مركز ذاكرة عُمان.. نموذج لذاكرة المنجز
تاريخ النشر: 10th, July 2023 GMT
شاهد المقال التالي من صحافة عُمان عن مركز ذاكرة عُمان نموذج لذاكرة المنجز، مسقطفي 10 يوليو العُمانية يُعد مركز ذاكرة عُمان نموذجًا للمؤسسات الأهليةالعلمية والثقافية غير الربحية في سلطنة عُمان؛ فهو يُعْنَى .،بحسب ما نشر وكالة الأنباء العمانية، تستمر تغطيتنا حيث نتابع معكم تفاصيل ومعلومات مركز ذاكرة عُمان.
مسقط في 10 يوليو /العُمانية/يُعد مركز ذاكرة عُمان نموذجًا للمؤسسات الأهلية العلمية والثقافية غير الربحية في سلطنة عُمان؛ فهو يُعْنَى برصد الذاكرة العُمانية على تنوُّع روافدها، واحتواء المُنْجَز الفكري العُماني على اختلاف أوعيته.
وتأسست نواة المركز الأولى في عام 1424هـ/ 2004م، وأُشهر رسميًّا في محرم 1435هـ/ ديسمبر 2013م، ومقرُّه محافظة مسقط بسلطنة عُمان، وقد تم تسجيله لدى وزارة الثقافة والرياضة والشباب،.
ولمركز ذاكرة عُمان أربعة أركان رئيسة تَقُوم عليها توجهاتُه، وترتكز عليها جميعُ نشاطاته وخدماته حيث تستوعب كل أوعية الثقافة التي تخدم المركز؛ كالمخطوطات والوثائق والصُّوَر والدوريات والمسكوكات والآثار والأفلام والتاريخ الشفهي وما شابه ذلك، كما تسعى إلى الإحاطة بكل ما يستدعيه رَصْدُ الذاكرة من خطوات ومراحل.
وتتمثل هذه الأركان في: البحث والجمع والتسجيل والتوثيق (ويندرج تحتها: البحث الميداني لجمع الوثائق والمخطوطات، والمقابلات الشفهية، وتجميع المواد الرافدة للمشروع)، وحفظ البيانات والفهرسة (ويندرج تحته: الفهرسة بكل أشكالها، والتصنيف المكتبي، والصيانة والترميم، والحفظ الرقمي)، وتحقيق التراث والدراسات والنشر (ويندرج تحته: الطباعة والنشر، والتسويق والدعاية والإعلان)، والخدمات الرقمية والإعلامية والتواصل (ويندرج تحته: خدمات المعلومات عبر الموقع الإلكتروني وشبكات التواصل، وقواعد البيانات والمشروعات الرقمية، والندوات والمؤتمرات، وورش العمل والدورات التدريبية، والعلاقات العامة).
وقد نفّذ المركز عددًا من المشروعات،منها مشروع "الذاكرة العُمانية" وهي موسوعة رقمية تم من خلالها رصد مفردات الذاكرة العُمانية وما يكوّنها من أحداث وظواهر وأعلامٍ وأزمنة وأمكنة ومفاهيم واصطلاحات وألفاظ وعلوم ومعارف، بأسلوب يستجمع كل هذه المفردات، ويربط بينها، ويقلب وجهات النظر فيها من عدة زوايا، وتُحرَّر موادها في هيئة (مداخل) دقيقة العنوان، مرتبة ترتيبًا ألفبائيًّا، مصنفة تصنيفًا موضوعيًّا إلى ثمانية حقول رئيسة، تترابط فيما بينها، ويكمل كل مدخل منها مادة الآخر، وهذه الحقول هي: ذاكرة الأحداث والظواهر، ويدخل تحت حقل الأحداث: الوقائع والحروب، ونصب إمام وعزله، والعلاقات والاتفاقيات بين الدول، والأوبئة والطواعين، والأعاصير والأنواء المناخية، والهجرات والرحلات، وغيرها. وذاكرة الأعلام، ويدخل تحت حقل الأعلام كل ما له شأن به؛ كالعلماء والأدباء والساسة والقادة وأصحاب الحِرف، كما يشتمل الحقل أيضًا على أعلام غير عُمانيين كان لهم أثر في الساحة العُمانية. وأيضًا ذاكرة الزمان، ويعتمد هذا الحقل بشكل كبير على الخط الزمني لتسلسل الأحداث، أو ما تعارف عليه الأقدمون باسم "الحوليات" أو "التاريخ الحولي".
كما شملت الحقول: ذاكرة المكانويندرج تحته الإقليم الواسع الذي تنتمي إليه عُمان، والنفوذ الحضاري والامتداد التاريخي لها في بعض العصور، والعواصم العُمانية عبر التاريخ، والحواضر العُمانية الكبيرة والصغيرة، إلى أن نصل إلى تفاصيل الأمكنة من معالم ومشاهد.
