تتصاعد الأصوات الحقوقية والتضامنية في العالم مع فلسطين بالتزامن مع تجاهل حكومي غير مسبوق لضغط الشارع والمطالبات بوقف الجريمة.

وفي حين تتواصل الانتهاكات الإسرائيلية بحق المدنيين في غزة وسط دعم دولي غربي للإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل، يتصاعد سؤال الجدوى من القانون الدولي، الذي ظهر في هذه المرحلة كأكثر التعبيرات المثيرة للجدل.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4المفوضية الأممية لحقوق الإنسان: إسرائيل ارتكبت جرائم ضد الإنسانية بغزةlist 2 of 4مفوض حقوق الإنسان يصل الشرق الأوسط لبحث الحرب بغزةlist 3 of 4حقوق الإنسان في مهب الحرب على غزةlist 4 of 4هالة عاهد للجزيرة نت: المنظمات الحقوقية بطيئة وبلا أنياب ولا تتصدى للعدوان الإسرائيليend of list

تتكثف النداءات الإنسانية والحقوقية على مستوى العالم من أجل وقف المجزرة الإسرائيلية في غزة، في حين تبدو الحركة الحقوقية العالمية أمام تحول حقيقي قد يهدد بتقويض المبادئ الدولية القائمة، التي يرعاها القانون الدولي الإنساني والمبادئ القانونية الناظمة للنزاعات المسلحة.

فـبعد أكثر من شهر على استخدام إسرائيل إستراتيجية العقاب الجماعي، وارتكابها أوضح صور جرائم الحرب، بحسب وصف منظمات حقوقية دولية مثل "هيومن رايتس ووتش" ومنظمة "العفو الدولية"، لا تزال الحكومات الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، ترفض الدعوة إلى وقف إطلاق النار.

وتمثل الانتهاكات الإسرائيلية بحق المدنيين في غزة واحدة من أوضح السوابق في العالم منذ أكثر من 70 عاما، وهي شواهد يمنحها الغرب دعما غير مقيّد لارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. فقد كشفت وثيقة سرية مسربة، كتبها الملحق العسكري في السفارة الهولندية في تل أبيب، عن أن إسرائيل تقوم "وبشكل متعمد في التسبب في إحداث دمار واسع النطاق للبنية التحتية والمراكز المدنية" في غزة. في حين أكدت الوثيقة الدبلوماسية التي سربتها صحيفة "إن آر سي" الهولندية أن الجيش الإسرائيلي ينتهك قوانين الحرب. مع ذلك لم تتخذ حكومة هولندا موقفا مغايرا، بل تابعت كمعظم الدول الأوروبية رفض المطالبة بوقف إطلاق النار.

عمر شاكر: ثمة خطر حقيقي على المبادئ الحقوقية (الجزيرة) خطر حقيقي

ولا يبدو أن الموقف الغربي مرتبط بالحقائق بقدر وجود إرادة سياسية جماعية على دعم إسرائيل وحمايتها من المحاسبة، وهو ما يثير قلق المنظمات الدولية الحقوقية ومخاوفها، التي ترى في هذه المواقف تقويضا للمبادئ الأساسية القانونية التي يقوم عليها النظام الدولي الحالي. ففي تصريح خاص للجزيرة نت، قال عمر شاكر، مدير منظمة "هيومن رايتس ووتش" في إسرائيل وفلسطين، إن "المعايير المزدوجة للحكومات الغربية لا تلحق الضرر فقط بالحماية المدنية للفلسطينيين، وإنما لها تداعيات على المستوى العالمي، لأنها تتحدى الالتزام الأساسي لهذه الدول بالقانون الدولي والقواعد التي يستند لها النظام الدولي". وأشار شاكر إلى أن عدم الاعتبار لهذه الالتزامات يشكل خطرا حقيقيا على المبادئ الحقوقية، ويقوض قدرة المجتمع الدولي على حماية المدنيين في كافة أنحاء العالم.

