من المسافة صفر في جحر الديك
تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT
علي بن سالم كفيتان
ظهر الرئيس الأمريكي جو بايدن مؤخرا وقد استعاد بعض الشعور الإنساني وهو يقول: "أشعر بحزن عميق لموت آلاف الأطفال في فلسطين"، لكنه في ذات الوقت لن يأمر شرطيه في الشرق الأوسط بوقف القتل والتنكيل بالأبرياء الذين ليس لهم ذنب سوى أن القدر جعلهم بشرًا يسكنون غزة، وعلى نقيض صحوة الضمير الإنساني الغربي نتفاجأ بالمُطبِّعين الجُدد من المتزلفين إلى الكيان الغاصب وهم يُدينون بأبشع الكلمات حركة حماس وما فعلته صبيحة السابع من أكتوبر ويصرحون بذلك علنًا على رؤوس الأشهاد، ونقول هنا ليتهم سكتوا وعملوا بحديث: "إذا ابتليتم فاستتروا".
الكيان الصهيوني هو شرطي الغرب في منطقة الشرق الأوسط، ولا تنطبق عليه اشتراطات الدولة بمفهومها السياسي؛ فالدول تعترف بالمواثيق والعهود الدولية ويكون لها نهج سياسي وعسكري في التعامل مع الأزمات التي تتعرض لها، لكن المُتتبع للأفعال المشينة والسلوك الإجرامي ضد كل شيء يمشي على الأرض في غزة، واتباع منهج الإبادة الجماعية لشعب محاصر، يُدلل بما لا يدع مجالًا للشك، على أن هذا ليس نهج دولة؛ بل نهج عصابات لا دين ولا مبدأ لها، بدليل أنها خارج نطاق القانون الدولي والإنساني. فالكيان الصهيوني هو الاستثناء الوحيد في العالم من القانون الدولي، وهذا دليل واضح على أن هذا الجسم المزروع في قلب فلسطين لا يحمل مؤهلات دولة، رغم كل الجهد الذي تبذله الحاضنة الغربية لتثبيته، لكن الطبع غلاب، ولنتخيل لو أن هذا الكيان تصرَّف بالطريقة التالية بعد هجوم حماس، فقام بمواجهة المجاهدين وأزاحهم لحدود غزة وأغلق الثغرات التي دخلوا منها واستجاب لطلب وقف إطلاق النار وانخرط في عملية لتبادل الأسرى بين الطرفين والاعتراف بأن هناك شعبًا محتلًا ومحاصرًا يبحث عن حريته منذ 75 عامًا ونيف، والدخول في مفاوضات جدية لقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة. لو انتهج الصهاينة هذا الطريق لكان هناك شك ولو بسيط أنهم يستحقون لقب دولة؛ فالدول الاستعمارية على مدى التاريخ البشري مهما بلغ صلفها تعترف بحق وندية الحركات التحررية من باب حرية الشعوب في تقرير المصير، إلّا أن هذا الكيان أثبت أنه مجرد شرطي أو قاعدة متقدمة للغرب، ويتخذ من اليهود واليهودية ذريعة لذلك، وهذا ما يراه اليهود المتدينون ويعونه ويقفون ضده بشكل علني.
السؤال الذي يفرض نفسه بعد كل هذه الإبادة: ما النتيجة التي حققها بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه والداعمون للعدوان من الغرب والعرب؟ حتى اللحظة لم يستَعِدْ هولاكو العصر (نتنياهو) أسيرًا واحدًا، ولم يقض على قائد بارز في حركة حماس، ودخول دباباته إلى غزة دون مقاومة هي جزء من استراتيجية بعيدة المدى للمقاومة. فقد يرى البعض السماح لهم بالدخول للمستشفيات خطأ من المقاومة، لكن الصحيح هو أن تجنب مواجهة دامية في المستشفيات يروح ضحيتها المزيد من الأبرياء يمثل خطوة متقدمة للمقاومة ونظرة بعيدة المدى للصراع؛ فالصهاينة ينزفون في حواري وأزقة غزة ويفقدون يوميًا العشرات من القتلى والدبابات والقطع العسكرية، وبأقل الخسائر من الطرف الآخر (المقاومة)؛ فالعملية باتت أشبه بصيد الخنازير البرية في المستنقعات الإفريقية، وفي هذه الأثناء يستمر الهلع الصهيوني في كامل أرض فلسطين ويتدهور اقتصادهم ويفر المزيد منهم من حيث أتوا.
هنا المعادلة العسكرية تصبح لصالح المقاومة بكل تجلياتها وتعد استمرارًا لنكسة بنيامين التي مُني بها في 7 أكتوبر ومستمرة إلى اليوم.
