كيف تنظر القوى السياسية الأردنية لقرار إلغاء اتفاقية الطاقة مع إسرائيل؟
تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT
عمّان- أعلن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أن بلاده لن توقع اتفاقية لتبادل الطاقة مقابل المياه مع تل أبيب، التي كان توقيعها متوقعا نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، خلال مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (كوب 28) في إمارة دبي.
وفي مقابلة مع قناة الجزيرة قال الصفدي "لن نستطيع مواصلة اتفاقية الطاقة مقابل المياه؛ لأنه لا يمكن لوزير أردني أن يجلس إلى جانب وزير إسرائيلي لتوقيع اتفاق بينما هم يقتلون إخواننا في غزة".
وعن المطالبات الشعبية والنيابية لإلغاء اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية "وادي عربة"، قال الصفدي "إن الأردن لن يتردد في اتخاذ كل ما من شأنه مساعدة الشعب الفلسطيني"، مضيفا أن "هذه الاتفاقية الآن ستكون وثيقة يغطيها الغبار فوق أحد الرفوف".
اتفاقيتا الغاز ووادي عربةوفي ردود الفعل الداخلية على هذا الإعلان، قال الناطق باسم كتلة الإصلاح النيابية النائب ينال فريحات، إن الكتلة ترحب بتصاعد الموقف الأردني تجاه الاحتلال وإعلان عدم توقيع الإتفاقية، حيث من شأن هذا أن يحفز على إيجاد البدائل الوطنية الموجودة بكثرة، حسب خبراء المياه.
وأضاف للجزيرة نت، إن "المطلوب الآن خطوة أخرى مهمة جدا نحو إلغاء اتفاقية الغاز، للوصول إلى الاستقلالية بموارد الطاقة، حيث هناك بدائل وطنية وعربية، والهدف عدم اللجوء لعدونا، خاصة بعد تصريحات الملك والوزراء عن أن التصعيد والتهجير يعني إعلان حرب على الأردن"، متسائلا "كيف نربط مواردنا الإستراتيجية مع كيان قد نعلن الحرب عليه في أي لحظة؟".
وحول تصريحات الصفدي عن "اتفاقية السلام" قال ينال "كوننا كتلة قدمنا في البرلمان مشروع قانون يتضمن 65 بندا كفيل بإلغاء اتفاقية وادي عربة، كما قدمنا 15 بندا لإلغاء اتفاقية الغاز، بحيث تُلغى دون أن يترتب على الأردن أي شرط جزائي".
من جهته قال المنسق العام لـ"الحملة الوطنية لاسقاط اتفاقية الغاز" هشام البستاني، إن الإعلان الحكومي هو "خطوة بالاتجاه الصحيح، لكنها غير كافية على الإطلاق"، مشيرا إلى ضرورة "الوقف الكامل لتمويل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، من أموال دافعي الضرائب في الأردن عبر اتفاقية الغاز مع الاحتلال".
وأضاف البستاني في حديثة للجزيرة نت أن "اليوم هو الوقت الأنسب للتحلل من اتفاقية السلام، التي اخترقها العدو عشرات المرات، وباقي الاتفاقيات الاقتصادية مع الاحتلال، في الوقت الذي يُستهدف فيه المستشفى الأردني الميداني وتصاعد العدوان بحق غزة، والمخاطر التي تتهدد الأمن القومي الأردني لا سيما مشروعات التهجير".
بدوره قال الوزير السابق ورئيس حزب الميثاق محمد المومني للجزيرة نت "إن ما يجري في الضفة الغربية وغزة هو مساس مباشر بمصالح الأردن العليا وأمنه القومي، ومن حق الحكومة الأردنية أن تتخذ كل الإجراءات التصعيدية كرد طبيعي على تعامل اسرائيل مع ملف الحرب على غزة والضفة".
