عقد الجامع الأزهر الشريف حلقة جديدة من البرامج الموجهة للمرأة تحت عنوان «صناعة الوعي بقضايا الأمة لدى الأسرة والمجتمع»، وحاضر فيها د. هبة عوف عبد الرحمن، أستاذ مساعد بقسم التفسير بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة، ود. فاطمة الزهراء محمد محرز، مدرس الحديث بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالمنصورة، وأدارت الندوة د.

سناء السيد الباحثة بالجامع الأزهر.

وقالت د. هبة عوف عبدالرحمن، إننا نُعاني اليوم في عالمنا الإسلامي من مُشكلة غياب الوعي الشامل والمُتكامل بقضايا الأمة، ومن أهم أسباب غياب هذا الوعي هو أن عموم مُجتمعاتنا بعيدة عن الفعل المؤثر على المستوى العالمي، بل أصبحنا نُمثل المثال الأفضل للمُجتمع المُستهلك الجامد، وأصبحنا نعيش على هامش الحياة.

وأكدت عوف، أن ما نحتاجه اليوم هو إيقاظ مفهوم الوعي بيننا، فمن نواقض الوعي أن ننغلق على أنفسنا ولا نهتم بما يحصل داخل مُجتمعاتنا أو خارجها، ولا نُبالي بالتغيرات المُتسارعة التي يعيشها عالمنا اليوم، فعلينا أن نعلم أن اللبنة الأولى في صناعة الوعي هي النظر في الهزائم التي حلت بنا في كل الميادين، وأن نبحث عن أسبابها الرئيسية، وكيفية النهوض من جديد، ونعلم أن السبب الرئيس هو اتساع الفجوة بيننا وبين ديننا الذي لم يعد هو دستور حياتنا.

وشددت على ضرورة الوعي بقضايا الأمة الكبرى التي من أبرزها قضية المسجد الأقصى، وما يحدث لإخواننا في فلسطين وليتحول وعينا إلى أمر عملي، فنستطيع به أن نُغير ما نحن فيه، ونعود لحضارة الإسلام من جديد، فلن ينصلح حال آخر هذه الأمة إلا بما صلح به حال أولها.

صناعة الوعي 

من جانبها بينت د. فاطمة الزهراء محمد محرز، أن الوعي يعنى الجمع والحفظ والإحاطة والفهم، والوعي يشمل الوعي بالذات وبالزمان وبالمكان وبالآخَر، والنهوض بوعي الأمة يتطلب علمٌ يرفع ووعي يُجمع وعمل يدفع، فهناك صوركثيرة لبناء الوعي الإسلامي، منها التأكيد على أهمية الأخلاق والتدين، وفهم معنى المواطنة وحب الوطن، وبناء الوحدة بين أفراد الأمة، مستشهدة بنماذج عديدة من تاريخ سلفنا الصالح من الصحابة والتابعين للتأكيد على أهمية الوعي بقضايا الأمة الإسلامية والعمل على نصرة هذا الدين.

وتطرقت مدرس الحديث بجامعة الأزهر إلى قضية فلسطين، فبينت مكانتها ومكانة بيت المقدس، وقد امتدح النبي الكريم ﷺ أهل بيت المقدس بقوة إيمانهم وصبرهم وثباتهم على الحق حتى في زمن الفتن، مشيرة إلى دورنا تجاه هذه القضية عن طريق أمور منها المقاطعة والدعاء والقنوت في الصلوات والتبرع بالدم وبالمال وبالمساعدة بالعلم والخبرات والدعم الإعلامي ونشر القضية، والمتابعة باستمرار والمؤازرة.

من جانبها ، أوضحت د. سناء السيد، أن من دلائل كمال الإيمان وصدق الإسلام أن يكون الإنسانُ محسنًا إلى الآخرين، فالمُؤمنون نفسٌ واحدة يتوادُّون، ويتعاطَفُون في الله -جل وعلا-، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات: 10] وفي الحديث الصحيح: «لا يُؤمنُ أحدُكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسِه»، فلقد علمنا المصطفي ﷺ أننا جسد واحد وأمة واحدة منهجنا واحد ودستورنا واحد، فلا فرق فيه بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى فقال ﷺ " من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم". وقال أيضا في حديث آخر: " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر". 

و أكدت د. سناء، على ضرورة التذكير والتعريف بقضايا الأمة الإسلامية، ومناصرتها، ومتابعة ما يستجد بها، ونقلها إلى أبنائنا وشبابنا ليعلموا بأن الأمة الإسلامية تحتاج إليهم بكل ما يستطيعون، وها هي قضية فلسطين الحبيبة، والمسجد الأقصى إحدى أكبر قضايا المسلمين، ويأبى الله إلا أن يعز دينه حتى وإن تكالب الأعداء، وتساقط الشهداء؛ فالله متم نوره ولو كره الكافرون. 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الأزهر صناعة الوعي المرأة

إقرأ أيضاً:

رئيس جامعة الأزهر: موقع الحوار من الدعوة الإسلامية كموقع الرأس من الجسد

قال الدكتور سلامة داود رئيس جامعة الأزهر، إنّ المؤتمر الذي تعقده كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر بعنوان «الدعوة الإسلامية والحوار الحضاري.. رؤية واقعية استشرافية»، مؤتمر مهم أحسنت الكلية في اختيار موضوعه، لافتًا إلى أنّ عنوان المؤتمر السابق للكلية كان «نحو شراكة أزهرية في صناعة وعي فكري آمن رؤية واقعية استشرافية»، والقاسم المشترك بين المؤتمرين هو الحرصُ على تحديد آفاق الرؤية التي تضع عينا بصيرة على الواقع بهمومه وقضاياه وتضع العين الثانية على استشراف المستقبل لترمق ملامحه من بعيد، والنفوس شغوفة بما يكون في المستقبل تسترق السمع، تتحسس صورته التي ربما لا يمهلها الأجل لتراها رأي عين.

