لماذا ارتفعت أسعار السكر حول العالم؟
تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT
يتداول السكر في جميع أنحاء العالم بأعلى أسعار مسجلة منذ عام 2011، ويرجع ذلك إلى انخفاض الإمدادات العالمية، بعد أن أضر الطقس الجاف بشكل غير معتاد بالمحاصيل في الهند وتايلاند، ثاني وثالث أكبر مصدرين للسكر في العالم.
وتعد هذه أحدث ضربة للدولتين الناميتين اللتين تعانيان بالفعل من نقص في المواد الغذائية الأساسية كالأرز، بالإضافة للحظر المفروض على تجارة المواد الغذائية، مما أدى إلى تضخم أسعار الغذاء.
ويساهم كل هذا في انعدام الأمن الغذائي، بسبب التأثيرات الناجمة عن ظاهرة "النينو" المناخية، والحرب في أوكرانيا، وضعف قيمة العملات.
وتستطيع الدول الغربية الأكثر ثراء استيعاب التكاليف المرتفعة للغذاء، لكن الدول الفقيرة ستعاني.
ويقول الباحث في أسواق السلع العالمية لدى منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، فابيو بالميري، إن المنظمة "تتوقع انخفاضا بنسبة 2 بالمئة في إنتاج السكر العالمي في موسم 2023-2024، مقارنة بالعام السابق، مما يعني خسارة حوالي 3.5 مليون طن متري من المنتج".
ويستخدم السكر بشكل متزايد في إنتاج الوقود الحيوي كالإيثانول، وبالتالي وصلت الاحتياطيات العالمية من السكر إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2009.
وتعد البرازيل أكبر مصدر للسكر في العالم، لكن إنتاجها لن يساعد إلا في سد الفجوات حتى أواخر عام 2024.
حتى ذلك الحين، تظل البلدان المعتمدة على الاستيراد - كمعظم دول منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا - معرضة للخطر.
نيجيريا، على سبيل المثال، تشتري 98 بالمئة من السكر الخام من دول أخرى.
وحظرت البلاد واردات السكر المكرر عام 2021، مما يتعارض مع خطة لتصنيع السكر محليا. وأعلنت الحكومة عن مشروع بقيمة 73 مليون دولار لتوسيع البنية التحتية للسكر، لكن هذه استراتيجيات طويلة الأمد.
ويرجع السبب في الأزمة الحالية جزئيا إلى "ظاهرة النينو"، وهي ظاهرة طبيعية تغير أنماط الطقس العالمية، وقد تتسبب في ظروف مناخية قاسية تتراوح من الجفاف إلى الفيضانات.
ويعتقد العلماء أن تغير المناخ يجعل ظاهرة النينو "أكثر عنفا".
وكان أغسطس الماضي الأكثر جفافا في الهند منذ أكثر من قرن، وتوقف نمو المحاصيل في ولاية ماهاراشترا غربي البلاد، التي تمثل أكثر من ثلث إنتاج الهند من قصب السكر.
ويرجح انخفاض إنتاج السكر في الهند بنسبة 8 بالمئة هذا العام، بحسب جمعية مصانع السكر الهندية.
وتعد الهند، أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، أكبر مستهلك للسكر، وتقيد الآن صادراتها منه.
وفي السياق، قال رئيس "رابطة مزارعي السكر" في تايلاند، ناراديب أنانتاسوك، إن تأثيرات ظاهرة النينو في بداية موسم النمو في بلاده "لم تغير كمية المحصول فحسب، بل نوعيته أيضا".
ويتوقع أنانتاسوك، طحن 76 مليون طن متري فقط من قصب السكر خلال موسم حصاد 2024، مقارنة مع 93 مليون طن متري العام الحالي.
وتوقع تقرير صادر عن وزارة الزراعة الأميركية انخفاض إنتاج السكر في تايلاند بنسبة 15 بالمئة في أكتوبر الماضي.
