الاحتلال يمدد اعتقال صحفية فلسطينية ويحولّها لمحكمة عسكرية
تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT
قرر قاضي محكمة لدى الاحتلال الإسرائيلي، تمديد فترة اعتقال الصحفية الفلسطينية، ميرفت العزة، بزعم إقدامها على التحريض على وسائل التواصل الاجتماعي، فيما جرى تحويلها لمحكمة عسكرية.
واعتقلت الصحفية المقدسية المستقلة قبل أيام، بتهمة وجود "شبهات" تتعلق بدعمها لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وكانت قد بدأت العمل في شبكة NBC الإعلامية الأمريكية قبل وقت قصير من بدء الحرب على غزة.
وكانت العزة (45 عاما) قد كتبت في منشور لها: "صفارات الإنذار في كل وقت، اليهود يختفون والعرب يشربون القهوة في الشرفة".
وألقت شرطة الاحتلال الإسرائيلية القبض عليها في بيت لحم جنوبي الضفة الغربية، بطلب من النيابة العامة وتم التحقيق معها يوم الخميس الماضي
ودعا ممثل الكيان المحتل إلى تمدي فترة اعتقالها لـ "تمجيدها الأعمال الإرهابية"، فيما أكد محامي دفاع الصحفية أن العزة "امرأة معيارية وتتعامل مع الصحافة ودورها مهم جدا للجميع"، وما كتبته يدخل في غطار حرية التعبير.
وقرر قاضي الاحتلال قبول طلب تل أبيب ومدد فترة اعتقالها إلى 5 أيام، حيث تنتهي يوم الإثنين المقبل، كما تقول الشبكة الأمريكية أنها تتابع الأمر "عن كثب" وتتشاور مع الاحتلال بهذا الصدد.
بالتزامن مع ذلك، اعتقلت قوات الاحتلال الصحفي عبد الغفور زغير، يوم 17 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، ليصل بذلك عدد الصحفيين المعتقلين منذ "طوفان الأقصى" إلى 29 صحفيا، فيما قارب عدد الصحفيين الذين استشهدوا إثر العدوان على غزة إلى نحو 60.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الاحتلال حماس القدس حماس الاحتلال سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
كشف الستار عن حالة ظَفَارِ للشيخ عيسى الطائي قاضي قضاة مسقط (43)
تحقيق: ناصر أبوعون
يقول الشَّيخُ القاضِي الأجَلّ عِيَسى بِنْ صَالِحٍ بِنْ عَامِرٍ الطَّائِيُّ: [(وَلِأَهْلِ ظَفَارِ عِيْدٌ يَوْمَ العَاشِرِ من المُحَرَّمِ؛ وَهُوَ ثَالِثُ الْأَعْيَادِ عِنْدَهُم، بَلْ هُوَ أَعْظَمُ مِنْ عِيْدَي الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ، يُوَسِّعُونَ فِيْهِ عَلَى عِيَالِهِمْ، وَيَتَهَادَوْنَ الْهَدَايَا، وَيَلْبَسُوْنَ أَفْخَرَ لِبَاسِهِمْ، وَيُعْطُوْنَ أَوْلَادَهُمُ النَّارْجِيْلَ الْمَنْقُوشَ بِالْأَلْوَانِ، وَيُدَحْرِجُونَهُ فِي الطُّرُقَاتِ. وَقَدْ نَسُوا أَنَّ فِي هَذَا الْيَوْمِ قُتِلَ الْحُسَيْنُ وَأُخْوَتُهُ وَبَنُو عَمِّهِ- رَضِيَ اللهُ عُنْهُمْ- بِـ(كَرْبِلَاءَ) بَعْدَ أَنْ خَرَجُوا نَاقِمِيْنَ عَلَى جَوْرِ بَنِي أُمَيَّةَ وَغَشْمِهِمْ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ زِيَادٍ عَامِلُ يَزِيْدَ بِـ(الْكُوْفَةِ) عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ بْن أَبِي وَقَّاص فِي ثَلَاثَةِ آلَافٍ فَقَتَلَهُمْ عَطَاشَى وَأَوْطَأَهُمْ خَيْلُهُ. وَإِنَّهُ لَرِزْءٌ جَلَلٌ أُصِيْبَ فِيْهِ الْإِسْلَامُ فِي آلِ بَيْتِ النَّبِيّ (صلى الله عليه وسلم). وَلَعَلّ أَهْلَ ظَفَارَ نَسُوا هَذِهِ الْحَادِثَةَ، أَوْ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا سَنَّهُ بَنُو أُمَيَّةَ فَاتَّبَعُوْهُ؛ وَلَقَدْ سَنَّ بَنُو أُمَيَّةَ لَعْنَ عَلِيٍّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي مَنَابِرِهِمْ)].