إضافة إلى: ذاكرة المصطلحات والمفاهيم، ويُعنى بالاصطلاحات المتداولة على ألسن الفقهاء خاصة، والمؤلفين بصورة عامة من خلال الإحالة إلى مداخل المصطلحات تكون أكثر دقة وانضباطًا؛ لأنها ألفاظ متفق عليها، في حين تختلف التعبيرات عن المفاهيم من كاتب إلى آخر. وذاكرة ألفاظ الحضارةالتي تعني جميع الألفاظ التي استعملها الإنسان العُماني في حياته العامة من مأكلومشرب وملبس ومسكن ومركب وما يتعلق بها، والحيوانات والنباتات، والحِرف والصناعات وما يُستعمل فيها من مواد، وكل ما يرتبط بحياة الناس الاجتماعية والاقتصادية والإدارية والسياسية.
كما تشمل الحقول ذاكرة العلوم والمعارف: ويرتبط هذا الحقل كثيرًا بما صار يُعرف عند الدارسين المعاصرين بتاريخ العلوم، وهو مجال يُعنَى برصد نشأة العلوم وتطورها، ويستند على وصف حركة العلم وتقويمها عبر مراحله التاريخية المتعاقبة. وأخيرًا ذاكرة المصادر والمراجع: هذا الحقل أشبه بمسح وراقي (ببليوجرافي) لكل مرجع يغذي الذاكرة العُمانية، صغيرًا كان أو كبيرًا، كيفما تعددت أوعيته، كالمطبوعات، والمخطوطات، والوثائق، والمسكوكات، والكتابات الحجرية، والنقوشات، والصور، والمواد السمعية والمرئية، والأخبار الشفهية.
ومن بين المشروعات أيضًا مشروع "عُمان في ذاكرة العالم"،وهذا المشروع يهدف إلى توثيق الحضور العُماني في ذاكرة الشعوب الأخرى، ورصد الإشارات المتفرقة عن عُمان في السجلات المدوّنة الموثقة لدى دول العالم، وذلك من خلال أربعة محاور، المحور الأول: عُمان في ذاكرة المخطوطات، ويتناول مخطوطات كل بلاد، ويُعَرّف بها وبخزائنها المحفوظة فيها، ويسعى إلى رصد حضور عُمان في ثنايا تلك المخطوطات،والمحور الثاني: عُمان في ذاكرة الوثائق، ويدرس حضور عُمان في وثائق الشعوب الأخرى، - الوثيقةُ مُسْتَنَدٌ يوثِّقُ تعاملات الناس فيما بينهم في شتى مناحي الحياة، قد تكون مخطوطةً أو مطبوعةً أو مُسَجَّلَةً في أي وسيلة لحفظ المعلومات -. والمحور الثالث: عُمان في ذاكرة الصحافة، ويهدف إلى توثيق ذاكرة عُمان في الصحافة العربية والأجنبية، ويتتبع العناوين الصحفية التي خصّت عُمان بمقالاتٍ أو أخبار أو تقارير. والمحور الرابع: عُمان في ذاكرة الرحالة، ويسعى إلى رصد هذه الرحلات وتتبع المخطوط منها والمطبوع، والتعريف بها، وترجمة محتواها إن كانت بغير العربية.
كما أن هناك مشروع "ترجمان عُمان" الذي يستمر عشر سنوات قابلة للتمديد ابتداءً من 2022 إلى 2033، وفق أربع مراحل، الأولى: مرحلة التأسيس، تتضمن إحصاءً للأعمال السابقة، واتصالات واسعة مع المشتغلين بالترجمة أفرادًا وجهات، ووضع الأسس والتصورات والضوابط. والمرحلة
المصدر: صحافة العرب
كلمات دلالية: موعد عاجل الدولار الامريكي اليوم اسعار الذهب اسعار النفط مباريات اليوم حالة الطقس
إقرأ أيضاً:
آثار غزة وحرب التاريخ.. كتاب يكشف سعى الاحتلال لمحو الذاكرة الفلسطينية
الكتاب: آثار غزة ... وحرب التاريخالكاتب: أ. حسام أبو النصر
الناشر: دار الفينيق للنشر والتوزيع، عمان، 2023م
عدد الصفحات: 158 صفحة.
