قحت v الكيزان: 3 – صفر على منبر جدة الأخير
تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT
لا تجتمع دوائر قوى "الحرية والتغيير" (قحت) في مثل اجتماعها على أن الإسلاميين من أنصار "نظام الإنقاذ" المباد "الكيزان" هم من أشعل الحرب الدائرة. ويقولون إنهم ولعوها بإرادة الجيش الذين يسيطرون على قيادته، أو حتى رغماً عنه. فظلوا، في قول النور حمد، ينذرون بها طوال إفطارات رمضانية مسيسة قبيل الحرب، فـ "كتائب الظل" (وهي قوات خفية خاصة من أنصار النظام)، حسب قوله، هي التي بدأت الحرب بالهجوم على معسكر "الدعم السريع" في المدينة الرياضية بالخرطوم يوم 15 أبريل (نيسان) الماضي.
وغَلَب تحميل "الكيزان" وزر الحرب إحصائياً في خطاب "قحت" حتى خصصت افتتاحية لصحيفة "الميدان"، لسان حال الحزب الشيوعي، 30 سطراً لهذا الوزر من كلمة لم تزد على 60 سطراً.
وبوجود "الكيزان" وشرورهم لم تعد "قحت" ترى جدوى في التحقق في شأن من ارتكب أياً من انتهاكات الحرب. فكان الجيش و"الدعم السريع" قد تبادلا اتهامات عن المسؤول عن تخريب كوبري شمبات الرابط بين الخرطوم بحري وأم درمان. فعلقت الصحافية صباح محمد الحسن بأنه لا حاجة للجيش ولا "الدعم السريع" لتبادل تلك الاتهامات حول هذا الخراب. فـ"الكيزان"، بحسب قولها، كـ"طرف ثالث"، هم من قاموا بذلك بدليل أنهم كانوا قد دعوا طويلاً إلى قطع الإمدادات عن "الدعم السريع". ومع أنه يمكن القول إن الجيش و"الدعم" معاً براء من هدم الكوبري، بحسب صباح، إلا أنها مدت مع ذلك بأصبع الاتهام بهدم الكوبري باتجاه الجيش وكالة عن "الكيزان"، لا أصالة عن نفسه. وتساءلت "ما الذي يجعل الجيش يستحيي من فعلته؟ ألا يحارب الفلول باسمه وتحت رايته؟". وزادت أنه "ليس لـ(الكيزان) مع ذلك هدف استراتيجي من هذا الهدم. فهم يريدون ، وهم على شفا نهايتهم التاريخية، فقط تدمير السودان بعد أن أصبح طريق عودتهم إلى الحكم في حكم المستحيل".
ولا تملك حيال كثافة نيران اتهامات "قحت" لـ"الكيزان" بإشعال الحرب والمسؤولية عن فظائعها، من أن يطرأ لك إن كانت "قحت" ترغب حقاً في إيقافها قبل القضاء عليهم قضاءً مبرماً. فالذي بين "قحت" و"الكيزان" ثأر ذو فحيح مستقل عن الحرب ذاتها. فلم تغفر "قحت" لـ"الكيزان" مطلقاً انقضاضهم على ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018 حتى طارت شعاعاً. فقال النور حمد إن "الكيزان" أهانوا الثورة وأذلوها واصطادوا الناس العزل بالبنادق. وها هم، وهم يتجرعون غصص الهزائم في الميدان العسكري، يذوقون من نفس كأس الرصاص التي أذاقوها الثوار الشرفاء.
حرب "الكيزان" ودوائر "قحت" (التي كان يسميها "الكيزان"، "قبائل اليسار") تاريخية. كان أول منشئها في أوساط حركة الطلبة منذ الخمسينيات. ولكن كان لاتخاذ هذه الخصومة ساحة الحرب القائمة معترك، عواقبه الوخيمة على مائدة المفاوضات الأخيرة بجدة في 29 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
فبدا من مؤتمر جدة الأخير نجاح "قحت" في إنفاذ بعض ما تريد للنيل من "الكيزان"، إلى قرارته. فصدر قرار بملاحقة الأطراف المثيرة لتصعيد الحرب والمؤدية إلى الصراع. والقرار، على عموميته إلا أنه اقتصر بصورته هذه على "الكيزان". فـ"قحت" هي الأصل في المطالبة به. وهي التي استبشرت به حال صدوره. فكانت "قحت" قد تبنت مطلب اعتقال رموز "الكيزان" منذ خروج نفر منهم إلى ولاية القضارف واتهامها إياهم بالتحريض على الحرب. ولم تتأخر "قحت" في الحفاوة بقرار جدة عن ضبط المحرضين على الحرب ووضعت النقط فوق حروفه المبهمة، أي إن المقصود به "الكيزان" لا سواهم.
