رأي اليوم:
2024-10-02@09:39:51 GMT

في 3 أسئلة.. فرنسا وأزمة الضواحي

تاريخ النشر: 10th, July 2023 GMT

في 3 أسئلة.. فرنسا وأزمة الضواحي

إسطنبول/ الأناضول دفع مقتل الفتى الفرنسي من أصول جزائرية نائل مرزوقي، برصاص شرطي فرنسي والاحتجاجات التي شملت الكثير من المدن إلى تسليط الضوء على الضواحي التي طالما عانت من الإهمال والتهميش والعنصرية، وعنف مبالغ فيه للشرطة في التعامل مع فتيان يافعين ومندفعين. كيف تشكلت الضواحي في فرنسا؟ تمثل الضواحي البلديات التي تقع على أطراف مراكز المدن وترتبط بها عمرانيا، ويقطنها في الأغلب مهاجرون عرب وأفارقة قادمون من المستعمرات الفرنسية السابقة.

بدأت تتشكل ظاهرة الضواحي أو الأحياء الشعبية بمفهومها الحالي بعد الحرب العالمية الثانية (1939- 1945)، حيث استعانت فرنسا بأبناء مستعمراتها لإعادة بناء ما دمرته الحرب، في ظل نقص عمالتها المحلية وترفعها عن الأعمال الشاقة أو الملوثة. وفي هذا الصدد، يقول الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتران، إن “المهاجرين لم يأتوا بمفردهم وإنما تم جلبهم بالشاحنات والقوارب، لأن فرنسا كانت بحاجة إلى العمالة في المناجم وصناعة السيارات والأشغال العامة وجميع الصناعات الملوثة التي يرفضها الفرنسيون”. في خمسينات وستينات القرن الماضي تم جلب أعداد كبيرة من المهاجرين إلى فرنسا للعمل في المناجم والمصانع والبناء والأشغال العامة، مقابل أجور زهيدة مقارنة بنظرائهم الفرنسيين. وفي هذا السياق، وقعت فرنسا مع الجزائر اتفاقية 1968، التي بموجبها منحت باريس امتيازات استثنائية للجزائريين لدخول أراضيها والإقامة بها والعمل، وحتى لمّ شمل عائلاتهم. لم يمض حينها على استقلال الجزائر سوى 6 سنوات، لذلك اضطر آلاف الشباب للهجرة إلى فرنسا نظرا لأن فرص العمل بالبلاد كانت محدودة والفقر كان منتشرا، ناهيك عن عدم الاستقرار السياسي بسبب الصراع المسلح على السلطة، وكثرة التمردات والانقلابات في الفترة ما بين 1962 و1967. وما كان يجري في الجزائر حينها نسخة مصغرة لما جرى في المستعمرات الفرنسية الأخرى في إفريقيا في مرحلة ما بعد التحرر، ما أدى إلى هجرة مئات الآلاف من الشباب الأفارقة إلى فرنسا من أجل العمل والبحث عن حياة أفضل. وتشير التقديرات إلى أن أعداد المهاجرين ارتفعت من 1.7 مليون شخص عام 1946 إلى ما يزيد قليلا على 3.5 ملايين أوائل التسعينات، وفق المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية في فرنسا (إنسي). ووفق ذات المصدر، فإن ما يزيد قليلا عن 20 مليون شخص (36.5 بالمئة) يعيشون في الضواحي الموزعة على 3 آلاف و395 بلدية. ‏ إلا أن الضواحي الأكثر فقرا وتهميشا لا تتجاوز 1514 منطقة ذات الأولوية، حيث ينتشر المهاجرون وأبناؤهم، ويبلغ عدد سكانها نحو 5.5 ملايين نسمة، وفق دراسة لمعهد “مونتاني”. ما المشاكل التي يعاني منها سكان الضواحي؟ لاستيعاب الأعداد الكبيرة من العمالة العربية والإفريقية في فرنسا في الستينات تم بناء أبراج سكنية مكتظة بالمهاجرين في الضواحي، كثيرٌ منها عبارة عن مراقد وغرف ضيقة يُحشر فيها أكبر عدد ممكن من الأشخاص، في ظروف صعبة. والأوضاع ازدادت سوءا في السبعينات، إذ سمحت الحكومة الفرنسية للمهاجرين في العام 1974 بلمّ شمل أسرهم، دون أن يتم توفير لهم مساكن لائقة. وُلدت أجيال جديدة من المهاجرين كثير منهم لا يحمل سوى الجنسية الفرنسية ولا يتقنون سوى اللغة الفرنسية، ومع ذلك يتهمون بأنهم لم يندمجوا كفاية، مع تعرضهم أكثر للإهمال والتهميش والعنصرية، وفق شهادات ودراسات متخصصة. وما زاد الطينة بلة، إغلاق فرنسا الكثير من المناجم وتحول المصانع نحو استخدام الروبوتات بدلا من اليد العاملة المهاجرة، ما أدى إلى انتشار البطالة والفقر وسط المهاجرين وأبنائهم، في ظل شعورهم بالظلم والتهميش. كما فرّخت عصابات الأحياء وتجار المخدرات والسلاح في الضواحي، ونشط الاقتصاد الموازي للممنوعات، وانتشرت المواجهات المسلحة بين العصابات على مناطق النفوذ التي أصبحت خارجة عن السيطرة الأمنية، وتحولت العائلات إلى رهينة في هذه الأحياء الشعبية البائسة. هذا الوضع جعل سكان الضواحي هدفا لسهام أحزاب اليمين المتطرف، رغم أنهم لعبوا الدور الأبرز في بناء فرنسا الحديثة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ويساهمون بالنصيب الأهم في الضمان الاجتماعي، الذي يستفيد منه كل الفرنسيون، وفق دراسة لمعهد مونتاني للبحوث والدراسات. لماذا فشلت فرنسا بمعالجة أزمة الضواحي؟ منذ السبعينات، تفطنت السلطات الفرنسية لمشكلة الضواحي والفروقات الاجتماعية مع بقية المناطق، واتخذت عدة إجراءات على مدى أربعة عقود لتقليص الفوارق، لكنها لم تتخلص من المعالجة الأمنية لمشاكل الضواحي. فقد أنفقت السلطات الفرنسة 10 مليارات يورو سنويا على الضواحي للحد من الفقر والبطالة وتحسين التعليم وتحقيق الرفاهية، وسد الفجوة مع بقية المناطق. ورغم ذلك سجلت الحكومة الفرنسية عجزا سنويا بمليار يورو في الإنفاق على الخدمات في هذه المناطق، وفق دراسة لمعهد مونتاني (الجبل)، أجريت في العام 2020. ووفق هذا المعهد، لدى الضواحي القليل من كل شيء؛ عدد أقل من المعلمين وأقل خبرة، وعدد أقل من ضباط الشرطة وأقل خبرة، وعدد أقل من القضاة وأقل خبرة، وعدد أقل من المرافق الرياضية والثقافية.. إلخ. ومع الحديث عن قلة خبرة أفراد الشرطة العاملين بالضواحي، يقول عالم الاجتماع الفرنسي سباستيان روشي: “على مدى السنوات العشرين الماضية، قتلت الشرطة الفرنسية أكبر عدد من المواطنين ‏في أوروبا” إذا أخذنا في الاعتبار نسبة عدد الوفيات إلى عدد السكان، وفق ما نقلته عنه وسائل إعلام محلية بينها موقع “20 دقيقة”. ويقول روشي: “قتلت الشرطة والدرك في فرنسا بإطلاق النار 50 بالمئة أكثر من الشرطة الألمانية، و377 بالمئة أكثر من بريطانيا”. حيث قتل عناصر الشرطة والدرك الفرنسيين 444 شخصا، بينهم 26 يصفونهم بـ”الإرهابيين” بين عامي 1977 و2020، حسب تقرير سنوي للمفتشية العامة للشرطة والمفتشية العامة للدرك الوطني. شباب الضواحي كانوا الأكثر عرضة لعنف الشرطة، إذ قتل منهم 13 شخصا في العام 2022، بسبب رفضهم الامتثال لعمليات تدقيق مرورية. وجاء مقتل الفتى نائل (17 عاما) برصاص شرطي بسبب مخالفة مرورية، ليفجر غضب شباب الضواحي، متهمين الشرطة بالعنصرية وقتل الأطفال، وفق شعارات رفعت خلال مظاهرات منددة بالواقعة.