فضائل يوم العاشر من محرّم
قال الشَّيخُ القاضِي عِيَسى بِنْ صَالِحٍ الطَّائِيُّ: [(وَلِأَهْلِ ظَفَارِ عِيْدٌ يَوْمَ العَاشِرِ من المُحَرَّمِ؛ وَهُوَ ثَالِثُ الْأَعْيَادِ عِنْدَهُم)]، [عِيْدٌ]، أي: يوم مسرّة يتكرر في موعد معلوم من السنة، وشاهده نقرأه في شعر الحارث بن عباد البكريّ يُشبِّه فيه ما حلّ بالديار بآثار عيد اليهود: [وَكَأَنَّ الْيَهُوْدَ فِي يَوْمِ (عِيْدٍ)/ ضَرَبَتْ فِيْهِ رَوْقَشًا وَطُبُوْلَا(01))[يَوْمَ العَاشِرِ من المُحَرَّمِ]،وقد ورد في فضله عن رسول الله(صلى الله عليه وسلم) أحاديث كثيرة وصحيحة وبروايات عديدة نذكر منها: (لَمَّا قَدِمَ رَسولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وسلم)المَدِينَةَ واليَهُودُ تَصُومُ يَومَ عاشُوراءَ، فَسَأَلَهُمْ، فقالوا: هذا اليَوْمُ الذي ظَهَرَ فيه مُوسَى علَى فِرْعَوْنَ، فقالَ النبيُّ (صلى الله عليه وسلم): نَحْنُ أوْلَى بمُوسَى منهمْ فَصُومُوهُ)(02)، وفي حديث آخر: أنَّ رَسولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) قالَ لِرَجُلٍ مِن أسْلَمَ: أذِّنْ في قَوْمِكَ، أوْ في النَّاسِ- يَومَ عاشُوراءَ- أنَّ مَن أكَلَ فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَومِهِ، ومَن لَمْ يَكُنْ أكَلَ فَلْيَصُمْ)(03).ويقول الطائيّ [بَلْ هُوَ أَعْظَمُ مِنْ عِيْدَي الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ]، وقول الشيخ عيسى الطائيّ بأن (يوم عاشوراء أعظم عند أهل ظفار) لا يقصد به الأفضلية في الاعتقاد، بل يقصد تقديره والإبانة عن مهابته في قلوب الظفاريين بناءً على ما شاهده عَيَانًا من مظاهر الاحتفال والسرور والنفقة والبذخ. لذا استعمل اسم تفضيل [أَعْظَمُ] وجمعه: (أعاظم)، أي: أشد إجلالا وإكبارًا، ونجد شاهده في قول هاشم بن عبد مناف القرشيّ: (يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّكُمْ سَادَةُ الْعَرَبِ، وَأَحْسَنُهَا وُجُوهًا، وَ(أَعْظَمُهَا) أَحْلَامًا)، فأمّا قوله [عيد الفطر] فقد تقدّم ذكره والإفاضة في الاستدلال عليه وشرح سبب التسمية في موضوع آخر من المخطوط، وأمّا قوله: [يوم النَّحْرِ]، فقد أكدت الأدلة النقلية على أنّه أفضل الأيام عند الله بعد يوم الجمعة؛ لحديث النبي (صلى الله عليه وسلم): (أفضلُ الأيَّامِ عندَ اللهِ يومُ النَّحرِ ويومُ القَرِّ)(04) و(يوم القَرّ) هو ثاني أيام عيد الأضحى.
تقاليد أهل ظفار يوم عاشوراء
قال الشَّيخُ القاضِي عِيَسى بِنْ صَالِحٍ الطَّائِيُّ: [(يُوَسِّعُونَ فِيْهِ عَلَى عِيَالِهِمْ، وَيَتَهَادَوْنَ الْهَدَايَا، وَيَلْبَسُوْنَ أَفْخَرَ لِبَاسِهِمْ، وَيُعْطُوْنَ أَوْلَادَهُمُ النَّارْجِيْلَ الْمَنْقُوشَ بِالْأَلْوَانِ، وَيُدَحْرِجُونَهُ فِي الطُّرُقَاتِ)].
ومعنى [(يُوَسِّعُونَ فِيْهِ عَلَى عِيَالِهِمْ)]، أي أنّ الكثير من الناس يذهبون إلى التوسعة على بيوتاتهم وذراريهم يوم عاشوراء في المأكل والمشرب والملبس استنادًا إلى حديث (مَنْ وَسَّعَ عَلَى عِيَالهِ يَومَ عاشوراءَ وَسَّعَ اللهُ عليه سائرَ سَنَتِهِ)، وهو حديث مُنْكر ولم يصحّ (قال ابن حجر العسقلاني: غريب (الأمالي المطلقة 28)، وقال الإمام أحمد: في إسناده ضعف (مسائل أحمد رواية ابن هانيء/ 1/136)، وقال الدارقطني: منكر (العلل المتناهية 2/553)، لكن اتفقت سائر المذاهب على استحباب التوسعة على الأهل في يوم عاشوراء وغيره. [يُوَسِّعُونَ] من (وَسَّعَ الأمر: خفّفه ويسَّره). والشاهد فيه من قول ابن عباس في تفسير قوله الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ}(سورة البقرة، الآية: 220)، أي: [لوشاء الله لأحرجكم، وضيّق عليكم، ولكنّه وَسَّعَ ويَسَّرَ)(05) [عَلَى عِيَالِهِمْ] (عِيَال) و(عَيَايِل) جموع، والمفرد منها (عَيِّل)، وهو من يكفله الرجل من أهل بيته ويقوم على معاشه. وشاهده اللغويّ نقرأه في قول أُمامة بنت الحارث الشيبانيّة توصي ابنتها عند زواجها: [اِحْمِلِي عَنِّي عَشْرَ خِصَالٍ تَكُنْ لَكِ ذُخْرًا وَذِكْرًا: الصُّحْبَةُ بِالْقَنَاعَة.. وَالْإِرْعَاءِ عَلَى نَفْسِهِ وَحَشَمِهِ وَ(عِيَالِه)](06) وَ[يَتَهَادَوْنَ الْهَدَايَا]، (الهدايا)، و(الهداوَى) جموع، والمفرد (هَدِيّة)، وهي ما أتحفتَ به ذا مودةٍ على سبيل البرِّ واللطف. والشاهد فيها نقرأه في بيت شعر منسوب إلى كليب بن ربيعة التغلبيّ: [تَكُونُ (هَدِيَّةً) لِجَمِيْعِ طَيٍّ/وَكُنْتُمْ، بِالسَّلَامَةِ رَائِحيْنَا(07)] [وَيَلْبَسُوْنَ أَفْخَرَ لِبَاسِهِمْ]، [لِبَاس] مفرد والجمع (أَلْبِسَة)، وهو ما يُكْتَسَى بهِ ويُسْتَتَرُ به، من ثوبٍ ونحوه، ونقرأ شاهده في بيت شعر لعنترة يقول فيه: [وَعُدْنَا وَالْفَخَارُ لَنَا (لِبَاسُ)/نَسُودُ بِهِ عَلَى أَهْلِ الزَّمَانِ(08)]،[وَيُعْطُوْنَ أَوْلَادَهُمُ النَّارْجِيْلَ الْمَنْقُوشَ بِالْأَلْوَانِ]؛ وحيث إنّ الإنسان ابن بيئته، فقد كانت هذه الألعاب هي المتاحة في تلك الحقبة من تاريخ ظفار، وغيرها من الألعاب المشتقة من البيئة المحلية؛ ولأن زراعة (نخيل النارجيل جوز الهند) تكثر في ظفار فقد صارت ثماره جزءًا من التراث الشعبيّ وخاصةً في إعادة تدويره، وتصنيعه؛ لذا تمَّ (إنشاء مركز رخيوت للتدريب والإنتاج) للاستفادة من بقايا قشرة نخلة النارجيل بنيابة (شهب أصعيب)؛ لإنتاج منتجات تلامس الذوق العام تدخل في الإكسسوارات والديكورات، فالمركز يقوم بإعادة تدوير مخلفات شجرة النارجيل لعمل منتجات حرفية مميزة مثل "ميداليات"، و"مناديس"، و"مكبات"، و"عُلَب البخور والعطور"، و"حقائب صغيرة للأقلام"، و"وحدات إضاء"، و"أقلام"، و"أطقم" تتضمن "عُلبة وقلما وميدالية" وغيرها من إبداعات نساء ولاية رخيوت. ويتم تصنيع ذلك عبر المزج ما بين الخامات الطبيعية مع قشرة النارجيل للخروج بمنتج عصري يحمل الزخارف والنقوش والهوية العمانية أو منتجا تراثيا عمانيا)(09). [وَيُدَحْرِجُونَهُ فِي الطُّرُقَاتِ]، [يُدَحْرِجُونَهُ] أي: يدفعونه فيدور على نفسه في تتابع وانحدار. وشاهده اللغوي في الحديث النبويّ الشريف الذي رواه حذيفة بن اليمان، قال: (حَدَّثَنَا رَسولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) حَدِيثَيْنِ، رَأَيْتُ أحَدَهُما وأَنَا أنْتَظِرُ الآخَرَ: حَدَّثَنَا: أنَّ الأمَانَةَ نَزَلَتْ في جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ وحَدَّثَنَا عن رَفْعِهَا قالَ: يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأمَانَةُ مِن قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أثَرُهَا مِثْلَ أثَرِ الوَكْتِ، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ فَيَبْقَى فِيهَا أثَرُهَا مِثْلَ أثَرِ المَجْلِ، كَجَمْرٍ (دَحْرَجْتَهُ) علَى رِجْلِكَ فَنَفِطَ، فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا وليسَ فيه شيءٌ، ويُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ، فلا يَكَادُ أحَدٌ يُؤَدِّي الأمَانَةَ، فيُقَالُ: إنَّ في بَنِي فُلَانٍ رَجُلًا أمِينًا، ويُقَالُ لِلرَّجُلِ: ما أعْقَلَهُ وما أظْرَفَهُ وما أجْلَدَهُ، وما في قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِن إيمَانٍ ولقَدْ أتَى عَلَيَّ زَمَانٌ، ولَا أُبَالِي أيُّكُمْ بَايَعْتُ، لَئِنْ كانَ مُسْلِمًا رَدَّهُ عَلَيَّ الإسْلَامُ، وإنْ كانَ نَصْرَانِيًّا رَدَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ، وأَمَّا اليَومَ: فَما كُنْتُ أُبَايِعُ إلَّا فُلَانًا وفُلَانًا)(10). [الطُّرُقَات] جمع الجمع لـ(طُرُق)، و(أَطْرِقَة)، و(أَطْرُق)، و(أَطْرِقَاء). والمفرد (طَرِيق) وهي تُذكَّر وتُؤنّث، والطَّرِيقُ فِي اللُّغَةِ: (السَّبِيل)، أي: المسلك الواسع المُمتد، ومن معانيه (الشارع)، و(الدَّرْب)، و(السِّكّة)، و(الزُّقَاق)، و(الفِناء)(11)، ومن شواهده الحديث النبويّ الشريف، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ علَى (الطُّرُقَاتِ)، فَقالوا: ما لَنَا بُدٌّ، إنَّما هي مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قالَ: فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا المَجَالِسَ، فأعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا، قالوا: وَما حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قالَ: غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ)(12).
