نشرت مجلة "نيوزويك" الأميركية مقالا جاء فيه أنه في الوقت الذي ترمي فيه الولايات المتحدة بثقلها خلف إسرائيل، وتساعد فيه إيران في تسليح حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) وحزب الله اللبناني، يقول بعض النقاد، إننا على شفا حرب عالمية ثالثة.

لكن كاتب المقال جوزيف إبستاين -وهو محلل وباحث متخصص في شؤون الشرق الأوسط- يخالف هذا الرأي، ويعتقد أن الحرب العالمية الثالثة قد بدأت بالفعل.

وربما تكون واشنطن في حالة إنكار، إلا أن روسيا والصين وإيران تخوض حربا علنية مع الولايات المتحدة، وفق كاتب المقال.

إن هذه ليست حربا شاملة -كما يقول إبستاين- بل حرب لا مركزية بجبهات قتال تبدو غير متصلة ببعضها وتمتد عبر قارات العالم. إنها حرب تُخاض بطرق "هجينة"، أي بالدبابات والطائرات وحملات التضليل الإعلامي والتدخل السياسي والحرب السيبرانية.

ويزعم إبستاين أن إستراتيجية هذه الحرب تطمس الخطوط الفاصلة بين الحرب والسلام والمقاتلين والمدنيين، "وتضفي ضبابا على ضبابها".

ورغم أن ثمة خلافات بين الصين وروسيا وإيران حول مسائل كثيرة، فإنها جميعها دول لديها الهدف نفسه وهو "تخليص مناطقهم من النفوذ الأميركي، واستحداث نظام حكم عالمي متعدد الأقطاب".

ويتابع الكاتب قائلا، إن طهران وبكين وموسكو تدرك أن القوة السياسية والعسكرية الأميركية هي القوة الوحيدة التي تحول بينهم وبين فرض إرادتهم على جيرانهم.

ويشرح ما يعنيه بذلك، إذ يقول، إن كل دولة من الدول الثلاث تضطلع بدور في هذه الحرب. فالصين شنت حملة تجسس "غير مسبوقة" على الولايات المتحدة، وروسيا أنفقت مليارات الدولارات في بث حملات دعائية موالية لها ومناوئة للغرب داخل حدودها وخارجها.

أما إيران فلديها -حسب المقال- شبكة من الوكلاء المسلحين الذين "يشيعون الخراب والدمار" في الشرق الأوسط وظلوا يهاجمون القوات الأميركية علانية.


حروب العصابات

كما أن إيران وروسيا والصين "نفذت أو أوشكت" جميعها على تنفيذ هجمات إلكترونية على البنى التحتية الحيوية للولايات المتحدة. وهذه الدول الثلاث تلجأ -حسب المقال- إلى خوض أنماط مختلفة من حروب العصابات "لأنها لا تستطيع أن تكسب صراعا مباشرا" مع الولايات المتحدة. ذلك أن شن حرب بهذه الطريقة "المخادعة" تعينها على تجنب المساءلة.
وفي حرب المعلومات، لا تكمن الإستراتيجية في إحداث انقسامات، بل باستغلال الموجودة منها واللعب عليها، طبقا للمحلل إبستاين، الذي يضيف أن الصين وروسيا كليهما ظلتا تقيمان علاقات مع "المتطرفين" على اليسار واليمين المتمركزين في الغرب، "أملا في توسيع الهوة الاجتماعية ومفاقمة حالة عدم الاستقرار".

ويستخدم المسؤولون المنخرطون في هذا النوع من الحروب لغة تروق "للمتطرفين". ويضرب الكاتب مثالا على ذلك بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، "الذي رغم غزوه الاستعماري لأوكرانيا"، نصّب نفسه "زعيما لحركة التحرر المناهضة للاستعمار".

ومع استمرار الحرب الكلامية، تستمر كذلك المواجهات المسلحة، فروسيا غزت أوكرانيا؛ ووكلاء إيران ما انفكوا يهاجمون الولايات المتحدة وحلفاءها في المنطقة.

ويدعي إبستاين أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تبدو سعيدة حتى الآن بالسماح لهم "بالإفلات من هذا المأزق"، مشيرا إلى أن المسؤولين الأميركيين سارعوا عقب هجوم حماس على إسرائيل الشهر الماضي إلى الادعاء بأنه لا يوجد دليل على تورط إيران في الهجمات، على الرغم من أن وكلاءها لا يتصرفون بشكل مستقل في الأمور التي تؤثر في الإستراتيجية "الجيوسياسية" الإيرانية.

