سلالة من الشهداء والأسرى.. من منفذو عملية النفق؟
تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT
الخليل- لم تكن عملية "حاجز النفق" جنوبي القدس المحتلة -الخميس الماضي- عادية من حيث موقعها على مشارف المدينة المقدسة فحسب، إنما من حيث تشابه الخلفية النضالية لعائلات وذوي المنفذين، وثلاثتهم من مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية.
فمن حيث المكان، وقعت العملية على حاجز إسرائيلي شديد التحصين جنوبي القدس حاضنة المسجد الأقصى، يُمنع الفلسطينيون حتى من حملة التصاريح من استخدامه.
أما المنفذون الثلاثة فكانوا ابن شهيد وشقيق شهيد وابن مبعد، ولم تكتفِ قوات الاحتلال بقتلهم، إنما سارعت إلى معاقبة ذويهم جماعيا، فاعتقل أقاربهم -بينهم نساء- وحقق معهم ميدانيا وفي مراكز الاعتقال، وأُخذت قياسات منازلهم تمهيدا لهدمها، وبعضها يتم تدميره للمرة الثانية.
وتبنت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، الشهداء الثلاثة الذي نفذوا عملية إطلاق النار، والتي أدت إلى مقتل جندي وإصابة 7 آخرين. فمن الشهداء؟
القساميون أبطال عملية حاجز الأنفاق قرب القدس
عبد القادر القواسمي ابن الشهيد القائد القسامي عبد الله القواسمي
حسن مأمون قفيشة
نصرا الله القواسمي
وما زال للقسام في الضفة المزيد pic.twitter.com/lSDtMxhesV
— yaseenizeddeen (@yaseenizeddeen) November 16, 2023
عبد القادر عبد الله القواسمي (26 عاما)من سكان مدينة الخليل، تزوج مطلع العام الجاري، وزوجته حامل في شهرها الثامن، وسبق أن تعرض للاعتقال عدة أيام فقط من قبل جيش الاحتلال والسلطة الفلسطينية.
وعبد القادر هو الابن البكر للشهيد عبد الله القواسمي الذي اغتالته قوة خاصة إسرائيلية في 21 يونيو/حزيران 2003 أمام مسجد الأنصار في المدينة، كما خاض أعمامه وأبناؤهم تجربة الاعتقال، واستشهد اثنان من أبناء عمومته، وأكثر من 25 من عشيرته.
واتهم الاحتلال القواسمي الأب، بالعضوية في كتائب القسام، والتخطيط والإعداد لعمليات تفجير استهدفت حافلات إسرائيلية في مدينتي القدس وبئر السبع، وعمليات استهدفت مستوطنات بالضفة خلال انتفاضة الأقصى، وتحديدا بين عامي 2002 و2003، والتي أسفرت عن عشرات القتلى والجرحى الإسرائيليين.
وكان القواسمي الأب أحد مبعدي مرج الزهور إلى جنوب لبنان عام 1991، وتعرض للملاحقة والاعتقال عدة مرات من قبل الاحتلال والسلطة الفلسطينية، ونشر مذكرات عن التعذيب الذي تعرض له خلال اعتقاله من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية.
وفور وقوع العملية، داهمت قوات الاحتلال منزل عائلة عبد القادر القواسمي في حي رأس الجورة بالخليل، وتعرضت والدته للاعتقال والتحقيق، قبل أن يفرج عنها مساءً.
وتزوج الشهيد الابن عبد القادر، مطلع العام الحالي، وأقام عرسه داخل مسجد، وكان ينتظر طفله الأول.
أحد منفذي عملية حاجز الأنفاق هو عبد القادر القواسمي نجل الشهيد القائد في كتائب القسام عبد الله القواسمي من الخليل الذي ارتقى خلال انتفاضة الأقصى.
ذرية بعضها من بعض pic.twitter.com/kuqjXO3PE7
— رضوان الأخرس (@rdooan) November 16, 2023
نصر الله عبد العفو القواسمي (18 عاما)التحق الشهيد نصر الله القواسمي، وهو طالب في الثانوية العامة، بأخيه الشهيد أحمد الذي سبقه بـ19 عاما، مما ترك جرحا في قلب والده المسن الحاج عبد العفو.
ففي 31 أغسطس/آب 2004 فجّر أحمد وابن مدينته نسيم الجعبري، نفسيهما في حافلة إسرائيلية في مدينة بئر السبع أسفرت عن مقتل 17 مستوطنا وإصابة العشرات.
في حين، كان الوالد على موعد مع اقتحام المنزل وتخريب محتوياته وتفجيره كعقاب جماعي للعائلة، واليوم يتكرر المشهد ذاته في مسكنه الذي انتقل إليه في حي رأس الجورة، إذ اقتحمه جنود الاحتلال فور استشهاد ابنه نصر الله، الذي لم يكن مولودا وقت استشهاد أحمد، وأخذوا قياساته تمهيدا لهدمه.