وأضاف شاكر أن ما نشهده في قطاع غزة جريمة حرب لا يمكن إنكارها، مشيرا إلى أن منظمته وثقت جرائم حرب واضحة ارتكبتها الحكومة الإسرائيلية، مثل تهجير السكان واستهداف المستشفيات والمرافق الطبية، إضافة إلى استخدام الفوسفور الأبيض بدون تمييز ضد مناطق مكتظة بالسكان. كما أشار شاكر إلى أن "رد الولايات المتحدة وقادة غربيين آخرين على الأزمة الإنسانية في غزة يسلط الضوء على المعايير المزدوجة التي تتعامل فيها هذه الحكومات مع الصراع".

وفق تعبيره، "فقد أدانت هذه الحكومات بشكل صحيح اعتداءات في سياقات أخرى في سوريا وأوكرانيا، والهجوم الذي قادته حماس يوم 7 أكتوبر، لكنهم فشلوا في الإشارة إلى جرائم الحرب الواضحة التي ترتكبها إسرائيل".

ويتزايد قلق العاملين في حقل حقوق الإنسان من أفراد ومؤسسات في ضوء الحماية الغربية المعلنة لانتهاكات إسرائيل بحق المدنيين في غزة. حيث تشتد حملات تضييق على حرية التعبير فيما يتعلق بفلسطين في أوروبا والولايات المتحدة بشكل لم تسجله هذه الدول في الماضي. فقد شهد الشهر الأخير اعتقالات ومحاكماتٍ لأفراد على خلفيات التظاهر أو الهتاف أو رفع شعارات تمّ تفسيرها بطريقة تؤدي للإدانة القضائية.

أنور الغربي: ما تشهده الحركة الحقوقية العالمية غير مسبوق في التاريخ المعاصر (الجزيرة)

حملات شيطنة وتشويه
كما تواجه منظمات حقوقية حملات شيطنة وتشويه سمعة مستمرة في أكثر من دولة غربية. ففي بريطانيا تواجه الحركة الحقوقية والتضامنية بشكل عام اتهامات بمعاداة السامية والكراهية، كان آخرها على لسان وزيرة الداخلية المقالة، سويلا بريفرمان، التي اتهمت كل المتضامنين بـ"متظاهري الكراهية". أما في ألمانيا، فقد أصدرت الحكومة تعليمات صارمة باعتبار بعض الممارسات والهتافات التضامنية جرائم قانونية، مثل لبس الكوفية الفلسطينية في أماكن محددة، أو هتاف "من البحر إلى النهر، فلسطين ستكون حرة"، تحت ذريعة أنها دعوة إلى إنكار حق إسرائيل في الوجود، والذي يُعتبر معاديا للسامية وفقا لتعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست "آي إتش آر إيه" (IHRA)

في سياقٍ متصل، اعتبر أنور الغربي، مدير مركز جنيف للديمقراطية وحقوق الإنسان، في تصريحه للجزيرة نت، أن ما تشهده الحركة الحقوقية العالمية غير مسبوق في التاريخ المعاصر، إذ يعجز الأمين العام للأمم المتحدة عن تثبيت موقف بسيط مثل المطالبة بوقف إطلاق النار، على حد وصفه.

وتابع الغربي، أنه وبالرغم من ذلك، فإن المنظومة الحقوقية المدنية هي التي ستأتي بالنتائج الإيجابية في ضوء التحرك المكثف من قبل الجمعيات والمبادرات الحقوقية عبر العالم، والتي انضم لها مئات الحقوقيين والمحامين الدوليين. كما طالب الحقوقي السويسري من أصلٍ تونسي المقيم في جنيف، بضرورة التفريق بين المنظومة الحقوقية الرسمية والعاجزة من جهة، والمنظومة الحقوقية المدنية الثابتة والمستمرة في الصعود من جهةٍ أخرى، والتي يراها ذات تأثير مستقبلي سيكون كبيرا.


