التطورات الميدانية والحربية المثيرة لقلق متعاظم إقليميّاً ولبنانيّاً لم تكن كافية لتبريد الملف السياسي المحتدم بقوّة تصاعدية في الداخل والمتصل بالتمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون. ويبدو من المعطيات المتوافرة أنّ جولات وجولات لا تزال تنتظر بلوغ هذا الملف نهاياته. وتترقب الأوساط السياسية عظة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة الراعي، في قداس الأحد الأسبوعي من بكركي اليوم، حيث يتوقع منه رد فعل قاس، ضد محاولات بعض القوى المسيحية إعاقة التمديد لقائد الجيش أو تأجيل تسريحه في العاشر من كانون الثاني، استجابة للظروف الاستثنائية التي يعيشها لبنان، وفق ما كتبت "الأنباء الكويتية".
في المقابل، أعلن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط من خلوة الشيخ أبو طاهر منير بركة في ضهور العبادية: "لا أفهم الخلافات الضيّقة في البلاد لأجل رئاسة قد تأتي أو لا تأتي، والإفراج عن قاتل الجندي الإيرلندي خطأ لأن الشعب الإيرلندي يقف إلى جانب القضية الفلسطينية وكان من الخطأ الإفراج عن قاتله في هذه الظروف". وكتبت سابين عويس في" النهار": لم يعد التمديد لقائد الجيش اولوية لمنع الشغور في قيادة الجيش، التي يخشاها مؤيدو هذا الخيار والعاملون على تسويقه، بل اصبح عنوان معركة شرسة قرر رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل خوضها في وجه كل من يعمل على هذا الخيار، حتى لو اضطر الى خوضها وحيداً من دون أي حلفاء، كما يبدو من صورة مواقف القوى السياسية حتى اللحظة، وهي قد تكون قابلة للتغيير اذا ارتأت مصالح هؤلاء ذلك، او اذا نجح الخيار الآخر الذي يطرحه باسيل نفسه بالذهاب الى تعيين قائد جديد، في تحقيق مكاسب يمكن ان تكون اكبر وأهم من إبقاء عون على رأس قيادة الجيش. هي اذاً معركة وجودية بالنسبة الى باسيل الذي يخشى التمديد لعون لأكثر من سبب، منها ما يتصل بما يعنيه ذلك من حفاظه على موقعه في السباق الرئاسي، ومنها ما يتصل بنفوذ باسيل على رأس التيار في المرحلة المقبلة اذا بقي عون قائداً للجيش أو الأسوأ له اذا أصبح رئيساً للجمهورية. كذلك، فهي معركة حسابات ربح وخسارة تجهد القوى الاخرى في لعبها بدقة سعياً الى مكاسب سياسية. اما رئيس الحكومة الذي يترك للوقت ان يبلور الخيارات قبل ان يقول كلمته، دافعاً بوزير الدفاع الى ممارسة صلاحياته ورفع اقتراح الى مجلس الوزراء، وإلا سيبادر الى طرح التمديد بنفسه. لكن ميقاتي لن يكون خاسراً اذا قدم سليم اقتراحاً بسلة تعيينات متكاملة لأنها ستكون مشروطة بحضور وزراء التيار الجلسة الحكومية، ما يعني عمليا عودتهم عن مقاطعة مجلس الوزراء، ولو لجلسة واحدة. على مقلب بكركي، ورغم ان البطريرك الراعي اعلن دعمه التمديد لقائد الجيش، الا انه قد لا يقف ضد تعيين قائد جديد اذا تم التوافق على هذا الخيار لأن الاولوية بالنسبة اليه منع الشغور في الموقع، وإن كان يفضل ألا يتم تعيين جديد في ظل شغور كرسي الرئاسة وعدم وجود رئيس للجمهورية. وتصف مصادر سياسية ما يحصل في هذا الملف بعملية كرّ وفرّ، مشيرة الى ان كل ما يجري التداول به لم يصل بعد الى خواتيمه، مضيفة ان الكلمة الفصل يجب ان تكون للطرف المسيحي حتى لا يتحول القرار فيه الى "الثنائي"، بحيث يفقد المسيحيون الكلمة في آخر موقع مسيحي بعدما فقدوا القرار في رئاسة