تتبع حساباتهم والنشر عليها.. هكذا ينتهك الاحتلال خصوصية الفلسطينيين
تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT
رام الله- كان الوقت فجر الخميس الماضي، عندما استيقظت عائلة الشاب الفلسطيني قصي حمدان، من قرية الطبقة جنوبي الضفة الغربية، على صوت تفجير باب منزلها ودهمه بشكل عنيف انتهى بالاعتداء على رب العائلة (50 عاما) واعتقال اثنين من أبنائه، وهما توأم أحدهما قصي.
مرّ قصي بظروف قاسية خلال الاعتقال بينها ضربه بشدة على خاصرته وتشديد القيود البلاستيكية على معصميه، فانهار خلال التحقيق معه في مستوطنة "كريات 4" بمدينة الخليل، وفق حديثه للجزيرة نت.
نشر على الحسابات
خلال التحقيق معه أُجبر قصي على فتح قفل هاتفه النقال، بينما كان مقيد اليدين، ليسارع المحقق إلى كتابة منشور على حسابه بفيسبوك "أنا أحب إسرائيل"، في ظاهرة أخذت تتزايد مؤخرا وفق مؤسسات فلسطينية.
فوجئ قصي بعد التحقيق بالإفراج عنه وإعادة هاتفه بالمنشور على حسابه، مشيرا إلى تحذيره من المحقق بإعادة الاعتقال إذا استخدم حسابه في كتابة، أو إعادة نشر منشورات "تحريضية".
الأمر نفسه تكرر مع الدكتور بكلية الشريعة في جامعة القدس سليم الرجوب، الذي اعتقل نهاية الأسبوع الماضي لساعات، ونشر معتقلوه على حسابه في فيسبوك، منشورا بلغة عربية ركيكة جاء فيه "الإسلام دعا إلى الصفح والسلام والعيش بحب (…)، وأنا ضد الإرهاب وقتل الأبرياء".
حالتا قصي والمحاضر الجامعي، ليستا منعزلتين، إنما تكرر الأمر بالتفاصيل ذاتها، أو بتفاصيل مختلفة مع عشرات المعتقلين ممن تصادر هواتفهم "في انتهاك واضح وصريح لخصوصية الأشخاص"، وفق مدير نادي الأسير الفلسطيني عبد الله الزغاري متحدثا للجزيرة نت.
واستشهد الزغاري، بقصة فلسطيني مع ابنته (14 عاما)، فضل عدم الإشارة إلى اسميهما ومدينتهما، موضحا أن الجنود أوقفوهما على حاجز عسكري، وصادروا هاتف الفتاة، ونشروا على حساباتها بمواقع التواصل "صورا غير لائقة".
وأشار مدير نادي الأسير إلى "شهادات عن إجبار عشرات المعتقلين خاصة في مركز توقيف عتصيون (بين بيت لحم والخليل) على حمل العلم الإسرائيلي، وتصويرهم مكبلي الأيدي يقبّلون العلم ونشرها على حسابات الأسرى أنفسهم أو الجنود".
ووصف ما يجري بأنه "انتهاك لكل ما هو إنساني في ظل غياب المؤسسات الحقوقية، خاصة اللجنة الدولية للأحمر التي لم تكشف عن مصير الأسرى وظروف اعتقالهم داخل السجون".
ولفت الزغاري إلى "اعتقالات كثيرة على خلفية النشر على مواقع التواصل الاجتماعي دعما لغزة، وتندرج ضمن حرية التعبير عن الرأي، وبينهم أطفال وفتيات بعضهم حُوّل للاعتقال الإداري".
وأشار إلى "رقابة كبيرة من الاحتلال على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة مع قانون جديد يتيح الاعتقال، بسبب تصفحها".
وفي يوم 8 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، أقر الكنيست في قراءة ثالثة قانونا يجرّم مشاهدة "المحتوى المؤيد للإرهاب" الذي يحظر على الأشخاص "استهلاك محتوى إرهابي" وحدد "المنظمات الإرهابية" بأنها "حماس وداعش".
ووفق الزغاري "كان الاعتقاد أن القانون يستهدف فلسطينيي 48 والقدس، لكن تطبيقه بدأ فعلا ضد فلسطينيي الضفة، وهناك معتقلون وجّهت لهم لوائح اتهام، أو حُولوا للاعتقال الإداري استنادا إلى هذا القانون".
#أخبار | نشرت صحيفة "هآرتس" مقالًا، تحدثت فيه تزايد عدد الاعتقالات في إسرائيل بسبب منشورات على شبكات التواصل متعلقة بحرب إسرائيل على غزة.
✔️وقالت الصحيفة إنه تم اعتقال أكثر من 100 مواطن إسرائيلي بينهم عرب منذ اندلاع الحرب، بسبب تعبيراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
✔️ووفقًا… pic.twitter.com/0r2sBNr1Ge
— Eekad – إيكاد (@EekadFacts) November 11, 2023
اعتداء على الخصوصيةمن جهته يرى مركز صدى سوشال المختص بالحقوق الرقمية الفلسطينية على شبكات التواصل، في القانون الإسرائيلي "اعتداء كبيرا على خصوصية الأفراد والمستخدمين وتقييدا لحرية الرأي والتعبير"، مشيرا إلى أن الخطورة في هذا القانون "تتمثل في محاولة السيطرة والرقابة على الأفكار والاتجاهات الأيديولوجية، والممارسات التفاعلية في العالم الرقمي".
