دموع في صالة السينما
تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT
دموع في صالة السينما
حمور زيادة
حتى كتابة هذا المقال، حصد فيلم “وداعاً جوليا” 14 جائزة من مهرجانات سينمائية دولية مختلفة، أولها كان. وتنوعت جوائزه بين جوائز تمثيل وجوائز للإخراج.
لا يستند الفيلم إلى تاريخ ضخم من الإنتاج السينمائي السوداني. بل على العكس، تبدو صناعة السينما في السودان ناشئة، معتمدة على الشغف ومحبّة الفن السابع، أكثر من اعتمادها على خبرة وتراكم إنتاجي كبير.
شكّلت ظروف الحرب السودانية التي أجبرت حوالي مليوني سوداني على النزوح خارج البلاد، من جملة ستة ملايين نازح، بيئة جيدة لتسويق الفيلم لمئات الآلاف من المشاهدين السودانيين الذين ما كانوا لولا النزوح عن السودان قادرين على حضور عرض سينمائي، فقبل أعوام فشلت محاولات عرض فيلم “ستموت في العشرين” في الخرطوم، رغم عرضه في دول كثيرة وحصوله على جوائز عالمية. لكن حملة انتقادات على “السوشيال ميديا” لأحد مشاهد الفيلم كانت كافية ليرفض مدير دار العرض السينمائية الأكبر في السودان (واحدة من سينمات تعدّ على أصابع اليد الواحدة) عرض الفيلم، رغم حصوله على تصريح الرقابة، بحجّة أنه فيلم خادش للحياء ولا يناسب العادات السودانية. وهو انتقاد وُجّه بدرجة أخفّ إلى “وداعاً جوليا”. ومن المؤكّد أن الفيلم المقبل سيقابل برفض أقلّ، إذ إن سنوات حكم الحركة الإسلامية للسودان قطعت علاقة الجمهور بفن السينما أكثر من ربع قرن. ويعيد المشاهد السوداني، حاليا، التعرّف إلى صورة مجتمعه الفنية.
كانت مشاهدة “وداعاً جوليا” في صالة عرض سينمائي لكثيرين اللقاء الأول مع تصوّر فنّي للسودان. ولأننا ننتمي إلى بلادٍ أدمنت الحزن، فإن مصادفة تقارب موضوع الفيلم مع الواقع السياسي والاجتماعي السوداني لم تكن مستحيلة، فالسودان يدور في حلقة شيطانية من التعاسة، لا يبدو أنها ستنكسر قريباً.
يعرض فيلم “وداعاً جوليا” اللحظات الأخيرة للسودان القديم الذي وجد بين العامين 1956 و2011، بمساحة مليون ميل مربع، وشهد واحدةً من أطول الحروب الأهلية في القارّة الأفريقية، وانتهى إلى التقسيم إلى بلدين. وبعرضه في 2023 في أثناء الحرب السودانية الحالية، أعاد فتح جراحٍ كثيرة في نفوس السودانيين. إذ لم تشرّدهم الحرب فحسب، لكنها أيضاً تهدّد بلادهم بتقسيم جديد، بل ربما تفكّك كامل، فكأنما جاء الفيلم في لحظة حرجة ليذكّر الجميع أن العقلية المسيطرة على المجتمع السوداني، في أغلبه ومن دون تمييز بين عقلية صاحب الامتيازات وعقلية المهمّش، إقصائية صفرية، تعجز عن إنتاج واقع يسمح بالتعايش المشترك المتساوي لكل المواطنين.
قدّم الفيلم نموذجاً للتلاعب المتبادل بين الجلاد والضحية، والصراع بين التقدّمي والرجعي. بل إنه، في حبكة فنية بارعة، يخلط الأوراق، حتى يحتار المشاهد في “من يتلاعب بمن”، وهل الرجعي رجعي حقاً أم هو مجرّد شخص متصالح مع واقع ورثه، وهل التقدّمي تقدّمي حقيقي أم هو مجرّد رجعي يجيد الادّعاء؟
من الصعب وضع تلقّي كل المشاهدين في خانة واحدة، فالفنون تمتاز بإمكانية تأويلها وتلقّيها على أكثر من وجه. في أحد عروض فيلم “أوبنهايمر” الذي يحكي صراع عالم الفيزياء النظرية روبرت أوبنهايمر، الأب الشرعي للقنبلة الذرّية، مع نفسه ومع الحكومة الأميركية، لمحاولة منع انتاج مزيد من أسلحة الفناء، صادفتُ نموذجاً جيداً لاختلاف التلقي الفني. في التصاعد الدرامي الذي صنعه كريستوفر نولان، كانت لحظة تجربة أول قنبلة ذرية في الصحراء مخيفة، قدّمها الفيلم بمشاهد صامتة وشاحبة، لكن بعض المشاهدين صفّقوا فرحاً بنجاح التجربة، بينما وجم أغلب من في صالة العرض. بالنسبة لمن صفّقوا، كان الفيلم مجرّد فيلم لطيف عن عالِم لديه مشروع طموح لإنجاز شيء ما، تصادف أنه قنبلة. وقد نجح العالم في مسعاه، لذلك صفّقوا ابتهاجاً. ولآخرين كان الفيلم يعرض لحظة الكارثة التي لم يعد العالم بعدها كما كان. ولذلك يمكن لمئات الالاف الذين شاهدوا “وداعاً جوليا” أن يقدّموا عشرات القراءات والتأويلات. لكن ما غلب على الجمهور السوداني كان الدموع، لأن الفيلم جاء في لحظة استثنائية ليعيد تذكيرهم بما فقدوه، دولة واحدة متنوّعة وتعددية. وينبههم إلى ما قد يفقدونه الآن، وجود الدولة ذاتها.