التخطيط للمستقبل

ودعا رئيس جامعة الأزهر خلال كلمته بالمؤتمر اليوم، إلى ضرورة أن يَعْمَلَ الإنسانُ في يومِه لما يُسْعِدُهُ في غده، مستشهدًا بمقولة سيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما «اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا»، وأنّ التخطيط للمستقبل والسعي لما يحقق تقدم العباد والبلاد لتُتِمَّ الأجيالُ القادمةُ ما بدأته وتعبت فيه الأجيالُ المعاصرة لهو من أهم وسائل القوة والنجاح والتقدم والازدهار، وقد سبقتنا الأمم بإتقانها هذا التخطيطَ وإحسانِها رؤيةَ آفاق المستقبل التي تقوم على أسس قوية وأعمدة راسخة تؤسس للبناء عليها في المستقبل .

الحوار الحضاري

وفي حديثه عن الحوار الحضاري، بيَّن رئيس جامعة الأزهر أنّ موقع الحوار من الدعوة الإسلامية كموقع الرأس من الجسد، ولا يصلح الجسد إلا بالرأس، وتاريخ الحوار موغلٌ في القدم، يعود إلى بَدْءِ خلق الإنسان، حين خلق الله تعالى سيدنا آدم عليه السلام وأمر الملائكة بالسجود له وأمر إبليس بالسجود له، فدار حوار بين الله جل جلاله وبين الملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، كما جرى الحوار بينه سبحانه وبين إبليسَ أشقى خلقه، وبينه سبحانه وبين سيدِنا آدمَ وذريتِه الذين كرَّمَهُم الله جل وعلا وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلا، وقص الذكر الحكيم هذه الحواراتِ في كثير من سور الكتاب العزيز، ولو شاء سبحانه لأمرهم جميعا فأتمروا، ونهاهم جميعا فانتهُوا، ولكنه جل وعلا يعلمنا أن نلزم الحوار سبيلا مع الأخيار والأشرار، لتتضح الحجة، ويَمِيزَ الحقُّ والباطل، ليحيا من حَيَّ عن بينة ويَهْلِكَ من هلك عن بينة . وهكذا يعلمنا الذكر الحكيم حتى لا نَغْفُلَ عن هذه الوسيلة الإقناعية.

وتابع أنّ السماوات والأرض قامتا بالحوار، فلم يقهرهما خالق القوى والقدر على طاعة أمره حين خلقهما، ولو قهرهما لخضعتا وذلتا، بل خيرهما وحاورهما وسجل ذلك في محكم التنزيل العزيز فقال سبحانه «ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ» (فصلت 11)، مضيفًا أنّ الحوار هو منطق العقول الراشدة التي تسعى للوصول إلى الصواب والسداد، في أناة وحيدة وإنصاف، بعيدا عن التشويش والضجيج الذي يملأ الأفق ويسد المسامع ويعصف بالحق.

الحق والعدل والإنصاف

وأوضح رئيس جامعة الأزهر خلال كلمته بالمؤتمر اليوم الأحد أنّ الحوار الحضاري هو الحوار الصادق الذي يتغيا الحق والعدل والإنصاف، وليس فيه «حق الفيتو» الذي يغلب فيه صوت الفرد أصوات الجماعة، وكما قالوا «رأي الجماعة لا تشقى البلاد به رغم الخلاف ورأي الفرد يشقيها».

وأكمل أنّ حق الفيتو الذي تستحل به الدولة العظمى القوية دماء الدول المستضعفة وتستبيح قتل رجالها ونسائها وأطفالها كما يحدث اليوم في غزة في حرب ضروس استشهد فيها أكثرُ من أربعين ألفِ شهيد، منهم أكثرُ من عشرة آلاف طفل لا تتجاوز أعمارهم سن العاشرة، فضلا عن النساء والعجائز.

وأضاف أنّ هذا يحدث منذ سنة كاملة من الإبادة الجماعية التي تقوم بها آلة الدمار الصهيوني على مرأى ومسمع من العالم الذي طالما تغنى بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وأقام البرلمانات الدولية وتفاخر باعتمادها على حرية الرأي والحوار الحضاري واحترام العهود والمواثيق الدولية إلى آخر هذه العبارات الطنانة التي لا وجود لها عند التعامل مع المسلمين.

مقالات مشابهة

  • "بداية جديدة لبناء الإنسان".. البحوث الإسلامية تواصل فعاليات الدعوة بسوهاج
  • «البحوث الإسلامية» يواصل فعاليات أسبوع الدعوة بسوهاج حول: «دور المرأة في العمران»
  • ملتقى الجامع الأزهر يسلط الضوء على بشارة ميلاد الرسول وطهارة نسبه الشريف
  • ملتقى فقهي بالجامع الأزهر يناقش الرضاعة بين الشريعة والطب
  • مجمع البحوث الإسلامية يعقد ندوة «الفطرة.. ومقومات إصلاحها»
  • مجمع البحوث الإسلامية يعقد ندوة "الفطرة.. ومقومات إصلاحها"
  • البحوث الإسلامية يفتتح فعاليات الأسبوع الثالث للدعوة الإسلامية بجامعة سوهاج
  • أسرار صناعة التمور في جولات ملتقى فتيات "أهل مصر" بالوادي الجديد
  • رئيس جامعة الأزهر: موقع الحوار من الدعوة الإسلامية كموقع الرأس من الجسد
  • أمين البحوث الإسلامية: شيخ الأزهر دائما يجدِّد دعوتَه للحوار