من يقف وراء الارتفاع الكبير في سعر السكر بمصر؟
تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT
القاهرة- بينما أعلنت الحكومة المصرية إجراءات مواجهة القفزات الكبيرة في أسعار سلعة السكر، كان السائق الخمسيني عبد الله محمود يحتج على الحكومة، وهو يقلب آخر ما تبقى من السكر في كوب الشاي الصباحي الذي يفضله.
يقول السائق الخمسيني للجزيرة نت إنه تذكر نصيحة زوجته ببدء الاقتصاد في تناول السكر الذي وصل سعره في السوق إلى 50 جنيها (الدولار = 30.
ودفع هذا الوضع البعض إلى السخرية، معتبرين أن سعر السكر بات شبيها بتغيرات سعر صرف الدولار.
ويأتي هذا الغلاء رغم أن إحصائيات صادرة من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (جهة حكومية) مايو/أيار الماضي تتحدث عن أن مصر حققت الاكتفاء الذاتي من السكر بنسبة 100.1% خلال العام الماضي، إذ بلغ إجمالي إنتاج البلاد من المحاصيل السكرية ما يقرب من 30 مليون و6 آلاف طن عام 2022 مقابل 25 مليون و62 ألف طن عام 2021 بنسبة زيادة قدرها 17.3%.
وألقى وزير التموين والتجارة الداخلية علي المصيلحي -في تصريحات تلفزيونية- باللائمة على بعض المواطنين الذين يلجؤون إلى تخزين السكر بكميات كبيرة، في حين يرى مراقبون تحدثوا للجزيرة نت أنه يقف وراء الأزمة تجار محتكرون بجانب غياب للرقابة الحكومية، وفق تعبيرهم.
رحلة البحث عن كيس سكرفي جولة ميدانية، قام بها في الساعات الأخيرة مراسل الجزيرة نت بمدينة 6 أكتوبر الشهيرة، ضمت 5 سلاسل تجارية شهيرة ومنافذ بيع محلية، أحدها حكومي، كشفت رحلة البحث عن كيس سكر عن أزمة حقيقة، وفق تأكيدات عاملين في التجارة.
ففي 3 منافذ لسلاسل تجارية شهيرة وسط المدنية، كانت الأرفف وممرات المنافذ تمتلئ بكل السلع الغذائية الأساسية، ما عدا السكر، وبسؤال الباعة، أكدوا للجزيرة نت أنه لا يوجد موعد لوصول هذه السلعة الإستراتيجية، كما أنه فور وصولها تنفد الكمية.
في المقابل، كانت الأرفف تمتلئ بعروض جذابة لأكياس السكر المحلى دون سعرات حرارية (سكر الرجيم) بأسعار مرتفعة، إذ وصل سعر العبوة 400 غرام إلى 260 جنيها، في حين عرضت سلسلة تجارية عبوات صنعتها خصيصا باسمها لسكر المكعبات ذي اللون البني، وزن 500 غرام ، بسعر 39 جنيها، بجوار أظرف شركات محلية أخرى بأسعار تراوحت بين 81 جنيها و163 جنيها.
على الجانب الآخر، تقف سيارتان لبيع السلع الغذائية بسعر مخفض، خلف مسجد الحصري الشهير، وتعرض عددا محدودا من أكياس السكر، أحدها وزن 600 غرام لشركة مغمورة بسعر 33 جنيها، وآخر بوزن 900 غرام للنوعية نفسها من إنتاج شركات غير معروفة بسعر يصل إلى 42 جنيها.
وفي منفذ حكومي يقع بالقرب من مسجد الحصري، يباع كيلو السكر الفاخر بسعر 45 جنيها. وبسؤال البائع، عن السكر المدعم الذي أعلنته الحكومة بسعر27 جنيها، قال للجزيرة نت: "لم يصل، وأي سعر منخفض عن سعرنا يكون وزنه وجودته أقل".
وفي نهاية الجولة، استطعنا الحصول على كيس سكر واحد من سلسلة تجارية شهيرة أخرى بالقرب من ميدان الحصري، تقدم -حسب البائع- عرضين‘ إذ تقدم نوعا مدعما بسعر 27 جنيها بعد خصم 9 جنيهات من سعره الأصلي لوجوده في مبادرة تخفيض الأسعار الرئاسية، ويحق للمستهلك الحصول على كيس واحد منه فقط، ونوعا فاخرا -حسب وصف البائع- بسعر40 جنيها، ويحق للمستهلك الحصول على كيسين منه.