ولدى العالم الآن مخزون سكر يلبي احتياجاته لمدة أقل من 68 يوما، مقارنة مع 106 أيام عندما بدأ إنتاج السكر في الانخفاض عام 2020، بحسب بيانات وزارة الزراعة الأميركية.
وأكد كبير الباحثين في المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، جوزيف غلوبر، أن "إنتاج السكر وصل إلى أدنى مستوياته منذ عام 2010".
وقلصت إندونيسيا - أكبر مستورد للسكر العام الماضي – وارداتها من المنتج الحيوي، بحسب وزارة الزراعة الأميركية.
واضطرت الصين، المستورد رقم اثنين، إلى سحب السكر من مخزوناتها لتعويض ارتفاع الأسعار محليا لأول مرة منذ 6 سنوات.
وفي هذا الصدد، قال الخبير الاقتصادي في شعبة التجارة والأسواق بمنظمة الفاو، المأمون عمروك: "بالنسبة لبعض الدول، يلتهم استيراد السكر باهظ الثمن احتياطيات العملات الأجنبية كالدولار واليورو، وهي لازمة أيضا لسداد فواتير النفط وسلع أساسية أخرى".
دولة كينيا من الأمثلة على ذلك، فبعد أن كانت مكتفية ذاتيا من السكر، باتت تستورد الآن 200 ألف طن متري سنويا.
وقيّدت الحكومة الكينية عام 2021 واردات السكر لحماية المزارعين المحليين من المنافسة الأجنبية، لكنها تراجعت عن هذا الإجراء مع تقلص المحاصيل المحلية بسبب ندرة الأمطار وسوء الإدارة الزراعية.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: إنتاج السکر السکر فی طن متری
إقرأ أيضاً:
بارومتر الأعمال: التضخم وارتفاع أسعار الطاقة والمياه أكبر التحديات أمام الشركات
أعلن المركز المصري للدراسات الاقتصادية، اليوم الاثنين، نتائج مؤشر بارومتر الأعمال خلال الربع (يوليو - سبتمبر 2024) وتوقعاته للربع (أكتوبر - ديسمبر 2024) مع مقارنة النتائج بالربع السابق (أبريل - يونيو 2024) والربع المناظر (يوليو -سبتمبر 2023).
وأظهرت نتائج الاستبيان ارتفاع مؤشر أداء الأعمال للربع محل الدراسة (يوليو– سبتمبر 2024) بمقدار نقطة واحدة عن المستوى المحايد محققا قيما أعلى من الربعين السابق والمناظر، مما يعكس ارتفاع أغلب المؤشرات الفرعية لكافة الشركات، وتحديدا؛ الإنتاج، المبيعات، الصادرات، واستغلال الطاقة الإنتاجية.
وتجاوز مؤشر أداء الأعمال للشركات الكبيرة المستوى المحايد بـ4 نقاط خلال الربع محل الدراسة مسجلا قيما أفضل من الربعين السابق والمناظر، وجاء هذا التحسن مدفوعا بزيادة الصادرات في الأساس. بينما استمر انخفاض المؤشر للشركات الصغيرة والمتوسطة خلال الربع محل الدراسة؛ مسجلا قيما أقل من المستوى المحايد بنقطة واحدة، وإن كان أفضل من الربع السابق بأربع نقاط وأعلى بنقطة واحدة من الربع المناظر.
وارتفع مؤشر الأداء لمعظم القطاعات الخدمية، وتحديدا، السياحة، النقل، الاتصالات، والخدمات المالية؛ والتي سجلت جميعها قيما أعلى من المستوى المحايد. وحقق قطاع الخدمات المالية أعلى قيم للمؤشر على مستوى كافة القطاعات؛ حيث تجاوز المستوى المحايد بـ 17 نقطة، مما يشير إلى ارتفاع معدلات التداول وتدفق الاستثمارات الأجنبية في محفظة الأوراق المالية في مصر.
