كشفت التسع السنوات الماضية – من العدوان الأمريكي السعودي على اليمن – السر الذي تقاتل به أمريكا العالم وترهب به الشعوب.
ودفع هذا الكشف إلى استرجاع أهم المعارك التي خاضها الكيان الأمريكي أو التي كان يقف خلفها، ليتبين اعتمادها في المقام الأول على تهويل وتضخيم حجمها وقدرتها العسكرية عبر مجموعة من الكَتَبة المنتشرين حول العالم.
التسع سنوات من العدوان على اليمن، أثبتت هذه الحقيقة التي تكشفت من خلال عجز أمريكا ومن معها عن تحقيق أي نصر في اليمن، وحتى بعجزها عن حماية أتباعها من آل سعود وآل زايد، فعلى الرغم من أنواع السلاح والقباب الحديدية التي زودت النظامين بهما، إلا أن المنتج اليمني التدميري نجح في الوصول إلى أراضي الدولتين وضرب المواقع الحساسة، فارتبك حينها العالم وذهب إلى الهدنة مع صنعاء.
ولأن العبرة دائما في الخواتيم، كانت تلك النتائج المشهودة أعظم رد على حفنة الكَتَبة الذين ظلوا يقللون من أهمية الضربات اليمنية وهدم تأثيرها.
واليوم حين تحتشد الرياض وواشنطن وتل أبيب لتطلق عنان التهديدات بعودة الحرب مع اليمن بالاستعانة بأولئك الأتباع والضخ الإعلامي المدفوع، فإنما ذلك يعزز مستوى السذاجة لدى هذه الكيانات الواهمة بأن التهديد سيكون له تأثير رادع عن القيام بالواجب تجاه الأشقاء الفلسطينيين.
عاش اليمن – ولا يزال – أسوأ مأساة إنسانية بسبب عدوان أحمق وحصار حقود، مع ذلك خرج من بين الركام – حسب محمد علي الحوثي – ليؤكد إصراره في القيام بواجبه بالدفاع عن الفلسطينيين والأماكن المقدسة.
فهل درس الأمريكان وكبرى مراكز البحث والتحليل، هذه الروحية؟ وإذا كانوا قد درسوها، ألم يدركوا أن آلية التهويل وتصخيم الذات بقصد الإرهاب، ما عادت تمر على اليمنيين؟
فإذا درسوها وأدركوا هذه الحقيقة ومع ذلك استمروا بانتهاجها، فإنه الغباء لمن يريد نموذجاً للغباء.
أما أن درسوها وهم الذين يزعمون بأن الكائنات الفضائية تزورهم ليلا لتُنجِّم لهم بسيادة العالم، ولم يدركوا هذه الحقيقة، فإنه أيضا الغباء.
فاليمن أثبت بالقول والفعل أنه لا يخشى التهديد عندما يكون مؤمنا بقضية، ولا يعنيه الثمن الذي يمكن أن يبذله، إن كان مؤمنا بأنه صاحب الحق.
وحين تهدد أمريكا أو الكيان اليمن بقصد منعه من إطلاق صواريخه وطائراته إلى الأراضي المحتلة، فأي مبرر يحملانه يمكن أن يشرعن لهما هذه الجرأة في التعدي على سيادة بلد مستقل.
أمريكا جاءت من وراء البحار إلى المياه والأراضي العربية لتدافع عن الكيان المحتل، فكيف تنكر ذات الأمر على العرب إن قرروا الدفاع عن أشقائهم الفلسطينيين؟
وفي معركتها الدفاعية التي تنطلق من واجب ديني وأخلاقي، لا تدعي صنعاء أنها ستطلق صواريخ عابرة للقارات لتقصف واشنطن أو نيويورك حتى تثور ثائرة البيت الأبيض، ليطلق وعيده ويحرك أدواته، ويستخدم سلطته على الأمم المتحدة من أجل إيقاف المعونات الغذائية على الشعب اليمني المحاصر، ولكنها بما تمتلكه من قوة تهدف للدفاع عن الأرض العربية التي تنتمي إليها، ضد هذا الإجرام الذي يمارس في غزة والضفة، والذي يدعي الكيان أنه دفاع عن النفس.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
بعد فشل سياساتها العسكرية والاقتصادية .. أمريكا تعود للتهديد بالحرب في اليمن
يمانيون – متابعات
على وقع الاعتداءات الأمريكية البريطانية على صنعاء الأمانة والمحافظة، وعلى محافظتي عمران وصعدة، عادت أمريكا لتقرع طبول الحرب في اليمن، بعد أكثر من عامين على خفض التصعيد العسكري،
والمسألة لم تعد متعلقة باستعادة النفوذ المفقود في بلد تخلص من الوصاية الأجنبية، سواء للسعودية أو الولايات المتحدة وحسب، بل لاستعادة الردع في البحر الأحمر وخليج عدن، وحفظ هيبة القوات الأمريكية ومكانتها التي تزعزعت وتأثرت على الصعيد الدولي بفعل الضربات اليمنية ضد السفن المشمولة بقرار حظر الوصول إلى موانئ فلسطين المحتلة ، وذلك دعمًا وإسنادًا لغزة ولبنان.
العدوان على اليمن أمريكيًا بقفازات خليجية
في الموقف الرسمي والشعبي المعلن فالعدوان على اليمن المعلن من واشنطن بتاريخ السادس والعشرين من شهر مارس 2015 م هو عدوان أمريكي بامتياز لكن بقفازات خليجية، حظيت بكل وسائل الدعم من البيت الأبيض وشركائه الغربيين، وسخرت لأجله المنابر الدولية والهيئات الأممية لتمويه الحقيقة وإظهار ما يحدث على أنه حرب أهلية بين الأفرقاء اليمنيين، ونتيجة للفشل في ابتلاع اليمن والسيطرة عليه مع تصاعد الضربات المؤثرة على المنشآت النفطية السعودية، وما أحدثته من اضطرابات في أسواق الطاقة العالمية، لجأت الولايات المتحدة إلى التهدئة والتركيز على سلاح الاقتصاد، وحرب التجويع، وفشلت أيضًا في إخضاع الشعب اليمني وتطويعه للإملاءات الأجنبية.
