السامري!! سحرُ أعين الناس بالخداع لتغيير ضبط المصنع
تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT
تحضرني من ذكريات الحبوبات، (الحبوبة) والدة الأب أو الأم . وعلى رأسهن الحبوبة "أم تيراب" في لكنتها المحببة كان يكمن جمالها، كانت لا تعرف من اللغة العربية كلمة واحدة، ولا من "القرآن الكريم" إلا (الحمد لله رب العالمين) ومن الاعتقاد فقط قول (لا إله إلا الله محمد رسول) ولكن على الرغم من ذلك كانت تنغمس في صلواتها وتناجي ربها.
يعتبر خداع العقل وسحر الأعين وتوجيه الوعي، آلية يستخدمها الانسان بغرض تحقيق أهداف معينة، وذلك بتغبيش الوعي وتزييف الحقائق ولا يتحقق ذلك إلا بأخذ قبضة من أثر الرسول، ليسحروا به اعين الناس، وتوجيه الفهم ليصنعوا لهم عجلا له خوار. مثال ذلك إطلاق كلمة (كوز) لكل من يخالفك الرأى. وكلمة (فلول) لكل من قال جيش واحد شعب وكلمة (قحاتي) لكل من يخالفك الفهم، وكافر وزنديق لكل من يخالفك في الاعتقاد. عقلية الثنائيات أبيض وأسود، هلال ومريخ، لا تسهم في بناء جسور من التفاهم، فالموضوع أكبر بكثير خصوصا في حالة وطن يكون أو لا يكون. كثيراً ما نستخدم اللغة ببراعة لتشكيل الرأي العام وتوجيه الانتباه نحو قضايا بعينها. مثل هذه الأساليب، تجعل الكلمات أقوى من الأفعال في تحقيق الأهداف، إلا أنها تطرح تساؤلات حول أخلاقيات الاستخدام وتأثيرها على العلاقات الإنسانية والمجتمع بشكل عام. فاستخدام الأخلاق والقيم في سياقات الاختلاف تعكس نضجاً اجتماعياً يسهم في مد جسور التواصل وتجنب التصاعد السلبي والتعبير عن وجهات النظر بطريقة محترمة ومتسامحة بعيداً عن الانفعالات الزائدة. فالقيم والأخلاق ضروريتان نحو حلول توفر توازنا بناء مثمراً. بهذا النهج، يمكن أن تصبح التحديات فرصاً للتعلم وتوسيع آفاق الفهم، وطرح حلول تسهم في بناء مجتمع يتمتع بالتنوع والإحترام الذي يعزز وحدته.
قوة الكلمة أحياناً تتجاوز الأفعال في تحقيق الأهداف. عندما نستخدم كلمة ملهمة يمكن أن ينتج ذلك تغييراً في الآراء والمواقف. علينا أن نكون حذرين، فالتعبير اللفظي إذا لم يُستخدم بحذر يمكن أن يثير فتنة. وعليه من الضروري أن يكون الحوار مبنيا على الاحترام وقبول التباين. إن سر بناء الوطن يكمن في التفاهم والتعاون بعيداً عن النزاعات والصراعات. دعونا نبني وطنا يسوده الحوار، ونتجاوز التهميش والانقسامات لتحقيق تطلعات مجتمع معافى. في وطن مترابط متسامح، لنلمس جمال الاختلاف ونحترم تنوّع الآراء. فالوحدة الوطنية لا تتأسس بالتشظي والانقسام، بل تتجلى في التعايش السلمي بين الأفراد، وتجاوز الانقسامات وترك العدالة تأخذ مجراها، لتعاقب كل من ارتكب جرماً مُثبتا بالدليل، هذا ما يعزز مفهوم العدالة، بعيداً عن التعميم ووضع جميع الأفراد في قوالب ضيقة، أو سلة واحدة (اسلاميون، قحاتة، جذريين، غرابة، جلابة) وغيرها، فالاقصاء لا يفاقم المشكلة وحسب، بل يؤدي إلى تشكل هويات متناحرة، ان التفاهم أفضل طريق لبناء مجتمع يعيش بسلام. (سلام عليكم وعليكم السلام!) هنا اختلاف في أنبل حروف، لكنها تعزز من رونق وجمال الحياة. فالاحترام المتبادل والتفاهم يُسهمان في بناء جسور الوحدة والتآخي. لنكن مرحبين بالحوار والتفاهم، فالوطن يزدهر عندما نحترم بعضنا ونسعى لبناء مستقبل أفضل بروح الحب والاخاء.
