العالم ليس كما كان قبل 7 أكتوبر
تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT
صالح البلوشي
"إن ما بعد 7 أكتوبر ليس كما كان قبله"، هذا هو تصريح الرئيس الأمريكي جو بايدن بعد أن وجهت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في هذا التاريخ أقوى وأوجع ضربة للكيان الصهيوني منذ الإعلان عن تأسيس هذا الكيان المشؤوم في 15 مايو سنة 1948 بعد أن قام الاستعمار العالمي والصهيونية العالمية بزرعه في أرض فلسطين.
وإن كان الرئيس الأمريكي يقصد الأوضاع في غزة، فإننا نستطيع أن نوسع التصريح ليشمل العالم أيضاً، فلم يعد العالم كما كان قبل السابع من أكتوبر، لأنه بعد هذا التاريخ انكشف للشعوب العربية والإسلامية أن جميع الشعارات التي كان يرفعها الغرب والولايات المتحدة مثل الحرية وحقوق الإنسان والحق في التعبير عن الرأي، ما هي إلا مجرد شعارات سياسية يستخدمها الغرب لابتزاز الأنظمة والحكومات التي لا تخضع لإرادتها، كما انكشف أمام العالم والشعوب الحرة أن منظمات مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ومنظمة العفو الدولية ولجان حقوق الإنسان هي منظمات خاضعة للولايات المُتحدة والغرب، ووظيفتها هي مُعاقبة كل دولة لا تأتمر بأوامر القوى الكبرى في العالم، وغض الطرف عن الجرائم التي ترتكبها كما حدث عندما احتلت القوات الأمريكية دولتين وهما أفغانستان والعراق.
جميعنا نذكر العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على العراق عندما قامت الأخيرة باحتلال الكويت، ولكن العقوبات لم تنته بعد تحرير الكويت بل استمرت حتى الاحتلال الأمريكي للعراق سنة 2003، وقد تسببت هذه العقوبات بمقتل أكثر من نصف مليون طفل عراقي.
ولا نزال نتذكر ما قالته وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت خلال مقابلة مع برنامج 60 دقيقة، حين ناقشت الصحفية ليزلي شتال مع أولبرايت التي كانت سفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة آنذاك كيف كان العراق يعاني من العقوبات المفروضة عليه في أعقاب حرب الخليج الثانية عام 1991 وغزو الكويت في أغسطس عام 1990. وقالت شتال "سمعنا أن نصف مليون طفل عراقي ماتوا، وهذا عدد أطفال أكثر من الذين ماتوا في هيروشيما، هل الثمن يستحق؟". وأجابت أولبرايت قائلة "أعتقد أنَّ ذلك خيارًا صعبًا جدًا ولكن نعتقد أن الثمن يستحق ذلك".
كما نتذكر جميعًا العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية على إيران بسبب الحادثة التي أدت إلى وفاة الشابة الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر 2022، بعد إلقاء القبض عليها من الشرطة الإيرانية بسبب ما يقال إنه "عدم لبس الحجاب بطريقة صحيحة"، وقد تم اتهام الشرطة بقتل الشابة الإيرانية بينما أصدر الطب الشرعي الإيراني بيانًا قال فيه إن الآثار الناجمة عن عدم وصول الأوكسجين إلى خلايا المخ أدّت إلى وفاة أميني.
أيضاً العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على ليبيا بعد حادثة طائرة لوكربي سنة 1988، والعقوبات على كوبا وفنزويلا وسوريا وغيرها من الدول والأحزاب والمنظمات.
وبينما نشهد اليوم حرب إبادة حقيقية يشنها الكيان الصهيوني على قطاع غزة، أدت حتى الآن إلى استشهاد أكثر من 13 ألف فلسطيني نصفهم من النساء والشيوخ والأطفال، وقد شاهد العالم أجمع على الهواء مباشرة وعبر المقاطع المرئية قصف قوات الاحتلال الصهيوني للمستشفيات والمدارس والبنايات السكنية والمساجد والكنائس، وكل ذلك بمثابة جرائم حرب حسب القوانين الدولية، ولكن لا أحد يُحرك ساكنا لوقف حملة الإبادة هذه، بل نجد أن دولا مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا ترفض وقف إطلاق النار وكأنها تنتظر تسوية غزة بالأرض (وهو ما يحدث بالفعل) ومقتل وتشريد جميع أهلها حتى ترضي تعطّش ربيبتها المدللة "إسرائيل" للدم الفلسطيني.