هذه الأسعار وصل صداها إلى سائق الميكروباص الشاب أحمد مصطفى، الذي قال للجزيرة نت إنه كان يشرب كوب شاي بمبلغ 8 جنيهات في أحد المقاهي الشعبية قبل ارتفاع سعر السكر، بينما بات يدفع 10 جنيهات حاليا، في حين ارتفع سعر فنجان القهوة لدى الباعة على الطريق من 10 جنيهات إلى 12 جنيها، وفق المتحدث ذاته.
محتكرونيقول رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء محمود العسقلاني للجزيرة نت "يقف عدد من المحتكرين وراء تلك الأزمة"، مؤكدا أن بعض التجار حصلوا على إنتاج عدد من مصانع السكر، بجانب استيرادهم كميات كبيرة منه، بهدف احتكار السوق، مما أدى إلى قفزات كبيرة في سعره من 20 جنيها "كسعر عادل" إلى 50 جنيها.
ويشير رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء إلى أنه تقدم ببلاغ رسمي إلى جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية لفتح تحقيق فوري، فيما يحدث، وإحالة المتورطين إلى المحاكمة، موضحا أن هناك "اتفاقات أفقية مسبقة بين عدد من التجار يحظرها قانون حماية المنافسة رقم 3 لسنة 2005، حيث يحددون الزيادة ويجرى تنفيذها بالتنسيق عبر مجموعة على تطبيق واتساب، ضمن تنظيم عنقودي من التجار الوسطاء في جميع المحافظات"، حسب نص بلاغه.
ويرى رئيس النقابة العامة لصغار المزارعين الفلاح هاشم فرج أن المفترض -في ضوء الاكتفاء الذاتي لمصر من المحاصيل السكرية- أن يصل سعر بيع كيلو السكر إلى 10 جنيهات فقط.
ويشير في حديث للجزيرة نت إلى أن وزارة التموين تبيعه في منافذها بسعر 13 جنيها، لكن ما يحدث في الأسواق -والكلام لفرج- جشع تجار بدون رقابة حكومية.
وكان حسن الفندي، رجل الأعمال ورئيس شعبة السكر في غرفة الصناعات الغذائية المصرية، أكد في تصريحات صحفية أن ارتفاع سعر السكر خلال الفترة الحالية غير مبرر، ويقف وراءه تلاعب بعض التجار.
قرارات حكوميةوفي محاولة لمواجهة أزمة غلاء السكر، اتخذت الحكومة المصرية بعض الخطوات:
التعاقد على 100 ألف طن سكر أبيض لتعزيز المخزون الإستراتيجي منه، ومن المفترض أن يكفي حتى أبريل/ نيسان 2024، حسب الحكومة. ضخ ما بين 2000 إلى 3000 طن سكر في منافذ صرف السلع التموينية، حيث يتم طرحه على بطاقات التموين بسعر 12.60 جنيها للكيلوغرام الواحد. الاتفاق الحكومي مع السلاسل التجارية الخاصة على عدم السماح ببيع أكثر من 3 كيلوغرامات سكر للشخص الواحد. ضخ كميات كبيرة من السكر بمنافذ المجمعات الاستهلاكية (حكومية) لطرحه ضمن مبادرة تخفيض الأسعار الرئاسية الحالية، بسعر27 جنيها للكيلوغرام.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: للجزیرة نت سعر السکر سکر فی
إقرأ أيضاً:
ريتشارد بويد للجزيرة نت: إسرائيل نظام استعماري عنصري يجب عزله دوليا
دبلن- أكد النائب الأيرلندي ريتشارد بويد باريت، في مقابلة خاصة مع جزيرة نت، أن إسرائيل ترتكب جرائم إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، ودعا إلى فرض عقوبات شاملة عليها.
وأكد النائب الأيرلندي أن استمرار حكومة بلده في التجارة مع المستوطنات مثير للقلق وقد يرتقي للتواطؤ، وأن عدم اتخاذها إجراءات حاسمة رغم الإدانات العلنية أمر يثير غضب الأحزاب المعارضة في أيرلندا.