عبد العفو القواسمي والد الشهيدين نصر الله القواسمي (2023) وأحمد القواسمي (2004) (الجزيرة)يقول الحاج عبد العفو -للجزيرة نت- إنه لا يملك إلا الصبر على فقدان ابنه الثاني بعد أقل من 20 عاما على استشهاد الأول، مضيفا أن قوات الاحتلال اقتحمت منزله بعنف وأحدثت ثقوبا فيه تمهيدا لهدمه، كما اعتقلت زوجته بطريقة عنيفة ومهينة.
ويعتبر القواسمي ما جرى له "ابتلاء من الله يحمده عليه، وأنه لا يملك إلا الصبر والاحتساب"، مضيفا "أولادي مش أحسن من أهل غزة".
حسن مأمون قفيشة (28 عاما)حسن هو ابن المبعد مأمون قفيشة (60 عاما)، والذي سبق وتعرض للاعتقال، لكنه غادر فلسطين عام 2009، ويقيم في تركيا، ولم تسمح له قوات الاحتلال بالعودة.
تقول مرام شقيقة حسن للجزيرة نت، إنه متزوج ولديه طفل عمره 5 شهور، مضيفة أن العائلة فوجئت بخبر استشهاده، خاصة أنه متزوج منذ فترة قريبة ولم يسبق أن تعرض للاعتقال.
⭕️المنفذ الثاني في عملية اطلاق النار على حاجز النفق هو الشهيد حسن قفيشة pic.twitter.com/OWiShvVjxK
— إذاعة الأقصى – عاجل (@Alaqsavoice_Brk) November 16, 2023
وأضافت أن قوات الاحتلال اقتحمت المنزل فور الإعلان عن استشهاد شقيقها، وفتشته وحققت مع جميع سكانه، وأخذت قياساته تمهيدا لهدمه في أي لحظة.
وتعيش الضفة الغربية توترا متصاعدا مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أسفر حتى مساء السبت عن استشهاد 212 فلسطينيا وإصابة أكثر من 2800، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: قوات الاحتلال عبد القادر عبد العفو نصر الله
إقرأ أيضاً:
عودة دعا إلى التواضع والعمل للخروج من النفق المظلم
ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عوده، خدمة القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس، بحضور حشد من المؤمنين.
بعد الإنجيل ألقى عظة قال فيها: "في هذا الأحد المسمى أحد النسبة، الذي يسبق عيد ميلاد الرب يسوع، نقرأ المقطع الإنجيلي المتعلق بنسب يسوع بحسب الجسد. يشدد الإنجيلي متى في ذكره لنسب المسيح بالجسد على أن الرب يسوع هو «المسيا المنتظر»، المنحدر من سلالة داود الملوكية. لهذا، يفتتح سلسلة الأنساب بقوله: «كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم». خاطب متى اليهود كي يؤمنوا بالمسيح الذي قدمه لهم بحسب كتبهم المقدسة. من جهة أخرى، فإن ذكر نسب يسوع يؤكد على حقيقة التجسد الإلهي، أي إن المسيح اتخذ طبيعتنا البشرية بكمالها، ما عدا الخطيئة. لم يكن مجيء المسيح وتجسده مصادفة أو حدثا تاريخيا بشريا، أو قرارا فجائيا من الله، بل كان تدبيرا إلهيا قصد الله تحقيقه «لما حان ملء الزمان» (غل 4: 4).
أضاف: "بعد أيام قليلة سنحتفل بعيد الميلاد، فنقرأ أن ملاك الرب بشر الرعاة قائلا: «لا تخافوا، فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب، أنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب» (لو 2: 10-11). نحن نعيد للفرح الذي بشر به الملاك الرعاة، وعبرهم الخليقة كلها. لذلك نرتل عشية العيد: «لتفرح اليوم السماء والأرض فرحا نبويا، ولنعيد أيها الملائكة والبشر تعييدا روحيا، لأن الإله قد ظهر بالجسد للجالسين في الظلمة والظلال، مولودا من امرأة، فتقبلته مغارة ومذود، رعاة بالعجب يذيعون، ومجوس من المشارق في بيت لحم للهدايا يقربون، وأما نحن فإننا بشفاه غير مستحقة، نقدم له التسبيح الملائكي هاتفين: المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، لأن رجاء الأمم قد جاء فخلصنا من عبودية العدو».
