واشنطن تهدد الأردن لهذه الأسباب
تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT
سمعة الولايات المتحدة الأميركية في أسوأ حالاتها في الأردن، وكل الشرق الأوسط، وبطبيعة الحال لا يهم واشنطن سمعتها أبدا، وإلا ما تورطت في مواقف سيئة جدا.
الولايات المتحدة الأميركية على علاقة تحالف مع الأردن، وتقدم مساعدات مالية وعسكرية، لكنها بوقوفها إلى جانب إسرائيل في الحرب تهدد الأمن الوطني الأردني بشكل مباشر، ولا تأبه بكل المهددات، وأبرز هذه المهددات المخاوف من خلخلة الداخل الأردني بسبب رد الفعل على مذابح غزة، على المستوى الشعبي، ومدى ضبط واستقرار الداخل، والسكوت على تمدد المذابح إلى الضفة الغربية بما يعنيه ذلك على صعيد سيناريوهات التهجير الكلية أو الجزئية نحو الأردن، وتصعيد ردود الفعل من جانب جماعات محددة موجودة أصلا، أو مستحدثة ضد المصالح الأميركية، والأثر الاقتصادي الحاد الذي يهدد الأردن في الربع الأخير من هذا العام، وارتداد ذلك على الموازنة والعجز والديون، إضافة إلى النظرة الشعبية السلبية جدا نحو العلاقات مع الولايات المتحدة بحيث لا تنفع معها حملات العلاقات العامة.
كل هذه الحسابات وأكثر مما يقال ولا يقال، تلقي بثقلها على الأردن، والولايات المتحدة التي تدعم إسرائيل بكل قوتها تعتقد أن لا أهمية لهذه المهددات، لأنها تظن أن غزة بعيدة وتأثيراتها أبعد، وهي هنا لا تقرأ بعمق الأخطار المحتملة التي ثبتت أصلا، وتلك الأخطار التي قد تتجاوز غزة، إلى دول جوار فلسطين، وتحديدا الأردن الأكثر استقرارا مقارنة ببقية دول جوار فلسطين التاريخية التي تجاور الأردن على طول حدود مفتوحة بما يعنيه ذلك سياسيا واجتماعيا وأمنيا.
كل هذا يقودنا إلى أن الموقف الأميركي الأعمى الذي يسكت على ذبح الأطفال والنساء، وقتل الأبرياء، وتدمير كل أنماط الحياة في غزة لتصبح قطاعا غير صالح للحياة حتى لو توقفت الحرب، موقف منحاز وسطحي ولا يدرك التأثيرات الإستراتيجية التي تتجاوز القطاع هنا، وصولا إلى دول حليفة في المنطقة، تدفع الآن كلفة الحرب ولو جزئيا، والأردن نموذج حي لهذه التأثيرات الحالية وتلك المستقبلية.
من اللافت للانتباه هنا أن واشنطن أيضا لا تقرأ مخاطر وكلف الحدود مع الأردن، أي الحدود مع فلسطين، سورية، والعراق، ولكل حدود حساباتها التفصيلية، على أمن الإقليم بشكل عام، وأمن الأردن بشكل خاص، لاعتبارات كثيرة تتجاهلها واشنطن، أو تعرفها وتحاول ألا تتعامل معها، تاركة الأردن ليواجه كل هذه الملفات، مع استمرار دعم واشنطن للعدوان الإسرائيلي على غزة، بكل ما تعنيه صور الجرائم البشعة.
يقول المبعوث الأميركي للشرق الأوسط بريت ماكغورك إن واشنطن ترفض تهجير أهالي غزة أو تقليص مساحة القطاع، ولا نقبل بإعادة إسرائيل احتلاله، وكلامه هنا مثير للشفقة حقا، لأن التهجير وقع في مرحلته الأولى أصلا في غزة، بنزوح كل هذه الأعداد من شمال القطاع إلى جنوبه، واحتمالات تمدد العمليات العسكرية إلى الجنوب، بحيث يصبح التهجير إجباريا نحو سيناء المصرية، كما أن إسرائيل قلصت مساحة القطاع أصلا، بفصلها مدينة غزة إلى منطقتين، واحتمالات إقامة مناطق عازلة، تفصل بعض مناطق القطاع، إضافة إلى أن واشنطن قبلت أصلا إعادة احتلال القطاع، حيث تعلن تل أبيب أنها ستبقى لوقت طويل، وقد تتولى الأمن في القطاع ونهب كنوز الغاز على شواطئ القطاع، خصوصا، مع نقاط الضعف الشديدة في البدائل المطروحة التي ستحكم القطاع، أي إرسال قوات دولية وعربية إلى القطاع، أو إنشاء حكم محلي عميل، أو إعادة سلطة أوسلو إلى القطاع على ظهور الدبابات الإسرائيلية نسخا لسيناريو قرضاي في أفغانستان، وكلها سيناريوهات تواجه استحالات غير مسبوقة، بما يثبت أن ما بعد الحرب أخطر من الحرب.
الخلاصة هنا تقول إن الولايات المتحدة لا تدعم إسرائيل وحسب، بل تهدد دولا مثل الأردن بسبب كلف الحرب الإستراتيجية، وعدم وقفها، وستحتاج واشنطن إلى خمسة عقود جديدة لاسترداد سمعتها، إذا كانت تهمها أصلا، وعليها ألا تسأل لحظتها لماذا لا يفهمها العالم، ولماذا تقف بعض الشعوب ضدها، فهي تعرف الإجابة بشكل أكيد.
