ليس هناك إحصاءات أو معلومات عن عدد ضحايا البرامج الأميركيَّة الخاصَّة بتشويه سمعة واختلاق الإشاعات ومحاصرة مَنْ ترى أجهزتها الأمنيَّة أنَّهم يقفون في خانة «الأعداء»، لكن ما هو مفروغ مِنْه أنَّ الأعداد كبيرة جدًّا، ويُمكِن القول إنَّ فيلم (seberg) من أهمِّ الوثائق الدامغة بهذا الخصوص.
يتناول الفيلم حياة الممثِّلة الفرنسيَّة ـ الأميركيَّة Jean Seberg وتَدُور الأحداث أواخر ستينيَّات القرن العشرين، يبدأ من باريس حيث التظاهرات والاحتجاجات الطلابيَّة الواسعة في شوارع المدينة في ذلك الوقت، وتغادر الممثِّلة الحسناء متَّجهة إلى الولايات المُتَّحدة، حيث ينشغل الشَّارع الأميركي في تلك الاثناء بقضيَّتين رئيستَيْنِ، هما مطالبة المواطنين السُّود بحقوقهم المَدنيَّة؛ بسبب التمييز العنصري الهائل في المُجتمع الأميركي وما نتج عَنْه من مطالب واسعة ومظاهرات ونشاطات كبيرة كان أحد أبرز قادتها مارتن لوثر كنج، كما برزت في تلك الفترة جماعة «الفهود السُّود» وأُمَّة الإسلام وأبرز قادتها مالكوم أكس، في الوقت نفسه كانت احتجاجات تجمع غالبيَّة الأميركيِّين ضدَّ الحرب الأميركيَّة في فيتنام وازدياد عدد القتلى، وارتفاع وتيرة الخسائر المادِّيَّة، حيث تتعرض قوَّاتهم هناك لهجمات شرسة من قِبل المقاومة الفيتناميَّة بقيادة هوشي مِنه، وما أن تصلَ الفنَّانة العالَميَّة حتَّى تقيمَ علاقات مع الزنوج المسلين وتبدأ حملة لدعمهم بالأموال أوَّلًا، ما يزعج الأمن الأميركي لِتبدأَ سلسلة من المراقبة المكثَّفة والشديدة، يتمُّ زرع الأجهزة اللاقطة وكاميرات التصوير في كُلِّ مكان، لِتشنَّ حرب شعواء ضدَّ الفنَّانة الَّتي توهَّمت أنَّها في بلد «ديمقراطي» وعبَّرت عن رغبتها بممارسة دَوْر إنساني يهدف لِنَيْل هؤلاء حقوقهم المَدنيَّة.
لكنَّ المباحث الفيدراليَّة الأميركيَّة ترمي بكُلِّ ثقلها وتنفِّذ أقسى خططها لتشويه سمعة هذه الفنَّانة النَّاشطة غير آبهة بحياتها وعائلتها، خصوصًا ابنتها وزوجها الَّذي انفصلت عَنْه، ويتمُّ توظيف وسائل إعلام أميركيَّة مشهورة ومؤثِّرة لإكمال الدَّوْر الَّذي انتهجته وكالة المباحث الفيدراليَّة، يتابعون خطواتها وتحرُّكاتها ويُحصون أنفاسها ويصوِّرون ويسجِّلون كُلَّ شاردة وواردة في حياتها اليوميَّة.
تفاصيل كثيرة يتضمنها الفيلم الَّذي ظهر بعد عدَّة عقود من وفاة الفنَّانة، الَّتي يعتقد الكثيرون أنَّ مطاردة المباحث الأميركيَّة وإغراق حياتها بالإشاعات والحديث في كُلِّ مكان عن فضائح وغير ذلك، قَدْ دفع بها للانتحار حيث وُجدت جثتها في العام 1979 وكانت في حينها في الأربعين من عمرها.
هذه قِصَّة ظهرت بعد عدَّة عقود، وتمَّ تجسيد بعض جوانبها في هذا الفيلم، لكنَّ السؤال الَّذي يطرح نفسه: كم أعداد الأشخاص الَّذين وضعتهم الأجهزة الأمنيَّة الأميركيَّة هدفًا لها داخل الولايات المُتَّحدة وخارجها؟ وطالما أنَّ السِّياسة الأميركيَّة مولعة بالغزو والاحتلال واستغلال ثروات الأُمم والشعوب، فإنَّها تخلق الكثير من العداوات. وبذلك، فإنَّ سياسة الأذى بكُلِّ أشكاله وأنواعه يوجد في الأقبية لِينالَ من الَّذين يطالبون بحقوق شعوبهم المشروعة.
وما أكثر الضحايا في بلداننا، القلَّة معروفون والكثير مِنْهم في الجانب الآخر.
وليد الزبيدي
كاتب عراقي
wzbidy@yahoo.com
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: ة الأمیرکی
إقرأ أيضاً:
الكنز المفقود.. التحقيق في تنقيب 4 متهمين عن الآثار بالعياط
تجري النيابة العامة بجنوب الجيزة الكلية تحقيقات موسعة في سقوط ٤ متهمين اثناء التنقيب عن الاثار في قطعة أرض بمدينة العياط.
طلبت النيابة تحريات الأجهزة الامنية حول الواقعة وواجهت المتهمين بالاتهامات المنسوبة إليهم واعترفوا بارتكاب الواقعة.
ألقت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الجيزة، القبض على 4 أشخاص بتهمة التنقيب عن الآثار في العياط، وتحرر المحضر اللازم، لتباشر النيابة المختصة التحقيق.
توصلت تحريات رجال المباحث بمديرية أمن الجيزة، إلى تورط عدد من الأشخاص في التنقيب عن الآثار في قطعة أرض بالعياط.
عقب تقنين الإجراءات القانونية اللازمة، تمكن رجال المباحث من القبض على 4 أشخاص، خلال التنقيب والحفر عن الآثار وضبط بحوزتهم الأدوات المستخدمة في الحفر.
تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال المتهمين، وحرر محضر بالواقعة، لتتولى النيابة المختصة التحقيق.