وفاء الرئيس العراقي لجازان الشِيَم والطِّيبَة
تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT
الشعور بالشوق والحنين إلى زملاء وأصدقاء الماضي هو الذي قاد فخامة الرئيس الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد رئيس جمهورية العراق إلى زيارة منطقة جازان مقر عمله السابق، يوم الاثنين ٢٩ ربيع الآخر ١٤٤٥هـ.
وذلك بعد مشاركته في القمة العربية الإسلامية الاستثنائية ٢٠٢٣ الطارئة التي عُقدت يوم السبت ٢٧ ربيع الآخر ١٤٤٥هــ.
بمدينة الرياض برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء
"حفظه الله" نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود "حفظه الله" وذلك لبحث تطورات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. حيثُ وجدَ هذه المناسبة فرصة سانحة للتوجه إلى منطقة جازان،
التي أُعِدَّ لهُ فيها استقبالٌ رسميٌّ.
حيثُ كان في استقباله والوفد المرافق له بمطار الملك عبدالله الدولي بجازان، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن عبد العزيز بن محمد بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة جازان، وعدد من المسؤولين، حيثُ لقيَ الرئيس العراقي ترحيباً حاراً وحفاوةً كبيرة على المستوى الرسمي من قِبل إمارة منطقة جازان وعلى المستوى المجتمعي من قِبل زملائه وأصدقائه.
وتنبعُ هذه الزيارة من رغبة فخامته لاستعادة ذكريات شبابه فيها، وليستذكر من خلالها اللحظات الجميلة والذكريات المحببة لنفسه أثناء فترة عمله في مشروع التنمية الزراعية بوادي جازان، لم ينسَ تلك المدة التي قضاها مع زملائه وعلاقته الحميمة بأهالي جازان، فكان وفياً لهم ومخلصاً في صداقته معهم لأنهُ وجدَ هذا الشعور فيهم؛ فالوفاء من شيم الكرام، ومن الأخلاق الفاضلة، وهو سلوك إنساني عظيم.
عشْ ألفَ عامٍ للوفاءِ وقلَّما
ساد امرؤٌ إلا بحفظِ وفائِه
كانت تلك الأيام التي قضاها في المشروع مليئة بالإنجازات في مجال الأبحاث الزراعية وتدريب المهندسين الزراعيين السعوديين ونقل الخبرات لهم من قِبل خبراء (الفاو) ، وكذلك إرشاد المزارعين في مجال خدمة أشجار الفاكهة الاستوائية والمحاصيل الحقلية.
يعود الرئيس العراقي الدكتور عبداللطيف رشيد إلى جازان إلى تلك الأرض التي صادقَ أهلها وساهمَ في تنمية زراعتها، يعود إليها بعد أربعينَ عاماً ويحدوه الشوق لرؤية أصدقائه فيها ولمشاهدة حقول الزراعة التي شاركَ في تنميتها، وهكذا عانقت نخيل العراق الباسقات ( ردايم ) فل جازان الوارفات وكاذيها بعِطرهما الفواح.
وإن ما دفعهُ لهذه الزيارة هو ما كان يحملُهُ في ذاكرته من مواقفَ جميلة ونبيلة لأبناء جازان، لقد أحبَ زملاءه وأحبوه؛ فظلَ متمسكاً بالروابط الأَخَوِيَّة القوية التي جمعتُهُ بهم.
لم يتغير مع منصبه الذي تقلده بعد أن أصبحَ رئيس دولة إلا أنه ظلَ محتفظاً بأواصر الود والتآخي مع زملائه من أبناء جازان في وظيفته السابقة في جازان. فلم يمنعه هذا المنصبُ القيادي المهم من رؤية أصدقائه وآثار جهوده الزراعية في منطقة جازان ( سلة غذاء المملكة) . فبقيَ متذكراً تلك الصداقات وتلك الأماكن الأثرية. إن الكرامَ إذا ما أيسروا ذَكَروا من كان يألفُهُم في الموطنِ الخشِنِ!
الدكتور عبداللطيف رشيد اعتلى في منصبه، واعتلى في قِيمِه النبيلة، فكان في قمة التواضع بهذه اللمسة الوفائية لأهل جازان الذين قام ببناءِ صداقات ناجحة معهم سواء زملاؤه في العمل أو المزارعون الذين قامَ بتدريبهم أو ممن هم خارج نطاق العمل، فحظِيَ بعلاقات طيبة معهم. كان محبوباً من قِبل الجميع وكان لطيفاً مع من حولَه. ابتعدَ عن زملائه جغرافياً ولم يبتعد عنهم روحياً ، بل بقوا في خلجات وجدانه.
