«التنمية الاجتماعية» تشارك في أعمال مؤتمر اليونسكو
تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT
تشارك وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة في أعمال الدورة 42 للمؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونسكو».
يترأس وفد الوزارة السيد فهد محمد الخيارين وكيل الوزارة المساعد لشؤون التنمية الاجتماعية
في لجنة العلوم الاجتماعية والإنسانية SHS عبر برنامج التحولات الاجتماعية، وإدارة التحولات الاجتماعية هي العملية التي يستخدمها القادة والمنظمات لتطوير العمليات والأنشطة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والبيئية والثقافية في مجتمع معين.
وتشمل هذه العملية تغييرات جوهرية في القيم والمعتقدات والممارسات الاجتماعية في المجتمع، بالإضافة إلى التغييرات الحكومية والقانونية والتنظيمية والاقتصادية.
ويتم تحقيق إدارة التحولات الاجتماعية من خلال تحليل التحديات الاجتماعية والتنبؤ بالاتجاهات الاجتماعية المستقبلية وتطوير استراتيجيات فعالة لتحقيق التغيير المطلوب، وتشمل هذه الاستراتيجيات تنظيم الحملات الإعلامية والتوعوية والتدريب والتعليم والتنظيم الاجتماعي والتعاون مع الشركاء المحليين والدوليين والمجتمع المدني.
وأكدت الوزارة في بيان أمس أن التحول الاجتماعي أمرًا معقدًا وطويل الأمد، ويتطلب الكثير من العمل والتعاون بين المجتمعات والحكومات والمنظمات والأفراد لتحقيق التغيير المطلوب، لافتة إلى أن أمثلة التحولات الاجتماعية التي يمكن أن يعمل عليها القادة والمنظمات، تعزيز المساواة بين الجنسين، وتحسين الوضع البيئي، وتطوير المجتمعات المستدامة، والتغلب على التمييز العنصري والاجتماعي.
وأشارت في هذه السياق إلي ما تضمنته رؤية قطر الوطنية 2030 باعتبار التنمية الشاملة هي الهدف الأساسي لتحقيق التقدم والازدهار للمواطنين. موضحة أن الرؤية تهدف إلى تحويل قطر إلى دولة متقدمة قادرة على تحقيق التنمية المستدامة وعلى تأمين استمرار العيش الكريم لشعبها جيلا بعد جيل.
وأكدت الوزارة أن برنامج التحولات الاجتماعية ذا أهمية كبيرة لدولة قطر لعدة أسباب أبرزها تعزيز فهم التحديات الاجتماعية المحلية التي يواجهها المجتمع وتحديد الفرص لتحقيق التحولات الإيجابية، تعزيز التفاعل الدولي وتبادل الخبرات عبر تشجيع التفاعل بين الدول لمواجهة التحديات الاجتماعية المشتركة، مما يعزز من موقف دولة قطر في المنظومة الدولية.
بالاضافة إلي تعزيز الشمولية والمشاركة: يمكن للبرنامج دعم الجهود المبذولة لتحقيق شمولية أكبر وزيادة في مشاركة مختلف شرائح المجتمع في صنع القرار.
وأشارت الوزارة إلى أن البرنامج يدعم مفهوم التنوع والثقافة: يمكن أن يساعد في تعزيز التفاهم بين الثقافات المختلفة وتعزيز قيم التنوع والتضامن، والتحولات التكنولوجية والابتكار، كما يدعم القدرة على التكيف مع التحديات المستقبلية بتمكين الأفراد والمجتمعات من التكيف مع التحديات المستقبلية، مما يسهم في بناء مجتمع أكثر مرونة وقدرة على التكيف.