عندما ترتفع مستويات وعينا ويدرك كل منا دوره الفعّال وتفاعله مع مسؤولياته ونخاطب الاسباب الجذرية لمشاكلنا، تتوقف الحروب، ونحس بالجمال في وطن يسع الجميع. عندما يعيش الناس حياة كريمة بفضل الأمان والفرص المتساوية والتنمية المتوازنة، يتحولون إلى عناصر نشطة في نمو الوطن. عندما يُوفَّر للعلماء البيئة الملائمة والرعاية الكريمة وحياة لائقة تتلاشى هموم هجرتهم ويُقل رحيلهم إلى الخارج بحثاً عن لقمة عيش كريم هنا يُظهر الابتكار بتقديم حلول للتحديات. وقتها ينفتح فصل جديد من الازدهار والاستقرار. تتوقف الصراعات عندما يُستثمر في الامن وتوفير المعاش في كل زاوية من أرجاء الوطن. توفير التعليم للجميع هو أساس أساسي لبناء مجتمع مستدام ومزدهر. يسهم في تحقيق المساواة وتوفير فرص للجميع لتطوير مهاراتهم وتحقيق إمكانياتهم، عندها يتحول البلد إلى مركز جاذب للمواهب. تتوقف الحرب بإقامة كليات تعمل لتطوير التكنولوجيا، وتخريج كوادر طبية لأكتشاف الأمراض، صيادلة مبدعين في صنع الأمصال، مهندسين وقضاة ومحاسبين واداريين اكفاء عندها نبني وطناً ينعم الجميع بالصحة والازدهار.
في ثورة ديسمبر، تلاحم الجميع لإسقاط النظام باستناد إلى شعارات موحدة، ولكن نتيجة للشلليات والانانية والتفرد وحب الذات وعدم الصدق وصلنا لواقع مأساوي وحرب مدمرة. وللخروج من هذا المأزق وتحقيق تقدم فعّال، يتوجب علينا في البداية أن نكون صادقين مع ذواتنا قبل صدقنا مع الأخرين. الراهن السياسي تتجلى فيه (كوزنة) فارغة، عندما يتلاعب السياسيون بالحقائق، يفقدون قيمتهم ليصبحوا مجرد ( كيزان) لأن الكوزنة في اصلها سلوك. من بداية الحراك حتى الآن شهدت سلوكنا وأقوالنا تغييراً هائلاً، والتسجيلات شاهدة على ذلك. في خضم التحولات التي شهدناها كانت من ضمن أهداف الثورة حكومة (كفاءات) مستقلة ، ولكن في الحقيقة كانت حكومة (شلليات) تنقصها الخبرة في إدارة الدولة، وتلتها حكومة (حزبية) ضعيفة، وهنا تبرز أهمية الأهلية والكفاءة في القيادة لتحقيق تقدم يعود بالنفع على المواطنين ويعزز سلطة الشعب. يجب أن يكون للأهلية دور أساسي في الاختيار، ان الأفراد الذين يتمتعون بالأهلية الفكرية والوعي يمكن أن يصبحوا رواداً في قيادة مستقبل واعد. عندما خاطب الله سبحانه سيدنا نوحا ب (أن ابنك ليس من اهلك) لم يقصد ابنه البيولوجي، لانها حقيقة لا جدال فيها، وانما البنوة الفكرية كما نقول أبنائي الطلبة هم بنوتي الفكرية أو من بنات أفكاري.. والاهلية هنا ليست قرابة الدم أو القبيلة أو غيرها وانما الأهلية هنا بمعني الكفاءة والوعي، فالبنوة الفكرية للشخص المقصود، ومستواه الفكري هو ما يؤهله لركوب السفينة، للاهلية والكفاءة أهمية قصوى، كركيزة أساسية لإختيار القادة وتولي المسؤوليات في أي مجتمع يسعى إلى التقدم والتطوير، انهما الضمانة لاختيار قادة لهم رؤية لتحقيق الأهداف بطريقة فعّالة ومستدامة، قادة قادرون علي تحمل المسؤوليات، واتخاذ القرارات الحكيمة، وفهم التحديات. اننا نكتب - للأسف - وبلادنا نازفة وجريحة، والقلب نازف وموجوع.. ولا يسعنا سوى أن ندعو الله سبحانه ليرحم شهداءنا وآخرهم (ود الأمين).
abudafair@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: یمکن أن عندما ی لکل من
إقرأ أيضاً:
خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
المناطق_واس
أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي ، المسلمين بتقوى الله وعبادته، والتقرب إليه بطاعته بما يرضيه وتجنب مساخطه ومناهيه.