شنت إسرائيل حربا خفية خلال حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر عام 2023م، حربا شرسة استهدفت التاريخ وكل منطوق آثري في قطاع غزة لمحاربة السردية الفلسطينية، وهي حرب شاملة ممتدة منذ النكبة الفلسطينية عام 1948م، تلك السردية التي ترفض وجود سردية أخرى على أرض فلسطين التاريخية، كونها سردية محتل مؤقت، فكل احتلال، واقصاء واحلال سكاني مصيره إلى زوال لأنه قائم على حقوق الأخرين، في هذه الدراسة أفرد الكاتب حسام أبو النصر صفحاته لمناقشة الهجمة الإسرائيلية على آثار قطاع غزة خلال الاجتياح الإسرائيلي لمدن القطاع، الذي استهدف البشر، والشجر، والحجر؛ لإزالة الوجود الفلسطيني من القطاع بما يسمح بطرح سرية إسرائيلية للقطاع تطوي صفحاتها الاستيطان والمستوطنين، بعد محاولات مستميتة لتهجير أهالي القطاع عبر اطار الهجرة القسرية والطوعية.
وصلت نسبة الدمار الذي لحق بالآثار والمباني التاريخية نحو 70% من تراث غزة، التي ترتفع يوما بعد يوم في ظل استمرار الحرب على القطاع، فما بين الأهداف المعلنة للحرب والخفية تبرز المساعي الإسرائيلية لمحو ذاكرة المدينة وهويتها وعروبتها، وقدسية أماكنها المسيحية والإسلامية على اعتبار أن المسيحية منها انطلقت للعالم بمفاهيمها السمحة، وبها تجسدت المعاملة الإنسانية الإسلامية كيف لا ومسجد كاتب ولاية يعانق كنيسية القديس برفيريوس في مدينة غزة القديمة الذي بني عام 709هـ، ما يدلل على حالة التعايش السلمي والتسامح بين المسلمين والمسيحيين في غزة.
يقول الكاتب في مقدمته: "يعد هذا العدوان الأخطر والأعنف والأكبر، دمر ملامح تاريخ المدينة تدميراً شبه كامل.. بل إن الاستهداف كان لتاريخ غزة ومحوها عن الخارطة الجغرافية؛ ليضرب الاحتلال الفاشي الإسرائيلي بعرض الحائط كل القوانين الدولية." أما عن هدفه من هذه الدراسة، فكان تسليط الضوء على خطر العدوان الإسرائيلي المتكرر والممنهج على غزة الذي يسعى إلى تدمير الآثار الفلسطينية في المدينة وتغيير معالمها مما يؤثر على النسق التاريخي لها، وصولاً إلى محاولة طمس الهوية الفلسطينية لها".
جاءت الدراسة في ثلاثة فصول فتناول الكاتب في الفصل الأول: غزة الواقع التاريخي والجغرافي، وفيه استعرض الكاتب تاريخ الإنسانية في فلسطين وغزة بشكل محدد منذ آلاف السنيين من العصر الحجري القديم، إلى حياة النضال ومكافحة المحتلين، والأطماع التي برزت حول غزة منذ أن بنيت قبل 3000عام ق. م، فهي المدينة المحصنة بالأسوار، ذات الأبواب السبعة التي سميت بأسماء المدن التي تؤدي إليها (باب البلاخية، باب ميماس، باب البحر، باب عسقلان، باب الخليل، باب المنطار، باب الداروم).
استهدفت دولة الاحتلال نحو 74 موقعاً أثرياً، متعمدة الإضرار بالبنية التحتية والاقتصادية، وطمس الهوية الثقافية والأثرية لقطاع غزة في انتهاك واضح للبروتوكول الثاني لاتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية في أوقات النزاع المسلحغزة المحاطة بالأسوار ذات الأبراج العالية أوقعت الرعب في بني إسرائيل، حين قادهم النبي موسى، فلم يجرؤوا على مهاجمة المدينة، لكنهم اتجهوا نحو الغور، حيث مدينة أريحا، أما شعب بلست فقد فتحوا غزة قبل 40 قرناً، في أواخر القرن الثاني عشر، وأوائل القرن الحادي عشر ق.م، حيث أخذت شعوب بحرية جاءت من البحر المتوسط ( كريت، وجزر بحر إيجة)، واستقروا في السواحل السورية واللبنانية والفلسطينية، وعلى شاطئ فلسطين الجنوبي الغربي في القسم الممتد من غزة إلى يافا شمالاً.
