يقول تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية إن إسرائيل تحرز تقدما في السيطرة البرية على غزة، لكنها لم تهزم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أو تطلق سراح معظم الرهائن، كما أن الإدانة الدولية للخسائر في صفوف المدنيين آخذة في الازدياد.

ويركز التقرير على الإجابة عن إذا ما كانت الإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية ستنجح في القضاء على حماس، مشيرا إلى أنه حتى الآن ليس واضحا أن هذه الإستراتيجية ستنجح.

وأوضح التقرير أن استيلاء الجيش الإسرائيلي على مستشفى الشفاء، أكبر مجمع طبي في غزة، يُعتبر محوريا للإستراتيجية العسكرية الإسرائيلية في قلب الغزو البري، التي تستهدف القضاء على حماس وإطلاق سراح ما يقرب من 240 أسيرا.

"الشفاء" أول اختبار

وأضاف التقرير أن إسرائيل لطالما اتهمت حماس باستخدام المدنيين دروعا بشرية في قطاع غزة المكتظ بالسكان، وزعمت أن الحركة وضعت منشآت عسكرية تحت الأرض بالقرب من المنازل والمدارس والمساجد والمستشفيات في جميع أنحاء غزة.

وأصبح مجمع الشفاء أول اختبار في هذه الرواية، إذ ادعى الجيش الإسرائيلي أن حماس استخدمت متاهة واسعة من الأنفاق تحت المستشفى كقاعدة، لكن الجيش الإسرائيلي لم يقدم بعد أدلة علنية على وجود هذه الشبكة ولا لمركز القيادة المزعوم لحماس تحت الشفاء، وتتعرض إسرائيل لضغوط دولية متزايدة لإظهار أن المستشفى كان هدفا عسكريا حاسما.

وقال مسؤولون عسكريون إسرائيليون -يوم الجمعة الماضي- إن تفتيش المستشفى سيستغرق بعض الوقت بسبب خطر مواجهة أعضاء حماس والفخاخ المتفجرة، وإنهم سيضطرون لاستخدام الكلاب والمهندسين القتاليين.

ووفقا لـ3 ضباط إسرائيليين، فإن القوات الإسرائيلية تتقدم ببطء حاليا وتسيطر حاليا على جزء فقط من موقع المستشفى، كما تتجنب دخول ممر عمودي تم اكتشافه هناك.

ويدعي الجيش أن لديه بالفعل دليلا على جزء على الأقل من نفق تحت المستشفى. ويشير مقطع فيديو، قال مسؤول إسرائيلي إنه تم تصويره بواسطة كاميرا تم إنزالها في الممر العمودي من قبل القوات يوم الجمعة واستعرضته صحيفة نيويورك تايمز، إلى أنه نفق من صنع الإنسان، مع ممر واحد -على الأقل- واسع بما يكفي لمرور الناس.

ويبدو أن النفق يبلغ طوله 50 قدما أو أكثر، وفي نهايته باب قال المسؤول إنه محصن لتحمل المتفجرات. ويظهر الفيديو أن الباب يحتوي على كوة صغيرة تسمح، وفقا للمسؤول الإسرائيلي، بإطلاق النار في اتجاه واحد من الجانب الآخر من الباب داخل النفق.


وعلى الرغم من أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قال -في بيان مصور- إن إسرائيل "سرعت أنشطتها ضد الأنفاق"، وإن مقاتلي حماس فقدوا السيطرة في الشمال وفروا جنوبا، فإن محللين عسكريين قالوا إن تصريحات غالانت أثارت عديدا من الأسئلة.

صعوبات القضاء على حماس

ويتساءل المحللون العسكريون عن كيفية القضاء على حماس إذا اندمج مقاتلوها مع بقية السكان وهم يتجهون جنوبا، وعن كم من الوقت يمكن لإسرائيل الاستمرار في إطلاق النار في ظل الضغط الدولي المتزايد لوقفها وتصاعد الخسائر في صفوف المدنيين في غزة.

وقال مسؤولون عسكريون أميركيون إن نظراءهم الإسرائيليين يطلبون منهم توقع مزيد من أسابيع عمليات "التطهير" في الشمال قبل أن تعد إسرائيل مبادرة منفصلة في جنوب غزة، مما يوسع نطاق الهجوم.

ويقول مسؤول إسرائيلي إنه في حين أن قادة حماس ربما كانوا تحت مستشفى الشفاء في بداية الحرب، إلا أن معظمهم أجلوا إلى الجنوب حاليا، ولذلك، سيتعين على إسرائيل إجلاء المدنيين واستهداف كتائب حماس هناك خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، وتوقع المسؤول الإسرائيلي أن يكون هذا الأمر معقدا بسبب فقدان المجتمع الدولي صبره على إسرائيل.

