الحركات المسلحة: جدل الحياد وحماية المدنيين .. بقلم : محمد بدوي
تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT
المواقف التي كشف عنها المؤتمر الصحفي لبعض قوي الحركات الموقعة على اتفاق سلام السودان ٢٠٢٠ (اتفاق جوبا) من إعلان حركة تحرير السودان بقيادة مني مناوي حاكم إقليم دارفور وحركة العدل والمساواة بقيادة الدكتور جبريل ابراهيم و حركة تحرير السودان قوي التحرير بقيادة الاستاذ الطاهر حجر عضو المجلس السيادي الانقلابي والذي تراجعت عنه فيما بقي موقف الحركتين المتمثلة في الانضمام للحرب الي جانب القوات المسلحة ليس بالحدث الجديد، فقد أطل هذا الموفق منذ اليوم الرابع للحرب لكن تراجع مناوي من الإنضمام أجلها للظهور مره اخري بعد دخول الحرب الشهر الثامن و لعل الدوافع آنذاك كانت مرتبطة بالموقف من انقلاب ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١ موقف الطرفان منها، لكن وتيرة الحرب التي تسارعت وكشفت ان ما يحدث ليس بالأمر الذي سينقشع خلال ساعات دفع بمناوي التوجه غربا نحو اقليم دارفور ليجد ان الفاشر كانت قد سبقته بلجنة وقف اطلاق النار فلم يكن من مناص سوي الانضمام اليها و اعلان الموقف تحت مهمة حماية المدنيين المنصوص عليها في اتفاق سلام جوبا والذي تحته تم تدريب حوالي ٢٠٠٠ من القوات في يوليو ٢٠٢١ .
اما موقف حجر و د الهادي ادريس رئيس حركة تحرير السودان المجلس الانتقالي فقد تباعد منذ بدء انقلاب ٢٥ اكتوبر٢٠٢٣ عقب استدعاءهما صبيحة الانقلاب للقيادة العامة للقوات المسلحة، ثم تواصل الامر بزيارتهما الطويلة الي ولاية غرب دارفور برفقة قائد الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو حميدتى عقب ذلك، حتى تطور الامر الي مدح حميدتى للدكتور الهادي بزالنجي في يناير ٢٠٢٣ بانه رجل دولة حقيقي، مسارات العلاقة تعرضت للمنعطفات بإطلاق النار على منزل الهادي في ١٥ أبريل ٢٠٢٣ ثم قصف لمنزل اقامته بكافوري عقب ذلك بأيام الي ان انتهي الامر بإقالته من منصبه بالمجلس السيادي الانقلابي في الاسبوع من نوفمبر ٢٠٢٣ .
ان محنه اتفاق جوبا ارتبطت بمنهجها وسياق صناعتها التي اوقعت بها في براثن التحالفات بين المكون العسكري او اطراف الحرب في واقع ظل التغيير فيه غير آبه بصوت الشارع الرافض للتسوية لكون الحالة تحت براثن النظام السابق المستتر من جانب وطموح الدعم السريع نحو السلطة، الي جانب ما اسفر عنه منهج التفاوض من الدفع نحو استلاف عنوان السلام في حالة تقاصرت عنه لكنها ارتقت بلا مواربة نحو اقتسام السلطة في تعبير عن التعامل الفوقي مع الحالة الامر الذي في البدء حذرت منه اوضاع النازحين الماثلة قبل ان يبصم الواقع على ذلك بدء من انخراط التحالف السوداني احد الفصائل الموقعة على اتفاق جوبا في الحرب بغرب دارفور ، مما يدفع بسؤال فرعي في السياق نحو بعثة الامم المتحدة المتكاملة نحو دعم الفترة الانتقالية عن دورها في رصد مسار الاتفاق وواجبها في الانذار المبكر ، فيما جاء التأكيد الثالث في انقسام حركة العدل والمساواة الي مجموعتي د جبريل وصندل .
المواقف التي ظهرت اليوم من بيان اول حول لقاء القادة العسكريين بالحركات بقائد ثان الدعم السريع الفريق عبدالرحيم دلقو بشمال دارفور والاتفاق على التهدئة القتالية قبل ان يعقب ذلك بساعات المؤتمر الصحفي ببورتسودان والذي كشف عن موقف مغاير يمثل احدي نتائج طبيعة اتفاق جوبا و التراكم الذي خلقته المواقف من الاحداث الكبرى خلال الفترة الانتقالية بما يشمل انقلاب اكتوبر ٢٠٢١، ليثور السؤال حول نتائجه ولسنا هنا للتنبؤ بما سيحدث لكن التحليل يشير الي ان الحالة وصلت نقطة المناورة النهائية التي قد تقود الي حالة فصام بين القيادات السياسية والعسكرية حتى لو نجحت جهود الاحتواء فستظل مؤقته لان الفاشر مثلت نقطة انطلاق الاحداث في ٢٠٠٤ الامر الذي يمثل سجلا تاريخيا يعيد الاذهان الي محطات ومواقف كثيرة وتطرح اسئلة جوهرية حول المصير والمالات المحتملة التي كانت الاجابة عليها بالوقوف في الحياد وحماية المدنيين كمخرج امن يسنده اتفاق جوبا، وهو السند الذي ظلت بموجبه تسير الحركات القوافل من بورتسودان الي دارفور و هو ما انتهي اليوم بموجب التطورات التي تواترت و في المشهد مؤتمر القاهرة تحت عنوان الحالة الانسانية التي بالضرورة ستناقش او ستخرج بتوصيات حول العملية الانسانية ومن سيشرف عليها وغيرها من التفاصيل .