أخبار قد تهمك النائب العام ونظيره البحريني يوقعان اتفاقية تعاون مشترك في مجال مكافحة الجريمة الأصلية والإرهاب وتمويله وغسل الأموال 20 ديسمبر 2024 - 2:07 مساءً أمطار على مدينة جدة 20 ديسمبر 2024 - 1:59 مساءً
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام : “إن مهمة الرسل الدعوة إلى الله تعالى، وتوحيده وإفراده بالعبادة، وإبلاغ الرسالة، وتبيين الشريعة، فقد بعثوا دعاة إلى الخير، وهداة للبشر، مبشرين من أطاع الله بعظيم الجزاء، ووافر العطاء، ومنذرين من عصاه بشديد العقاب، وسوء المآب: ﴿ رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لئلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾، ونبينا صلى الله عليه وسلم، خاتم الرسل وسيد ولد آدم، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، حتى أتاه اليقين من ربه، فكان صلى الله عليه وسلم، يدعو أمته ليلًا ونهارًا، سرًا وجهارًا، لا يدع مناسبة، إلا ويغتنمها لإبلاغ الرسالة، فكان صلى الله عليه وسلم يذهب للمشركين في أسواقهم ومجامعهم، يدعوهم إلى ربهم، ويصبر على أذاهم وسفههم، وصدهم وإعراضهم “.
وأضاف أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كان يحدو أمله، وتحمله ورحمته وشفقته، ليحيا الناس حياة طيبة في الدنيا، ونعيمًا أبديًا في الأخرى، فحرصه على أمته أشد من حرصهم هم على أنفسهم، حتى كان يتحسر ويحزن لإعراضهم، حسرة تكاد تفتك به وتهلكه، فنهاه ربه عن ذلك، رأفة ورحمة به، فقال: ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾، أي: لعلك من شدة حرصك على هدايتهم، مُهْلِك نفسك يا محمد؛ وقال له ربه في آية أخرى: ﴿فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾، بل شبه سبحانه حزنه عليهم، برجل فارقه أحبته، فهو يسير على آثارهم، حتى كاد يهلك، وجدًا وتلهفًا على فراقهم، فقال سبحانه: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا﴾، وبين له سبحانه، أن التوفيق للهداية منه وحده، فقال: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾.
وأشار إمام وخطيب المسجد الحرام إلى أنه من عجيب أمر كثير من الناس، مع حرصه صلى الله عليه وسلم على هدايتهم، إلا أنهم يقابلون ذلك بإعراضهم وصدهم، كما قال جل وعلا: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾، بل إن حرصه صلى الله عليه وسلم كان على أناس ما علموا بوسيلة تدخل الأذى والشر إليه، إلا سعوا إليها بكل حرص، فهم حريصون أشد الحرص، على أذيته بل على قتله، وهو صلى الله عليه وسلم، حريص أشد الحرص، على هدايتهم ونفعهم.
وأكد الدكتور المعيقلي، أنه من كمال شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته، واهتمامه بأمرهم، كثرة دعائه لهم، وبكاءه لأجلهم؛ حرصًا عليهم، وخوفًا من عذابهم، ففي صحيح مسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم، رفع يديه يدعو لأمته، وقال: ((اللَّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي، وَبَكَى، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَرَبُّكَ أَعْلَمُ، فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَالَ، وَهُوَ أَعْلَمُ، فَقَالَ اللَّهُ: يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلَا نَسُوءُكَ))، وإن من عظيم حرصه صلى الله عليه وسلم، تتبعه شؤون أصحابه وأتباعه، فهو يواسي المحزون، ويعين المحتاج، ويفرج عن المكروب، ويرحم الصغير، ويوقر الكبير، ويكون مع الناس في أفراحهم وأتراحهم، وشؤونهم وأحوالهم، ومن دقيق وحسن سيرته، حرصه على مراعاة نفسيات أصحابه.