هل بقيت جريمة دولية لم تنفذها "إسرائيل" في غزة؟ ابتداءً من وصف وزير دفاع الكيان الغاصب المقاومة الإسلامية بـ"الحيوانات البشرية" مرورًا بالقصف العشوائي للبنايات السكنية وانتهاء بقصف المستشفيات والمدارس ومراكز الإغاثة؛ بل إن النازحين لم يسلموا من القصف الهمجي الصهيوني، وفي مقابل هذه الوحشية الصهيونية هل أبقت الولايات المتحدة والغرب سلاحا تدميريا لم تزود به الصهاينة لقتل أكبر عدد ممكن من الشعب الفلسطيني؟ بل إن الدفاع الأمريكي والغربي عن جرائم الصهاينة وصل إلى سلاح الإعلام عبر إسكات أي صوت مؤيد للحق الفلسطيني وحذف أي مشهد مرئي يفضح الجرائم الصهيونية، وحتى وسائل التواصل الاجتماعي مثل "الفيسبوك" وقفت إلى جانب الكيان الصهيوني عبر حذف أي منشور يدافع عن صمود الشعب الفلسطيني ضد البربرية الصهيونية.
وفي مقابل استماتة الغرب والولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى دفاعا عن هذا الكيان المحتل والغاصب وعجز ما تسمى زورا بـ"المنظمات الدولية" عن مُعاقبة الصهيونية على جرائمها، نسأل أين العرب والدول الإسلامية من كل ما يحدث؟ وما هي أسلحتهم في الدفاع ودعم الصمود الفلسطيني في وجه الإبادة الصهيونية؟ والجواب هو للأسف لا شيء سوى سلاح الإدانة والشجب والاستنكار.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
صواريخ أتاكمز الامريكية التي سمح لاوكرانيا استخدامها في ضرب عمق روسيا؟
وبحسب تقارير غربية فأن الولايات المتحدة وافقت على الاستخدام المحدود لأنظمة الصواريخ التكتيكية بعيدة المدى (أتاكمز)، التي قدمتها لأوكرانيا ضد القوات الموجودة في عمق الأراضي الروسية.
وبدأ بايدن في تخفيف القيود المفروضة على استخدام الأسلحة الأمريكية على الأراضي الروسية، بعد أن شنت موسكو هجوما عبر الحدود في أيار/ مايو في اتجاه خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا.
في أيلول/ سبتمبر الماضي، نقلت رويترز عن دبلوماسيين أوروبيين قولهم؛ إن أوكرانيا قدمت للولايات المتحدة والمملكة المتحدة قائمة بالأهداف المحتملة داخل روسيا، التي يمكن ضربها باستخدام أسلحة غربية بعيدة المدى إذا تم السماح
بذلك.
وأفاد الدبلوماسيون، أن الأوكرانيين كانوا يرغبون في البداية باستخدام صواريخ "ATACMS" الأمريكية بعيدة المدى لضرب القواعد الجوية الروسية.
ووفقا لرويترز، فإن كييف ترغب باستخدام هذه الصواريخ، لضرب مراكز القيادة العسكرية الروسية ومستودعات الوقود والأسلحة وتركيزات القوات.
ويطمح الجيش الأوكراني، باستخدام صواريخ "ستورم شادو" البريطانية وصواريخ "سكالب" الفرنسية، التي تعد مكافئة تقريبا لصواريخ "ستورم شادو"، لضرب العمق الروسي.
في المقابل، أكد البنتاغون أن 90 بالمئة من الطائرات الروسية التي تطلق القنابل الانزلاقية، والتي تمثل تهديدا رئيسيّا لأوكرانيا، متمركزة في مطارات على بعد 300 كيلومتر على الأقل من الأراضي التي تسيطر عليها أوكرانيا، مما يجعلها خارج نطاق صواريخ "أتاكمز".
ونقلت "سي أن أن" عن مسؤول أمريكي قوله؛ إن الصواريخ ستكون مخصصة في المقام الأول لضرب أهداف في منطقة كورسك الروسية في الوقت الحالي.
وأضاف، أن الفكرة وراء السماح باستخدام كييف للأسلحة الأمريكية في كورسك، هي مساعدة أوكرانيا على الاحتفاظ بتلك المنطقة لأطول فترة ممكنة.
ويذكر تحليل لشبكة "سي أن أن" ألأمريكية، أن هناك إمدادا محدودا من الصواريخ "أتاكمز" يمكن لأوكرانيا الحصول عليه، لذا فإن قدرة كييف على الضرب في عمق روسيا- والمدى الأطول لتلك الصواريخ هو 100 كيلومتر أو 62 ميلا-، لن يؤدي إلى تغيير بين عشية وضحاها في ساحة المعركة.
ووضع المحللون حجم الأهداف الروسية التي تقع في نطاق هذه الصواريخ -حيث أدرج معهد دراسة الحرب مئات الأهداف-، بعد أن أطلعت إدارة بايدن على ما يبدو أن المطارات الروسية في نطاق "أتاكمز"، شهدت إخلاء من طائراتها الهجومية في عمق روسيا.
