وشنطن -(د ب أ) – يرى المحلل الروسي ميخائيل كوروستيكوف أنه منذ بداية الغزو الروسي واسع النطاق لأوكرانيا ، زاد التعاون الصيني الروسي في كل الاتجاهات، ولم تخف موسكو حقيقة أنها تراهن على الصين في المواجهة العالمية مع الغرب ، معتبرة بكين مركز قوة بديل له مصالح وقيم مشابهة لمصالحها وقيمها. وزاد حجم التجارة بين الدولتين، والذي وصل إلى رقم قياسي العام الماضي بلغ 190مليار دولار، بنسبة أخرى بلغت 39%في الربع الأول من العام الجاري مقارنة بنفس الفترة عام .
2022وارتفعت بشكل كبيرصادرات روسيا من المواد الخام إلى الصين ووارداتها من البضائع الصينية. وقال كوروستيكوف ، وهو محلل متمرس بالنسبة لسياسات الحكومات فيما يتعلق بالتمويل الأخضر / الاقتصاد والسياسة الخارجية وأجندة التنمية ،إنه مما لايثير الدهشة ، أن كل هذا قد أثار أقاويل بأن بكين تستخدم نفوذها الاقتصادي و القطيعة بين روسيا والغرب لتحويل موسكو إلى دمية مطيعة سهلة الانقياد ، مما يفرض عليها التنازلات المذلة وأحادية الجانب . وأضاف كوروستيكوف ،في التقرير الذي نشره معهد كارنيجي للسلام الدولي ، أن هذه المخاوف تساور كل من أشد المنتقدين للنظام الروسي في الغرب والصقور المؤيدين للحرب داخل روسيا على السواء. وقد أدى الفرق البالغ أكثر من عشرة أضعاف في حجم الاقتصادين الروسي والصيني إلى تحويل التعبير “الاعتماد القائم على التبعية ” إلى شئ ما يقترب من الحكمة المقبولة . غير أن كوروستيكوف أضاف أنه عند التدقيق الشديد يصبح واضحا أن هذا الاعتماد ليس أحادي الجانب بشكل كبير ، لأن روسيا لا يزال لديها هى الأخرى الكثيرمن النفوذ. وتعد الصين حاليا الشريك التجاري الأكبر لنحو 120دولة، الكثير منها أكثر اعتمادا من الناحية الاقتصادية عليها من روسيا. ولايمنع هذا الاختلال في التوازن هذه الدول من إبرام اتفاقيات للاستثمار والدخول في نزاعات حدودية منذ عقود مع بكين أو أن تصبح حلفاء للولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي. وفي حالة روسيا ، هناك تحذير يتعلق بصادرات الغاز ، حيث تحد البنية التحتية من المرونة . غير أنه عندما يتعلق الأمر بالنفط ،فإن خيار روسيا للشركاء أوسع نطاقا بكثير . وحتى الآن ، فإن حجم صادرات روسيا النفطية إلى الهند (7ر1مليون برميل في اليوم )ودول نامية أصغر (6ر1مليون برميل في اليوم ) ، بالمقارنة بالصادرات للصين (2ر2مليون برميل في اليوم ). وبالنسبة للواردات الروسية ، ليس الصين فحسب ، ولكن أيضا عددا من الدول الأخرى (تركيا والأمارات والهند ودول آسيا الوسطى)بدأت تصبح مراكز للتجارة الموازية حيث تعيد بيع البضائع المحظورة بموجب العقوبات إلى روسيا. وهذه الدول قادرة تماما على أن تضمن على الأقل بعض التدفق للبضائع الضرورية إلى السوق الروسية إذا توترت علاقات موسكو مع بكين . رغم كل الحديث عن الاعتماد القائم على التبعية ، لم تنضم روسيا حتى الآن إلى مشروع الصين الرئيسي وهو مبادرة الحزام والطريق ، أو تعترف بمطالب الصين في بحر الصين الجنوبي . كما أن موسكو ليست في عجلة من أمرها لإبرام اتفاقيات الأمتيازات القاسية الجائرة مع الصين أو حتى تعديل تشريع لهذه الغرض. وبعد مرور قرابة عام ونصف على الغزو الواسع النطاق ، تتبع العلاقة بين روسيا والصين بشكل كبير نفس القواعد