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: فی فرنسا

إقرأ أيضاً:

3 أسئلة إسرائيلية بارزة عن عملية برية محتملة بلبنان

بعد التطورات الأخيرة في لبنان، يتكثف النقاش في وسائل الإعلام الإسرائيلية وبين المحللين بشأن الخطوة التالية، وهل ستقدم إسرائيل فعلا على عملية برية؟ وهل ستكون محدودة زمانا ومكانا وإلى أين تتجه الأمور؟

ولا يخفي المحللون العسكريون الإسرائيليون أن مثل هذه العملية، في حال تمت، ستؤدي إلى خسائر في صفوف جيشهم، في ضوء استعدادات حزب الله لها منذ فترة طويلة.

ويذهب محللون إلى أن الجيش الإسرائيلي يتأهب فعلا لتنفيذ عملية برية، وينتظر قرار المستوى السياسي (الحكومة)، وذلك بزعم إقامة منطقة أمنية عازلة في جنوب لبنان.

واستباقا لذلك، أعلن نائب الأمين العام لحزب الله اللبناني نعيم قاسم، في كلمة متلفزة، أن الحزب مستعد لأي عملية برية إسرائيلية وقواته جاهزة للالتحام البري، وذلك رغم اغتيال تل أبيب أمينه العام حسن نصر الله، الجمعة.

قتال وخسائر

وضمن هذا السياق، طرح المحلل العسكري بصحيفة هآرتس عاموس هارئيل سؤالا قال إنه سيظل بلا إجابة، وهو هل سيتم استكمال الهجوم الجوي، الذي حقق مثل هذه الإنجازات بعيدة المدى، بهجوم بري في جنوب لبنان؟

وأشار في مقال تحليلي إلى أن رؤساء بلديات المدن القريبة من الحدود الشمالية (لبنان)، والتي تم إجلاء سكانها، يضغطون من أجل مثل هذه الخطوة (عملية برية)، وكذلك كبار الضباط من القيادة الشمالية للجيش.

وأكد أن هناك حاجة ملحة لمعالجة البنية التحتية العسكرية التي بناها حزب الله، خاصة قوة الرضوان النخبوية.

وأضاف أن هذه البنية موجودة قرب الحدود فوق وتحت الأرض، وتم بناؤها في سنوات ما بعد الحرب الأخيرة في لبنان عام 2006، ويجب أن تتم معالجة ذلك بإرسال قوات برية، كما الحال في قطاع غزة.

إلا أن هارئيل رأى أن العملية البرية تتطلب قتالا صعبا، وستؤدي إلى وقوع قتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي.

ومضى قائلا: نُوقشت خطط مختلفة لهذا على مر السنين، من الدخول المحدود إلى المناطق ذات التضاريس القيادية إلى احتلال كل الأراضي الواقعة جنوب نهر الليطاني.

وأكد أنه نظرا للاستعدادات التي قام بها حزب الله على مر السنين لهجوم بري إسرائيلي، فلن تكون هذه مهمة سهلة، حتى لو فر العديد من عناصر حزب الله شمالا.

وأفاد بأنه يدور النقاش في إسرائيل بشأن ما إذا كانت مثل هذه العملية ضرورية، وما إذا كانت هناك حاجة إلى ضربة أخرى الآن للتسبب في انهيار حزب الله وإضعاف مكانته وقدراته لسنوات مقبلة.

وقال إن أحد الادعاءات الشائعة في الأيام الأخيرة هو أن إسرائيل بالغت في تقدير حزب الله، وجعلت نفسها لسنوات أكثر خوفا منه.

وحذر هارئيل من أن الإنجازات التي حققها الجيش مؤخرا شجعت مزاجا من الغطرسة في استوديوهات التلفزيون، حيث يتنافس المذيعون والخبراء في تقدير ضعف العدو والإشادة بالعبقرية الإسرائيلية.

ولكنه قال إنه يجب أن نتذكر أن صافرة النهاية لم تنطلق بعد، وأن أعداءنا، من إيران إلى حزب الله وحماس، ما زالوا قادرين على الرد، حتى ولو لحقت بهم أضرار جسيمة.

مسألة وقت فقط

ومن جهته، تحدث المحلل العسكري بموقع واللا الإخباري الإسرائيلي أمير بوحبوط عن أن الجيش يستكمل عمليات مهمة في إطار الاستعدادات لمناورة برية في جنوب لبنان.

وأفاد بأنه يتم جمع معلومات استخباراتية دقيقة حول الاستعدادات العسكرية لحزب الله بشكل عام وقوة الرضوان خاصة، كما يتم تجميع خطط عملياتية جديدة تتلاءم مع التغيرات في أراضي جنوب لبنان ومع أفراد حزب الله، بعد آلاف الهجمات التي يشنها الجيش الإسرائيلي في المنطقة.