الخروج على جور بني أميّة
قال الشَّيخُ القاضِي عِيَسى بِنْ صَالِحٍ الطَّائِيُّ: [(وَقَدْ نَسُوا أَنَّ فِي هَذَا الْيَوْمِ قُتِلَ الْحُسَيْنُ وَأُخْوَتُهُ وَبَنُو عَمِّهِ – رَضِيَ اللهُ عُنْهُمْ – بِـ(كَرْبِلَاءَ) بَعْدَ أَنْ خَرَجُوا نَاقِمِيْنَ عَلَى جَوْرِ بَنِي أُمَيَّةَ وَغَشْمِهِمْ)]، [خَرَجُوا]، أي: (ثائرين على بني أميّة)، وشاهده اللغويّ نقرأه من حديث النبيّ (صلى الله عليه وسلم): (مَن فارَقَ الجمَاعَةَ وخرَجَ من الطاعَةِ فماتَ فميتُتُهُ جاهليةٌ ومَن خَرَجَ علَى أمتِي بسيفِهِ يضربُ برَّهَا وفاجِرَهَا لا يُحَاشِى مؤمنًا لإيمانِهِ ولا يَفِي لذِي عهدٍ بعهدِهِ فليسَ مِن أمتِي ومَن قُتِلَ تحتَ رايةٍ عِمِّيَّةٍ يغضَبُ للعَصَبيَّةِ أو يُقَاتِلُ للعصبِيَّةِ أو يدعو إلى العصبيَّةِ فقِتْلَةُ جاهليةٍ)(13)، (نَاقِمِيْنَ)، اسم فاعل في محل نصب حال للدلالة على الحدوث والتجدد، مرتبط بالفعل (خَرَجُوا)، ومعناه (منكرين وساخطين وثائرين من أفعال بني أميّة). وشاهده اللغوي نقرأه عند الأسود بن يعفر النهشليّ: [(نَقَمَتْ) بَنُو صَخْرٍ عَلَيَّ وَجَنْدَلٌ/ نَسَبٌ، لَعَمْرُ أَبِيْكَ، لَيْسَ بِـ(قُعْدَدِ)(14)] [عَلَى جَوْر بَنِي أُمَيَّةَ]؛ فمن سياق الكلام يُفهَم أن الشيخ عيسى بن صالح الطائي قصد بـ(الجور) ما اصْطُلِح عليه في (علم الكلام)، لذا أتبعها بكلمة [غَشْمِهِمْ]، ونجد شاهده الفلسفيّ الحِجَاجِيّ في قول عبد الله بن إسماعيل الهاشميّ: (إِنَّ الشَّرَائِعَ وَالْأَحْكَامَ لَنْ تَخْرُجَ عَنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ...إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ حُكمًا إِلَهِيًا، وَهُوَ حُكْمُ التَّفَضُّلِ الَّذِي هُوَ فَوْقَ الْعَقْلِ وَالطَّبِيْعَةِ...وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ حُكْمًا طَبِيٍعِيًا، قَائِمًا فِي الْعَقْلِ، مَوْلُودًا فِي الْفِكْرِ، يَقْبَلُهُ التَّمْييزُ، وَلَا يُنْكِرُهُ، وَهُوَ حُكْمُ الْعَدْلِ...وَإِمَّا أَنْ يَكُوْنَ حُكْمًا شَيْطَانِيًا، أَعْنِي حُكْمَ (الْجَورِ)،وَهُوَ ضِدَ الْحُكْمِ الْإلَهِيّ وَخِلَافُ الْحُكْمِ الطَّبِيْعِيّ)(15). وكلمة [غَشْمِهِمْ] مصدر، ومعناها (ظلمهم الشديد)، وشاهدُها اللغوي نجده في شعر المهلهل بن ربيعة التغلبيّ: [هَتَكْتُ بِهِ بُيُوتَ بَنِي عُبَادٍ/ وَبَعْضُ (الْغَشْمِ) أَشْفَى لِلصُدُوْرِ(16)].
كربلاء مُصاب الإسلام الجلل
قال الشَّيخُ القاضِي عِيَسى بِنْ صَالِحٍ الطَّائِيُّ: [(فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ زِيَادٍ عَامِلُ يَزِيْدَ بِـ(الْكُوْفَةِ) عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ بْن أَبِي وَقَّاص فِي ثَلَاثَةِ آلَافٍ فَقَتَلَهُمْ عِطَاشًا وَأَوْطَأَهُمْ خَيْلُهُ. وَإِنَّهُ لَرِزْءٌ جَلَلٌ أُصِيْبَ فِيْهِ الْإِسْلَامُ فِي آلِ بَيْتِ النَّبِيّ (صلى الله عليه وسلم)].