عملية طوفان الأقصى، تنبئ عن قوة إقليمية صاعدة
مع انطلاق عملية طوفان الأقصى التاريخية قبل أكثر من عام، وكنتيجة لانتهاج العدو الإسرائيلي سياسة الأرض المحروقة، وارتكابه لجرائم حرب الإبادة والتهجير في القطاع المحاصر، وفي ظل التخاذل العربي والإسلامي بل والتآمر من الأنظمة المطبعة، ما كان من اليمن إلا أن يؤخر استحقاقاته الإنسانية وأولوية كسر الحصار وإنهاء العدوان عليه ليرمي بكثل ثقله في مساندة غزة، ضمن “معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس” معلنًا ولادة قوة صاعدة فاعلة ومؤثرة في فرض التوازنات والمعادلات الإقليمية، وبفضل من الله وتأييده نجحت القوات المسلحة اليمنية في فرض حصار مطبق على موانئ فلسطين المحتلة مع تصاعد زخم الضربات الصاروخية والطيران المسير إلى العمق الفلسطيني المحتل بأسلحة وقدرات جديدة عمقت من أزمة الكيان وزادت من الخيبات الأمريكية والغربية.
أمريكا تبحث عن أوراق ضغط بعد فشلها في حماية أمن الكيان
ومع الفشل الأمريكي المعلن في تقويض القدرات اليمنية وحماية سلاسل إمدادات العدو الإسرائيلي التجارية، دفعت الولايات المتحدة أدواتها الخليجية لإشهار سلاح الاقتصاد، وحاولت من خلالهم تعطيل الرحلات الجوية في مطار صنعاء، وتشديد الخناق على ميناء الحديدة، قبل أن تزيد من منسوب التحريض والتلويح باستئناف الحرب بالتحديد في الساحل الغربي، وهو مؤشر أول على رغبة أمريكية في إشغال اليمن بمعارك بينية.
ثاني المؤشرات على الرغبة الأمريكية في تحريك الأدوات المحلية دعمًا للعدو الصهيوني بصورة غير مباشرة، نشط السفير الأميركي ستفين فاجن في المدن الجنوبية المحتلة مجددًا؛ ليعلن عن إطلاق ما أسماه “التكتل الوطني للأحزاب والمكونات اليمنية” لدعم حكومة الرياض في الخامس من الشهر الجاري، واعتبر ذلك لحظة محورية في التاريخ السياسي لليمن، والمسألة ليست بغريبة ولا جديدة، فكم من التحالفات والتكتلات التي تم الإعلان عنها خلال حرب السنوات العشر الماضية في سياق محاولات تجميع شتات المرتزقة، وتحشيدهم لجولة جديدة من الصراع ضد السلطة في صنعاء، ومع ذلك لم يحظ التكتل بإجماع كل الأطراف المنضوية تحت عباءة السعودية والإمارات، رغم محاولات تصوير البعض أن التكتل هدفه التلاحم والاصطفاف واستعادة ما يسمونه الانقلاب، وهو ما اعتبره بعض المراقبين ولادة ميتة لتكتل لا يملك من أمره شيئًا.
وتلا الخطوة لقاءات للسفير فاجن بقيادات المرتزقة، تمحورت حول سبل الدعم الأمريكي لمواجهة ما أسموه التحديات الاقتصادية، وانهيار العملة في المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة، وهي الذريعة التي لطالما استغلتها واشنطن لتحريك المرتزقة في حروبها الإجرامية في اليمن منذ عقد من الزمن عن طريق افتعال الأزمات ودعم أوجه الفساد، وبالتالي ممارسة الضغط لتنفيذ الأجندة الأجنبية عبر وعود الإصلاحات الاقتصادية الفارغة.
اليمن يؤكد ثباته على الموقف واستعداده لأي مواجهة
لا يبدو أن السلطة في صنعاء غير مدركة بما يحَضِّره العدو ويعد له في الساحل وفي غير محور؛ من أجل فصل اليمن عن غزة وجبهات محور الجهاد والمقاومة، ولتأكيد ألوية المساندة للشعبين الفلسطيني واللبناني تستمر القوات المسلحة في استهداف السفن المشمولة بقرار الحظر، واستهداف العمق الفلسطيني المحتل بصواريخ باليستية وفرط صوتية وطائرات مسيرة، ومن العمليات النوعية التي أقر بها العدو قصف منطقة “شميش”، وهي عملية استهدفت قاعدة ناحال سوريك، وهي مركز للبحوث النووية في كيان العدو في تطور لافت ومقلق للاعداء.
وبموازاة ذلك تستمر أعمال التعبئة والإعداد والتدريب، إذ أشرفت وزارة الدفاع على مناورات نوعية للقوات المسلحة تحاكي التصدي لأربع موجات هجومية في البر والبحر.
وخلال المناورة في الساحل الغربي تم الكشف عن الغواصة “القارعة” كواحدة من ضمن أسلحة بحرية لم يكشف عنها بعد، ويعد الكشف عنها إنجازًا نوعيًا، يعزز من قدرة اليمن على ردع التهديدات البحرية، وحماية المياه الإقليمية، وتثبيت المعادلة التي أنتجتها العمليات المساندة لغزة في أعقاب عملية طوفان الأقصى.
———————————–
إسماعيل المحاقري