وبين فضيلته أن حرص النبي صلى الله عليه وسلم على أمته، بلغ الغاية في بيان شريعته، ممتثلًا أمر ربه: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾، فما من شيء يقرِّب الأمة من الجنة، ويزحزحهم عن النار؛ إلا وقد بيّنه صلى الله عليه وسلم، والله تبارك وتعالى يقول: ﴿فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ﴾، والنبي صلى الله عليه وسلم، يريد الفوز العظيم لأمته، في الدنيا والآخرة، فما ترك صلى الله عليه وسلم بلاغ أمته، حتى وهو يجود بنفسه، وروحه تخرج من جسده، كما في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَميصةٌ سَوْداءُ حينَ اشتَدَّ به وَجَعُه، قالَتْ: فهو يَضَعُها مرَّةً على وَجْهِه، ومرَّةً يَكشِفُها عنه، ويقولُ: ((قاتَلَ اللهُ قَومًا اتَّخَذوا قُبورَ أنْبيائِهم مَساجِدَ))، يُحَرِّمُ ذلك على أُمَّتِه.
وأفاد الشيخ المعيقلي أن حرص النبي صلى الله عليه وسلم على من اتّبعه من أمته، لا ينتهي بانتهاء الحياة الدنيا، فإذا انشغل الناس بأنفسهم يوم القيامة، حتى يقول الأنبياء عليهم السلام: نفسي نفسي، يقول صلى الله عليه وسلم: أمتي أمتي، ففي الصحيحين: قال ﷺ : (إذَا كانَ يَوْمُ القِيَامَةِ مَاجَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ في بَعْضٍ – ثم ذكر مجيئهم إلى الأنبياء – قال: ((فَيَأْتُونِي، فأقُولُ: أنَا لَهَا، فأسْتَأْذِنُ علَى رَبِّي، فيُؤْذَنُ لِي، ويُلْهِمُنِي مَحَامِدَ أحْمَدُهُ بهَا لا تَحْضُرُنِي الآنَ، فأحْمَدُهُ بتِلْكَ المَحَامِدِ، وأَخِرُّ له سَاجِدًا، فيَقولُ: يا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وسَلْ تُعْطَ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ، فأقُولُ: يا رَبِّ، أُمَّتي أُمَّتِي )، فسبحان الله! كم بين قول الرسل عليهم السلام: نفسي نفسي، وبين قول نبينا ﷺ : أمتي أمتي، من معانٍ عظيمة، ودلالات كريمة، تبين حرصه ﷺ على نجاة أمته، ويحضر عرصات يوم القيامة، ليكون شفيعًا لأمته؛ فتارة يقف عند الميزان، وتارة يقف على جنبات الصراط، يطلب لأمته السّلامة والنّجاة، فحري بنا أمة إسلام، أن نطيع أمره، ونقتفي أثره، ونذب عن ملته وشريعته، ونقابل حرصه علينا، باتباعنا لسنته، فأسعد الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، هم أشدهم اتباعًا له، وتمسكًا بسنته، وهم أهل محبته وولايته؛ لقوله تبارك اسمه: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾.
كما تحدث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالباري بن عواض الثبيتي عن بذل الخير والسعي في إسعاد الناس ونفعهم، والتيسير على العباد، ودفع الضرر عنهم، والسعي في إصلاح ذات البين، امتثالاً لما حثّ عليه دين الإسلام، وبما جاء في كتاب الله جل وعلا، وهدي نبينا محمد عليه الصلاة والسلام من القول والعمل.
وأوضح الشيخ الدكتور عبدالباري الثبيتي في خطبة الجمعة اليوم من المسجد النبوي أن من هدي النبوة، ومن نور الرسالة الذي يجعل للحياة قيمة وللمسلم قدرًا وهدفًا، ويربط المسلم مجتمعه، ويجعله فاعلاً بينهم، قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا) رواه الطبراني.
وبيّن أن هذا الحديث، يصحّح نظر المسلم للكون والخلق والحياة، ويقوّم المسار، ويوجه البوصلة، وهو جدير بأن نتأمل حروفه ونتبين مدلوله، ليتدفق في عروق الأفراد والمجتمعات طعم الإسلام، وحلاوة هذا الدين، خاصة حين تغلب روح الأنانية والفردية، ويتضخم حب الذات، وتجمد العواطف، وتذبل العلاقات، وينشغل المسلم عن واجبه تجاه أمته، وعن رسالته في حق وطنه، وعن دوره في مجتمعه.
