جريدة الوطن:
2025-04-27@05:00:57 GMT

شراع: هناك من باع القضية!

تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT

شراع: هناك من باع القضية!

ما يجري على أرض فلسطين المحتلة اليوم وتحديدًا في قِطاع غزَّة ليس من قبيل الفعل ورد الفعل كما في كُلِّ مرَّة، وإنَّما هو مُخطَّط يتجاوز القِطاع، بل كُلُّ فلسطين المحتلَّة، وهذا المُخطَّط أخذت ملامحه تبدو مع كُلِّ يوم، ومع كُلِّ موقف، ومع كُلِّ قنبلة وكُلِّ سلاح مُحرَّم دوليًّا، ومع كُلِّ انتهاك صارخ للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

وكما في كُلِّ مُخطَّط تآمري لا يخلو من أطراف أصيلة وأخرى وكيلة وأدوات تنفيذ.
ومن مسار الأحداث الجاريةِ فصولُه على أيدي الفاشيَّة والنَّازيَّة الجديدة ضدَّ قِطاع غزَّة ومعه الضفَّة الغربيَّة، وحالة الصَّمْت المُطْبق، أو بالأحرى حالة التأييد في السِّر والعَلَن، يتبيَّن أنَّ فلسطين ليسَتْ استثناءً من بَيْنِ الدوَل العربيَّة الفاعلة الَّتي جرَى تدميرُها ومحاولة إخراجها من المعادلة الإقليميَّة وجميع المعادلات، وعزْلُها عن القضيَّة الفلسطينيَّة، وعن دعم الشَّعب الفلسطيني ونضاله ضدَّ الظلم والإرهاب والاحتلال.
لكن ما يُلفتُ الانتباهَ مع كُلِّ مُخطَّط تآمريٍّ أنَّ هناك مَنْ قَدْ باعَ وخانَ، ومَنْ هو على طريق البيع والخيانة منتظرًا العروض ومقدارها، ومعرفة موقعه ما بعد إنجاز المُخطَّط، فكما رأى العالَم وعَلِمَ كيف جرَى الإعداد لغزو العراق واحتلاله، ووقف على الأسماء الحاملة للجنسيَّة العراقيَّة باسم «المعارضة» وكيف هيَّأت الأجواء، ومارسَتْ دَوْرًا في عمليَّة الإقناع بالمشاركة في التضليل والفبركة والتدليس ضدَّ الحكومة العراقيَّة القائمة آنذاك، وكما رأَى العالَم وشاهَدَ الأمْرَ ذاته في سوريا وليبيا واليمن، يُتابع (العالَم) اليوم فصول المشاركة في عمليَّة الإبادة الجماعيَّة بحجَّة أنَّ انتصار غزة في عمليَّة «طوفان الأقصى» سيُمثِّل تحدِّيًا وتهديدًا خطيرًا لمستقبل دوَل الجوار والدوَل الأخرى، والمصالح الغربيَّة في الإقليم، لِتصلَ عمليَّة انتهاز الفرص وبلوغ حالة العمالة والخيانة مبلَغها بالتصريح علنًا ودُونَ تورُّع عن أنَّ المستشفيات في قِطاع غزَّة وفي مُقدِّمتها مستشفى الشفاء هو مركز قيادة حركة حماس وجناحها كتائب الشهيد عز الدين القسَّام، مُواكِبًا هذا التصريح ومُتناغِمًا مع حمَلات الكذب والتضليل والافتراء الَّتي قادَها كيان الاحتلال الصهيونيِّ والبيتُ الأبيض.
اللافت أنَّ افتضاح الكذب والتضليل هو القاسم المشترك، فكما افتُضحَ الكذَّابون والمُضلِّلون الأميركيون والبريطانيون ومن ورائهم العملاء المحسوبون على العراق بعدم وجود أسلحة دمار شامل في العراق، ها هُمُ الصهاينة وساكنو البيت الأبيض والبنتاجون ومَنْ معَهم في رام الله المحتلة بالمقاطعة وخارج فلسطين مَنْ ينتظر اللحظة، ينكشف كذبهم بعدم وجود مراكز قيادة تحت مستشفى الشفاء، ولِيَسْترَ المُرجفون من الصهاينة وعملائهم سوءاتهم حاولوا إخراج المسرحيَّة الهزليَّة بتصوير أسلحة بالية قَدْ عفَا عَلَيْها الزمن وأكل وشرب.
إذًا، حقيقة ما يجري ويُخطَّط له هي التهجير القَسريُّ لسكَّان قِطاع غزَّة، وتدميرُ المستشفياتِ والقضْمُ التدريجيُّ للمباني السَّكنيَّة بنَسْفِها على رؤوس ساكنيها إحدى الوسائل لتفريغ القِطاع من أهْلِه، حيث الباعة والشركاء في المُخطَّط يستعدون لإقامة مستشفيات خارج غزَّة لعلاج المُصابِين أو ترحيلهم إلى دوَل تتشارك المُخطَّط، وهذا يعني عدم إمكان عودة هؤلاء إلى قِطاع غزَّة، أو محاولة تدجينهم وتوظيفهم عملاء، كما حصلَ مع السوريِّين الَّذين هُجِّروا قَسْرًا وجرَى تدجينُهم والزَّجُّ بهم في التنظيمات الإرهابيَّة لِيكونُوا رماحًا تنحر الوطن السوريَّ.. حقًّا لا ينحر الأوطان مِثل خوَنَتُها للأسف الشديد. وكما وجد مِنَ الباعة مِنْ قَبل أنْفُسَهم في مزابل التاريخ تطاردهم وصمة العار، سيجدُ مَنْ بعدهم المصير ذاته، هذه هي حقائق التاريخ.
خميس بن حبيب التوبي
khamisaltobi@yahoo.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الم خط