[عُبَيْدُ اللهِ بْنُ زِيَادٍ]، هو (عبيد الله بن زياد بن أبيه، أمير العراق أبو حفص، ولي البصرة سنة خمس وخمسين وله ثنتان وعشرون سنة، وولي خراسان، فكان أول عربي قطع جيحون، وافتتح بيكند، وغيرها. وأمه مرجانة من بنات ملوك الفرس، وأبغضه المسلمون لما فعل بالحسين- رضي الله عنه- وكانت تقول له: قتلت ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا ترى الجنة، أو نحو هذا)(17). أمّا [يَزِيْدَ]، هو (يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بن حرب بن أمية، الخليفة، أبو خالد، القرشي، ومن حسناته غزو القسطنطينية في جيش كان به أبو أيوب الأنصاريّ. عقد له أبوه بولاية العهد من بعده، فتسلم الملك عند موت أبيه في رجب سنة ستين، وله ثلاث وثلاثون سنة. وعن الحسن، أن المغيرة بن شعبة، أشار على معاوية ببيعة ابنه ففعل، فقيل له: ما وراءك؟ قال: وضعتُ رجل معاوية في غَرز غَيّ لا يزال فيه إلى يوم القيامة، قال الحسن: فمن أجل ذلك بايع هؤلاء أولادهم، ولولا ذلك لكان شورى. افتتح دولته بمقتل الشهيد الحسين، واختتمها بواقعة الحرة، فمقته الناس، وتوفي في نصف ربيع الأول سنة أربع وستين هجرية)(18). ومعنى[الْكُوْفَةِ]: (الرَّمْلَةُ الحَمْراءُ المُسْتَديرَةُ، أو كلُّ رَمْلَةٍ تُخالِطُها حَصْباءُ، ومدينَةُ العِراقِ الكُبْرَى، وقُبَّةُ الإِسلامِ، ودارُ هِجْرَةِ المُسْلِمينَ، مَصَّرَها سَعْدُ بنُ أبِي وقَّاصٍ، الذي قال: "يذكر الكوفة حين أسَّسها: كوِّفُوا هذا المكان" وكان مَنْزِلَ نوحٍ، عليه السلامُ، وبَنَى مَسْجِدَها، سُمِّيَ لاسْتدارَتِها واجْتِماعِ الناسِ بها، ويقال لها: كُوفانُ، وكُوفَةُ الجُنْدِ، لأَنَّهُ اخْتُطَّتْ فيها خِطَطُ العَرَبِ أيَّامَ عُثمانَ، خَطَّطَها السائِبُ بنُ الأَقْرَعِ الثَّقَفِيُّ، أو سُمِّيَتْ بكُوفانَ، وهو جُبَيْلٌ صَغيرٌ، فَسَهَّلوهُ، واخْتَطُّوا عليه، أو من: الكَيْف: القَطْعِ، لأِن أبْرَويزَ أقْطَعَهُ لبَهْرامَ، أو لأَنها قِطْعَةٌ من البِلادِ، والأَصْلُ: كُيْفَةٌ، فلما سَكَنَتِ الياءُ وانْضَمَّ ما قَبْلَها، جُعِلَتْ واوًا، أو من قولِهِم: هُم في كُوفانٍ، وكَوْفَانُ، وكَوَّفانٍ، أي: في عِزٍّ ومَنَعَةٍ، أو لأن جَبَلَ ساتِيدَما مُحيطٌ بها كالكافِ، أو لأَنَّ سَعْدًا لَمَّا ارْتَادَ هذه المَنْزِلَةَ للمسلمينَ قال لهم: تَكَوَّفوا ط أو لأِنه قال: كَوِّفوا هذه الرَّمْلَةَ: نحُّوها)(19).[عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ بْن أَبِي وَقَّاص] قال خليفة بن خيّاط: عمر بن سعد بن مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب ابن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب أبو حفص القرشيّ الزّهريّ؛ أمّه ماريّة بنت قيس بن معد يكرب بن الحارث بن السّمط بن امرىء القيس بن عمرو بن معاوية، من كندة، يكنى أبا حفص. قال العجليّ: عمر بن سعد بن أبي وقّاص، كان يروي عن أبيه أحاديث، وروى النّاس عنه. وقال في موضع آخر: تابعيّ ثقة، وهو الذي قتل الحسين! قال يحيى بن معين: ولد عُمر بن سعد عام مات عمر بن الخطّاب، وهو الذي قتل الحسين)(20).[فِي ثَلَاثَةِ آلَافٍ فَقَتَلَهُمْ عَطَاشَى وَأَوْطَأَهُمْ خَيْلُهُ] والشاهد التاريخيّ على هذه الواقعة ما رواه أنس بن مالك قال: (أُتِيَ عُبَيْدُ اللَّهِ بنُ زِيَادٍ برَأْسِ الحُسَيْنِ عليه السَّلَامُ، فَجُعِلَ في طَسْتٍ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ، وقالَ في حُسْنِهِ شيئًا، فَقالَ أنَسٌ: كانَ أشْبَهَهُمْ برَسولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم)، وكانَ مَخْضُوبًا بالوَسْمَةِ)(21).[قَتَلَهُمْ عِطَاشَى]، [عِطاشَى] بكسر العين المُهملة، و[عَطاشَى] بفتح العين المُهملة جمعٌ مفرده (عَطْشان)، وهو صفة مُشَبَّهة، والمعنى: (محتاجون إلى شرب الماء)، وشاهدُه اللغوي والتاريخيّ نجده في قول أبي حنيفة الدّينوريّ: [فَلَمَّا وَرَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ ذَلِكَ، أَمَرَ عَمْرو بنَ الحَجَّاجِ أَنْ يَسِيْرَ فِي خَمْسِمِئَةِ رَاكِبٍ، فَيُنِيْخَ عَلَى الشَّرِيْعَةِ وَيَحُولُوا بَيْنَ الْحُسَيْنِ وَأَصْحَابِهِ، وَبَيْنَ الْمَاءِ..فَمَكَثَ أَصْحَابُ الْحُسَيْنِ (عَطاشَى)](22)، و[أَوْطَأَهُمْ خَيْلُهُ]، أي: غشيتهم خيول جيشه وداست عليهم بحوافرها وبطش بهم رجال جيشه، وقهروهم. والشاهد اللغوي لكلمة [أَوْطَأَهُمْ] نجده في قول بشامةَ بن عمرو بن الغدير الذُّبيانيّ يُشبّه شدة خَطْو ناقته على الأرض بشدة بطش العزيز بالذَّليل: [(تَوَطَّأَ) أَغْلَظَ حِزَّانِهِ/كَـ(وَطْءِ) الْقَوِيِّ الْعَزِيْزِ الذَّلِيْلَا(23)].