الجدير بالذكر أن دولة قطر تحتل مكانة بارزة على الساحة الدولية، وتأتي المشاركة في هذا البرامج لدعم دورها كمشارك فعّال في تحقيق التنمية المستدامة وتحقيق التحولات الاجتماعية الإيجابية.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر وزارة التنمية مؤتمر اليونسكو
إقرأ أيضاً:
من الشكوى إلى التحليل ..تعزيز دور البحوث الاجتماعية في مواجهة الأزمات
لا أحد يمكنه القطع بعدم حاجة المجتمعات كونها كيانا معقدا من علاقات تعيش حالات من ترابط هو عِماد تناسجها الوطني، حاجتها إلى تعزيز دور البحوث الاجتماعية في مواجهة تحدياتها المستمرة، فليس من الممكن إنكار أن المجتمع لكي يستطيع الاستمرار في تماسك حيَّ فإنه ينبغي أن يملك أدوات لفهم الإشكالات التي تعتري بناهُ وتعيق طُرُقهُ في التكيِّف مع مجمل أوضاعه المختلفة، ومن هنا الحاجة الماسة إلى وجود أدوات بحثية، واعتماد منهجية عملية قادرة على مساعدة صُنَّاع القرار للتغلب على الأزمات ووضع الحلول لها من منطلق واقعي يأخذ على عاتقه بناء عمليات التقييم المستمرة لأجل حماية فضائه العام من غوائل التوتر المصاحب للتحولات الكبرى في السياق الاجتماعي العام.
والعلوم الاجتماعية في تشعباتها كافة هي القادرة على مساعدة الفاعلين على تعمير الوعي العام بجملة حواصل التغيير الإيجابي، وتحديد السياسات اللازمة لمعالجة الطوارئ، ليس فقط إخمادا للمشكلات وإنما استباقها بالبحث والتَّقَصِّي، وتطوير السياسات الفاعلة في مجالات الاقتصاد والاجتماع والثقافة، ولكن رغم ذلك فإننا نشهد في واقعنا العربي انفصالا بين الواقع الاجتماعي بكلياته «أزماته، توتراته، انشطاراته...إلخ» انفصال بينه وبين البحث الاجتماعي، وفي الوقت ذاته تتعالى أصوات الشكوى من تفشي العِلل وانفراط عقد الأمن، وتعاظم حضور العصبيَّة، وظهور جيوب التَّطَرُّف، هذا علاوة على المشكلات الاجتماعية الأكثر انتشارا في مجتمعاتنا العربية، مثل الإدمان والفقر والبطالة والعنف والإرهاب وغيرها، ففي الوقت الذي تعترف فيه الجهات المعنية بوجود هذه المشكلات داخل مجتمعاتها، إلا أنها تنخرط بجدارة في الإشارة إليها ولا تعترف بحاجتها الماسة إلى قيام مؤسسات بحثية متخصصة في العلوم الاجتماعية، والتي إن تشكلت وقامت بدورها عن فعل واقتدار سينتقل الحديث عن هذه المشكلات من حيز الشكوى إلى التحليل، من الرصد إلى فهم طبائع التشكل، ومراقبة تطور الأزمات وهي بعد تتسلل إلى الفضاء العمومي.