فرحب مدير "مركز الخاتم عدلان للاستنارة" الباقر العفيف بالقرار مطالباً بملاحقة "قادة النظام السابق الهاربين من السجون" في إشارة إلى خروج جماعة من إسلاميي نظام الإنقاذ، كانوا قد مثلوا أمام المحاكم بعد الحرب، والتزموا في بيان صدر عنهم بالرجوع إلى السجن متى عادت مياه البلد إلى مجاريها. وطالب بيان من "قحت"، وضمن إجراءات بناء الثقة بين أطراف النزاع مما تواثق عليه مؤتمر جدة الأخير، باحتجاز المتهمين الصادرة في حقهم أوامر توقيف من الجهات العدلية، وتسليم المطلوبين إلى المحكمة الجنائية دون تأخير. وهم بالاسم الرئيس السابق عمر حسن البشير، ووزير دفاعه عبدالرحيم أحمد حسين، والقيادي في حزب "المؤتمر الوطني" المنحل، أحمد هارون، لارتكابهم جرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور خلال فترة حكمهم.
ونواصل
IbrahimA@missouri.edu
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
“معتقلات الموت”….انتصارات الجيش السوداني تكشف المزيد من فظاعات مليشيا الدعم السريع
” كنا نفقد يومياً أكثر من 50 أسير، ولم نستطع أن نمارس دورنا كأطباء في علاج المرضى”، بهذه العبارات انتشر فيديو الأسير المفرج عنه من الأسر في منطقة جبل أولياء جنوبي العاصمة السودانية الخرطوم دكتور عبد الباقي أحمد محمود، وهو يروي المأساة الإنسانية التي عاشها آلآف المحتجزين قسرياً في سجون مليشيا الدعم السريع بولاية الخرطوم قبل تحريرها بواسطة الجيش السوداني.
وبواصل الدكتور عبد الباقي سرده للقصة الحزينة : “كنا محرومين من أداء العبادات، كما حرمنا من العلاج ولم نستطع أن نمارس حقنا كأطباء محتجزين في إنقاذ المرضى الذين يعانون.”
وتابع: “مليشيا الدعم السريع كانوا ينتظرون وفاة عدد من المرضى ليلقوا حتفهم، وكانوا يدفنون الجثث في مجاري وفي حفر، هذه هي المعاناة التي شهدنها كنا نفقد يوميا مابين 50 إلى 60 أسيراِ.”
ويؤكد عبد الباقي بأن هدف مليشيا الدعم السريع بعد أن ضيق الجيش عليها الخناق هو “نقل الأسرى إلى دارفور لإستعبادنا وكانوا يستخدموننا كعمال لرفع الأسلحة والذخيرة الثقيلة.”
واستطرد :” للأسف هذا ماحدث والحمد لله رب العالمين بانتصار القوات المسلحة ودخولها إلى جبل أولياء انقذتنا، هذا النصر إنقاذ لكرامة السودانيين.”
وكشف عبد الباقي عن أخذ مليشيا الدعم السريع عقب هروبها عبر جسر جبل أولياء عدداِ من الضباط وعلى رأسهم ضابطين رفيعين في الحرس الجهموري و 100 ضابط أخرين إلى دارفور، مضيفا بالقول: “هناك أكثر من ألفي أسير مفقود
ومجهولي المصير ولا ندري عنهم شيئا.”
وبدأ الجيش السوداني صباح اليوم (الجمعة) في نقل عدد من المحتجزين الذين تم إطلاق سراحهم من جبل أولياء إلى مدينة القطينة بولاية النيل الأبيض، ويقدر عدد المفرج عنهم بأكثر من 4 آلاف شخص.
وفي مدينة بورتسودان التقينا برئيس إتحاد ألعاب القوى السوداني وعضو اللجنة الأولمبية السودانية، المعز عباس عقب الإفراج عنه من سجون مليشيا الدعم السريع قبل فترة، وقال المعز لموقع “المحقق” الإخباري: “لا يمكن وصف مايحدث داخل معتقلات مليشيا الدعم السريع سوى أنه مأساة إنسانية، لقد كنا مئات داخل بدروم لا تتوفر فيه حتى مكان قضاء الحاجة.”
سلوك المليشيا
من جانبه قال رئيس تحالف سودان العدالة “تسع” بحر إدريس أبو قردة للمحقق: “الحالة السيئة التي ظهر بها المعتقلون من قبل الميليشيا والمختفون قسريا والأسرى، ليست سلوكاً مستغرباِ من هذه الميليشيا، فسلوك الميليشيا على مدى عقدين من الزمان هو ذاته، وقد رأيتم ما حدث في مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور، بدفن الناس أحياء وارتكاب جرائم إبادة جماعية في حق قبيلة المساليت بشكل كامل.”
وزاد بالقول: “ورأيتم انتهاكات الإبادة الجماعية التي حدثت في عدد من قرى ولاية الجزيرة في ود النورة والسريحة، وكل هذه المناطق، بالإضافة إلى فظائع الحاويات التي حرق فيها أعداد غير محصورة من القتلى، و وجد فيها حرق لعدد من المفقودين حتى الان غير معروفين.”