إقرأ أيضاً:

هناك شيء منتن في ارض الدنمارك – في الرد على ابواق الحرب الجنجويدية

ليس بمستغربٍ ذلك الدركُ السحيق من الانحطاط الأخلاقي والمفاهيمي الذي تهوي إليه باطراد المنابر الإعلامية الموالية لتحالفي “صمود” و”تأسيس”، ومن يقف خلفهما في ظلال الميليشيا، وذلك بعد أن أعوزهم الإفلاس السياسي التام أيَّ منطقٍ يدافعون به عن مواقفهم المتماهية مع غزوٍ سافرٍ لبلادنا، وتدميرٍ ممنهجٍ لكيانها، وسفكٍ لدماء مئات الآلاف، وتشريدٍ للملايين، ونهبٍ للممتلكات، واغتصاب النساء. إنه سقوطٌ نخبويٌّ مدوٍّ، لا يشبه في عاره أي سقوطٍ عرفته السياسة في اي مكان في العالم من قبل.

فمن استطاع أن يجد المسوّغات لكل هذه الفظائع والجرائم، وأن يتعامل معها كأنها مجرد وجهة نظر سياسية قابلة للنقاش، ساعياً من ورائها لتأمين موطئ قدمٍ في السلطة لميليشيا الدعم السريع ومكانة سياسية لها؛ لا يُستبعد منه، وقد تجرد من كل وازع أخلاقي او انتماء وطني، أن يلجَ غمار الأعراض، ويحاول وصم مخالفيه بكل نقيصة، وخلق صورة نمطية عنهم يحاول بها تجاوز مضمون ومنطق ما يعرئ اطروحاتهم البائسة ، بعد أن خَذَلَهم المنطقُ وعجز عن مقارعة الحجة بالحجة وهم يتمرغون في وحل الخيانة للوطن والشعب، فيزيدهم حقداً و ضراوة في مهاجمة الشرفاء.

ولكن هل يُرتجى خيرٌ من هذا القاع المفتقر لأبسط مقومات الأخلاق؟ إن تزييف الحقائق، ونهش الأعراض، والتطاول على حُرُمات الأُسر، واختلاق الأباطيل، وبثَّ الزيف، هي ممارساتٌ أدمنتها تلك الزمرة التي تسعى جاهدةً لصياغة واقعٍ بديلٍ مُشوّه، يُتوَّجُ فيه “حميدتي” وجنجويده أبطالاً للخير، ورُسُلاً للديمقراطية في سودانٍ يُرادُ لأهله أن يُكذِّبوا أعينهم وما تكابده حواسهم من أهوالٍ يومية. حتى انهم حولوا شعار وقف الحرب من سعي لانقاذ الناس من اهوالها ومقصد انساني نبيل، وأفرغوه من جوهره ليستعملوه كمجرد أداةٍ حربيةٍ رخيصة، تُوظّف بخبث في خدمة اغراض ميليشيا فاشية النزعة، غاشمة البطش كقوات الدعم السريع، وفي خدمة من يقف خلفها من امراء الخراب في الإمارات. فاصبحوا يحتفلون بهجمات المليشيا كما حدث في الخرطوم والجزيرة بل ويمهدون لها بالمبررات الكاذبة والتدليس كما حدث في مخيم زمزم، وهم يتشدقون بالسلام زوراً وبهتاناً.