وقال الجنرال كينيث ماكنزي جونيور -قائد متقاعد للقيادة المركزية للجيش الأميركي- إنه لا يزال من غير الواضح عدد كبار قادة حماس الذين قتلهم الجيش الإسرائيلي، حتى بعد تحويل أجزاء من غزة إلى أنقاض وقتل أكثر من ألف من مقاتلي حماس.

في غضون ذلك، تقول نيويورك تايمز كلما طال أمد الحرب زاد الضغط على الاقتصاد الإسرائيلي، مع انسحاب 360 ألفا من جنود الاحتياط العسكريين من وظائفهم المدنية للقتال. وقال الجنرال ماكنزي "الوقت ليس إلى جانب إسرائيل دوليا أو محليا".

وقال مسؤولون ومحللون إن ذلك يشكل ضغطا على الجيش الإسرائيلي لإلحاق أكبر قدر ممكن من الضرر بحماس في أسرع وقت ممكن.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی القضاء على حماس نیویورک تایمز

إقرأ أيضاً:

صاندي تايمز: فشل نتنياهو في تحديد أهداف واضحة أعطى حماس فرصة للنجاة

نشرت صحيفة "صاندي تايمز" البريطانية، تقريرا، أعدّه أستاذ دراسات الحرب في كلية "كينغز كوليج" في لندن، مايكل كلارك، تساءل فيه عن: قدرات حماس في غزة وكيف أن دولة الاحتلال الإسرائيلي فشلت في تدمير الحركة. 

وقال كلارك، في التقرير الذي ترجمته "عربي21" إنّ: "حكومة حماس في القطاع لم تُهزم، وهذا بسبب تحضيراتها الذكية واعتماد إسرائيل على القصف الجوي"، مضيفا أنّ: الاحتلال الإسرائيلي أعلن رسميا في 7 تشرين الأول/ أكتوبر الحرب على حماس، وأعلن رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، أن "تدميرها" هو هدفه الرئيسي في الحرب، ثم تحدّث لاحقا عن "إبادتها". 

وفي الأسبوع الماضي، وجه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لحماس "تحذيرا أخيرا"، على موقع التواصل الاجتماعي الخاص به "تروث سوشيال"؛ بالقول: "أطلقوا سراح جميع الأسرى الآن، وليس لاحقا وإلا انتهى الأمر بالنسبة لكم". 

وتابع التقرير: "كان رد حماس على خطاب ترامب قويا، مدروسا تقريبا. وقالت فيه إن أفضل طريقة للإفراج عن الأسرى هي المضي قدما في المرحلة الثانية المحددة من اتفاق وقف إطلاق النار كانون الثاني/ يناير".

وأوضح كلارك أنّ: "العروض التي نظمتها حماس في الأسابيع الماضية لتسليم الأسرى، كانت تهدف لتمرير رسالة تحدّي، وهي أنّ الجماعة لا تزال تسيطر على غزة ولم يتم محوها. كما تُرسل أيضا رسالة إلى العالم، بأنها بعيدة كل البعد عن النهاية، وتهين إسرائيل في طريقة تسليم الأسرى أو جثثهم". 

واسترسل بكون: حماس تضرّرت بشدة من عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة. فقد استشهد ثلاثة من كبار قادتها. وفكّكت كتائبها الـ24  واستشهد 18,000 مقاتلا من بين 48,200 شخصا استشهدو في الحرب، وذلك وفق أرقام وزارة الصحة في غزة. 


واستدرك الكاتب بأنّ: "حماس نجت، مع ذلك، وهذا ما يجب على أي جماعة تمرّد فعله"، مبيّنا أن جيش الاحتلال الإسرائيلي بحاجة لعدة سنوات قبل أن يتمكن من إعادة حماس للوضع الذي كانت عليه قبل عام 2006، عندما سيطرت على القطاع بعد صراع مع السلطة الوطنية، وربّما لن تحقق هذا الهدف أبدا.
 
وأشار كلارك لما قاله وزير الخارجية الأمريكي، أنطوني بلينكن، في الأسابيع الأخيرة من منصبه، بأنّ حماس "جنّدت مقاتلين بنفس العدد أو أكثر من الذين خسرتهم"، وربما كان الأمر أسوأ بالنسبة لجيش الاحتلال الإسرائيلي.

وأوضح: "من بين سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، والذين يعيشون وسط الدمار، فإن أكثر من نصفهم دون سن الـ 18 عاما  ونحو 300,000 شابا في الفئة العمرية داعمين لحماس"، مردفا بأنّ: "قادة الظل للحركة يشعرون أنّ لدى الحركة الكثير لأن تعيش من أجله، ومن غير المرجح أن يعيشوا ليروا الكثير منه". 

ويعتقد الكاتب أنّ: "نجاة حماس يمكن نسبته إلى وجهين لعملة واحدة استراتيجية. الوجه الأول هو الاستعدادات التي قام بها قادة حماس ليوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر. ولعلّ قادتها لم يتوقعوا فجوة مدتها عشرون يوما قبل أن يتقدم الجيش الإسرائيلي إلى غزة".

