كلميم: نسبة تقدم أشغال بناء سد فاصك تصل إلى 97 بالمائة
تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT
بلغت نسبة تقدم أشغال بناء سد فاصك (30 كلم شرق كلميم)، حوالي 97 بالمائة.
ويعد سد فاصك بجماعة فاصك، الذي انطلقت أشغاله في 2018، من المشاريع الاستراتيجية الكبرى للمملكة والمندرجة في إطار برنامج التنمية المندمجة للجهة الموقع أمام أنظار صاحب الجلالة الملك محمد السادس بمدينة الداخلة سنة 2016.
وأكدت إيمان نشاط، مهندسة مدنية، مكلفة بمصلحة الخرسانة بإعداد سد فاصك، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن أشغال بناء هذا السد هي في طور الانتهاء حيث بلغت نسبتها 97 بالمائة، مضيفة أن سد فاصك مستعد لاستقبال الحمولات المائية ابتداء من هذه السنة، وأنه يتم حاليا إنجاز مجموعة من الأشغال المرافقة للسد والتي نحن بصدد الانتهاء منها كتعبيد الطرقات المؤدية لهذه المنشأة المائية من أجل تسهيل عملية الولوج للأراضي الفلاحية المجاورة.
واعتبرت السيدة نشاط أن هذا السد الذي رصد له تكلفة مالية تبلغ 1,5 مليار درهم، يعد معلمة مائية مهمة سيكون لها إيجابيات سوسيو - اقتصادية على المنطقة، منها حماية المناطق المتواجدة بالسافلة من الفيضانات، وتغذية الفرشة المائية، وتمكين الفلاحين من تنويع منتوجاتهم الفلاحية عن طريق سقي حوالي 20 ألف هكتار من الأراضي الفلاحية الموجودة بالسافلة، وتزويد مدينة كلميم والأقاليم المجاورة بالماء الصالح للشرب عبر تغذية الفرشة المائية، فضلا عن خلق تنوع بيئي مهم، وخلق نقطة جذب للاستثمارات الفلاحية والسياحية.
من جهته، أكد حمزة الشرقي، مدير الأشغال بسد فاصك، في تصريح مماثل، أن هذا السد يعتبر من أكبر المنشآت المائية التي سترى النور عند متم سنة 2023 حيث بلغت نسبة تقدم الأشغال به 97 بالمائة وهو قابل لاستقبال الحمولات المائية.
وأضاف أنه في ظل الظروف الراهنة التي يعرفها المغرب من توالي سنوات الجفاف وندرة التساقطات المطرية وتغيرات مناخية، تم تعبئة كافة المجهودات من أجل تسريع وتيرة أشغال بناء السد لتنتهي قبل الآجال المحددة، مؤكدا بهذا الخصوص، أنه تم الاشتغال ليل نهار وباستعمال تقنيات متطورة وخاصة تلك المتعلقة بالتكيف مع المناخ الذي يميز الأقاليم الجنوبية للمملكة وهو مناخ حار.
من جانبه، أكد خالد العصري، مهندس بوكالة الحوض المائي لدرعة وادنون، أن تقدم أشغال سد فاصك تسير بوتيرة جد متقدمة وأن السد على استعداد لتجميع مياه الأمطار في حالة حدوث حمولات على مستوى واد الصياد، مبرزا الأهمية الكبرى لهذا المشروع الضخم الذي يأتي بناؤه في ظل انعكاسات التغيرات المناخية التي يشهدها المغرب خلال السنوات الأخيرة.
وأشار في هذا السياق، إلى أنه تم تسجيل على مستوى حوض كلميم عجز في التساقطات المطرية بالنسبة للسنوات الهيدرولوجية بلغ في بعض السنوات 60 بالمائة مما انعكس أساسا على الفرشة المائية، بالإضافة إلى تزايد الطلب على الموارد المائية وخاصة الجوفية والسطحية، مؤكدا أن هذا التزايد جاء نتيجة الطلب المتزايد على مياه السقي والتزود بالماء الصالح للشرب، ومن هنا، يضيف السيد العصري، تأتي أهمية سد فاصك الذي سيمكن من تعبئة موارد مائية مهمة حيث تبلغ حقينة هذا السد 79 مليون متر مكعب.