وما علي أحمد (ومن يختبئ خلفه من اسمٍ مستعارٍ كاشفٍ عن جُبنه)، وخضر عطا المنان، ورشا عوض، وصحفٌ كـ”التغيير”، ومنصاتٌ كـ”مجد”، ناهيك عن سكان او مأجوري حزب (الماخور) السوداني، وغيرهم من الأصوات العالية في صرح الاكاذيب، غير أدوات بناء في محاولات لبناءِ سردية هذا الواقعِ الزائف، التي يظنون واهمين أنهم قادرون على تشييدها بتكديس الأكاذيب ورُكامِ البهتان. بيد أن انحطاط أقلامهم، وانحدار خطابهم، يفضحُ عوارهم قبل أن يكتمل بنيانهم الواهي. إن “تحالف الانحطاط الأخلاقي” هذا لتزكمُ الأنوفَ رائحتُه الكريهة؛ فكما قال شكسبير على لسان هاملت واصفاً حال مملكته الدنمارك: “هناك شيء منتن في مملكة الدنمارك”، فان هناك شيء منتن في دوائرهم، لا يمكن اخفاءه ولن تُجدي معه كلُّ عطورِ ندواتِ “تشاتام هاوس” الفاخرة، ولا سترات المتحدثين الانيقة، ولا بريق المنصات الدولية، في سترِ نتانتهِ الآخذةِ بالانتشار، والتي باتت وصمة عارٍ على جبين كل من يدافع عنه أو يبرر له.

أمّا نحن، فلنا في محراب خدمة هذا الشعبِ الأبيِّ سجلٌّ حافلٌ ناصعُ البياض، سطرناه بمواقفَ سياسيةٍ واضحةٍ دفعنا أثمانها باهظةً، حباً وكرامة، في أزمنة عصيبة لم نبحث فيها عن سبل الخلاص الشخصي، وزُيّن بمبادراتٍ اجتماعية في مجال العمل الطوعي تركت بصماتها الملموسة والممتدة، بل استمر بعضهم يحاول تقليدها في سعي لكسب سياسي رخيص لم يستطع ان يفطن الي حقيقتها او اغراضها، وما كل ذلك منّة نمنّ بها على شعبنا، بل هو اداء واجب على كل من اختار العمل العام في خدمة شعب عظيم يستحق البذل والعطاء، وليس المتاجرة بمعاناته والمه في وقت كارثته الاكبر.

وهذا الكتاب ذو الصفحات المبذولة في العلن – هو لعمر الحق – يتقاصر كل فعل هولاء المتحالفين الجُدد مع الجنجويد عن الاتيان بصفحةٍ من صفحاته؛ فليس في جعبتهم سوى أكاذيبَ مدفوعة الاجر تنضحُ بها ضغائنُ نفوسِهم الصغيرة وأحقادُهم الدفينة التي يعكسونها على كل من يرفع صوته في مواجهتهم. وإن توهموا، في غمرةِ انحطاطهم، أنهم بمثل هذه الأساليبِ الوضيعة ومحاولاتِ اغتيالِ الشخصية تشويه السمعةِ البائسةِ قادرون على إسكاتِ صوتِنا أو اسكات اصواتنا او شل حراكِنا، فلهم نقول بلسان أهل السودان الذي لا يعرف المواربة أو المهادنة: (وين يا… كان غيركم أشطر!).

امجد فريد الطيب

نقلا عن : صحيفة الأحداث نيوز

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • النمر: ليس هناك علاقة بين أدوية الكولسترول ومرض الزهايمر
  • الضرائب: اعفاء تام للممولين غير المسجلين قبل هذا الموعد
  • وزير الخارجية الإيراني: هناك تقدم جدي في محادثات النووي مع واشنطن
  • هناك شيء منتن في ارض الدنمارك – في الرد على ابواق الحرب الجنجويدية
  • ترامب: هناك حاجة ماسة للأدوية والغذاء في غزة وسنهتم بذلك
  • إحمد ربنا.. رضا عبد العال يهاجم عبد الله السعيد
  • ترامب: هناك خياران فقط أمام إيران وأحدهما سيئ جداً
  • مركز عمليّات مشترك بين الجيش التركي والسوري
  • ماذا لو لم يكن هناك أسرى في حوزة حماس؟
  • بالصورة: انتحل صفة أمنيّة ونفّذ عمليّات سلب.. هل من وقع ضحيّة أعماله؟