وأضاف المومني، وقد شغل سابقا منصب الناطق الإعلامي باسم الحكومة "إن إجراءات السلطات من شانها أن توصل رسالة للاحتلال، بأن ما يحدث ليس قصفا للأبرياء في غزة والضفة فقط، بل هو قصف للعلاقات الأردنية الإسرائيلية ولكل الاتفاقيات الموقعة"، مشيرا إلى اعتقاده أن "مزيدا من الإجراءات ستأتي إذا ما استمر تجاهل مصالح الدول المحيطة"
الإعلان عن إلغاء الاتفاقية سبقه العديد من المظاهرات الشعبية المطالبة بوقف التطبيع مع إسرائيل (الجزيرة) اتفاق سياسيأما السياسي والمقرر العام الأسبق لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة سفيان التل فقال، إنه "من الناحية الفنية، فالأردن لا يحتاج لقطرة ماء واحدة من الخارج، حيث إن لديه 6 مصادر تعطيه ما يزيد عن حاجته استنادا للأرقام الموثقة"، مبينا أن اتفاقية الماء هي اتفاقية "سياسية محضة" ضمن التزام الأردن بالسياسات الأميركية التي لا يستطيع الخروج عنها، التي أعلنت مرارا دعمها دمج الاحتلال بالمنطقة.
وأضاف التل للجزيرة نت إنه "لغرض دمج الاحتلال، أُوجدت سياسات لربط الأردن مع الكيان الإسرائيلي بقضايا أساسية، كالماء والكهرباء والغاز، حيث وُقّعت اتفاقية الغاز رغم الرفض الجارف لها"، مضيفا أن "اتفاقية الماء ستوقّع عاجلا أو آجلا رغم الإعلان الحكومي، إلا إذا حصلت تغيرات جذرية في المنطقة بناء على طوفان الأقصى".
وأشار التل إلى أن السياسة الأردنية الحالية تتخذ أسلوب "امتصاص النقمة وعبور المرحلة، وينتظر صانع القرار مآلات الحرب، وعليه يتخذ القرار هذا أو غيره".
وحول تصريحات الصفدي عن اتفاقية السلام، قال رئيس مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي للجزيرة نت إن "هذه إشارات تدفع إلى الاعتقاد أن الأردن قد يكون مقبلا على مسار تصعيدي، بما في ذلك إلغاء بعض الاتفاقيات الثنائية، وربما تعليق المعاهدة، ومن الممكن أن تسرّع مجزرة الفاخورة من هذه الإجراءات".
وأضاف أن الشارع يغلي والرأي العام الأردني يطالب بمواقف أكثر صرامة، مشيرا إلى أن "الأردن يفتح الباب أمام مواقف مشابهة من الدول العربية المتخاذلة حتى الآن"، حسب تعبيره، مؤكدا أن "على الأردن أن يمضي في خياراته بمواقف عملية، سواء التحق العرب به أو لا، ولا بد أن يكون هناك رادع لحفلة الجنون الإسرائيلية الممتدة".
مستقبل اتفاقية الغازفتح قرار إلغاء "اتفاقية الطاقة" الباب على صفقة الغاز بين الجانبين الأردني والإسرائيلي، حيث يستورد الأردن 95% من احتياجاته من الغاز الطبيعي من الجانب الإسرائيلي ضمن اتفاقية تستمر لـ 15 عاما، بقيمة ما بين 10 و15 مليار دينار أردني (14 مليار إلى 21 مليار دولار)، إذ تنص الصفقة على تزويد الأردن بنحو 45 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي.
يقول المنسق العام لـ"الحملة الوطنية لاسقاط اتفاقية الغاز" هشام البستاني، إن "إلغاء الاتفاقية وقطع خط الغاز يعني تجفيف واردات لإسرائيل بقيمة 25 مليار دولار، ما بين صفقتين، واحدة مع الأردن والثانية مع مصر تمر من الأردن، وهو ما يشكّل ضربة لخطته بالاندماج الإقليمي الإستراتيجي".
ويضيف البستاني بأن "استخراج إسرائيل للغاز من الحقول التي تسرقها غير مجدية اقتصاديا، في حال اقتصارها على احتياجاتها الداخلية، لارتفاع تكاليف الاستخراج مقارنة بالحاجة، وهو ما يحتاج لزبون لإنقاذها، إذ وجدت ضالتها بالأردن، وفي حال إلغاء الاتفاقية سيتضاعف العبء عليهم وسينهك الاقتصاد الإسرائيلي، لأن تكاليف الاستخراج لا تتناسب مع الاستهلاك".
