أعلنت هيئة الثقافة والفنون في دبي “دبي للثقافة” عن تنظيم مهرجان “أيام الشندغة” الهادف إلى تعزيز حضور التراث البحري المحلي بين أفراد المجتمع والتعريف بتفاصيله وجمالياته وتأثيره على الحياة الاجتماعية في دبي، وذلك من خلال عددٍ من العروض الفنية والتراثية، وورش العمل التفاعلية التي تستكشف علاقة سكان الإمارة مع البحر، وطبيعة الحرف اليدوية المرتبطة به، ما يساهم في إبراز إرث دبي البحري المستدام.

ويقدّم المهرجان الذي يقام من 24 نوفمبر الجاري وحتى 3 ديسمبر المقبل ، برنامجاً غنياً بالتجارب الثقافية والعروض الفنية والتراثية التي تُعمق علاقة الجمهور بالتراث وتزيد معرفته بتفاصيل حي الشندغة التاريخي وإمكاناته، وهو ما يتناغم مع التزامات الهيئة الهادفة إلى صون التراث والمحافظة عليه وتعزيز قوة السياحة الثقافية في دبي.

ولفت عبدالله العبيدلي، مدير متحف الشندغة في “دبي للثقافة” إلى حرص الهيئة على إحياء العادات والتقاليد والممارسات التراثية القديمة وحفظها لضمان ديمومتها، تناغماً مع نهج الدولة في صون التراث والاحتفاء به كمصدر إلهام للأجيال القادمة، مؤكداً أهمية المهرجان في توطيد علاقة المجتمع بالتراث المحلي.

وأضاف العبيدلي، أن البحر يشكل أحد ركائز التراث المحلي الرئيسية، حيث يكشف عن عمق العلاقة التي تربط دبي وسكانها بالبحر، وهو ما يتجلى في مجموعة الفعاليات التي يستعرض المهرجان من خلالها أنماط الحياة التقليدية القديمة وأشكالها والتعريف بالمهن والحرف اليدوية، وتقديمها للجمهور بصورة عصرية نابضة بالحياة تعكس أصالتها وعراقة تاريخ الإمارة.

وطوال فترة تنظيم المهرجان الذي يرفع شعار “لنحتفي معاً بتراثنا البحري”، سيكون الزوار على موعد مع ورش عمل متنوعة تتيح لهم فرصة ممارسة الحرف التقليدية من خلال التعرف على طرق صناعة السفن التقليدية والأشرعة والحبال، وصنع القرقور وشباك الصيد وعملية فلق المحار، وممارسة مهنة قرض البراقع، واكتشاف أسرار صنع الدخون والحناء.

كما تشمل أجندة المهرجان ورشة “كتابة وأداء النهمة” عن عناصر ووظائف النهمة البحرية، ويمكن اختبار حياة الخور والتعرف على حياة الصياد وتفاصيل معداته البحرية، وإطلاق العنان لخيال الزوار في ورشة “الإبحار والرسم”، فيما تهدف ورشة “بناء القوارب” إلى تعزيز التعاون وغرس روح العمل الجماعي بين المشاركين، في حين تتيح ورشة “إصلاح القوارب” للأطفال تجربة بناء قوارب تقليدية، بينما يتعرفون في ورشة “رسم الأسماك” على أنواع الأسماك المحلية التي تعيش في المنطقة. وسيشهد الجمهور تشكيلة من العروض التفاعلية المستلهمة من الموسيقى الساحلية التقليدية إلى جانب عروض فلكلورية، ويتابع في الوقت نفسه العرض المسرحي التفاعلي “قصص من البحر” الذي يعيد فيه مجموعة من طلبة المدارس سرد قصص الساحل بلمسة عصرية.

وستتاح لزوار المهرجان فرصة التعرف على مجموعة الألعاب التقليدية الإماراتية، ومن بينها لعبة “الجحيف”، و”الكرابي”، و”الدسيس” التي تعتبر من أشهر الألعاب الشعبية في الدولة.وام


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

“المقمع”.. تراث حربي يُزيَّن بالنحاس ويُشعل أيام الفرح

في قلب محافظة النماص القديمة، حيث تتجاور القصور التراثية وتتناثر الحكايات بين جدران الطين والخشب، تتجدد الحياة في ورشة صغيرة ما زالت تنبض بروح الماضي، وتحافظ على حرفة ارتبطت بتاريخ الإنسان في عسير، وهي حرفة صناعة الأسلحة التراثية، وبخاصة “المقمع” و”أبو فتيل”، اللذان كانا جزءًا لا يتجزأ من حياة الأجداد، سواء في الدفاع عن النفس أو المشاركة في المناسبات الاجتماعية.

وتبدأ صناعة “المقمع” بتحضير المواد الأساسية، وفي مقدمتها الخشب المستخدم في تشكيل جسم البندقية، وأنبوبة الحديد، والقطعة المسماة “الصفحة” المخصصة لحفظ البارود، إلى جانب “الضراب” الذي يُستخدم لدكّ البارود داخل السلاح، وبعد تشكيل الخشب بعناية، تُركب الأجزاء الحديدية، وتُجرى اختبارات دقيقة لضمان سلامة المستخدم وجودة السلاح، ثم يُنقل إلى مرحلة الزخرفة والتزيين، حيث يُلبّس بالنحاس الأصفر أو الفضة، ويُنقش عليه بزخارف فنية تضفي عليه جمالًا خاصًّا، تجعله قطعة تراثية توازي في قيمتها الأعمال الفنية.