كما أبرز أن من أهداف هذا السد التطعيم الاصطناعي للفرشة المائية ودعم تزود مدينة كلميم بالماء الصالح للشرب وسقي الأراضي الفلاحية المتواجدة على السافلة، مما سيمكن من تعزيز العرض المائي على مستوى حوض كلميم.
أما إسماعيل بحري، مهندس مدني بمكتب دراسات، مكلف بتتبع الأشغال بسد فاصك، فأبرز أن هذا السد الذي توجد الأشغال به في طور الانتهاء، قد شكل مجموعة من الرهانات التقنية تتمثل في حجم الخرسانة الذي يتجاوز مليون متر مكعب، واستعمال مجموعة من التقنيات المتطورة تتعلق بالحفريات والخرسانة المدكوكة بشكل مائل والخرسانة العادية، وكذا الأنفاق الجوفية.
وأشار إلى أن مكتب الدراسات قد عبأ مجموعة تضم عدة مهندسين وتقنيين مكلفين بعدة مجالات منها الهندسة المدنية والهندسة المائية والجيولوجيا مما مكن من إنجاز هذه الأشغال مع احترام للجودة.
المصدر: أخبارنا
إقرأ أيضاً:
سد النهضة.. إعلان سياسي إثيوبي يهدد بتأجيج التوتر مع مصر والسودان
أديس أبابا – الشرق/ يهدد إعلان إثيوبيا، قبل أيام قليلة، بشأن قرب افتتاح سد النهضة، مع اكتمال بناء 98% منه، بتأجيج التوتر مع دولتي مصب نهر النيل، مصر والسودان، في ظل الجمود الذي خيم على المفاوضات الثلاثية خلال الأشهر الأخيرة، الإعلان الإثيوبي لا يُعد مجرد تقدم إنشائي، بل هو إشارة سياسية واضحة إلى أن ساعة التشغيل الكامل للسد باتت وشيكة، وهو ما يثير حفيظة القاهرة والخرطوم، بشأن التداعيات المحتملة على أمنهما المائي، ويفتح المجال لتجديد الضغوط على أديس أبابا من أطراف إقليمية ودولية.
منذ وضعت إثيوبيا حجر الأساس لسد النهضة، في أبريل 2011، مرّ المشروع بمراحل إنشائية متسارعة وأخرى شابها التوتر السياسي، وتعثُّر متكرر في المفاوضات، لتؤكد أديس أبابا أن المشروع شارف على الاكتمال، ما يعكس إصرارها على استكمال ما تعتبره "مشروعاً سيادياً وتنموياً".
وفي مؤتمر صحافي للمتحدث باسم الخارجية الإثيوبية، نبيات جيتاتشو، الخميس، أكد أن بلاده على أعتاب الانتهاء من سد النهضة وقص شريط الافتتاح قريباً، منوهاً إلى تصريحات رئيس الوزراء، آبي أحمد، أمام برلمان بلاده، إذ أعلن افتتاح المشروع قريباً.
وأضاف جيتاتشو، أن السياسة الخارجية لبلاده، تقوم على بناء علاقات جوار بنّاءة ترتكز على المنافع المتبادلة وتصفير الصراعات.
وبشأن المفاوضات الثلاثية المتعثرة، مع مصر والسودان، حول سد النهضة، أوضح أنه لا يوجد جديد في هذا الشأن، مشدداً على أن أديس أبابا تعمل على مفاوضات "يكون فيها الكل رابحاً".
تعهدات إثيوبية ومطالب مصرية
وكان رئيس الوزراء الإثيوبي، أعلن في مارس الماضي أمام برلمان بلاده، أنه سيتم افتتاح سد النهضة خلال الأشهر الستة المقبلة، مع مطلع العام الإثيوبي، الذي يوافق شهر سبتمبر من كل عام.
وأشار آبي أحمد، إلى "انتهاء عملية إنشاء وملء بحيرة السد بشكل كامل، مع وصول السعة التخزينية للمياه إلى 74 مليار متر مكعب".