وفق تقرير للمركز اعتقل 26 صحفيا وصحفية وناشطا بالضفة وأكثر من 150 فلسطينيا في الداخل المحتل على خلفية حرية الرأي والتعبير وكتابة منشورات أو زعم كتابة منشورات حول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بين 7 أكتوبر/تشرين الأول الفائت، و11 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
لا تقف صامتا وشارك
رصد #صدى_سوشال أكثر من 11 ألف انتهاكٍ رقمي للمحتوى الفلسطيني منذ بدء العدوان، لكنها نسبة لا تكاد تذكر مقارنة مع ما أعلنته المنصات (795 ألف محتوى حذفته شركة ميتا، و60 مليون مقطع حذفته منصة تيك توك)، ومع هذه الأرقام، الواجب اليوم أن نبلغ عن الانتهاك حتى يستطيع… pic.twitter.com/NaFIO7rDiu
— Omar Alshal (@OmarAlshal) November 8, 2023
مخالفة صريحةمن جهته يؤكد المحامي جميل سعادة، محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، تكرار ظاهرة توقيف الفلسطينيين وطلب هواتفهم النقالة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الفائت، مع أنه مخالف لكل القوانين المعمول بها في الأراضي المحتلة، حتى القانون الأساسي الإسرائيلي.
وأضاف في حديثه للجزيرة نت، أن "كثيرا من المواطنين أجبروا على تسليم هواتفهم على الحواجز ونقاط التفتيش الإسرائيلية، وتتبع الجنود حساباتهم على شبكات التواصل، رغم ما في ذلك من انتهاك لخصوصية المعتقلين، بل ووجهت لبعضهم تهمة التحريض استنادا إلى تفاعلاتهم".
وتابع جميل، أن "المجتمع الفلسطيني مجتمع شرقي محافظ، وأي مواطن قد يكون لديه صور خاصة، ولذا يجب احترام خصوصيته، لكن عند الفلسطيني تُلغى القوانين". مشيرا إلى "تعامل المحاكم الإسرائيلية مع قضايا جرت فيها انتهاك الخصوصية، وبعضهم حُول للاعتقال الإداري بلا تهمة أو محاكمة".
ووفق نادي الأسير وهيئة الأسرى ارتفعت حصيلة الاعتقالات الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، وحتى 18 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري إلى 2850، يضافون إلى أكثر من 5 آلاف معتقل سابق.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
رفض إخلاء المستشفى.. قصة الطبيب حسام أبو صفية بعد تصدر جوجل
تصدر حسام أبو صفية محركات البحث على جوجل، بعد نشر أول مقطع فيديو للطبيب حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان والذي اعتقله الاحتلال الإسرائيلي أثناء اقتحام المستشفى في قطاع غزة.
حسام ابو صفية وسط ركام مستشفي كمال عدوانوظهر الدكتور حسام أبو صفية مدير المستشفى فى فيديو يمشي مكبل اليدين بخطوات بطيئة ويظهر عليه التعب الشديد، حيث كان هذه الظهور هو الأول بعد ظهوره فى ديسمبر الماضي وهو يمشي بثوبه الأبيض وسط ركام مستشفى كمال عدوان الذي أحرقته آلة الحرب الإسرائيلية، ووجهه نحو دبابات الاحتلال.
وحول الاحتلال الإسرائيلي الدكتور حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان للاعتقال بناء على قانون "المقاتل غير الشرعي" بدلا من المحاكمة العادية، بناء على قرار أصدره ما يسمى بقائد المنطقة الجنوبية.
الظهور الأول منذ اعتقالهوتحدث حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان بغزة في أول ظهور منذ اعتقاله على يد قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، نافياً التهم الموجهه له بالتعامل مع أسرى إسرائيليين في مشفاه.
وانتشر فيديو ابو صفية من داخل سجن عوفر، المُقام على أراضي بلدة بيتونيا، غرب مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، وبدا فيه شاحب الوجه ومقيد اليدين والقدمين.
اشتهر ابو صفية، بدوره الإنساني خلال الإبادة على غزة، وكان أحد أبرز الأطباء الذين واصلوا العمل تحت القصف لإنقاذ الجرحى والمصابين.
واعتقلت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي الطبيب الفلسطيني، في أواخر ديسمبر عقب اقتحامها مستشفى كمال عدوان، وأخرجته تحت تهديد السلاح بعد تدمير المستشفى وإخراجه من الخدمة.
وأثارت لحظة اعتقاله استنكارا واسعا، خصوصا بعد انتشار صورة له مرتديا معطفه الطبي، يسير وحيدا وسط الدمار محاطا بالآليات العسكرية الإسرائيلية، في مشهد صار أيقونة للصمود الفلسطيني.
وحسب عائلة أبو صفية، تعرض الطبيب الفلسطيني للتعذيب الشديد والتجويع داخل السجون الإسرائيلية، وهو ما أكده محام تمكن من زيارته أخيرا.
تفاعل رواد التواصل الاجتماعي مع الظهور الأولوتفاعل روواد مواقع التواصل الاجتماعي مع الظهور الأخير للدكتور حسام أبو صفية، مدير مستشفى كمال عدوان في شمال غزة، مكبل الأيدي والأرجل ومحاطا بجنود الاحتلال الإسرائيلي. وقال روواد التواصل التواصل أن التهمة الوحيدة التي ارتكبها الدكتور أنه لم يرضَ بإخلاء المستشفى، الذي يديره، وترك المرضى خلفه.
وأثارت طريقة ظهور ابو صفية غضب جمهور مواقع التواصل الاجتماعي الذين طالبوا بإطلاق سراحه فورا.