مازالت ذكريات الماضي التي عاشها في جازان عالقة في ذهنه. عَمِلَ في منطقة جازان لمدة أربع سنوات منذ عام ١٩٨٣م إلى عام ١٩٨٦م، كخبير في تنمية الموارد المائية التي يُطلق عليها الري وكان معه مجموعة من الخبراء الزراعيين حيثُ قاموا جميعاً بتدريب المزارعين على زراعة العديد من المحاصيل التي تُزرع في منطقة جازان، والتي عُرفت المنطقة بإنتاجها، ثم مديراً لمشروع التنمية الزراعية بوادي جازان والذي يضم مركز الأبحاث الزراعية وسد وادي جازان وقنوات الري. حيثُ كان يعمل في منظمة الأغذية والزراعة ( الفاو) التابعة للأمم المتحدة، والتي تقوم بجهود دولية لتحقيق الأمن الغذائي في العالم، وهذه المنظمة أشرفت على مشروع التنمية الزراعية بجازان بالتعاون مع وزارة الزراعة والمياه سابقاً.
زار مقر عمله السابق وكان يتمعن في رؤية كل زوايا المكان التي تقبع فيها ذكرياته مع رُفقاء العمل الوظيفي وكذا المزارعين الذين تعامل معهم من خلال ارتيادهم لمشروع التنمية الزراعية بوادي جازان، وليستنشق شذى عِطر سيرته معهم المليئة بالعلاقات الحميمة واللطيفة، وليتأمل بقايا الأمس. وفي ذلك المكان وبعفوية دار حديث باسم وشيق بين الرئيس العراقي وبين زميليه المهندسين الزراعيين محمد ناصر منور آل قاسم وعلي أحمد الرفاعي، وتساءلَ فخامة الرئيس العراقي الدكتور عبداللطيف رشيد عن جميع زملائه الذين مازالت ذاكرته محتفظة بهم واحداً تلو الآخر، ليطمئن عليهم، فأخبروه بمن مات منهم فدعا لهم بالمغفرة والرحمة وبمن هو على قيد الحياة فدعا لهم بالصحة والعافية.
قام فخامة الرئيس العراقي بزيارة جازان هذا الجزء الغالي من وطننا العظيم، وطن الخير والوفاء الذي تَحكُمُهُ قيادة راشدة؛ لأن لمنطقة جازان ذكرى غالية على نفسه، إذ تُعدُ محطة من محطات حياته العملية. رغم طول الزمن إلا أن ذكريات المكان والإنسان في جازان مازالت تتوقد متعة وبهجة في وجدان الرئيس الدكتور عبداللطيف رشيد ؛ لما لها من قيمة معنوية كبيرة في نفسه.
هُنا تَظْهر شهامة الدكتور عبداللطيف رشيد حينما قدّمَ الوفاء لأصدقائه القدامى ولم يتأثر بالمنصب القيادي الكبير الذي تقلده. إنَّ الوفاءَ على الكريمِ فريضةٌ واللؤمُ مقرونٌ بذي الإخلافِ رغم المسؤوليات الجِسام المُلقاة على عاتقة، والمهام العِظام التي تَشْغَلُ فكره ووقته، إلا أنه أصر على هذه الزيارة التي تُسجلُ معانيَ قيِّمة لفخامة الرئيس ولأهالي منطقة جازان، مليئة بالأصالة والنخوة والوفاء والأخلاق الحسنة. فما قاده لهذا العمل الإنساني النبيل إلا جوهرُهُ المُضيئُ بالنقاء.
وما جعلَ الدكتور عبداللطيف رشيد رئيس جمهورية العراق يأتي إلى جازان للسلام على أهلها من زملاء العمل والمزارعين إلا الشيمُ الكريمةُ لفخامته التي تنمُّ عن حُسن خلقه وتواضعه وأصالتِه ومعدنه الثمين، ولِمَا وجدَهُ في أهلها من نُبل الأخلاق ولطفِ التعامل والشِيَم والطِّيبَة والكرم والأُلْفة.