إن من واجب الجهات المعنية أن توفر لهذه المؤسسات ليس فقط الميزانيات بل رفدها بالمعلومات لمساعدتها على تتبع النشاط الاجتماعي، والكشف عن آثاره السلبية والإيجابية، وأن تشجع الدولة الإنتاج البحثي المستقل في العلوم الاجتماعية، وتوفر منصات إعلامية لنشر ثقافة البحث الاجتماعي زيادةً في الفائدة، وبالضرورة سيقود هذا إلى تطور المجتمع المدني في البلاد العربية، وهي الطبقة التي لم تتشكل بعد في إطار الدولة العربية وهي التي ستساعد الدولة على تحصين المجتمع وتطوير وعيه تجاه ذاته وشركائه في الوطن والعالم وذلك عبر نشر ثقافة الحوار والتسامح والقبول بالاختلافات الإثنية والدينية مغذيةً بذلك عمليات النقاش الاجتماعي بين الأفراد، كما تحتاج منطقتنا إلى تكثيف عقد المؤتمرات العلمية وبناء برامج بحثية لإدارة التحولات الاجتماعية كما هو الحال في عدد من المنظمات الدولية التي تهتم بالبحث الاجتماعي وتوليه اهتماما كبيرا، ومن ذلك مبادرة العلوم الاجتماعية عبر ما يعرف بـ«إعلان لشبونة»، حيث عقدت هذه المبادرة مؤتمرها بعنوان: «العلوم الاجتماعية في المجتمع: شراكة جديدة» وقد اعتمدت نتائجه من قِبل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ثم جاءت القمة العالمية للسياسات الاجتماعية لتناقش في مؤتمرها الدولي والذي عقده مركز الدراسات الاجتماعية (فيينا) والذي ناقش موضوع «العلوم الاجتماعية والسياسات الاجتماعية في القرن الحادي والعشرين»، وقد جاءت أهم توصياته في عبارات كاشفة عن أهمية البحث الاجتماعي في عالمنا اليوم. نقرأ: «إننا نعيش في مرحلة حساسة في تاريخ العالم، وهو ما يفرض تحديات كبيرة على علماء الاجتماع وصُنَّاع السياسات، فالمعرفة التي تنتجها العلوم الاجتماعية ذات فائدة عظيمة لعالمنا اليوم فهي تسعى لفهم التعقيدات والمخاطر التي تواجه لحظتنا الراهنة» كما نادى المؤتمر بضرورة أن تقوم الحكومات، فضلا عن الجهات الفاعلة الاجتماعية والاقتصادية، بتجذير استخدام أدوات البحث الاجتماعي على نحو أكثر منهجية وأوسع نطاقا إلى الحد الذي يمكنها من إنتاج المعرفة المتخصصة بشأن القضايا المجتمعية وتعزيز مشاركة المواطنين في إدارة الشؤون العامة. وهذه التوصية جدا عظيمة لو فكرت المؤسسات العربية ومن هم في موقع صنع القرار الأخذ بها. ولكن الواقع يقول إننا لا نزال نقف بعيدا عن الوعي بأهمية العلوم الاجتماعية كمدخل رئيس لفهم العالم وقضايا الإنسان، وما هذا الغياب إلا دليل إدانة حتى للمؤسسات الأكاديمية العربية والتي رغم ما تعقده من مؤتمرات إلا أن لا صلة واضحة بين مخرجات هذه الفعاليات العلمية والواقع الاجتماعي العربي، وإن وجدت فإنها تنصرف أكثر إلى الجانب الأكاديمي من البحث دون أن تفهم كيف أن البحث الاجتماعي لا يتعلق بمنهجيات مغلقة، بل هو فعل خاضع للمتغيرات وبالتالي تتجدد فاعليته عبر اتصاله بالمجتمع ومكوناته كافة.
إن مجتمعاتنا العربية في أمس الحاجة إلى تفعيل البحوث الاجتماعية، وذلك لأنها مجتمعات تعيش في الماضي الحاضر بقوة في وعيها وسلوك أفرادها، ماضٍ ممتد تأثيره السلبي للدرجة التي يمكننا فيها القول إن أزمات الراهن العربي تتغذى على التراث؛ تراث الأزمة لا تراث المعرفة، ولن تستطيع المجتمعات العربية الخروج من متاعبها الراهنة إلا بالمعرفة، معرفة حقيقة وجودها، وأن يولي أصحاب القرار في وطننا العربي الأهمية المنتجة لدور العلوم الاجتماعية في إصلاح المجتمع وأفراده، ولكي يتم ذلك فالمهمة الأولى هي الاعتراف بوجود الأزمة، ومن ثم مواجهتها، وألا تكون الشكوى قناعا للهروب من مواجهة المشكلات الاجتماعية، فالمجتمعات الممتنعة عن نقد ذاتها تموت..
غسان علي عثمان كاتب سوداني