اذن الخلاصة ان ما حدث لخص ان زيارات مناوي الافريقية لم تسعفه لشراء المزيد من الزمن للمناورة وان الوجود في بورتسودان ليست بتذكرة مجانية سواء و ان البقاء في المناصب سواء كحاكم لدارفور او وزير للمالية كحال دكتور جبريل مرتبط بشروط التواجد في مناطق سيطرة احد اطراف الحرب التي لا مجال فيها للدفع بالحياد، ولعل تلخيص اخر للمشهد يكمن في أن فشل فيه نظام البشير في تفكيك الحركات نجحت فيه الحركات بامتياز تحسد عليه
badawi0050@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: اتفاق جوبا
إقرأ أيضاً:
تعرّف على المنظمة التي تلاحق مجرمي الحرب الإسرائيليين بجميع أنحاء العالم
نشر موقع "موندويس" الأمريكي، تقريرًا، سلّط فيه الضوء على مؤسسة "هند رجب" التي تأسّست عقب استشهاد الطفلة هند رجب في غزة، بقصف للاحتلال الإسرائيلي، مبرزا أنها تسعى لمحاكمة الجنود الإسرائيليين المتّهمين بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين، مستندة إلى أدلة تشمل منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأوضح التقرير الذي ترجمته "عربي21"، أنّ: "الطريقة التي قُتلت بها الطفلة هند رجب مروعة؛ حيث وُجدت بالمقاعد الخلفية من سيارة محطمة، على بعد أمتار من دبابة ميركافا إسرائيلية"، مضيفا: "وُجدت عمتها وعمها مقتولين في المقعدين الأماميين، وأربعة من أبناء عمومتها ينزفون بجانبها".
وتابع: "كانت تتوسل لموظفة فلسطينية على الطرف الآخر من خط هاتف خلوي، وتبكي خوفا، ثم في لمح البصر، تمزقت لأشلاء بوابل طلقات الرشاشات الإسرائيلية"، مردفا: "استشهدت هند رجب قبل سنة، وكانت في السادسة من عمرها، والآن تسعى المؤسسة التي تحمل اسمها إلى تحقيق العدالة".
"ليس فقط من أجل هند، ولكن من أجل عدد لا يحصى من الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل في انتهاك للقانون الدولي" بحسب التقرير نفسه.
ملاحقة الجنود كأفراد
أضاف الموقع أن المؤسسة لا تلاحق دولة الاحتلال الإسرائيلي، بل تتبع نهجًا مختلفًا بملاحقة الجنود الإسرائيليين كأفراد. وحدّدت المؤسسة التي تتخذ من بروكسل مقرًا لها، في ملف قدمته إلى المحكمة الجنائية الدولية، في لاهاي، في 8 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، هويّة ألف جندي إسرائيلي تعتقد أنه يجب على المحكمة مقاضاتهم.
وأبرز التقرير: "استنادًا إلى 8000 دليل، بما في ذلك منشورات الجنود أنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي من غزة المدمرة"، مشيرا إلى أنه: "من الممارسات التي تباهى بها المجنّدون والضباط الإسرائيليون على فيسبوك وإنستغرام وسناب شات وتيك توك وتلغرام وغيرها: القصف العشوائي".
"القتل المتعمد للمدنيين، بمن فيهم العاملون بالمجال الطبي والصحفيون والمدنيون الذين يلوحون بالرايات البيضاء؛ والتدمير الوحشي للمنازل والمستشفيات والمدارس والأسواق والمساجد؛ والتجويع القسري والنهب" أبرز التقرير ما كان يتباهى به المجنّدون والضباط الإسرائيليون.
وأوضح محامي المؤسسة هارون رضا، أنّ: "مؤسسة هند رجب تراقب جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة منذ كانون الأول/ ديسمبر 2023، بمساعدة شبكة من النشطاء والمحامين حول العالم"، مضيفا أنّ: "المؤسسة لديها شبكة كبيرة جدًا من المحققين في الداخل والخارج".
