في مخيّم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في لبنان، لا تنفكّ حياة شحادة عن مشاهدة التلفاز، بينما تحمل هاتفها الخلوي متلهفة لتلقي رسالة من ابنتها العالقة مع أولادها الثلاثة في قطاع غزة بعدما انقطعت أخبارهم لأسبوع.
في شقّتها المتواضعة في المخيم المكتظ في الضاحية الجنوبية لبيروت، تقول شحادة (69 عاماً) لوكالة فرانس برس «منذ أن بدأت الحرب في غزة وأنا في حالة قلق.

أستيقظ عند الساعة الثالثة أو الخامسة فجراً، وأشغّل التلفاز».
وتضيف «أبكي لا على ابنتي فحسب، بل على أهالي غزة كلّهم».
بصعوبة، تتمكّن شحادة من التواصل مع ابنتها، وجلّ ما تتمناه يومياً أن تصلها مجرد رسالة «نحن بخير».
وتشرح السيدة بينما يلهو أحد أحفادها على الأرض قربها، «أتكلم معها أحياناً، تقول لي فقط إنها بخير»، إذ أنها لا تستطيع استخدام الهاتف مطولاً في ظل صعوبة شحن البطارية جراء انقطاع التيار الكهربائي في القطاع وعدم توفر الوقود للمولدات.
وشنّت حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) في السابع من اكتوبر هجوم «طوفان الأقصى» على جنوب إسرائيل أوقع 1200 قتيل، غالبيتهم مدنيون قضى معظمهم في اليوم الأول للهجوم، وفق السلطات الإسرائيلية. ومذاك، تقصف إسرائيل بلا هوادة القطاع المحاصر، وبدأت شنّ عمليات برية منذ 27 أكتوبر. وأسفر القصف الإسرائيلي عن استشهاد 12 ألف شخص على الأقل، معظمهم مدنيون وبينهم آلاف الأطفال، وفق حكومة حماس.
وفي ظل صعوبة التواصل، تحاول شحادة أن تتمالك نفسها، لكن خوفها على ابنتها يبدو واضحاً في صوتها المرتجف.وتروي بأسى كيف أن ابنتها، التي فضّلت عدم ذكر اسمها، وزّعت أطفالها على أقاربها، في محاولة لحمايتهم.
وتوضح «قبل أكثر من أسبوع، كانت تبكي وقالت لي +وزّعت أولادي+ حتى إن مات أحدهم يبقى الآخر على قيد الحياة».
ويشهد مخيم برج البراجنة، كما سائر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، كثافة سكانية عالية. تلتصق المنازل والأبنية ببعضها البعض ويشكو قاطنوها من نقص في الخدمات الأساسية من شبكات مياه وصرف صحي، فيما تكاد أسلاك الكهرباء المعلقة عشوائياً أن تحجب الضوء في بعض الأزقة.
ويقيم 250 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، معظمهم موزعون على 12 مخيماً أقيمت تباعاً إثر النكبة الفلسطينية وقيام دولة إسرائيل في العام 1948.
أمضت ابنة حياة شحادة خمس سنوات في لبنان، وعادت الى غزة قبل أشهر بعدما جاء زوجها لاصطحابها، وباتت اليوم تتنقل «من منطقة إلى أخرى» في القطاع هرباً من القصف، وفق الوالدة التي تضيف «لا أعرف أين تتواجد اليوم».
وعائلة شحادة من بين 750 ألف فلسطيني اضطروا إلى مغادرة قراهم وبلدتهم خلال النكبة خصوصاً بعد مجزرة قرية دير ياسين التي ارتكبتها ميليشيات صهيونية في أبريل 1948 وأودت بأكثر من مئة من أهالي القرية القريبة من القدس.
وتتمنى شحادة أن تتحدث مع ابنتها ولو للحظات معدودة لتقول لها «لا تبكي، دموعك غالية عليّ يمّا».
في إحدى حارات مخيم برج البراجنة، ترتفع صور الزعيم الراحل ياسر عرفات مع شعارات داعمة لعملية «طوفان الأقصى»، التسمية التي أطلقتها حماس على هجومها الأخير.
من شقّتها المتواضعة، تتابع فاطمة الشواح (61 عاماً) الأخبار لحظة بلحظة، على أمل معرفة أخبار عن قرابة سبعين فرداً من عائلتها يعيشون في القطاع.
كان هؤلاء يسكنون في بيت حانون بشمال القطاع، لكنّهم فروا على وقع القصف الإسرائيلي من منطقة الى أخرى، ولجأ بعضهم إلى مدارس في رفح بجنوب غزة.
وتقول الشواح المتحدرة أساساً من الكابري في قضاء عكا «بيوتهم كلّها دُمّرت، وبيوت أولادهم دُمّرت لأنها على خطوط التماس. لم يبق شيء».
تحاول السيدة أن تتواصل مع أقاربها قدر الإمكان، ويحصل أن تسمع أحياناً صوت القصف حولهم أو صراخ الأطفال.
وتروي «اليوم الذي لا يطمئنوننا عن حالهم، تغلي قلوبنا خوفاً عليهم»، وتنقل عنهم «إنهم مرعوبون وجياع، بينما الأطفال خائفون».
وتضيف «يتقطّع قلبي عليهم».