ونقل بوخبوط عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين لم يسمهم أن جزءا كبيرا من الاستعدادات للمناورة (العملية البرية) كان مطلوبا بعد الأضرار التي لحقت بأنظمة القيادة والسيطرة التابعة لحزب الله.

وأشار إلى ضرورة استغلال ما يصفه بالانفصال النسبي بين قمة التنظيم والقادة الميدانيين، وصعوبة نقل الأوامر داخل حزب الله في الوقت المطلوب.

وقال إنه يتم حشد للقوات في القيادة الشمالية، ويركز تدريب الألوية والكتائب التي انتقلت شمالا على الاستعداد للمناورة، على أساس الدروس المستفادة من القتال في غزة والتكيف مع لبنان.

ونقل عن المسؤولين أن هناك إجماعا على مستوى القيادة العليا للجيش والمستوى السياسي على أن المناورة البرية هي مسألة وقت فقط.

وقال مصدر أمني لم يسمه إن المناورة البرية ترمي إلى تدمير الأهداف، ولكن أيضا لاستعراض قوة الجيش الإسرائيلي في الشرق الأوسط.

سيناريو وشيك

أما المقدم احتياط كوبي لافي، محلل الشؤون العسكرية لهيئة البث الإسرائيلية (رسمية) فزعم، اليوم الاثنين، أن هدف إسرائيل من مناورة برية محتملة في العمق اللبناني ليس احتلالا، وإنما إبعاد عناصر حزب الله عن الحدود لضمان عودة أهالي البلدات الشمالية إلى منازلهم.

واعتبر أنه يمكن للجيش اللبناني أن يلعب دورا في المرحلة المقبلة في معادلة ضمان الأمن بالمنطقة الفاصلة بين إسرائيل ولبنان بشكل يبعد حزب الله عن دائرة السطوة.

وأكد أنه إذا استمر الوضع على ما هو عليه واستمرت الإطلاقات الصاروخية من لبنان، فلن يكون أمام إسرائيل مفر من محاولة تقويض حزب الله بشكل يفقده القدرة على ممارسة التهديد، مشيرا إلى أن عملية برية في لبنان هي أحد السيناريوهات الوشيكة المحتملة.

وللقبول بوقف إطلاق نار، اشترط وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، في رسائل أرسلها إلى نظرائه في 25 دولة، تحريك حزب الله إلى شمال نهر الليطاني ونزع سلاحه، حسب هيئة البث الإسرائيلية (رسمية)، الاثنين.

ومنذ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان، أبرزها حزب الله، مع الجيش الإسرائيلي قصفا يوميا عبر الخط الأزرق الفاصل، أسفر إجمالا حتى ظهر الاثنين عن ما لا يقل عن 1801 قتيل، بينهم أطفال ونساء، و8 آلاف و877 جريحا، حسب رصد الأناضول لإفادات رسمية.

وتطالب هذه الفصائل بإنهاء الحرب التي تشنها إسرائيل بدعم أميركي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر، وخلّفت أكثر من 137 ألف قتيل وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة، في إحدى أسوا الكوارث الإنسانية بالعالم.

مقالات مشابهة

  • الرئاسة الفرنسية: نحشد مواردنا العسكرية في الشرق الأوسط لمواجهة التهديد الإيراني
  • القصة كاملة لـ «فيلم التاروت» وأزمة التصاريح بسبب علي غزلان وموقف نقيب الممثلين
  • أسئلة، وقد لا تحتاج إجابة، لوزير الخارجية المصري !!.
  • غضب في فرنسا بعد واقعة ضرب شخص من ذوي الإعاقة
  • فرنسا: ما نوع الإصلاحات المالية التي تدرسها الحكومة؟
  • 3 أسئلة إسرائيلية بارزة عن عملية برية محتملة بلبنان
  • انخفاض تدفق المهاجرين لإيطاليا بنسبة 59.7 % في 2024
  • مآسي المهاجرين في تونس تكشف عن فشل اتفاقيات الهجرة مع أوروبا
  • السيسي: سنكون من أوائل الدول التي تعالج المياه بأحدث وسائل التكنولوجيا
  • ارتفاع الدولار وأزمة نفط عالمية.. عصف حرب لبنان قد يأتي على الاقتصاد العراقي