مبادرات حقوقية
وأكد الغربي على الأهمية الكبيرة لتأثير المبادرات الحقوقية، خاصة أن هناك وعيا بخطورة ما يحدث. ووفقا لوجهة نظره، فإنه "عندما يصبح الجميع غير قادر على إيقاف الجاني، سيتعزز الشعور أن الجميع مستهدف، وأن العدالة القائمة لم تعد تحميه، وهذا الذي حفّز هذه الهبة الكبيرة من كل البلدان". ويختم الغربي كلامه بالقول إن "الموقف الدولي اليوم، وعجز المنظومة القانونية الدولية القائمة، عزز المبادرات الفردية لتحقيق العدالة"، مشيرا إلى فكرة المقاطعة التي تتنامى اليوم، بما فيها المقاطعة الأكاديمية.

وتسجل الحرب الحالية على غزة تعاظم الشعور العام دوليا بتراجع الحماية القانونية للحريات العامة. وهو الأمر الذي دفع عددا من موظفي وكالات إعلامية دولية للاستقالة، كما حصل في قناة "بي بي سي" BBC البريطانية، وصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية. وقد تنامت مؤخرا في ضوء تطورات الحرب على غزة ظاهرة الاستقالات الاحتجاجية في الغرب، التي تشير إلى فشل المؤسسات والكيانات الحكومية وشبه الحكومية الالتزام بمعايير متساوية في احترام الحريات وحقوق الإنسان. ففي هولندا انسحب 12 مخرجا وفنانا من مهرجان أمستردام الدولي للأفلام الوثائقية "آي دي إف إيه" (IDFA)، الذي يُعتبر المهرجان الأكبر من نوعه على مستوى العالم. فقد أشارت صحيفة "الغارديان" البريطانية إلى أن الانسحابات جاءت على خلفية إدانة إدارة المهرجان لهتاف فلسطيني كان قد حصل خلال الجلسة الافتتاحية للنشاط. وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي استقال 8 وزراء دفعة واحدة من حكومة الظل التي يقودها حزب العمال البريطاني المعارض، بعد تصويت الأخير ضد مشروع قرار يطالب بوقف إطلاق النار في غزة داخل مجلس العموم.

وقد تزايدت مؤخرا المبادرات غير الرسمية في المجال الحقوقي، كان أهمها مبادرة المحامي الدولي الفرنسي جيل ديفرز الذي نجح في تجميع ما أطلق عليه "جيش من المحامين" من مختلف الجنسيات في العالم، حيث وصل المستجيبون لدعوة ديفرز إلى حوالي 300 محام وحقوقي دولي. ويعتزم هؤلاء التوجه بمفلاتهم إلى محكمة الجنايات الدولية.

وبغض النظر عن جدوى هذا الحراك، يرى حقوقيون، مثل أنور الغربي، أنه قد يعكس تراجعا في الإيمان بالآليات السائدة لتحقيق العدالة عبر الحكومات، وهو ما قد يسهم في إعادة تشكيل الحركة الحقوقية الدولية، من طلب العدالة من النظام السائد إلى صناعتها بالضغط المدني والمبادرات الفردية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المدنیین فی إطلاق النار فی غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

ختام بطولة البحر الأحمر الدولية للصيد في الجونة.. تفاصيل

حققت مصر إنجازاً تاريخياً في بطولة البحر الأحمر الدولية لصيد الأسماك في الجونة باستحواذها على المراكز الثلاثة الأولى.


وشهدت البطولة الأكبر من نوعها في الشرق الأوسط، مشاركة سبعين صياداً محترفاً من تسع دول مختلفة وثلاث قارات من بينها السعودية وإيطاليا وسويسرا وجنوب أفريقيا واسكتلندا، وذلك تحت مظلة الاتحاد الدولي للصيد IGFA، وبدعم من وزارتي البيئة والشباب والرياضة، والاتحاد المصري لصيد الأسماك. وخلال حفل توزيع الجوائز، تم تكريم الفرق الفائزة بالمراكز الثلاثة الأولى، بالإضافة إلى تتويج الصيادين الفائزين بجائزتي أفضل صياد وأكبر سمكة.


وتربع فريق بيميني من الجونة على المركز الأول، وخطف بذلك بطاقة التأهل الوحيدة والمباشرة للمنافسات العالمية في بطولة كأس العالم للصيد، المقرر إقامتها العام المقبل في كوستاريكا. في حين حمل فريق النوبي لقب الوصيف، بينما حصد فريق سبورتينج على المركز الثالث.