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: بيروت اللاجئين الفلسطينيين قطاع غزة فی لبنان

إقرأ أيضاً:

‏مصادر طبية في غزة: ارتفاع حصيلة القصف الإسرائيلي إلى 46565 قتيلا و109660 مصابا منذ 7 أكتوبر 2023

أعلنت ‏مصادر طبية في غزة، ارتفاع حصيلة القصف الإسرائيلي إلى 46565 قتيلا و109660 مصابا منذ 7 أكتوبر 2023.

وأعلنت إسرائيل، موافقتها رسميًا على الخطة التي اقترحتها الولايات المتحدة الأمريكية، لوقف إطلاق النار بين حزب الله وتل أبيب والذي دخل حيز التنفيذ في الساعة العاشرة من صباح يوم الأربعاء بتوقيت العاصمة اللبنانية بيروت.

وفي وقت سابق، بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي، عملية برية محدودة في جنوب لبنان تستهدف البني التحتية لحزب الله، وسط تحليق مكثف للطيران وقصف مكثف بالمدرعات والدبابات على مناطق الجنوب.

وقد شهدت لبنان حادثة مؤلمة بعد انفجار المئات من أجهزة الاتصال "البيجر" المستخدمة من قبل عناصر حزب الله، ما أسفر عن مقتل 11 أشخاص وإصابة نحو 3000 آخرين.

هذه الحادثة أثارت اهتمامًا دوليًا واسعًا، حيث كانت الأجهزة المنفجرة تُستخدم للتواصل بين عناصر الحزب.

مقالات مشابهة

  • السوداني وبارزاني يؤكدان أهمية التعاون بما يحقق مصالح الشعب العراقي
  • مباشر. الحرب في يومها الـ465: آمال على المفاوضات بغزة وإسقاط مسيرة من اليمن وسلسلة غارات على جنوب لبنان
  • متى يتوقف القصف؟
  • ‏مصادر طبية في غزة: ارتفاع حصيلة القصف الإسرائيلي إلى 46565 قتيلا و109660 مصابا منذ 7 أكتوبر 2023
  • استشهاد 70 طفلا خلال خمسة أيام من القصف الصهيوني على غزة
  • استشهاد 70 طفلا خلال خمسة أيام من القصف الإسرائيلي على غزة
  • الدفاع المدنى بغزة: استشهاد أكثر من 70 طفلا خلال الأيام الخمسة الماضية
  • الدفاع المدني بغزة: الاحتلال زاد حدة القصف على القطاع منذ بدء 2025
  • القصف الإسرائيلي استهدف تجمعًا للمواطنين في حي الدرج بغزة
  • مروحيات الاحتلال تفتح نيرانها تجاه المناطق الشرقية لقطاع غزة