وتركز المؤسسة، وفق المحامي نفسه، على حسابات مواقع التواصل الاجتماعي للجنود الذين خدموا في غزة منذ بدء الحرب، قبل خمسة عشر شهرًا، ويقول هارون إنّ: "جميع هؤلاء الجنود لديهم حسابات على التواصل الاجتماعي، وكان العديد منهم يضعون صورًا جماعية ويُظهرون أماكنهم وممارساتهم خلال الحرب".
إلى ذلك، تقوم المؤسسة بتوثيق التواريخ والأوقات والمواقع في غزة، ثم تقارنها مع منشورات أخرى للجنود، سواء مقاطع الفيديو أو الصور.
توثيق الجرائم
ذكر الموقع أن القادة العسكريين الإسرائيليين أمروا الجنود بالتوقف عن التباهي بجرائمهم خوفًا من تعرضهم للاعتقال أو الملاحقة القضائية أثناء سفرهم إلى الخارج.
وقال هارون رضا إنّ: "قيادة الجيش لم تطلب من جنودها رسميًا التوقف عن ارتكاب جرائم الحرب، لكنهم طلبوا منهم التوقف عن نشر تلك الممارسات على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا يعني أن القادة يعرفون ما يفعله الجنود ولا يشعرون بالخجل من ذلك، لكنهم لا يريدون أن يتورط الجنود في أي ملاحقات قضائية".
وأضاف رضا أنه: "من المثير للاهتمام أنهم بدأوا يحذفون كل المنشورات، لكنهم لا يعلمون أن الإنترنت له ذاكرة طويلة وأنه كان هناك ما يكفي من الوقت لتوثيق الجرائم"، مؤكدا أن "المؤسسة لديها قاعدة بيانات ضخمة من المعلومات التي تم التحقق منها أكثر من مرة، وتلك البيانات تشكل أدلة لرفع قضايا ضد الجنود المتورطين".
واسترسل: "من بين ألف جندي وردت أسماؤهم في ملف مؤسسة هند رجب للمحكمة الجنائية الدولية، مجموعة من الضباط والقادة، بما في ذلك ثلاثة وثلاثون جنديًا يحملون الجنسية الإسرائيلية وجنسية أخرى، ومنهم أكثر من عشرة جنود من فرنسا والولايات المتحدة، وأربعة من كندا، وثلاثة من المملكة المتحدة، واثنان من هولندا".
إثر ذلك، أرسلت المؤسسة، قائمة بأسماء الجنود الإسرائيليين إلى عشر دول مختلفة يعتبرها الجنود الإسرائيليون وطنهم الأم، أو يتّجهون إليها بعد انتهاء خدمتهم العسكرية، وهي دول تمارس الولاية القضائية العالمية على أخطر الجرائم الدولية.
وأوضح رضا أنّ: "المؤسسة تقوم بالتحقق من المناطق التي يسافر إليها الجنود المتورطون، ومن نمط الرحلات الجوية الأكثر شيوعًا، ثم رفع قضايا بحقهم"؛ موضحا أنه: "تم تقديم شكاوى في النمسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا والسويد وتايلاند والإكوادور".
واعتبر رضا أنه: "رغم فشل العديد من محاولات الاعتقال بعد أن تم إبلاغ الجنود بأنهم ملاحقون ونجحوا في الفرار، فإن نجاح عملية الاعتقال مسألة وقت فحسب".
وتستهدف المؤسسة أيضًا المتواطئين والمحرضين على جرائم حرب الاحتلال الإسرائيلي على كامل قطاع غزة، ومن بين هؤلاء جمهور فريق "مكابي تل أبيب" لكرة القدم، الذين قاموا بأعمال شغب بأمستردام في الخريف الماضي، وحاخام ينتمي للواء جفعاتي الإسرائيلي، تفاخر بتدمير أحياء كاملة في غزة، وأيّد قصف المدنيين الفلسطينيين.
شعور زائف بالأمان
أضاف رضا بأن "الجنود الإسرائيليين أصبحوا مثل مجرمي الحرب النازيين الذين هربوا إلى باراغواي أو كندا أو أوروبا وكان لديهم شعور زائف بالأمان"، مؤكدا أن "المؤسسة تتعقبهم وتستطيع مقاضاتهم في حال الذهاب إلى أي دولة ذات اختصاص قضائي عالمي أو أي دولة توافق على ملاحقتهم قضائيًا".
ويعتقد هارون أن "المسؤول عن قتل هند رجب سيمثل أمام العدالة، لأن جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم عندما تكون هناك ولاية قضائية عالمية، وهذا يعني أنه حتى لو تم اكتشاف المسؤولين عن الجريمة بعد عشرين سنة، سوف تتمكن المؤسسة من ملاحقتهم".
إلى ذلك، خلص التقرير بأنّ: "القائمون على المؤسسة بأنهم لن يرتاحوا حتى ينالوا من جميع مرتكبي جرائم الحرب في غزة، بمن فيهم المسؤولون عن مقتل هند رجب".