واشنطن تهدد الأردن وتضعفه بشكل مباشر، جراء دعمها لإسرائيل، وقد يكون هذا جزءا من توجه متعمّد غير معلن بحق الأردن والمنطقة، وستثبته أو تنفيه الأيام.
(الغد الأردنية)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الولايات المتحدة غزة فلسطين الاردن فلسطين الولايات المتحدة غزة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
الوفد الأوكراني في جدة: محادثات السلام مع واشنطن بدأت بشكل "بنّاء"
على وقع إطلاق النار المتبادل بين كييف وموسكو، انطلقت في جدة، الثلاثاء، مفاوضات السلام بين مسؤولين أوكرانيين وأمريكيين لإنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية.
وقال أندريه يرماك، رئيس مكتب الرئيس الأوكراني، إن محادثات السلام في المملكة العربية السعودية "بدأت بطريقة بناءة للغاية".
ويلتقي يرماك، المبعوث ضمن وفد أوكراني، بوزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو والمبعوث الخاص للبيت الأبيض ستيف ويتكوف لإجراء محادثات حاسمة حول كيفية إنهاء الحرب التي دخلت عامها الرابع.
وقال يرماك على تطبيق تيليغرام: "نحن نعمل من أجل سلام عادل ودائم".
وفي حديثه للصحفيين على متن طائرته، أوضحروبيو أنه ومستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز سيعملان على تقييم موقف أوكرانيا خلال المحادثات في السعودية.
وقال: "ما نريد معرفته هو: هل لديهم اهتمام حقيقي بالدخول في محادثات سلام؟ وما هي الخطوط العريضة للأمور التي يمكن أن يوافقوا عليها؟ هذه الحرب كانت مكلفة جدًا للأوكرانيين، لقد عانوا كثيرًا، وشعبهم تكبد خسائر فادحة. من الصعب بعد كل ذلك الحديث عن التنازلات، ولكن هذا هو السبيل الوحيد لإنهاء الحرب ومنع المزيد من المعاناة."
Relatedزيلينسكي: محادثات حاسمة مع المسؤولين الأمريكيين ستجري في السعودية الأسبوع المقبلزيلينسكي في السعودية: مقترح أوكراني لوقف إطلاق الناربعد مشادة البيت الأبيض.. زيلينسكي: مستعدون لتوقيع اتفاق المعادنوأضاف روبيو بأن "الطريقة الوحيدة" لمنع المعاناة هي الحديث عن التنازلات، في إشارة ضمنية إلى أن واشنطن ستطلب من كييف إعادة النظر في بعض شروطها في مقترح وقف إطلاق النار.
وكانت وكالة "أسوشيتد برس" قد نقلت عن مسؤولين أوكرانيين رفيعي المستوى قولهم إن وفد بلادهم سيطرح وقفًا لإطلاق النار يشمل البحر الأسود والهجمات الصاروخية بعيدة المدى، بالإضافة إلى اتفاق لتبادل الأسرى.
كما كشف المسؤولون، الذين تحدثوا للوكالة بشرط عدم الكشف عن هويتهم، أن أوكرانيا مستعدة خلال المحادثات لتوقيع اتفاق مع الولايات المتحدة يتيح لواشنطن الوصول إلىالمعادن الأرضية النادرة الأوكرانية، وهو اتفاق يُولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اهتمامًا خاصًا به.
وعن صفقة المعادن، قال روبيو إن توقيعها أمر ممكن، ولكنه ليس شرطًا مسبقًا كي تمضي واشنطن قدمًا في المحادثات، مشيرًا إلى أنه "سيكون من المنطقي أكثر التفاوض على التفاصيل الدقيقة للاتفاق".
وكانت المحادثات السابقة بشأن صفقة المعادن قد انهارت بعد مشادة كلامية غير مسبوقة بين ترامب وزيلينسكي في المكتب البيضاوي.
وبعد الاجتماع، قال ترامب إن نظيره الأوكراني لم يكن "مستعدًا" للسلام، إذ أصر الأخير على أن أي اتفاق يجب أن يتضمن ضمانات أمنية حقيقية يمكن أن تمنع روسيا منمواصلة الحربأو إعادة غزو أوكرانيا.
وبعد إعلان الولايات المتحدة عن إيقاف الدعم العسكري والتعاون الاستخباراتي بين واشنطن وكييف، أظهر زيلينسكي ليونة كبيرة في العودة إلى المفاوضات.
في المقابل، لا يزال الكرملين متمسكًا بشروطه حيال تخلي أوكرانيا عن مسعاها للانضمام إلى حلف الناتو العسكري والاعتراف بسيادة موسكو على الأراضي التي احتلها، للذهاب نحو وقف إطلاق النار.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية هل يمكن لأوروبا تجنيد 300,000 جندي لردع روسيا ودون دعم أمريكي؟ 5 سنوات على كوفيد-19.. تحذيرات أوروبية من التهاون في الاستعداد للأزمات الصحية القادمة مقترح أوكراني لوقف إطلاق النار خلال المحادثات مع واشنطن في السعودية فولوديمير زيلينسكيالغزو الروسي لأوكرانياالسعوديةالولايات المتحدة الأمريكيةدونالد ترامبوقف إطلاق النار