ما الفرق بين (الحادث) و(الحادثة)؟
قال الشَّيخُ القاضِي عِيَسى بِنْ صَالِحٍ الطَّائِيُّ: [(وَلَعَلّ أَهْلَ ظَفَارَ نَسُوا هَذِهِ الْحَادِثَةَ، أَوْ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا سَنَّهُ بَنُو أُمَيَّةَ فَاتَّبَعُوْهُ؛ وَلَقَدْ سَنَّ بَنُو أُمَيَّةَ لَعْنَ عَلِيٍّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي مَنَابِرِهِمْ)] (هَذِهِ الْحَادِثَةَ)، (استشهاد الحسين وآل البيت) مغدورين عَطَاشى بوطأة جيش عُمر بن سعد بن أبي وقّاص في كربلاء. و(الْحَادِثَةَ) مؤنث ومذكره (حادث) والجمع (حوادث وحادثات)، وهي بمعنى: (النائبة، وما يقع من نوازل الدهر)؛ لكن لماذا استعمل الشيخ عيسى الطائي صيغة المؤنث فقال: (الحادثة)، ولم يقل (الحادث)؟؛ لأنّ كلمة (الحادث) تُستعمل للدلالة على (كل ما يحدث بصرف النظر عن مدى شِدّته وتأثيره؛ لذا نقول: حادث سعيد)، أما كلمة (الحادثة) فهي تُستعمل للدلالة على ما وقع من أمور عظيمة ومُريعة. وإنّ التعبير بصيغة المؤنث يفيد في لغة العرب الأقحاح المبالغة الشديدة مثل: (الحاقّة) (القارعة)، و(الطَّامّة)، بل إنّ صيغة المؤنث يُفضَّل استعمالها بدلا من صيغ المبالغة (فعَّال وفَعول ومِفعال وفَعِل وفَعِيل وغيرها) فنقول: (العلّامة) بدلا من (علّام)، وقياسًا عليها(فهّامة، ذوَّاقة، رحّالة...إلخ)، ومن شواهده اللغويّة بيت شعر منسوب إلى كعب بن لؤي بن غالب القرشيّ يقول فيه: [نَهَارٌ وَلَيْلٌ وَاِخْتِلَافُ حَوَادِثٍ/ سَوَاءً عَلَيْنَا حُلْوُهَا وَمَرِيْرُهَا(24)].
تقدير معاوية لـ(عليّ وآل البيت)
قال الشَّيخُ القاضِي عِيَسى بِنْ صَالِحٍ الطَّائِيُّ: [وَلَقَدْ سَنَّ بَنُو أُمَيَّةَ لَعْنَ عَلِيٍّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي مَنَابِرِهِمْ]، استحدثوه وابتدعوه وجعلوه سُنّةً تسير عليها بِطانتهم ومَن على شاكلتهم. وشاهدها اللغويّ والشرعيّ في الحديث النبويّ [مَن سَنَّ سُنَّةً حَسنةً فعمِلَ بِها، كانَ لَهُ أجرُها وَمِثْلُ أجرِ مَن عملَ بِها، لا يَنقُصُ مِن أجورِهِم شيئًا ومن سنَّ سنَّةً سيِّئةً فعملَ بِها، كانَ عليهِ وزرُها وَوِزْرُ مَن عملَ بِها من بعده لا ينقصُ من أوزارِهِم شيئًا](25) [لَعْنَ عَلِيٍّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ]، وهذه فِرية تداولها المتأخرون دون تمحيص، وردّ عليها الدكتور علي الصلابيّ قائلا: [هذه الدعوة لا أساس لها من الصحة، والذي يقصم الظهر أن الباحثين قد التقطوا هذه الفرية على هوانها دون إخضاعها للنقد والتحليل، حتى صارت عند المتأخِّرين من المُسلَّمات التي لا مجال لمناقشتها، ولم يثبت قط في رواية صحيحة، ولا يعوَّل على ما جاء في كتب الدميري، واليعقوبي، وأبي الفرج الأصفهاني، علمًا بأن التاريخ الصحيح يؤكد خلاف ما ذكره هؤلاء؛ من احترام وتقدير معاوية لأمير المؤمنين علي وأهل بيته الأطهار، فحكاية لعن علي بن أبي طالب على منابر بني أمية لا تتفق مع منطق الحوادث، ولا طبيعة المتخاصمين، فإذا رجعنا إلى الكتب التاريخية المعاصرة لبني أمية، فإننا لا نجد فيها ذكرًا لشيء من ذلك أبدًا، وإنما نجده في كتب المتأخرين الذين كتبوا تاريخهم في عصر بني العباس بقصد أن يسيئوا إلى سمعة بني أمية في نظر الجمهور الإسلامي، وقد كتب ذلك المسعودي في مروج الذهب وغيره من كتَّاب الشيعة، وقد تسربت تلك الأكذوبة إلى كتب تاريخ أهل السنة، ولا يوجد فيها رواية صحيحة صريحة، فهذه دعوة مفتقرة إلى صحة النقل، وسلامة السند من الجرح، والمتن من الاعتراض، ومعلوم وزن هذه الدعوة عند المحققين والباحثين، ومعاوية رضي الله عنه بعيد عن مثل هذه التهم بما ثبت من فضله في الدين، وكان محمود السيرة في الأمة، أثنى