وعندما يتعلق الأمر بهذه الحرب، تبدو الولايات المتحدة غير مكترثة، فلطالما كانت الإستراتيجية الأميركية تدور حول الاستعداد لحرب تقليدية كبيرة، وتبني سياسة الاحتواء، والردع الضعيف، حسب تعبير المقال.

ويحذر الكاتب من أن تجنب الصراع لن يقود إلا إلى المزيد من العدوان من محور إيران وروسيا والصين. وعليه، إذا استمرت إدارة بايدن في مسارها "غير الفعال"، فإن هذه الدول الثلاث ستكتسب جرأة. وإذا أخفقت في دعم إسرائيل أو أوكرانيا، فإن الصين ستغزو على الأرجح تايوان.

ويخلص إلى القول، إن الردع إستراتيجية عظيمة، لكنها لن تجدي فتيلا إلا عندما يدرك الطرف الآخر أنك جاد في تنفيذ تهديداتك.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

«الجارديان»: مخاوف لدى الولايات المتحدة وأوروبا من تصعيد الحرب الهجينة الروسية بعد استخدام أوكرانيا الصواريخ بعيدة المدى

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها قلقة للغاية بشأن حملة الحرب الهجينة الروسية ضد الغرب، وسط مخاوف من تصعيدها بعد استخدام أوكرانيا للمرة الأولى صواريخ بعيدة المدى أمريكية الصنع ضد أهداف داخل روسيا، بعد أن رفعت إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن القيود على استخدامها، بحسب ما ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية.

وتشتمل استراتيجية الحرب الهجينة التى تتبناها روسيا على مزيج من العمليات التخريبية ضد البنية التحتية الرئيسية، والهجمات الإلكترونية، والتدخل فى الانتخابات، إلى جانب وسائل سرية لتقويض الدول الغربية، ما يؤدى إلى زعزعة التضامن مع أوكرانيا.

وقد حلت "الحرب الهجينة" محل الحرب الباردة بعدما تبنت موسكو عقيدة جديدة فى السياسة الخارجية تصنف الغرب كـ"تهديد وجودي" لها، ويجب "مواجهته".
ووعدت روسيا برد "مناسب" على السياسة الجديدة، وقامت بتغيير عقيدتها النووية فى الأيام الأخيرة. ومع ذلك، يعتقد المسئولون الغربيون أن زخم الرد الروسى قد لا يأتى فى ساحة المعركة فى أوكرانيا ولكن فى أماكن أخرى من العالم.

ويمكن أن تشمل الهجمات الهجينة المحتملة قائمة واسعة من الخيارات، بما فى ذلك توسيع روسيا حملتها للتخريب والاغتيالات فى أوروبا أو زيادة تسليح خصوم الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط ومنطقة المحيطين الهندى والهادئ، وفقا لمسئولين مطلعين على المناقشات حول رد روسى محتمل.

وناقش الوزراء الأوروبيون الحرب الروسية الأوكرانية غير المتكافئة خلال اجتماع فى بروكسيل يوم الثلاثاء الماضي، حيث اتهم وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا وإسبانيا والمملكة المتحدة، روسيا فى بيان مشترك بـ"مهاجمة هيكل الأمن الأوروبى بشكل منهجي".

فى حديثه فى العاصمة الأمريكية واشنطن، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر: "بشكل عام، نحن قلقون للغاية بشأن الحرب الهجينة التى تشنها روسيا فى كل من أوروبا وحول العالم، ونحن على تنسيق وثيق مع حلفائنا الأوروبيين وغيرهم من الحلفاء والشركاء حول العالم".

وأشارت الصحيفة إلى أن روسيا قد تختار تأجيل مزيد من التصعيد قبل تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، والذى هدد بقطع المساعدات عن أوكرانيا والتوسط فى اتفاق سلام من المتوقع بشدة أن يكون فى صالح روسيا.

وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، نقلا عن مسئولين أمريكيين وأوكرانيين، أن الهجوم الأوكرانى الأول بالصواريخ بعيدة المدى الأمريكية ضرب مستودعا للذخيرة فى منطقة بريانسك الروسية، وتقع المنطقة شمال غرب منطقة كورسك التى تشهد توغلا أوكرانيا منذ أوائل أغسطس الماضي.