وتابع: "اليوم، في ظل الظروف الصعبة والحروب المحدقة بنا، قد يتساءل المرء: ما الذي يشعرني ببهجة العيد؟ يكمن فرح الميلاد بالنسبة للبعض في الحصول على عطلة من العمل للسفر وقضاء وقت مع العائلة والأصدقاء. الأطفال ينتظرون العطلة المدرسية والهدايا. البعض يعيش أجواء مليئة بالسعادة أثناء تناول الوجبات الفخمة وتبادل الهدايا. البعض الآخر قد تقتصر احتفالاته على اجتماع حول المائدة بسبب ثقل الأوضاع. المؤكد أن بعض المؤمنين سيشاركون في قداس العيد، وفي المائدة الروحية، وفي الإحتفال مع الأقارب والأصدقاء. قد تكون كل هذه الأمور حسنة، لكن هل هذا هو مصدر الفرح العظيم الذي أعلنه الملاك للرعاة؟ الفرح العظيم هو ميلاد الرب وتجسده بقصد خلاصنا نحن البشر. نذكر مثلين قد يساعداننا على فهم طبيعة هذا الفرح. لنتخيل فرح شخص بقي أسيرا مدة طويلة، وعانى الأمرين على أيدي آسريه، وفجأة يأتي من يهزمهم ويخضعهم ويمنحه حريته. هذا فرحنا بميلاد الرب، نحن الذين كنا عبيدا للخطيئة، أي تحت سلطة الشيطان، فتحررنا بمجيء المخلص. كذلك قد نسمع عن محكوم بالإعدام ينجو في اللحظة الأخيرة بالرحمة. هذا تماما ما فعله المسيح بتجسده، إذ حررنا من الموت الأبدي وطهرنا من خطايانا. فكما يشفى المريض على يد الطبيب، هكذا قد شفينا من الخطيئة بمجيء المسيح. قال الملاك ليوسف: «ستلد (مريم) ابنا وتدعو اسمه يسوع، لأنه يخلص شعبه من خطاياهم» (مت 1: 21). هذا فرحنا الحقيقي، أننا نجونا من الموت، وتحررنا من طغيان الشيطان ومن خطايانا".
وقال: "لا يكتمل هذا الفرح إن لم يبذل الإنسان جهدا ليعيشه في يومياته. لذا تجدر بنا الإستجابة لعرض الحرية والفداء الذي قدمه المسيح. علينا أن نقبله بكل كياننا كمخلص شخصي لنا، وأن نظهر الرغبة في الإقتراب منه وقبول كلمته واتباع خطواته، وأن نطلب ضياء نوره طوال حياتنا. لا يخلصنا المسيح من خطايانا إذا تمسكنا بها بلا ندم وتوبة واعتراف. كيف نتحرر من عبودية الشيطان إذا واصلنا التعلق بالأرضيات وطلب المكاسب المادية؟ هذه تماثل «عبادة الأوثان» (كو ٣: ٥) التي يدينها الله. يستدعي عيد الميلاد تغيير القلب والعقل، واقتلاع كل هوى وكل رغبة أنانية تبعدنا عن الله. لقد إنكشف سر الله المتجسد داخل مغارة بيت لحم، في المحبة والحرية والتجدد. لقد أعلن لنا جليا أن الله معنا على لسان النبي القائل: «هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا» (مت 1: 23).
أضاف: "دعوتنا اليوم أن نسعى إلى القداسة بلا يأس، إذ إن المسيح أتى متجسدا من نسل بشري أعلنه لنا إنجيل اليوم، وهذا النسل يحتوي خطأة كثيرين تقدسوا وأصبحوا مثالا لنا. ليكن العيد الآتي مناسبة للتحرر الإرادي من الخطايا والإقتراب من المسيح. دعوتنا في هذه الأيام المباركة إلى عيش معنى الميلاد في العمق، إلى التخلي عن الإرتباطات الأرضية والمصالح الوقتية من أجل نيل المكافآت السماوية. إن الإنقطاع عن شركة القداسة مع الخالق، والإنفصال عن النعمة الإلهية المحيية، هما سبب وجود الشر في العالم. بعد معصية آدم قال له الله: «ملعونة الأرض بسببك» (تك 3: 17)، ومنذئذ دخلت البشرية في «ظلمة الموت وظلاله». هذا هو واقع التاريخ الإنساني، حيث ساد منطق القوة وبقاء الأقوى، وبات الأقوياء يتحكمون بمصائر البشر، ظنا منهم أنهم بالقوة والبطش يستمرون. لكن القوة والظلم والعناد والحقد والحروب وكل شرور العالم لم تخلص الإنسان من عذاباته، ولم تمنع الموت عنه، ولا الإنكسار والخيبة. وحده النور الحقيقي يخلص الإنسان من عبودية الشر والخطيئة، والإنحدار إلى أدنى دركات الضياع والفساد والخطيئة. قال إشعياء النبي: «الشعب السالك في الظلمة أبصر نورا عظيما. الجالسون في أرض ظلال الموت أشرق عليهم نور» (9: 2).
وختم: "بميلاد المخلص شمس العدل قد أشرقت، وطريق الخلاص قد فتحت. فلنتخل عن إنساننا العتيق المجبول بالخطايا، ونتبع النور الذي لا يزول. أما في لبنان فليتخل الجميع عن أهوائهم ورغباتهم ومصالحهم، ويعملوا بصدق من أجل خلاص البلد. لا بد أن يتواضع الجميع ويعملوا معا من أجل الخروج من النفق المظلم حيث الفوضى والتقهقر، إلى سلطة موثوقة، قوية، عادلة، تحافظ على سيادة لبنان وحريته واستقلاله، وعلى مصلحة اللبنانيين وأمنهم واستقرارهم. يقول بولس الرسول: «لي الحياة هي المسيح، والموت هو ربح» (في 1: 21) ونحن نقول: الموت عن الأنانية والمصلحة والإستقواء والتفرد ربح للوطن".