كما كان من قبل. وزادت استثمارات الصين في روسيا بنسبة 150% في عام 2022، ولكنها مازالت نسبة صغيرة نسبيا، وذلك من ناحية لأن موسكو ليست مستعدة لقبول الاستثمار الصيني بدون قيود معينة . وعلاوة على ذلك ، أكدت موسكو على نحو غير مباشر استقلالها من خلال سجن عملاء للاستخبارات الصينية . وأعلنت الأجهزة الروسية الخاصة عمدا عن هذه الحالات، رغم أنه كان من السهل للغاية التزام الصمت لتجنب إثارة غضب بكين. وفي حال محاولة حقيقية من جانب الصين لجعل روسيا دولة تابعة ، فإن من المرجح تفضيل القيادة الروسية حرمان الروس من البضائع الصينية عن الخضوع لبكين. وأخيرا ، لم تؤد الحرب إلى تقوية موقف الصين في علاقاتها مع روسيا فحسب ، بل أنها عادت على بكين بالعديد من المزايا الهامة ، أبرزها المعلومات عن مقاومة العقوبات وعن القتال في حرب ضد نظم الأسلحة الغربية ، والتي لاتستطيع الصين الحصول عليها من أي مكان آخر غير موسكو. واعتبرت بكين منذ أمد طويل المواجهة الآخذة التصعيد مع الغرب أمرا حتميا ، وأن هذا الموقف ليس بدون سبب. وحيث أن بكين ليس لديها أي نية لتغيير نهجها ، فإن فرض عقوبات جديدة ضد الصين يبدو فقط مسألة وقت . ويسمح التعاون الوثيق مع الكرملين وهيئات روسية رسمية آخري لبكين بان تفهم الكيفية التي تؤثر بها العقوبات على الاقتصاد وما هى الوسائل الموجودة للالتفاف عليها والكيفية التي سوف يعمل بها النظام المالي وما هى إجراءات الحماية الفعالة وما هى الإجراءات غير الفعالة. وتعد الخبرة التي يكتسبها حاليا الجيش الروسي في أوكرانيا حتى أكثر أثارة للاهتمام بالنسبة لبكين . وجزء كبير من الأسلحة الصينية إما يتم شراؤها من روسيا أو تم تطويرها من نماذج روسية أو سوفيتية. وفي أوكرانيا ، يتم اختبار قوة هذه الآسلحة وقدرتها على الأستمرار على نطاق واسع ضد نظيرتها الغربية وفي ظروف حرب حقيقية. ومن المؤكد أن هذه الخبرة ربما لا يتم تطبيقها بالكامل في حال شن هجوم على تايوان ، ولكن حتى عُشر هذه المعلومات كان سيتعين أن تحصل عليه الصين نظير ثمن وهو دماء الجنود اذا قررت التحرك للحصول عليها بنفسها. وبدلا من ذلك ، فإن التعاون العسكري الراسخ بين الدولتين يعطي الصين حرية الوصول إلى المعلومات بدون تكاليف كبيرة. وليست العلاقة بين روسيا والصين مثالية على الإطلاق ،ولكن المصالح المشتركة لقيادتي البلدين والمنطق الاستراتيجي للمواجهة مع الغرب تخلق أساسا صلبا لتعاون متساو على نحو معقول . واختتم كوروستيكوف تقريره بالقول إنه ليس لدى الصين في إطار هذه التفاعل فرصة مؤكدة لتحويل روسيا إلى دولة تابعة ، ولكن الأمر المهم للغاية ، أنه ليس لديها أسباب ملحة لعمل ذلك .ومن غير المحتمل أن يتغير ذلك الموقف في غضون السنوات الخمس أو العشر المقبلة.
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
الصین فی
إقرأ أيضاً:
الصين تدعو إلى الهدوء وضبط النفس بعد تحديث روسيا عقيدتها النووية
عرضت قناة “القاهرة الإخبارية” خبرا عاجلا يفيد بأن الصين تدعو إلى الهدوء وضبط النفس بعد تحديث روسيا عقيدتها النووية.
ودعت الصين إلى الحوار لتخفيف التوترات والحد من المخاطر الاستراتيجية.
وكشفت القناة أن الخارجية الصينية، دعت إلى تسوية الأزمة الأوكرانية بالسبل الدبلوماسية وتفادي أي تصعيد محتمل.