ولم يؤكد الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى بشكل مباشر هجوم بريانسك، لكنه قال إن بلاده لديها صواريخ بعيدة المدى أمريكية الصنع، مضيفا: "أصبح لدى أوكرانيا قدرات بعيدة المدى، وسنستخدمها".

وقالت وزارة الدفاع الروسية إن خمسة من الصواريخ أسقطت وتضرر آخر. وأضافت الوزارة أن حطام الصواريخ تسبب فى اندلاع حريق فى منشأة عسكرية لم تذكر اسمها. بينما قال مسئول أمريكي، فى تصريحات نشرتها وكالة أنباء "أسوشيتد برس" الأمريكية، إنه تم اعتراض صاروخين فقط.

ووعد وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف، برد "مناسب" على الاستخدام الأول للصواريخ بعيدة المدى الأمريكية الصنع، والتى قال الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، عنها فى وقت سابق، إنها ستكون بمثابة دخول واشنطن وحلفائها فى حلف شمال الأطلسى (الناتو) فى صراع مباشر مع روسيا.

وقامت روسيا بتعديلات على العقيدة النووية الخاصة بها. ولكن قلل المتحدث باسم مجلس الأمن القومى الأمريكى من شأن هذا القرار، قائلا إن المراجعة كانت مخططة لأسابيع وأنه "لا يوجد تغييرات كبيرة فى الموقف النووى لروسيا، لذلك لم نر أى سبب لتعديل موقفنا النووى أو عقيدتنا ردا على روسيا".

وقال رئيس الوزراء البريطانى كير ستارمر، إنه لن تردعه العقيدة الجديدة لروسيا عن دعم أوكرانيا. وأضاف، فى تصريحات للصحفيين خلال قمة مجموعة العشرين فى البرازيل، إنه: "هناك خطابا غير مسئول من روسيا وهذا لن يردع دعمنا لأوكرانيا".

ووراء الكواليس، ناقش المسئولون الأمريكيون والأوروبيون أيضا إمكانية تصعيد روسيا لحملة متنامية من الهجمات على البنية التحتية الأمريكية والأوروبية التى تصاعدت بشكل كبير منذ بدء العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا عام ٢٠٢٢، بحسب ما ذكرت "الجارديان".

وفى البيان المشترك، قال وزراء المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبى إن الهجمات الهجينة الروسية "تتصاعد" وأنها "غير مسبوقة فى تنوعها وحجمها، ما يخلق مخاطر أمنية كبيرة".

لذلك فمن المتوقع، أن تزود بريطانيا، أوكرانيا بصواريخ "ستورم شادو" البريطانية، لاستخدامها ضد أهداف داخل روسيا، خاصة بعد موافقة الولايات المتحدة على استخدام صواريخها بعيدة المدى ضد أهداف فى الأراضى الروسية.

وبينما تعهدت موسكو بالانتقام، أشار بعض المحللين إلى أن خيارات روسيا فى ساحة المعركة محدودة، ومن غير المرجح أن تلجأ البلاد إلى الخيار النووي.
 

مقالات مشابهة

  • تقرير في إندبندنت: خطر اندلاع حرب عالمية ثالثة جدي وحقيقي
  • هل العراق مستعد لحرب عالمية ثالثة محتملة؟
  • شبح حرب عالمية ثالثة بعد تغيير روسيا عقيدتها النووية
  • «بداية حرب عالمية ثالثة».. بايدن يورط الرئيس الأمريكي الجديد في مواجهة مع روسيا
  • بايدن يدفع العالم إلى حرب عالمية ثالثة قبل مغادرة البيت الأبيض
  • استعدادًا لسيناريو حرب عالمية ثالثة...وثائق سرية تكشف خطط ألمانيا لنشر 800 ألف جندي من الناتو في أوكرانيا
  • «الجارديان»: مخاوف لدى الولايات المتحدة وأوروبا من تصعيد الحرب الهجينة الروسية بعد استخدام أوكرانيا الصواريخ بعيدة المدى
  • الولايات المتحدة: نهاية الحرب في لبنان قد تكون قريبة
  • روسيا تستعد لحرب عالمية ثالثة.. بدأت بإنتاج ملاجئ ضد الانفجارات النووية.. عاجل
  • المبعوث الأمريكي للسودان: الولايات المتحدة تؤيد إنهاء الحرب والجرائم التي ترتكب في حق الشعب السوداني