وأشار أبو قردة إلى أن المرحلة القادمة سوف تكشف فظائع كثيرة، موضحاً: “هذه الفظائع المرتكبة من هذه الميليشيا سلوك تعودنا عليه بعد ارتكابها الفظائع في دارفور قبل حوالي عشرين عاما.”
من جانبه قال الخبير القانوني والدستوري دكتور عبدالله درف للمحقق: “شاهدنا الجرائم المروعة التي ارتكبتها هذه الميليشيا في مواجهة المواطنين، والعدد الكبير من الأسرى الذين شاهدناهم بعد خروجهم معتقلات هذه الميليشيا، ونحن كمهتمين بالشأن الانساني كنا نتابع موضوع المعتقلين المدنيين بطرف هذه الميليشيا، وكانت لدينا معلومات أن هناك أكثر من 46 مقر اعتقال في ولاية الخرطوم.”
وأضاف: “استهدفت هذه الميليشيا المواطنين العزل، وارتكبت في مواجهتهم جرائم متعددة من قتل واختفاء قسري والذي يشمل الاعتقال والاحتجاز وتقييد الحرية، وهذه تصنف كجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وفقاً لاتفاقية جنيف 1949، التي تنص على حماية جميع الأشخاص المدنيين في زمن الحرب، وكذلك البروتوكولات الملحقة بهذه الاتفاقية، أيضا الإتفاقية الدولية لحماية الأشخاص المدنيين من الاختفاء القسري لعام 2006، والقانون الدولي الإنساني يجرم مثل هذه الجرائم التي ترتكب في مواجهة المواطنين العزل.”
وزاد درف بالقول: “شاهدنا هؤلاء المواطنين في معتقلات الميليشيا في ظروف سيئة جدا، لا تتوفر فيها أدنى متطلبات الحياة ، من الناحية المتعلقة بالغذاء و الصحة والرعاية الصحية و البيئة التي كان يحتجز فيها هؤلاء المدنيين مما أدى إلى وفاة أعداد كبيرة جدا من هؤلاء المدنيين، وهذه جريمة تصنف كجريمة حرب، وجريمة ضد الانسانية.”
واستطرد: “شاهدنا هذه المعاناة والمآسي التي عاشها هؤلاء المعتقلين من المواطنين العزل وأيضا المعاناة التي كابدها ذوو هؤلاء المعتقلين، لم تكن هناك أي فرصة للتواصل مع هؤلاء المعتقلين من قبل ذويهم ولم يكونوا يعلمون عن مكان اعتقالهم شيئا، كان اختفاءً قسرياً متعمداً ويستهدف المواطنين على أساس عرقي، كانت جريمة نكراء.”
إجراءات قانونية
وأكد مولانا درف بأنهم سيعملون على ملاحقة المجرمين، مضيفا: “نحن الآن نعمل على توثيق هذه الجرائم بغرض إتخاذ الاجراءات القانونية في مواجهة هؤلاء البرابرة الجدد، نحمد الله سبحانه وتعالى على فك أسر هؤلاء المحتجزين قسريا.”
وأشار إلى أن عدد المعتقلين والمختفين قسريا يتجاوز 8 ألف في ولاية الخرطوم بخلاف من توفوا داخل أماكن الاحتجاز، وزاد بالقول : “هذه الجرائم التي ارتكبتها هذه الميليشيا في مواجهة هؤلاء المواطنين العزل لن تمر دون عقاب ولن تمر دون أن نقتص من هؤلاء المجرمين باذن الله سبحانه وتعالى.”
تدويل المأساة
من جانبه قال رئيس منظمة محامو الكرامة والعدالة د.هاني تاج السر للمحقق: “الحالة البائسة التي وجد بها الأسرى تدل على أن المليشيا لا تحترم اتفاقية جنيف الثالثة والرابعة والتي حظرت المعاملة القاسية واللإنسانية والمهينة للأسرى، وكذلك تضمنته البروتوكولات الإضافية الأول والثاني ومنعت المعاملة المهينة للمحتجزين”.
وتابع :” الحالة التي وجد بها الأسرى تدل علي انتهاك صريح لاتفاقية حقوق الإنسان لسنة 1966م.والتي حظرت التعذيب والتجويع وكافة أشكال المعاملة القاسية، يجب تدويل قضية الانتهاكات الحقوقية وتكثيف الإعلام حولها حتي تعلم جميع المنظمات الحقوقية وحشية هذه المليشيا”.
هذا وعلم موقع “المحقق” الإخباري أن اللجنة الوطنية المعنية بالجرائم المرتكبة خلال الحرب، والتي يرأسها النائب العام لجمهوية السودان، شرعت في أخذ الترتيبات الخاصة بتوثيق المزيد من الجرائم المرتكبة بواسطة مليشيا الدعم السريع في المعتقلات السرية من تعذيب وسخرة وقتل على الهوية وانتهاك لكافة أشكال حقوق الإنسان.
بورتسودان – المحقق – طلال إسماعيل
إنضم لقناة النيلين على واتساب