيشكلي عام 1954م والذي كان أول انقلاب يسلم قادته الحكم فيه لسلطة مدنية فيما عُرف بربيع الديمقراطية، وعاد الرئيس هاشم الأتاسي ليكمل فترته الرئاسية، وكلف صبري العسلي بتشكيل الوزارة ليكون معروف الدواليبي وزير الدفاع فيها.
وهكذا تقلب الدواليبي في الوزارات؛ فكان وزير الخارجية في حكومة ما بعد الانفصال وأثبت كفاية كبيرة وقيادة شجاعة لافتة لأنظار الشعوب العربية كلها لما كان يتمتع به من جرأة في الموقف وتبنٍٍّ لقضايا الأمة وتطلعات شعوبها وعلى رأسها قضية فلسطين.
إلى أن وقع الانقلاب البعثي عام 1963م وأيقن الدواليبي أن سوريا دخلت نفقًا مظلمًا طويل الأمد، وأنها غدت مكانًا غير آمن له غادرها لتنتهي حقبةُ الدواليبي في صناعة التاريخ السوري ليستقبلَ حياة سياسية بعيدة عن سوريا، ومنذ عام 2004م يرقد الدواليبي في البقيع في المدينة المنورة عقب 94 سنة كانت تاريخ وطن توّاق للحرية.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.