وتابع إمام وخطيب المسجد النبوي بقوله، إن أعظم وسام يناله المسلم؛ أن يكون أحبّ الناس إلى الله، وأعظم تحفيز للمسارعين إلى الله وطالبي رضاه، زرع البسمة على الشفاه، وكشفُ الكربة عن المكروبين، وبذل العون للمحتاج، مبينًا أنه بمثل هذه التوجيهات الربانية والنبوية يربّي الإسلام أفراده على العطاء، ويجعل كل واحد منهم نبعًا يفيض بالخير والعطاء، فمن سلك هذا المسلك فإن حياته تتّسع، وصدره ينشرح، وتحلّ عليه البركة.
وأشار إلى أن أبواب النفع ليست محدودة في نطاق محصور، ولا في مجال ضيق، مشيرًا إلى وظيفة النبوة التي جُعلت لنفع الخلق وإخراجهم من ظلمات الشرك إلى نور الإسلام، فترك لنا الأنبياء والصالحون أمثلة عظيمة على المشاريع الحياتية التي كرّسوا حياتهم من أجلها، فقام كل نبيٍ بدعوة قومه لتوحيد الله، وأرسى معالم ومنارات اهتدى بها الناس من بعدهم.
وتابع قائلاً: فنبي الله نوح عليه السلام يبني سفينة النجاة لأمته، ونبي الله إبراهيم عليه السلام يلبّي نداء ربه ويمتثل أمره ببناء الكعبة لتكون قبله للتوحيد وللعبادة للأجيال القادمة، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم يترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، ويرسي فيها مكارم الأخلاق وقيم التربية ومحاسن الأمور، ولما رجع صلوات ربي وسلامه عليه من غار حراء قد عرته الدهشة للملك الذي جاءه في الغار، يقول لخديجة رضي الله عنها: “قد خشيت على نفسي” فقالت له: “كلا، أبشر، والله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكلّ وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق” متفق عليه.
وأوضح أن هذه الأحوال كلها مشتملة على نفع متعدٍّ للآخرين، فكانت عاصمة له بإذن الله من أن يصيبه خزيٌ أو حزن أو أذى، كما تعلم الصحابة من نبيهم هذا الدرس ووعوه جيدًا وضربوا أروع النماذج في النفع، واستثمر كل واحد منهم ما وهبه الله من قدرات ومواهب في مشاريع حياتية تركت آثارًا خالدة على الأمة الإسلامية.
وبين الشيخ الثبيتي أن نفع الأمة له أشكال عديدة، فتارة بنشر الإسلام وبناء قيمه السامية، وتارة بإغاثة الملهوفين، ودعم الفقراء والمساكين، ومرة ببناء المساجد ودعم حلقات تحفيظ القرآن الكريم والمؤسسات الخيرية، ثم بنفع الوطن الذي عاش على ترابه واستنشق هواءه ونهل من معينه بالإسهام في بناء مؤسساته، والعمل على ازدهاره ورفع شأنه، والانخراط في تنميته والعمل على استقراره وتعزيز لحمته.
وأفاد أن من بين الناس من يجعل حياته مشروعًا يحمل الخير للناس، يضع نصب عينيه تجاوز حدود الوقت والمكان، فيكون سببًا في نفع أجيال متعاقبة حتى بعد أن يودع هذه الدنيا، مبينًا أن هؤلاء هم أصحاب الهمم العالية والطموحات الكبيرة، الذين يبذلون حياتهم لمشروع واحد عظيم، وهدف سامٍ كبير يملأ حياتهم، ويملأ حياة الناس من بعدهم، فينتفع به الناس أيّما انتفاع، ويسعى دومًا بالارتقاء بشأن المجتمع بخدمة يقدمها في مجال العلم أو الاقتصاد أو الصحة أو أي مجال من مجالات الخير والتطوع والتطوير والبناء.
وقال الشيخ عبدالباري الثبيتي : إن مشروع الحياة حتى لو كان صغيرًا فإنه كبير بالنية الصادقة، وهي رسالة يحملها صاحبها طيلة حياته، يعمل من أجلها في كل لحظة من لحظات عمره، يبذل في سبيلها من جهده ووقته وماله؛ ليكون أثره ممتدًا بعد وفاته، ونفعه وأجره مدرارًا في ميزان حسناته، ومن أخلص النية وكان هدفه إرضاء ربه؛ نال مراده وبارك الله في جهده.