الجمهورية وحاكمية المصرف المركزي، وها هم اليوم يفقدون المبادرة في ملف قيادة الجيش. وقال مصدر بارز في "القوات اللبنانية" لـ"الديار": اذا اجتمعت حكومة تصريف الاعمال لبند وحيد، وهو التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون، فهذا امر يدخل ضمن تصريف الاعمال، كما ان القوات لا تعتبر التمديد لقائد المؤسسة العسكرية مرتبطاً بتشريع الضرورة، بل انها مسألة ترتقي الى الامن القومي وسط حرب دائرة في جنوب لبنان في اي لحظة يمكن ان تتوسع اضافة الى ان موقع الرئاسة الاولى شاغر، ولا بوادر لانتخاب رئيس في المدى القريب. واضاف : لا يجوز التلاعب بتراتبية الجيش بالذهاب الى اعلى رتبة. كما شدد على ان تعيين قائد للجيش هو من صلاحيات رئيس الجمهورية، واذا حصل ذلك في ظل الشغور فهناك انتهاك صارخ لحق رئاسة الجمهورية. اما النائب جبران باسيل فيريد ابعاد العماد جوزاف عون لمصلحة شخصية غير دارٍ بما سيحصل بالبلد. وتابع المصدر أن القوات لا تزال تعارض التشريع في ظل عدم انتخاب رئيس للجمهورية، لانه في حال حصل ذلك كأننا نقول ان لا لزوم لوجود رئيس للجمهورية ما دام ان هناك حكومة تصدر قراراتها ومجلس نيابي يشرع. وعلى هذا الاساس، تتمسك القوات اللبنانية بموقفها للضغط باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية:
التمدید لقائد الجیش
رئیس للجمهوریة
إقرأ أيضاً:
بشأن تشكيل الحكومة.. رسالة من الراعي
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس عيد "دخول المسيح إلى الهيكل" في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي. بعد الإنجيل المقدس ورتبة تبريك الشموع القى البطريرك الراعي عظة بعنوان: "نورا ينجلي للشعوب"، واعتبر فيها أن الأنانية والحسابات الخاصة تعطل العيش
المشترك الرغيد والواضح الذي يميّز النظام السياسيّ في لبنان، وأضاف: "هذا العيش المشترك منظّم في الدستور والميثاق الوطنيّ المتجدّد في وثيقة الوفاق الوطنيّ الصادرة عن اتفاق الطائف سنة 1989 أي منذ ست وثلاثين سنة. فلأنّ هذه الوثيقة لم تُطبّق في حينه بكامل نصّها وروحها، بدأت الحياة السياسيّة تتعثّر وتتراجع، وما زالت حتى يومنا، فلا احترام للدستور، بل مخالفة تلو المخالفة، ولا احترام لميثاق العيش المشترك ولوثيقة الوفاق الوطنيّ، فدبّت الفوضى في الحكم والحكومة". أضاف: "كيف يمكننا أن نواجه حاجاتنا الوطنيّة مع السعي إلى المطالبة الضيّقة بالحصص البغيضة التي لا علاقة لها بالميثاق والدستور، بل هي نقيض لهما. فليعد المعنيّون بتعطيل تأليف الحكومة إلى ما جاء في خطاب القسم: "إنّها أزمة حكم وحكّام وعدم تطبيق الأنظمة أو سوء تطبيقها وتفسيرها وصياغتها. نحن في أزمة حكم يفترض فيها تغيير الأداء
السياسي في رؤيتنا لحفظ أمننا وحدودنا، وفي سياساتنا الاقتصادية، وفي تخطيطنا لرعاية شؤوننا الاجتماعية، وفي مفهوم الديمقراطية وفي حكم الاكثرية وحقوق الأقليات، وفي صورة لبنان في الخارج وعلاقاتنا بالاغتراب، وفي فلسفة المحاسبة والرقابة وفي مركزية الدولة والانماء غير المتوازن وفي محاربة البطالة وفي مكافحة الفقر".
وختم الراعي: " فلنصلِّ، أيّها الإخوة والأخوات الأحبّاء، لكي يقودنا الله إلى نور المسيح، فنعيش في نور الحقيقة والمحبّة، ونرفع التسبيح والشكر للثالوث القدّوس، الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".