عليه بعض الصحابة ومدحه خيار التابعين، وشهدوا له بالدين والعلم، والعدل والحلم، وسائر خصال الخير](26)، وقال الدكتور الرحيلي في كتابه الصحب والآل: [حاشا معاوية رضي الله عنه أن يصدر منه مثل ذلك، والمانع من هذا عدة أمور: (1) أن معاوية-رضي الله عنه- ما كان يسب عليًّا- رضي الله عنه- كما تقدم حتى يأمر غيره بسبّه، بل كان معظمًا له، معترفًا له بالفضل والسبق إلى الإسلام، كما دلت على ذلك أقواله الثابتة عنه، فقد قال ابن كثير: وقد ورد من غير وجه: أن أبا مسلم الخولانيّ وجماعة معه دخلوا على معاوية فقالوا له: هل تنازع عليًا أم أنت مثله؟ فقال: والله إني لأعلم أنه خير مني وأفضل، وأحق بالأمر مني، وعن جرير بن عبد الحميد عن المغيرة قال: لما جاء خبر قتل علي إلى معاوية جعل يبكي، فقالت له امرأته: أتبكيه وقد قاتلته؟ فقال: "ويحك إنك لا تدرين ما فقد الناس من الفضل والفقه والعلم"، فهل يسوغ في عقل ودين أن يسب معاوية عليًا، بل ويحمل الناس على سبه وهو يعتقد فيه هذا؟!(2) أنه لا يعرف بنقل صحيح عن معاوية رضي الله عنه تعرض لعلي- رضي الله عنه- بسب أو شتم أثناء حربه له في حياته، فهل من المعقول أن يسبّه بعد انتهاء حربه معه ووفاته، فهذا من أبعد ما يكون عند أهل العقول، وأبعد منه أن يحمل الناس على سبه وشتمه.(3) أن معاوية كان رجلًا ذكيًا مشهورًا بالعقل والدهاء، فلو أراد حمل الناس على سب علي- حاشاه ذلك- أفكان يطلب ذلك من مثل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وهو من هو في الشجاعة والفضل والورع، مع عدم دخوله في الفتنة أصلًا، فهذا لا يفعله أقل الناس عقلًا وتدبيرًا، فكيف بمعاوية؟!(4) أن معاوية- رضي الله عنه- انفرد بالخلافة بعد تنازل الحسن بن علي-رضي الله عنهما- له، واجتمعت عليه الكلمة ودانت له الأمصار بالملك، فأي نفع له في سبّ علي؟ بل الحكمة وحسن السياسة تقتضي عدم ذلك، لما فيه من تهدئة النفوس، وتسكين الأمور، ومثل هذا لا يخفى على معاوية.(5) أنه كان بين معاوية رضي الله عنه بعد استقلاله بالخلافة وأبناء علي من الألفة والتقارب، ما هو مشهور في كتب السير والتاريخ، ومن ذلك أن الحسن والحسين وفدا على معاوية فأجازهما بمئتي ألف. وقال لهما: ما أجاز بهما أحد قبلي، فقال له الحسين-رضي الله عنه-: ولم تعطِ أحدًا أفضل منا. ودخل مرة الحسن على معاوية فقال له: مرحبًا وأهلًا بابن بنت رسول الله، وأمر له بثلاثمئة ألف. وهذا مما يقطع الكذب مما يُدَّعى في حق معاوية من حمله الناس على سبّ علي، إذ كيف يحصل هذا مع ما بينه وبين أولاده من هذه الألفة والمودة والاحتفاء والتكريم؟!].فضلا عن إن هذا المسلك يخالف ما تربّى عليه الصحابة وكتبة الوحيّ في مدرسة النبيّ محمد (صلى الله عليه وسلم)، ويخالف صريح الأحاديث الصحيحة؛ ونذكر منها: [لَمْ يَكُنْ رَسولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) فَاحِشًا، ولَا لَعَّانًا، ولَا سَبَّابًا، كانَ يقولُ عِنْدَ المَعْتَبَةِ: ما له تَرِبَ جَبِينُهُ].
.................
المراجع والمصادر:
(01) ديوان الحارث بن عباد البكريّ، جمع وتحقيق: أنس عبد الهادي أبوهلال، هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، أبو ظبي، ط1، 2008م، 2012م
(02) الراوي: عبدالله بن عباس، المُحَدِّث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، ص أو رقم: 4737، خلاصة حكم المُحَدِّث: [صحيح]، أخرجه مسلم (1135)، والنسائي (2321)، وأحمد (16526) باختلاف يسير.
(03) الراوي: سلمة بن الأكوع، المُحَدِّث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، ص: أو رقم: 7265، خلاصة حكم المُحَدِّث: [صحيح]، أخرجه مسلم (1135)، والنسائي (2321)، وأحمد (16526) باختلاف يسير.