وعلى صعيد الجوائز الفردية، حصل ريتشارد شلهوب من فريق الجونة على جائزة أفضل صائد، كما حصل على المركز الثاني في جائزة أكبر سمكة (دوج توث تونة)، بينما خطف مارتن لويس من جنوب أفريقيا المركز الأول لجائزة أكبر سمكة (التونة ذات الزعنفة الصفراء) والمركز الثاني في جائزة أفضل صائد.

أما المركز الثالث في جائزة أفضل صائد فكان من نصيب فوزان عمر من السعودية، وحصل محمد الدرات على المركز الثالث في جائزة أكبر سمكة (دوج توث تونة).

وأشاد محمد عامر، الرئيس التنفيذي لمدينة الجونة بأداء جميع الفرق المشاركة، وهنأ الفرق المصرية الفائزة ببطولة البحر الأحمر الدولية لصيد الأسماك، معرباً عن سعادته بتحقيق هذه البطولة نجاحاً باهراً. وأكد عامر أن الجونة نجحت في ترك انطباع لا يُمحى لدى ضيوفها، متطلعاً إلى استضافة المزيد من البطولات العالمية، وصولاً إلى استضافة كأس العالم لصيد الأسماك عام 2028، ليكون هذا الحدث علامة فارقة في تاريخ الرياضات البحرية في مصر.

وأضاف عامر أن البنية التحتية المتطورة والجاهزية الشاملة التي تتمتع بها الجونة ساهمت في تقديم تجربة استثنائية للزوار من مختلف أنحاء العالم، مؤكداً أن المدينة ليست مجرد وجهة سياحية، بل هي نموذج متكامل للتميز والريادة في تنظيم الفعاليات العالمية.

في حين قال المهندس محمد قداح رئيس الاتحاد المصري والأفريقي لرياضة صيد الأسماك وعضو الاتحاد الدولي: "استضافة مصر للبطولة يجسد دورها الرائد في عالم الرياضة والسياحة البحرية ويؤكد تميز وجاهزية الجونة لاستضافة فعاليات رياضية على المستوى العالمي ويفسر اختيارها رسميا لاحتضان بطولة كأس العالم لصيد الأسماك لعام 2028، كما عبر عن فخره لتأهل الفريق المصري للمنافسة في بطولة كوستاريكا العالمية، مضيفا أن اكتساح الفرق المصرية للمراكز الثلاثة يثبت مدى قوة الصيادين المصريين وتفردهم".

بينما قال أحمد ميتكيس، ممثل الاتحاد الدولي ومنظم البطولة، "استحواذ مصر على المراكز الثلاثة الأولى يؤكد تميز واحترافية الفرق المصرية في مجال رياضة الصيد ومنافستها لنظيراتها حول العالم، موضحا أن بطولة البحر الأحمر الدولية تمثل نقلة عالمية لبطولات الصيد في الشرق الأوسط ويثني على تصنيف الجونة مقصدا عالميا لعشاق الرياضات البحرية".
 

مقالات مشابهة

  • اللجنة الدولية الدولية للصليب الأحمر: سلمنا إسرائيل رفات جديدة
  • ختام بطولة البحر الأحمر الدولية للصيد في الجونة.. تفاصيل
  • نصيحة لوجه الله للجنرال البرهان وكل عاقل في صفوف الجيش السوداني من غير عضوية الحركة الاسلامية
  • الفوضى وأثرها على الأمم
  • مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم (الحلقة 5)
  • إسرائيل تؤكد هوية أحد الجثامين التي استلمتها من حماس
  • الكشف عن عدد الجثامين التي تحتجزها إسرائيل
  • البعريني: على المجتمع الدولي الضغط لوقف الانتهاكات الإسرائيلية
  • العميد خالد حمادة: النقاط التي تحتفظ بها إسرائيل في جنوب لبنان ذات أهمية إستراتيجية
  • المخرج من دائرة الجهل التي تتميز بها دول العالم الثالث وتتجلي في الحروب الأهلية