وقال إنه أبلغ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بأن "عملية ملء السد لن تتسبب في فقدان مصر لأي كمية من المياه"، فيما لم يصدر بيان من الجانب المصري في هذا الصدد.
ونوَّه آبي أحمد إلى أن "مخاوف القاهرة بشأن الجفاف والأمن المائي حاضرة في النقاشات"، مؤكداً أهمية التعاون بين البلدين.
وأردف بالقول: "لا نرى مبرراً للصراع، أو إهدار الموارد في النزاعات، بل ندعو للعمل المشترك من أجل التقدم".
ومع دخول المشروع مرحلته النهائية، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان سيؤدي ذلك إلى إعادة طرح الملف أمام مجلس الأمن الدولي أو الاتحاد الإفريقي، أو إمكانية تأثيره على الموقف الأميركي أو الأوروبي من الملف.
ويرى وزير الري المصري السابق محمد نصر الدين علام، ضرورة التوقيع على اتفاقية قانونية مسجلة ومعتمدة تحافظ على حقوق مصر والسودان التاريخية في مياه النيل.
وقال علام في تصريحات لـ"الشرق"، إن مثل هذه الاتفاقية يجب أن تحافظ على التدفق الطبيعي للنيل الأزرق بما لا يسبب أضراراً لدولتَي المصب مصر والسودان، وتحقق لإثيوبيا أهدافها من توليد الكهرباء للاستهلاك المحلي، أو بيعها للخارج.
واعتبر أن ذلك "يفتح باب التعاون بين مصر وإثيوبيا، ليس فقط في مجال الأمن المائي، ولكن في المجالات كافة بما يعود بالخير على القارة الإفريقية".
وأردف بالقول: "نرحب بأي تصريحات إيجابية صادرة عن الجانب الإثيوبي، لكن يبقى التنفيذ على أرض الواقع هو المعيار الحقيقي للتقييم".
تدويل الملف
في المقابل، يرى الكاتب والباحث الإثيوبي، عبد الشكور عبد الصمد، في تصريحات لـ"الشرق"، أن تعاطي القاهرة خلال الفترة المقبلة مع ملف سد النهضة سيتغير بحكم الواقع على الأرض، بعدما تجاوزت أديس ابابا مرحلة بناء السد وجعلته أمراً واقعاً. ورأى أن هناك قناعة بعدم جدوى التصعيد الخلاف وحصره في أضيق نطاق واستخدام دبلوماسية أكثر هدوءاً بدلاً من حالة الشد والجذب التي صاحبت الأعوام السابقة.
واستبعد عبد الصمد إعادة طرح ملف السد في المحافل الدولية، مشيراً إلى أن الفترة الماضية شهدت تصعيداً وتدويلاً للملف، لكن تمت، في النهاية، إعادته الى الاتحاد الأفريقي، بسبب قيود عملية المفاوضات، التي تعثرت بسبب مواقف، وصفها بأنها كانت "غير مرنة للجانب المصري "، مضيفاً أن "مجلس الأمن والأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية أصبحت على قناعة أن هذا الملف يجب أن يكون تحت رعاية الاتحاد الإفريقي"، على حد وصفه.
وفي هذا السياق، اعتبر الباحث السوداني في الشؤون الدولية ومنطقة القرن الإفريقي، فؤاد عثمان، أن غياب ردود الفعل التصعيدية من كل من القاهرة والخرطوم، أمر لافت، وقال، في تصريحات لـ"الشرق"، إن ذلك "ليس تراجعاً أو قبولاً بالأمر الواقع، وإنما مؤشر على تحوّل في المقاربة الاستراتيجية، خاصة من الجانب المصري".
ووفق عثمان، فإنه خلال العامين الماضيين، "كثّفت مصر من حضورها في الدوائر المحيطة بإثيوبيا في القرن الأفريقي، حوض النيل، والبحر الأحمر، عبر سلسلة من التحركات الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية، ما يوحي بمحاولة لإعادة هندسة توازنات القوى الإقليمية، وبناء شبكات نفوذ تمكّنها من إدارة تداعيات السد من موقع قوة، لا من موقع رد الفعل".