بات الصهاينة يخوضون حربًا لا يعلمون مصيرها في جُحر الديك وسط قطاع غزة، بينما المقاومة تلتهمهم من المسافة صفر؛ فالصفر لم يعد لدى المقاومة يرمز للعدم؛ بل أصبح له قيمة تفوق جميع الأرقام ويُخيف أعتى الجيوش؛ لأن الصفر بات قاتلًا وفتّاكًا مع انعدام الخوف وارتقاء الإيمان لدى المجاهدين. فلك أن تتخيل رجلا بلباس مدني في حارة مُدمرة تربض فيها دبابة الميركافا الباهظة الثمن، يقوم هذا الرجل البسيط المار بعفوية وبولاعة لا تتعدى قيمتها دولارا واحدا بإحراق هذا الجسم الضخم بمن فيه، ويستمر في طريقه ويعود أدراجه بهدوء إلى منزله المهدم على أشلاء أسرته.
إنه الانتقام الصامت الذي يدحر المعتدي، وهو نفس النهج الذي استُخدم في عدن إبان الاستعمار البريطاني وفي بقية الدول الحرة التي نالت استقلالها وكرامتها بدماء أبنائها وليس بالجلاء أو التقسيم.
سيطلب الاحتلال قريبًا الهدنة وسيعود التفاوض على الأسرى والمعتقلين، وسيندم الكثيرون على مواقفهم المخزية والمشينة، وأولهم المطبعون مع الكيان الصهيوني الغاصب.
حفظ الله فلسطين وأهلها.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
موانئ البحر الأحمر تحمل المجتمع الدولي مسؤولية استهداف الكيان الصهيوني لموانئها
يمانيون../
حذرت مؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية، من خطورة تصعيد العدوان الاسرائيلي للجرائم غير المبررة التي يواصل ارتكابها بحق موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، ومعاودة تدمير بناها التحتية والمعدات التشغيلية، واستهداف العاملين فيها.
وحملت بيان صادر عن المؤسسة المجتمع الدولي المسؤولية الكاملة تجاه ما تتعرض له الموانئ التابعة لها من أضرار كبيرة جراء الجرائم الارهابية المتواصلة التي يشنها العدو الاسرائيلي وتحويل هذه المنشآت التي تقدم خدماتها لملايين الشعب اليمني إلى أهداف عسكرية على مرأى ومسمع دول العالم.
واعتبر البيان، تعمد كيان العدو الصهيوني في ارتكاب المزيد من الجرائم بحق هذه الموانئ الحيوية، واخرها استهداف مينائي رأس عيسى والحديدة، وما نجم عنها من أضرار بالغة وسقوط ضحايا، بعد أقل من أسبوع من استهداف موانئ الحديدة، جرائم حرب ضد الإنسانية هدفها تعطيل النشاط التجاري والملاحي ومضاعفة معاناة اليمنيين.
كما حذر البيان من تبعات استمرار الدعم والتواطؤ الأمريكي وتماهيه مع الإرهاب الصهيوني، الذي يشجع هذا الكيان المتغطرس على الإمعان في هذه الجرائم التي تطال الموانئ المدنية وتدمير مقدرات ومصالح الشعب اليمني، والإصرار على تحدي القانون الدولي الانساني والمواثيق الدولية التي تجرم الانتهاكات والاستهداف للمنشآت الخدمية والموانئ.
واعتبرت مؤسسة الموانئ، ما تتعرض له موانئ البحر الأحمر من تداعيات وانعكاسات وأضرار بالغة جراء هذه الهجمات، في ظل تواجد فريق بعثة الأمم المتحدة واستمرار أعماله الرقابية على موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، دليلا واضحا على الشراكة والدور الأمريكي الذي يتحكم بالقرار الدولي لممارسة الإرهاب العالمي وتدمير مصالح ومقدرات الشعوب.
وجددت، استنكارها الشديد، لتنصل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية التي تدعي حماية حقوق الانسان وكل المنظمات المعنية، عن المسؤولية وعدم اتخاذ أي موقف لإدانة مثل هذه الجرائم الصهيونية الممنهجة بحق موانئ الشعب اليمني لإعاقة عملها بهدف تجويع اليمنيين.
ونبه البيان إلى عواقب استهداف منظومة البنى التحتية والمعدات والمرافق الحيوية لموانئ البحر الأحمر في الحديدة، وما يترتب عليها من تبعات إنسانية، وحرمان الشعب اليمني من الحصول على الغذاء والدواء والوقود، فضلا عن الاستهتار بأرواح العاملين والموظفين، في الموانئ.
وجدد مؤسسة موانئ البحر الأحمر، مطالبة الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها بالخروج عن صمتها والاضطلاع بمسؤولياتها، تجاه هذا الصلف الصهيوني الذي يواصل الإضرار بمصالح الشعب اليمني ومعاودة استهداف الموانئ، والقيام بدورها وفق ما ينص عليه القانون الدولي الإنساني والمواثيق الدولية، التي تجرّم استهداف الموانئ والأعيان المدنية وتشدد على حمايتها والحفاظ عليها.