وقال الخبير في شؤون النفط والطاقة عامر الشوبكي إن "اتفاقية الغاز تعدّ من أهم روافد الحكومة الاسرائيلية، حيث يدفع الأردن قرابة 600 مليون دولار سنويا، وتعوّل إسرائيل بشدة على هذا الاتفاق لاستدامة الجدوى الاقتصادية لحقولها في شرق المتوسط".
ولفت الشوبكي في حديثه للجزيرة نت إلى أن "تعليق تركيا لمشروعات الطاقة مع إسرائيل شكّل صدمة له، وسيترتب عليها خسارة كبيرة للجانب الإسرائيلي، حيث كان يأمل بتعديل مسار أنبوب يمر للقارة الأوروبية، كان سيكلّفه مبالغ كبيرة، لكن بحسب الاتفاق -المعلّق- مع تركيا فإن الأنبوب يمر من أراضيها، مما سيوفر نفقات تسييل الغاز وأجور الشحن وسيصبح أسهل للتسويق".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: اتفاقیة السلام إلغاء اتفاقیة اتفاقیة الغاز للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
طرح مشروع خط الغاز الطبيعي بين قطر وتركيا مجددا
أنقرة (زمان التركية) – تستعد تركيا مرة أخرى لطرح مشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي بينها وبين قطر، والذي يمر عبر السعودية والأردن وسوريا ووصولا إلى بلغاريا عبر تركيا.
بدأت وزارة الطاقة والموارد الطبيعية الاستعدادات لتلبية احتياجات سوريا من الطاقة، عبر إصلاح خط كهرباء بيريجيك-حلب الرابط بين تركيا وسوريا.
وبمجرد أن يبدأ الخط بالعمل بكامل طاقته، تهدف تركيا إلى توفير الكهرباء لـ 150 ألف أسرة في سوريا، وسيكون أمن إمدادات الطاقة عاملاً مهماً لتسريع عودة اللاجئين السوريين.
وعلى الناحية الأخرى، ستطرح أنقرة مجددا مشروع خط الغاز، الذي تم طرحه على جدول الأعمال في عام 2009 ولكن تم تأجيله لاحقًا لأسباب فنية واقتصادية وجيوسياسية مختلفة.
وفي ذلك الوقت، كان المشروع يهدف إلى نقل احتياطيات قطر الهائلة من الغاز الطبيعي إلى الأسواق الأوروبية عبر تركيا، لكن المسار المخطط للخط ليمر عبر سوريا لم يتسن تحقيقه بسبب عدم الاستقرار السياسي في المنطقة ومعارضة النظام السوري للمشروع.
والخط، الذي كان مخططا له سابقا أن يبلغ طوله 1500 كيلومتر، سيدخل قطر-السعودية-الأردن وسوريا ثم تركيا من غازي عنتاب، ويخرج إلى أوروبا من بلغاريا.
وإذا تم تنفيذ خط أنابيب الغاز الطبيعي، الذي من المقرر أن تبلغ سعته 30 مليار متر مكعب على الأقل، فسيتم تجاوز العتبة الحرجة في هدف تركيا المتمثل في أن تصبح قاعدة الطاقة في المنطقة.
وقطر هي الدولة التي تمتلك ثالث أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي في العالم، حيث يبلغ 25 تريليون متر مكعب.
وبينما تهدف قطر إلى تنويع خيارات الطرق المتاحة لها في صادرات الغاز الطبيعي المسال وزيادة نفوذها في سوق الطاقة، تولي تركيا أهمية كبيرة لمشاريع خطوط الأنابيب بما يتماشى مع استراتيجيتها لتصبح مركزًا للطاقة.
وفي الوقت الذي تتكثف فيه الجهود الأوروبية لتنويع أمن إمدادات الطاقة والمنافسة على موارد الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط، يعتبر مشروع خط الأنابيب التركي-قطر خطوة استراتيجية فيما يتعلق بتوازنات الطاقة الإقليمية والعالمية.
Tags: - بلغاريااسطنبولالاتحاد الأوروبيالسعوديةتركياغاظطبيعيقطركهرباءنفط