وتحدث باريت في بداية المقابلة عن تجربته الشخصية مع القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أنه عندما كان عمره 19 عاما، سافر إلى إسرائيل للعمل، لكنه عاد من فلسطين بعد أن اكتشف "أن إسرائيل هي أرض سُرقت من الفلسطينيين".
وقال "خلال إقامتي هناك، تعرفت على فلسطينيين من مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية، وكنت شاهدا على بداية الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وسرعان ما أدركت حجم القمع والاضطهاد الذي تعرض له الشعب الفلسطيني منذ عام 1948، وشعرت بالرعب من سياسات الفصل العنصري التي تمارسها إسرائيل، ومن ذلك الحين أقول إنني ذهبت إلى إسرائيل ولكنني عدت من فلسطين".
"معاداة السامية"
انتقد باريت اعتماد الحكومة الأيرلندية لتعريف "التحالف الدولي لذكرى الهولوكوست" (IHRC) لمعاداة السامية، مؤكدا أن هذا التعريف يُستخدم كأداة سياسية لإسكات النقد المشروع لإسرائيل.
وقال "إنه لمن المخزي أن تفكر الحكومة الأيرلندية في تبني تعريف يساوي بين انتقاد نظام الفصل العنصري الإسرائيلي ومعاداة السامية، هذا لا يخدم سوى أجندة الصهاينة وأنصار إسرائيل، الذين يسعون إلى فرض رقابة على أي انتقاد للجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين".
إعلانوشدد باريت على أنه لا ينبغي لأي حكومة أن تتستر على هذه الجرائم بحجة مكافحة معاداة السامية، وأشار إلى أن هذه الاتفاقية لم تكن مدرجة في برنامج الحكومة حينما طرحته قبل الاقتراع.
شرعية المقاومة
أشاد النائب الأيرلندي ريتشارد بويد باريت بمقاومة الشعب الفلسطيني ضد ما وصفه بـ"حملة الإبادة الجماعية المروعة" التي تشنها إسرائيل، مؤكدا أن الفلسطينيين، باعتبارهم شعبا مضطهدا، يمتلكون الحق القانوني والأخلاقي في المقاومة، تماما كما كان للشعب الأيرلندي الحق في مقاومة الاستعمار البريطاني.
وقارن بويد باريت بين الجرائم الإسرائيلية الحالية وما تعرض له الأيرلنديون خلال المجاعة الكبرى في القرن الـ19، معتبرا أن الحصار والتجويع الذي يواجهه الفلسطينيون اليوم يعكس السياسات البريطانية الاستعمارية التي فرضت على أيرلندا سابقا.
وانتقد بشدة دعم بريطانيا المستمر لإسرائيل، سواء عبر إمدادها بالسلاح أو توفير الغطاء السياسي لها، مؤكدا أن "لولا الدعم البريطاني لما حدث التطهير العرقي في فلسطين عام 1948".
كما هاجم زعيم حزب العمال البريطاني كير ستارمر، متهما إياه بمحاولة إسكات الأصوات المنتقدة لإسرائيل، ومن بينها جيرمي كوربن بعد أن استدعته الشرطة في محاولة لقمع الحركة الاحتجاجية في لندن.
وفي رسالة وجهها إلى أهالي غزة، أكد بويد باريت أن "الغالبية العظمى من الشعب الأيرلندي لا تزال تقف إلى جانبكم"، مشددا على أن الملايين حول العالم يدعمون نضال الفلسطينيين حتى تحقيق الحرية والعدالة وتقرير المصير.
فرض العقوبات
أكد باريت أن الحراك الشعبي في أيرلندا هو المحرك الأساسي لمواقف الحكومة فيما يخص القضية الفلسطينية، وأوضح أن الاحتجاجات الجماهيرية التي شهدتها البلاد خلال السنوات الأخيرة تعكس تضامنا واسعا مع الفلسطينيين. وقال "الأغلبية العظمى من الشعب الأيرلندي تقف مع الفلسطينيين، وترفض سياسات الفصل العنصري والإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل. هناك مطالب شعبية بفرض عقوبات على إسرائيل وقطع العلاقات معها".