الوسومجوائز حمور زيادة دموع فيلم وداعا جولياالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: جوائز حمور زيادة دموع فيلم وداعا جوليا
إقرأ أيضاً:
أنشطة تفاعلية متنوعة لـ"صالة الطفل" في سابع أيام معرض الكتاب
شهدت صالة الطفل في يومها السابع ضمن فعاليات الدورة الـ56 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، سلسلة من الأنشطة التفاعلية التي شملت ورش الفنون القولية، والورش التفاعلية، والورش الفنية، وذلك بهدف تنمية مهارات الأطفال وتعزيز حبهم للفنون والثقافة.
إلى جانب الورش القولية، قدم الدكتور مصطفى غنايم فقرة بعنوان "حكايات الانتصار" بتنظيم من المركز القومي لثقافة الطفل، حيث تفاعل الأطفال مع القصص الملهمة التي تم عرضها بأسلوب مشوق.
كما شهدت الصالة لقاءً مع الأطفال الفائزين بجائزة الدولة للمبدع الصغير عن ديوان "سكر بره"، وأدار اللقاء الكاتب جلال الدين جمال، وشارك فيه كل من ساجد عبد الفتاح وجينا منير، حيث استعرضا تجربتيهما الإبداعية في مجالي الكتابة والشعر.
كما قدمت الهيئة المصرية العامة للكتاب ورشة بعنوان "أنا أذكى" تحت إشراف الدكتورة هدير محمد، أعقبها لقاء تربوي بالعرائس بعنوان "الأمل"، قدمته الأستاذة رانيا سلامة.
وفي إطار الورش التفاعلية، نظمت الإدارة العامة لثقافة الطفل بالتعاون مع الهيئة العامة لقصور الثقافة أنشطة ثقافية متنوعة تضمنت ورش حكي تحت عنوان "حكايات من بلادي" التي أدارها الباحث حسن الحلوجي بتنظيم من المركز القومي لثقافة الطفل.
كما تم تقديم ورشة حكي بالعرائس، حيث قامت الفنانة نيرفانا محمد بتقديم عروض شيقة للأطفال، بالإضافة إلى ندوة علمية للأطفال قدمتها الدكتورة ضحى عبده.
كما عقد المركز القومي للبحوث ندوة علمية قدمتها الدكتورة ضحى عبده، بالتعاون مع المركز القومي لثقافة الطفل، استعرضت فيها بعض الاكتشافات العلمية بأسلوب يناسب الأطفال ويحفز فضولهم العلمي.
وفي ركن الورش الفنية، شهدت الصالة مجموعة من الأنشطة الإبداعية التي نظمها المركز القومي لثقافة الطفل، حيث تضمنت تصميم ماسك بابا نويل، صناعة قلادة فرعونية، الرسم على الوجه، وتنفيذ ألعاب بالورق.
كما نظمت الهيئة المصرية العامة للكتاب ورشًا متنوعة، شملت صناعة طيور من القماش، تنفيذ أورجامي لتصميم رسائل معايدة، وتعلم الكروشيه من خلال تصميم لوحة بالكروشيه.
بالإضافة إلى ورشة رسم وتلوين لقصة مصورة مستوحاة من أعمال الكاتبة فاطمة المعدول تحت عنوان "شخصية المعرض"، إلى جانب ورشة "على رأسه ريشة". كما تم تقديم ورشة طباعة على القماش، وورشة فنية باستخدام ورق الشجر وإعادة تدوير الأسطوانات المدمجة.
وفي إطار التعاون مع الشركة القابضة للمياه، تم تنظيم ورش رسم وتلوين، عروض مسرح العرائس، وألعاب تفاعلية مثل العجلة الدوارة، السلم والثعبان، التلوين على الوجوه، المتحري الصغير، بنك الحظ، ولعبة الميموري.