ويرى عثمان، أن "هذا التمدد لم يكن معزولاً عن حسابات سد النهضة، بل شكّل امتداداً لمعادلة الردع الناعمة في ظل إدراك القاهرة أن أدوات الضغط المباشر قد استُنفدت دون نتائج ملموسة".
وعن الموقف السوداني، يرى عثمان أن "السودان، وانشغاله بالحرب الداخلية وفقدانه لوحدة القرار السيادي والدبلوماسي، أضعف من قدرته على التأثير في الملف، رغم أنه الطرف الأكثر تضرراً من حيث غياب المعلومات وتضارب المصالح".
وفي مناسبات عديدة، تؤكد مصر تمسكها بضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ينظم عملية ملء وتشغيل السد، ويضمن حقوق دول المصب، خاصة في فترات الجفاف. كما تشدد على أهمية التنسيق والتعاون بين الدول الثلاث المعنية، مصر، والسودان، وإثيوبيا، لتفادي أي توتر قد ينجم عن الإجراءات الأحادية.
كما تؤكد مصر، قدرتها على حماية حقوقها المائية في مياه النيل، في إطار القانون الدولي لحماية هذه الحقوق.
تفاهمات فنية "غير ملزمة"
في المقابل، يرجح الباحث في العلاقات الدولية، إبراهيم عبد الرحمن، أن مصر تسعى إلى الحفاظ على قنوات الاتصال مفتوحة مع إثيوبيا، خاصة في ظل غياب دعم دولي حاسم لأي تحرك تصعيدي، ويضيف في حديثه لـ"الشرق"، أنه يتوقع أن تتجه كل من مصر وإثيوبيا نحو "تفاهمات فنية غير ملزمة"، على غرار تبادل البيانات أو تنسيق جزئي في تشغيل السدد، دون توقيع اتفاق نهائي، مما يخلق حالة "هدوء حذر" تبقي الخلافات قائمة، ولكن تحت السيطرة.
وقال إبراهيم، إن مصر "قد تلجأ إلى خطوات تصعيدية غير تقليدية، مثل تدويل الملف مجدداً، أو استخدام أدوات ضغط اقتصادية أو دبلوماسية على إثيوبيا، سواء عبر دول الجوار أو الشركاء الدوليين، ورهن ذلك في حال استمرار الإصرار الإثيوبي على عدم تقديم تنازلات أو شفافية فنية"، معتبراً أن ذلك قد يعود بالعلاقات إلى حالة الجمود.
ومنذ الإعلان الإثيوبي عن مشروع سد النهضة في عام 2011، عبرت كل من مصر والسودان عن مواقف متباينة في التفاصيل، لكنها تلتقي في نقطة مركزية تشدد على ضرورة الوصول إلى اتفاق قانوني مُلزم ينظم عملية ملء وتشغيل السد ويضمن مصالح دول المصب.
وتعتبر القاهرة، أن السد يشكل تهديداً مباشراً لأمنها المائي، وتؤكد أهمية التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم قبل المضي في أي خطوات تشغيلية إضافية، محذّرة من أي إجراء أحادي قد يعرّض مصالحها المائية للخطر.
أما السودان، فيخشى من أن يؤدي عدم تبادل البيانات الفنية أو التنسيق المُسبق إلى مخاطر مباشرة على منشآته المائية، مثل سد الروصيرص القريب من الحدود الإثيوبية، ولذلك تُطالب الخرطوم أيضاً، باتفاق قانوني مُلزم، يضمن التشغيل الآمن والمنسق بين السدود، ويمنع حدوث أي مفاجآت فنية قد تهدد استقراره المائي.
وشهد سد النهضة، جولات تفاوضية متعددة برعاية الاتحاد الإفريقي والولايات المتحدة، دون أن تفضي إلى اتفاق نهائي، وفي أكثر من مناسبة، تحمل مصر والسودان، إثيوبيا، مسؤولية فشل المفاوضات بسبب ما يصفانه بـ"الإجراءات الأحادية"، في حين تؤكد أديس أبابا حقها السيادي في استخدام مواردها المائية من دون تأثير لدول المصب.