وأضاف: "لكن عندما حدث ذلك، لجأت حماس لمخزونها من الأسلحة بأنفاقها التي تمتد لأميال تحت الأرض. ومع إجبارهم على الخروج من كل منطقة، كانوا يفرون عبر هذه الأنفاق أو انضموا لحشود اللاجئين المدنيين، الذين كانوا أكثر عددا من أن يتمكن الجيش الإسرائيلي من فحصهم. وكانوا يعيشون على مخزونهم من الطعام عندما قيدت إسرائيل إمدادات الغذاء في محاولة فاشلة لتحويل السكان ضد حماس".

"وجد مقاتلو الحركة سهولة في إعادة تموضعهم، مع تركيز هجوم الجيش الإسرائيلي. فعندما ركزت إسرائيل على الشمال، اتّجهوا جنوبا، وعندما تحركت القوات الإسرائيلية أخيرا نحو الجنوب، عادت حماس إلى الشمال ومراكز مثل جباليا والشجاعية" بحسب التقرير نفسه.


وأردف بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي قد: "أعاد الهجوم على مخيم جباليا ثلاث مرات بالفعل. وتمكّنت حماس من إدارة دولة صغيرة بحرية في وسط غزة، والتي تجاوزها الجيش الإسرائيلي، بل وحتى سيطرت على المواصي، وفوق كل شيء، قامت حماس بالاستعدادات اللازمة للحفاظ على بنيتها سليمة من خلال عملياتها الاستخباراتية الخاصة".

"إلى جانب الأسلحة التي تخزنها حماس، فإن إنتاجها المحلي من الصواريخ قصيرة المدى عيار 107 ملم زاد الآن أكثر من أي وقت مضى" استرسل التقرير، مردفا أنّ إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون من عيار 60 ملم، استمرّ، كما حافظت على تدفق بعض الأسلحة الروسية والصينية التي زودتها بها إيران".

وتابع: "من الواضح أن بنادق إي كي- 47 الروسية كانت منتشرة في كل مكان، فضلا عن بندقية القنص الإيرانية الصنع من طراز صياد. وعلاوة على ذلك، تم استخدام قاذفات، أر بي جي-7 الروسية المضادة للدروع ومشتقاتها العديدة على نطاق واسع ضد القوات الإسرائيلية، إلى جانب نوع آخر صيني من أر بي جي وهو نوع 69".

وقال كلارك إنّ: "الواقع أنه بحلول ربيع العام الماضي، بدا أن الصراع تحوّل إلى معركة بين ذراع الاستخبارات الإسرائيلية -الشاباك- والعملية الاستخباراتية الصارمة لحماس في كتائب القسام، التي صمدت حتى الآن وتمكنت من الحفاظ على دعم السكان. والجانب الآخر من العملة إذن هو العجز الاستراتيجي للجيش الإسرائيلي، نظرا لأن نتنياهو لم يحدد له قط هدفا قابلا للتحقيق في الحرب".


ونقل كلارك عن المحللين في مركز القدس للأمن والشؤون الخارجية، وصفهم بأن عمليات جيش الاحتلال الإسرائيلي أديرت بشكل "عشوائي". فيما تم تكليف مهندسي الفرقة 143 في جيش الاحتلال الإسرائيلي بالعثور على تلك الأنفاق الأساسية التي تربط جنوب غزة بطرق إمداد حماس عبر الحدود في سيناء. 

وختم بالقول: "لكنها مهمة طويلة، وحتّى هنا، يعتقد أن جميعها لم يتم تحديدها على الخرائط بعد. وربما بدت مزاعم إسرائيل أن حماس تحتجز شعب غزة أسيرا، إلا أنْ حماس وحتى نهاية أيلول/ سبتمبر كانت تحظى  بأعلى دعم بين الفلسطينيين".

مقالات مشابهة

  • فايننشال تايمز: المتشددون في إيران يتمسكون بموقفهم بينما يزيد ترامب الضغط
  • شقيق أسير قُتل في غزة يتهم الجيش الإسرائيلي بقتله
  • لبيد : إذا عادت إسرائيل للحرب في غزة سيموت الرهائن
  • إسرائيل توقف إمداد غزة بالكهرباء قبل محادثات التهدئة الجديدة
  • لماذا صمدت “حماس”؟.. تحليل لفشل الإستراتيجية الإسرائيلية
  • أمريكا تعترف بحماس بعد اعتراف الجيش الإسرائيلي بالهزيمة
  • صاندي تايمز: فشل نتنياهو في تحديد أهداف واضحة أعطى حماس فرصة للنجاة
  • ترامب ينفي تقريرا لـ"نيويورك تايمز" حول اشتباك بين ماسك وروبيو
  • هذا عدد أسرى الاحتلال الذين قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي في غزة
  • هآرتس تكشف عدد الأسرى الذين قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي في غزة