وبينت الشبكة، أن كييف لن تحصل على ما يكفي من الصواريخ "أتاكمز" لتغيير مسار الحرب.
"أتاكمز" (ATACMS)،
يطلق عليها اسم "أتاكمز" (ATACMS) اختصارا لعبارة "نظام الصواريخ التكتيكية للجيش" (Army Tactical Missile System)، وهو نوع من صواريخ أرض-أرض باليسيتية موجهة وبعيدة المدى وشديدة الدقة، وموجودة لدى القوات البرية الأميركية منذ عام 1990، وتم تصميمها لأول مرة في عام 1983.
وكان أول استخدام لـ"أتاكمز" في حرب الخليج الثانية مطلع التسعينيات، إذ أطلق 32 صاروخا من راجمة صواريخ "إم 270".
وأطلق أكثر من 450 صاروخ "أتاكمز" خلال غزو العراق في 2003، وفيما بعد عام 2015 أطلق أكثر من 560 صاروخا من نظام "أتاكمز" في حروب عدة.
وفي مارس/آذار 2016، أعلنت الشركة المطورة لأتاكمز (لوكهيد مارتن) بالتعاون مع شركتي بوينغ ورايثيون عن تطوير صاروخ طويل المدى لتلبية متطلبات الجيش الأميركي.
ولأنظمة "أتاكمز" عدة إصدارات صاروخية مختلفة، وذلك لاختلاف طبيعة المهام المخصصة لها وطول مداها.
وبيعت في العقد الأخير 900 من صواريخ "أتاكمز" وفقا لقائمة المبيعات العسكرية الخارجية التي تعدها وزارة الخارجية الأميركية، وكانت لحلفاء وشركاء خارج الولايات المتحدة، 211 منها بعد اندلاع حرب روسيا على أوكرانيا.
مواصفات ومميزات "أتاكمز"
يبلغ طول صاروخ "أتاكمز" 3.98 أمتار، وقطره 61 سنتيمترا، ويتراوح وزن رأسه الحربية بين 160 و560 كيلوغراما، وتقارب تكلفته 1.5 مليون دولار أميركي.
وقد صممت لتولي الدور التقليدي الذي كانت تقوم به "صواريخ لانس" (0MGM-52)، ما يحقق المزيد من الدعم التكتيكي للقوات البرية الأميركية، وكان اكتمال مرحلة اختبارها في ديسمبر/كانون الأول عام 1989.
ويشبه نظام "أتاكمز" إلى حد كبير "صاروخ لانس"، لكن وصفه الدقيق هو أنه مصمم لمهاجمة الأهداف القيّمة لقوات الصف الخلفي، مثل المطارات ومواقع صواريخ أرض-جو، وقوات المدفعية ومناطق الإمداد ومجموعات القيادة.
وتزود صواريخ "أتاكمز" بعدد كبير من ذخائر "إم 74" (M74)، وهي عبارة عن كرة، قُطر الواحدة منها 0.06 ووزنها 0.59 كيلوغرام، وتلف بجدار مجزأ ومحاط بغلاف فولاذي.
وتعد الذخائر المستخدمة في "أتاكمز" فعالة في تدمير المنشآت مثل المطارات ومنشآت الدعم، وبعض معدات الاتصال ومعدات الإطلاق.
وتستخدم أنظمة "أتاكمز" الوقود الصلب أو الجاف مصدرا للطاقة، ويمكن إطلاقها من مصادر متحركة، مثل راجمات الصواريخ.
ويبلغ نطاق استخدام "أتاكمز" 300 كيلومتر، وتتجاوز سرعتها القصوى 3 ماخ (الماخ يعادل 1225 كيلومترا/ساعة)، وتوجه عن طريق الملاحة وبمساعدة نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس).
أوكرانيا تريد "أتاكمز"
وفي أغسطس/آب عام 2022 ظهرت تكهنات حول استخدام أوكرانيا لأنظمة "أتاكمز" الصاروخية، إذ أطلقتها على قواعد جوية روسية في شبه جزيرة القرم.
غير أنه في فبراير/شباط الماضي، قالت مسؤولة البنتاغون الأعلى لشؤون روسيا وأوكرانيا لورا كوبر "إن نظام "أتاكمز" لم يرسل إلى أوكرانيا، نظرا لقلة المتوفر منه في الولايات المتحدة"، بينما قال الرئيس الأميركي جو بايدن في أواخر مايو/أيار من العام نفسه إن "صواريخ أتاكمز لا تزال تعمل بالنسبة لأوكرانيا".
هذا بالإضافة إلى محدودية العدد المتوفر من "أتاكمز" لدى الولايات المتحدة، إذ إن شركة "لوكهيد مارتن" المطورة له صنعت ما يقارب 4 آلاف فقط منذ بداية الإنتاج.