المصدر: صحيفة عاجل
كلمات دلالية: جازان الرئيس العراقي التنمیة الزراعیة الرئیس العراقی منطقة جازان محمد بن من ق بل التی ت
إقرأ أيضاً:
الرئيس العراقي يؤكد: لن نسمح باستخدام أراضينا منطلقاً للعدوان على أي من جيراننا
يمانيون../ شدّد الرئيس العراقي، عبد اللطيف جمال رشيد، اليوم السبت، على أهمية ترسيخ الوحدة في العراق.. مؤكّداً الالتزام بعدم السماح باستخدام أراضي العراق منطلقاً للعدوان على أيّ من جيرانه.
وقال الرئيس رشيد في كلمة له خلال حضوره وقائع الحفل التأبيني بمناسبة ذكرى استشهاد السيد محمد باقر الحكيم: إنّ “فقدانه خسارة كبيرة، ولكنّ العزاء في ذلك هو مواصلة العمل من أجل القيم التي ضحّى من أجلها السيد الشهيد وعموم شهداء الحرية، ألا وهي قيم الحقّ والعدل والمساواة والسلام”.
وأضاف: إنّ هذه القيم هي “قيم العراق الديمقراطي الذي واجه الكثير من التحدّيات والصعوبات حتى تجاوز الكثير وترسّخت مبادئ الدولة، وتضافرت الجهود في عملية البناء وفي دحر الإرهاب والتطرّف وترصين السلم المجتمعي”.
وتابع رشيد قائلاً: “لقد حقّقنا الكثير في هذا المسار، وما زال أمامنا الكثير، خصوصاً في هذه الظروف الإقليمية التي تهدّد جميع دول المنطقة والتي نحرص على أن نتجاوز آثارها من خلال الحوار والتفاهم والمضي في سياسة مقاومة الإرهاب وتوحيد جهود الجميع لصالح الأمن والسلام والبناء والتقدّم الذي يعيد للمنطقة أمنها وسلامها وطموح شعوبها إلى حياة حرّة وكريمة”.
وأوضح أنّ “هذا المسعى الذي تعمل من أجله الحكومة العراقية ومعها قوى الشعب بمختلف مكوّناته وأطيافه، يتطلّب عملاً حثيثاً لتعزيز وحدة العراقيين وتغليب المصالح الوطنية العليا، وتحقيق مطالب الشعب في العدالة الاجتماعية وإتمام عملية تقديم الخدمات في جميع المجالات والحفاظ على المال العام، ومحاربة الفساد بكلّ أشكاله ومن أيّ جهة كانت”.
وبيّن رشيد أنّه “لا ينبغي التهوين من المخاطر، ولكن في الوقت نفسه، كلّنا ثقة بإرادة العراقيين ووحدتهم في مواجهة التحدّيات، من أجل عراق حرّ ومستقلّ وعزيز، ملتزم بعدم الاعتداء على الآخرين، ويسعى لصالح تكريس مبادئ الحوار وحفظ الحقوق العادلة للجميع، خصوصاً للأخوة في فلسطين الذين ندعم حقّهم في حياة آمنة وفي دولتهم المستقلة”.
في السياق ذاته، أكد الرئيس العراقي “حرصه على تجاوز الشعب السوري الشقيق الظروف الصعبة، من خلال دعمه لإعادة بناء دولته المستقلة ضمن نهج الديمقراطية العادلة الحافظة لحقوق جميع مكوّنات الشعب السوري”.
كما أكّد وقوف العراق ودعمه للشعب اللبناني ليتجاوز هذه الظروف.. مُردفاً: “نواصل دعمنا بما يساعد على تخفيف آثار المحنة على حياة اللبنانيين، ونؤكّد أهمية توطيد وحدة الشعب في لبنان، وحقّه في حياة آمنة ومستقرّة، وإعادة بناء المدن والقرى والمؤسسات التي تضرّرت في الحرب”.
وتابع: “لقد ودّعنا عاماً كان على المستوى الإقليمي عامّاً لكوارث الحروب، وهذا ما يحتاج منا في المنطقة عملاً وجهوداً كبيرة تساعد على تجاوز المرحلة، ويتطلّب أيضاً دعماً دولياً حقيقياً للانتهاء من هذا الوضع الشاذ، ودعم الشعوب الشقيقة في فلسطين ولبنان وسوريا”.
واختتم الرئيس العراقي كلمته بالقول: “نؤكّد أهمية ترسيخ وحدتنا في العراق واستراتيجية بلدنا القائمة على صيانة استقلال العراق ووحدته وأمنه وسلامته، وملتزمين بعدم السماح باستخدام أراضيه منطلقاً للعدوان على أيٍّ من جيرانه”.