(04) الراوي: عبدالله بن قرط، المُحَدِّث: شعيب الأرناؤوط، المصدر: صحيح ابن حبان، ص: أو رقم: 2811، خُلاصة حُكم المحدث: إسناده صحيح، أخرجه أبو داود (1765)، وأحمد (19075) مطولًا باختلاف يسير.
(05) الناسخ والمنسوخ في القرآن العزيز وما فيه من الفرائض والسنن، أبو عبيد الهَرَوِيّ(ت، 224هـ)، دراسة وتحقيق: محمد بن صالح المديفر، مكتبة الرشد، شركة الرياض، الرياض، د. 238
(06) مجمع الأمثال، أبو الفضل الميدانيّ (ت، 518هـ)، تحقيق وتعليق: محمد محيي الدين عبد الحميد، مطبعة السُّنَّة المحمديّة، القاهرة، 1995م، 263/2
(07) شعراء تغلب في الجاهلية أخبارهم وأشعارهم، صنعة: علي أبوزيد، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، ط1، 2000م، 134/2
(08) شرح ديوان عنترة، الخطيب التبريزي، (ت، 502هـ)، وضع هوامشه: مجيد طراد، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1، 1992م، ص: 197
(09) من رخيوت: عُمانيات يستثمرن “الطبيعة” لصناعة منتجات تراثية، علي الجحفلي، https: //www.atheer.om/archive/482277/
(10) الراوي: حذيفة بن اليمان، المُحَدِّث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، ص أو رقم: 7086، خلاصة حكم المُحدِّث: [صحيح]، وأخرجه مسلم (143) باختلاف يسير.
(11) انظر: لسان العرب، والمصباح المنير. نهاية المحتاج 4 / 392، وأسنى المطالب 2 / 223.
(12) الراوي: أبوسعيد الخدري، المُحدِّث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، ص أو رقم: 2465، خلاصة حكم المُحدِّث: [صحيح]
(13) الراوي: أبو هريرة، المُحدِّث: أحمد شاكر، المصدر: تخريج المسند لشاكر، ص أو رقم: 15/201، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح، أخرجه مسلم (1848)، والنَّسائي (4114)، وابن ماجه (3948)، وأحمد (8061) واللفظ له.
(14) ديوان الأسود بن يعفر النهشليّ، صِنعة: نوري حمودي القيسيّ، وزارة الثقافة والإعلام، بغداد، 1970م، ص: 33
(15) رسالة عبد الله بن إسماعيل الهاشميّ إلى عبد المسيح بن إسحاق الكنديّ يدعوه فيها إلى الإسلام، ورسالة عبد المسيح إلى الهاشميّ يرد بها عليه ويدعوه إلى النصرانيّة، مطبعة كلبرت اور رونكفن جها باكيا هي، لندن، 1880م، ص: 70-71
(16) ديوان المهلهل، شرح وتحقيق: أنطوان محسن القوّال، دار الجيل، بيروت، ط1، 1995م، ص: 39
(17) سير أعلام النبلاء، ص: 545
(18) المرجع نفسه، باب الفاء، فصل الكاف، ص: 36- 40
(19) المخصص، ابن سيده المرسيّ الأندلسيّ، (ت، 485هـ)، المطبعة الكبرى الأميرية، بولاق، ط1، (1316هـ- 1321 هـ)، 3/ 147، وانظر أيضا: القاموس المحيط، ج1، ص: 786
(20) مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر، الإمام محمد بن مكرم (ابن منظور – 630هـ 711هـ)، ج 19 حقق هذا الجزء: إبراهيم صالح، دار الفكر، دمشق، سورية، ط1، 1989م، ص: 60-61
(21) الراوي: أنس بن مالك، المُحدِّث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، ص أو رقم: 3748، خلاصة حكم المُحدِّث: [صحيح]، التخريج: من أفراد البخاري على مُسلم.
(22) الأخبار الطوال، أبو حنيفة الينوريّ (ت، 282هـ)، تحقيق: عبد المنعم عامر، مراجعة: جمال الدين الشَّيَّال، وزارة الثقافة والإرشاد القوميّ، القاهرة، د.. 255
(23) المفضليات، المفضّل الضبيّ(ت، 178هـ)، تحقيق وشرح: أحمد محمد شاكر، وعبد السلام هارون، دار المعارف، القاهرة، ط6، د.. 200
(24) صبح الأعشى، أبو العباس القلقشندي (ت، 121هـ)، المطبعة الأميرية- مطبعة دار الكتب المصرية، القاهرة، 1922م، 1/212
(25) الراوي: جرير بن عبدالله، المُحدِّث: الألباني، المصدر: صحيح ابن ماجه، ص أو رقم: 169، خلاصة حكم المحدث: [صحيح] أخرجه ابن ماجة (203) واللفظ له، ومسلم (1017) بنحوه وفيه قصة، والترمذي (2675) بنحوه.
(26) الدولة الأموية، علي محمد الصلابي، دار ابن كثير، بيروت، ج1/ 256
(27) الانتصار للصحب والآل من افتراءات السماوي الضال، د. إبراهيم بن عامر الرحيلي، مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، ط3، 2003م، ص 367.
(28) الراوي: أنس بن مالك، المُحدِّث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، ص أو رقم: 6046، خلاصة حُكم المُحدِّث: [صحيح] أخرجه البخاري في (الأدب المفرد) (430) واللفظ له، وأحمد (12274)، والبزار (6224) باختلاف يسير.
رابط مختصر