وأشار إلى أن مشروع الحياة قد يستغرق سنوات حتى يؤتي ثماره، لكن أصحاب الهمم العالية لا تثنيهم العقبات، ولا يحبطهم الفشل، بل يتعلمون ويمضون قدمًا بالصبر ومداومة العمل والعطاء وبذل الخير،مذكرًا بمن ساهموا في نفع الناس وتطوير المجتمعات بتأسيس المدارس والجامعات والمستشفيات، وتطوير العلوم والمعارف، ونشر العلم، وغرس القيم والدعوة إلى الله، فخلّد التاريخ أسماءهم، وحفظ الرب أجرهم، لا لأنهم بحثوا عن المجد الشخصي، ولكن لأنهم اختاروا نفع الناس، والارتقاء بأمتهم ووطنهم، ولاينقطع أجرهم بوفاتهم.
واختتم فضيلته الخطبة داعيًا إلى استشعار هذه المفاهيم العظيمة في تطوير المجتمع، وتأسيس المبادرات التي تنهض بالوطن، وتعزز من قوة الأمة، مشيرًا إلى حاجة الأمة اليوم إلى كل جهد نافع، ولكل مشروع يحمل الخير للأجيال القادمة.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط 20 ديسمبر 2024 - 2:15 مساءً شاركها فيسبوك X لينكدإن ماسنجر ماسنجر أقرأ التالي أبرز المواد20 ديسمبر 2024 - 1:59 مساءًالصين تطلق مجموعة جديدة من الأقمار الاصطناعية أبرز المواد20 ديسمبر 2024 - 1:56 مساءً“مدن” تعلن موعد إعلان أسماء الفائزين بجائزة “مدن للتميز” أبرز المواد20 ديسمبر 2024 - 1:42 مساءًمكافحة المخدرات تواصل استقبال زوار “واحة الأمن” بمهرجان الملك عبدالعزيز للإبل بالصياهد أبرز المواد20 ديسمبر 2024 - 1:18 مساءًمنظمة الصحة العالمية تدعو إلى تمويل إعادة بناء النظام الصحي في لبنان أبرز المواد20 ديسمبر 2024 - 1:09 مساءًخفر السواحل في اليونان يعلن وفاة 8 وإنقاذ 18 إثر غرق قارب يقل مهاجرين قبالة جزيرة رودس20 ديسمبر 2024 - 1:59 مساءًالصين تطلق مجموعة جديدة من الأقمار الاصطناعية20 ديسمبر 2024 - 1:56 مساءً“مدن” تعلن موعد إعلان أسماء الفائزين بجائزة “مدن للتميز”20 ديسمبر 2024 - 1:42 مساءًمكافحة المخدرات تواصل استقبال زوار “واحة الأمن” بمهرجان الملك عبدالعزيز للإبل بالصياهد20 ديسمبر 2024 - 1:18 مساءًمنظمة الصحة العالمية تدعو إلى تمويل إعادة بناء النظام الصحي في لبنان20 ديسمبر 2024 - 1:09 مساءًخفر السواحل في اليونان يعلن وفاة 8 وإنقاذ 18 إثر غرق قارب يقل مهاجرين قبالة جزيرة رودس النائب العام ونظيره البحريني يوقعان اتفاقية تعاون مشترك في مجال مكافحة الجريمة الأصلية والإرهاب وتمويله وغسل الأموال النائب العام ونظيره البحريني يوقعان اتفاقية تعاون مشترك في مجال مكافحة الجريمة الأصلية والإرهاب وتمويله وغسل الأموال تابعنا على تويتـــــرTweets by AlMnatiq تابعنا على فيسبوك تابعنا على فيسبوكالأكثر مشاهدة الفوائد الاجتماعية للإسكان التعاوني 4 أغسطس 2022 - 11:10 مساءً بث مباشر مباراة الهلال وريال مدريد بكأس العالم للأندية 11 فبراير 2023 - 1:45 مساءً اليوم.. “حساب المواطن” يبدأ في صرف مستحقات المستفيدين من الدعم لدفعة يناير الجاري 10 يناير 2023 - 8:12 صباحًا جميع الحقوق محفوظة لجوال وصحيفة المناطق © حقوق النشر 2024 | تطوير سيكيور هوست | مُستضاف بفخر لدى سيكيورهوستفيسبوكXYouTubeانستقرامواتساب فيسبوك X ماسنجر ماسنجر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق البحث عن: فيسبوكXYouTubeانستقرامواتساب إغلاق بحث عن إغلاق بحث عن