إعلانوأضاف "نحن نقود حملة لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات، نؤمن بأن إسرائيل نظام استعماري عنصري، ويجب عزله دوليا بسبب الجرائم التي يرتكبها بحق الفلسطينيين".
ومع ذلك، أشار إلى أن الحكومة الأيرلندية لم تتخذ أي خطوة فعلية في هذا الاتجاه، وما زالت مواقفها مقتصرة على التصريحات الإعلامية دون إجراءات ملموسة.
ابتزاز وترهيبكشف باريت عن محاولات أميركية وغربية لابتزاز الحكومة الأيرلندية وتخويفها من فرض عقوبات على إسرائيل. وقال "بينما يناقش البرلمان الأيرلندي فرض عقوبات على إسرائيل بسبب جرائمها في غزة وفلسطين، نسمع مسؤولين أميركيين يهددون بعواقب وخيمة على أيرلندا إذا تم اتخاذ أي إجراءات ضد إسرائيل".
وأكد أن هذه الأساليب تهدف إلى ترهيب الحكومة الأيرلندية ومنعها من اتخاذ قرارات مستقلة بشأن القضية الفلسطينية، لكنه شدد على أن ذلك يجب ألا يثني الحكومة عن التزامها بالمبادئ الإنسانية والقانون الدولي.
وأضاف "ينبغي على الحكومة الأيرلندية أن تتحدى هذه الضغوط، وأن تفرض عقوبات حقيقية على إسرائيل التي تقوم بارتكاب جرائم إبادة جماعية وفصل عنصري واحتلال استعماري وحشي ضد الفلسطينيين".
ترامب والتصعيد
أعرب باريت عن قلقه من أن عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض قد تؤدي إلى تصعيد محاولات الضغط على أيرلندا والدول الأخرى التي تنتقد إسرائيل.
وقال إن ترامب كان داعما متطرفا للصهيونية والنظام الإسرائيلي خلال ولايته الأولى، ومن المحتمل جدا أنه سيسعى إلى تصعيد محاولاته لإرهاب الحكومات التي تنتقد إسرائيل أو تحاول فرض عقوبات عليها.
وأضاف "لذلك، نحن بحاجة إلى ضغط شعبي مضاد، يجب على الناس أن يستمروا في التظاهر والاحتجاج والمطالبة بفرض عقوبات حقيقية على إسرائيل". وأكد أن الحركة الشعبية في أيرلندا والعالم الغربي تزداد قوة في معارضة نظام الفصل العنصري الإسرائيلي.
رأى باريت أن الشعب الفلسطيني يكسب معركة القلوب والعقول على مستوى العالم، مشيرا إلى أن التضامن الدولي مع القضية الفلسطينية في تصاعد مستمر.
إعلانوقال "خلال العام الماضي، شهدنا مستوى غير مسبوق من التضامن مع الفلسطينيين، وهذا يعكس تحولا في الرأي العام العالمي ضد إسرائيل".
وأشار إلى أن الفظائع التي ارتكبتها إسرائيل خلال العامين الماضيين، خصوصا في غزة، كشفت للعالم حقيقة الاحتلال الإسرائيلي، مما دفع الملايين حول العالم إلى دعم القضية الفلسطينية بشكل غير مسبوق. وأضاف "رغم الوحشية التي شهدناها، فإنني أشعر بالتفاؤل بأن الحركة المناهضة للفصل العنصري الإسرائيلي تزداد قوة، وأن المزيد من الدول قد تبدأ في اتخاذ إجراءات فعلية ضد إسرائيل".
معايير مزدوجةودعا باريت المجتمع الدولي إلى إنهاء سياسة المعايير المزدوجة التي تتبناها الدول الغربية فيما يخص القانون الدولي. وقال "نرى كيف تتحرك الدول الغربية سريعا لفرض عقوبات على روسيا بسبب حربها على أوكرانيا، بينما لا تفعل شيئا تجاه إسرائيل رغم ارتكابها جرائم مماثلة بحق الفلسطينيين".
وأضاف "إذا كان المجتمع الدولي جادا في احترام القانون الدولي وحقوق الإنسان، فيجب أن يفرض على إسرائيل العقوبات نفسها التي يفرضها على أي دولة أخرى تنتهك القوانين الدولية".