اقرأ أيضاًالمنوعاتانخفاض أسعار النفط متأثرة بالحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي

 

وأوضح الحرفي فهد بن علي الشهري الذي يمارس هذه الحرفة في ورشته المتخصصة بصناعة الأدوات التراثية بأنها امتداد لإرث عائلي بدأه والده بافتتاحه محلًّا لصيانة “المقاميع” في النماص عام 1397هـ، بمعدات ومكائن حديثة في وقتها، وكان من أوائل من أدخل هذا المجال إلى المنطقة الجنوبية.
ومع تطور الأدوات واختلاف الأجيال، حرص فهد الشهري على تطوير أشكال جديدة من “المقمع” تتميز بخفة الوزن وصغر الحجم، لتناسب فئة الشباب الذين بدأوا يُقبلون على اقتنائها تعبيرًا عن الفخر بتراثهم وهويتهم.
ويكتسب السلاح التراثي خصوصية إضافية من خلال الزينة التي تُضاف إليه، إذ كانت تُستخدم قديمًا خيوط مصنوعة من شعر الحيوانات مثل “الوبر”، ثم تطور الأمر إلى استخدام النحاس والفضة والنقوش الخشبية ذات التصاميم المختلفة، وهو ما يفسر تباين أسعار هذه الأسلحة التي قد تصل إلى أكثر من 50 ألف ريال، بحسب جمال الزخرفة وكمية المعدن المستخدم.
ولا يكتمل حضور”المقمع” في الاحتفالات والأفراح إلا بارتداء”الزهاب”، وهو حزام جلدي يُرتدى على الكتف بشكل متقاطع، يُطعَّم بالفصوص المعدنية، ويحتوي على مخازن البارود التي تُستخدم في إشعال بارود السلاح خلال المناسبات.
ويُعد “المقمع” من الأسلحة القصيرة التي تعتمد على البارود الأسود المدكوك، ويتكون من عدة أجزاء أساسية منها “الأسطوانة”وهي ماسورة البندقية، و”المدك” المستخدم لضغط البارود، و”الديك” الذي يشعل الفتيل، و”العين” حيث يوضع البارود، و”الزناد” الذي يضغط عليه المستخدم لإطلاق الشرارة. وكان إشعال “المقمع” يتم عبر فتائل مأخوذة من ألياف نباتية مثل شجر “الأثب”، وتُشحن البندقية عبر إدخال كمية من البارود من فوهتها، يتبعها قطعة قماش وتُضغط بسيخ معدني حاد الرأس، ليصبح البارود جاهزًا للانفجار.
وترافق هذه الصناعة حرفة أخرى لا تقل أهمية، وهي صناعة البارود التقليدي الذي يُحضَّر من ثلاثة مكونات: الملح المستخرج من تربة خاصة، والكبريت الطبيعي، والفحم الناتج عن حرق أعواد الأشجار بطرق محددة، وتُخلط هذه المواد بنسب دقيقة وتُجفف ليُصبح البارود جاهزًا للاستخدام، سواء في الأسلحة أو حتى في تكسير الصخور وحفر الآبار قديمًا.

 

ويؤكد الباحث الدكتور صالح أبو عراد في كتابه “تنومة” أن هذه الصناعة كانت أساسًا في حياة المجتمع، وما يزال “المقمع” حاضرًا في المناسبات والاحتفالات الوطنية والحفلات الشعبية، ويظل رمزًا تراثيًا تتوارثه الأجيال، وقطعة أصيلة تعبّر عن هوية منطقة عسير، وتمنح المناسبات الشعبية طابعًا خاصًا يمزج بين الفن والقوة، وبين الصوت المدوي والروح المترعة بالفخر.

مقالات مشابهة

  • سحر البحر وجوهر السينما.. طالب بالفنون الجميلة مصمما لبوستر مهرجان الغردقة لسينما الشباب
  • “المقمع”.. تراث حربي يُزيَّن بالنحاس ويُشعل أيام الفرح
  • كورال “هارموني” المصرية يضيء المسرح الشمالي في مهرجان جرش
  • “مجموعة لاهاي” تفضح المشاركة العربية في إبادة غزة
  • كلمات مؤثرة من زوجة رومارينهو عن الاتحاد: “أيام لا تعوض”
  • النيابة العامة المصرية تنظم ورشة تدريبية متخصصة لمسؤولي التفتيش القضائي بليبيا
  • المجلس الأعلى للثقافة يعلن عن الدورة الثانية لبرنامج التدريب الصيفي للشباب
  • المجتمعات العمرانية تنظم ورشة تدريبية لتعزيز الاستثمار بالعلمين الجديدة والقرى السياحية
  • مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط يكرّم النجم أحمد رزق في دورته الـ41
  • “محامو الطوارئ” يعلقون على مجازر “الدعم السريع” في كردفان