واستمر تراجع قطاعي الصناعات التحويلية والتشييد والبناء؛ حيث سجل مؤشر الأعمال لكليهما قيما أقل من المستوى المحايد خلال الربع محل الدراسة. ويعكس هذا الأداء استمرار معاناة قطاع الصناعات التحويلية من العديد من التحديات وعلى رأسها ارتفاع تكاليف الإنتاج، خاصة بعد الزيادات المتكررة في أسعار الطاقة والمياه، واضطراب الشحن العالمي بسبب اضطراب حركة الملاحة فى البحر الأحمر، وارتفاع تكلفة التمويل بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، بالإضافة إلي ركود الطلب نتيجة انخفاض القوة الشرائية. وسجل قطاع التشييد والبناء أقل قيم للمؤشر مقارنة بباقي القطاعات؛ حيث جاء دون المستوى المحايد بـ 9 نقاط وأقل من الربعين السابق والمناظر. وأرجعت شركات العينة هذا الأداء إلى ركود السوق وارتفاع التكاليف والمغالاة في رسوم الخدمات الحكومية خاصة التراخيص.
وظهرت النتائج تراجع تحديات سعر الصرف والمنظومة الضريبية، مع استمرار التحديات المرتبطة بارتفاع التضخم في تصدر قائمة المعوقات بالنسبة لكافة الشركات خلال الربع الحالي؛ نظرا لما يسببه من معاناة لمجتمع الأعمال على جانبي العرض والطلب، بالإضافة إلى مطالبات العمال المستمرة برفع الأجور، وعدم توافر سيولة نقدية للاستثمار. ويأتي ارتفاع تكاليف الطاقة والمياه في المرتبة الثانية؛ حيث يتسبب الارتفاع المستمر في أسعار الطاقة في ارتفاع تكاليف الإنتاج، خاصة للأنشطة كثيفة الاستهلاك للطاقة والأنشطة الإنتاجية بوجه عام، مما يمثل عبئا إضافيا على الشركات. ويأتي غموض توجهات السياسات الاقتصادية في المستقبل في المرتبة الثالثة؛ حيث لا يستطيع مجتمع الأعمال بناء خطط مستقبلية في ظل غياب الرؤية الاقتصادية طويلة الأجل، خاصة فيما يتعلق بالاستثمار والديون. ويعد هذا الغموض أكبر معوق يواجه قطاع الخدمات المالية، بينما تشكل صعوبة التعامل مع الجهات الحكومية إحدى أكبر المعوقات التي تواجه قطاع الاتصالات.
ولذلك أجمعت شركات العينة على أن معالجة ارتفاع معدلات التضخم تأتي على رأس الأولويات التي ينبغي العمل عليها، تليها ضرورة مراجعة أسعار الطاقة والمياه؛ لأنها أصبحت ترتفع على فترات متقاربة مما يتسبب في ارتفاع التكاليف بشكل متكرر، ثم استمرار جهود تحسين المنظومة الضريبية خاصة منع الازدواج الضريبي وإيقاف الفحص بأثر رجعي لسنوات سابقة وتيسير الاسترداد الضريبي.
وتتوقع الشركات ثبات أداء معظم المؤشرات (الإنتاج، والمبيعات المحلية، والصادرات، واستغلال الطاقة الإنتاجية) وعدم وجود تحسن ملحوظ في توقعات الأداء للربع القادم؛ حيث سجل مؤشر توقعات الأداء للربع (أكتوبر-ديسمبر 2024) قيما عند المستوى المحايد، وأقل من الربع السابق بنقطتين ولكن أفضل من الربع المناظر بـ3 نقاط.
جدير بالذكر أن مؤشر بارومتر الأعمال هو تقرير تقييم دوري يقوم به المركز المصري للدراسات الاقتصادية كل ثلاثة أشهر لعينة تضم 120 شركة من شركات القطاع الخاص تغطي مختلف القطاعات والأحجام، ويعكس رأي مجتمع الأعمال بشأن التطورات التي شهدتها مجموعة من المتغيرات، وتحديدا: الإنتاج، والمبيعات المحلية والصادرات، والمخزون السلعي، ومستوى استغلال الطاقة الإنتاجية، والأسعار، والأجور، والتوظيف، والاستثمار