تضمن الفصل الثاني أهم المعالم الأثرية والدينية في غزة، فقطاع غزة يضم مجموعة من المعالم الأثرية التي أرخت للحقب التاريخية التي مرت على تاريخ الإنسانية في قطاع غزة، الذي كان متفاعل مع الحضارات الإنسانية كافة بما تضمنه من كنوز، ورموز، واكتشافات أثرية التي كانت جبهة للنضال والحرب من الاحتلال البريطاني حتى قبل عام 1948م، فيوجد في غزة أكثر من 150 بيتاً أثرياً، و20 مسجداً تاريخياً وثلاث كنائس مسيحية وسوق غزة التاريخي وسبيل واحد وزاويتان وسباطين، ويضيف الكاتب هناك" ما مجموعه 350 موقعاً تاريخياً، وأثرياً شكلوا ارثاً حضارياً مهماً يحكي حكايات الحضارات المتعاقبة على غزة، ولوحة تاريخية تجسد نمط الحياة وأشكالها في تلك الأزمنة"، وتحدث الكاتب بمرارة عن عدم وجود أي متحف وطني في قطاع غزة" رغم وجود أكثر من ثلاثة متاحف خاصة في غزة؛ إلا أنه لا يوجد متحف وطني يستطيع أن يضم ويحفظ جميع القطع المكتشفة لكل العصور، وأشير هنا إلى ما قاله مؤرخ غزة الراحل الكبير عصام سيسالم في إحدى ندواته، إن لم تستطع حماية آثارنا فالأفضل أن نتركها مدفونة فهي كفيلة بحمايتها" ص77.
تناول الفصل الثالث مجمل الاعتداءات الإسرائيلية على الآثار في غزة، وأوضح الكاتب أن المساعي الاسرائيلية منذ عام 1914م، لاستنطاق أثار فلسطين بأي فترة تاريخية تدل على وجودهم على هذه الأرض، التي لفظتهم من أي حضارة إنسانية نشأت في فلسطين، ولكن حينما أسست جمعية بحث "أرض إسرائيل"، قامت بعمليات واسعة للتنقيب في عدة مواقع أثرية، حتى أن صندوق استكشاف فلسطين 1865م، الذي قام بعملية مسح شبه كاملة لأرض فلسطين استعانت به الحركة الصهيونية لتنفيذ مخططها الاستيطاني، واختيار المواقع التاريخية الفلسطينية لإلصاق طابع صهيوني عليها، إن مثل تلك الجمعيات والصناديق مولت بتبرعات سخية للقيام بالحفريات ونشاطات التنقيب الأثري بما يخدم المشروع الصهيوني، وقام بها جنود في الجيش الإٍسرائيلي بعد احتلال كامل فلسطين عام 1967م.
استهدفت دولة الاحتلال نحو 74 موقعاً أثرياً، متعمدة الإضرار بالبنية التحتية والاقتصادية، وطمس الهوية الثقافية والأثرية لقطاع غزة في انتهاك واضح للبروتوكول الثاني لاتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية في أوقات النزاع المسلح، واشتدت الهجمة الإسرائيلية على الأثار بعد احتلال الإسرائيلي لقطاع غزة عام 1967م، بسرقة مخطوطات غزة وتحويلها إلى متاحف إسرائيلية وجزء منها اليوم في أروقة الجامعة العبرية، في حين قام لصوص الآثار بسرقة آثار غزة والضفة الغربية، ونقلها إلى متاحف أخرى شملت توابيت وآثاراً فرعونية تدل على التبادل التجاري والعلاقات الوطيدة بين الفراعنة والكنعانيين، وكيف هي فلسطين بوابة الآمن والاستقرار للحكم مصر.
يضيف أبو النصر: "عام 1967م قام الاحتلال الإسرائيلي بنقل الآثار، والمكتشفات الأثرية إلى الداخل بإشراف موشي ديان، وجنود الاحتلال الإسرائيلي، حيث نقل توابيت فرعونية، وأواني، وأدوات كنعانية، وتيجان، وأختام تدل على التواصل الكنعاني الفرعوني آنذاك"، كما بلغ عدد المسروقات نحو 700 مخطوط من الجامع العمري بغزة في مختلف المواضيع التاريخية، والدينية، والعلمية ومازال مكانها مجهولاً، وفي عام 2005م أثناء اجتياح مدينة غزة البري، اقتحمت الكنيسة البيزنطية شمال المدينة، وهدم الصور الجنوبي منها، وأحدثت قوات الجيش دماراً في الأرضية الأثرية التي بنيت عام 444م، أي أن عمرها أضعاف دولة الاحتلال الطارئة على هذه الأرض (ًص81).
أما خلال الاعتداءات الإسرائيلية 2008-2014م، التي شهدت تدمير مقصود لعدد من المواقع حين استخدمت الأسلحة العسكرية الفتاكة والمحرمة دولياً، وأسفر ذلك عن تدمير عدد من المواقع الأثرية مما خالف الأعراف الدولية واتفاقية جنيف لحماية الممتلكات الثقافية ، فهشمت الجرافات الإسرائيلية مقبرة الإنجليز، وهدمت سورها الخارجي ودمرت نحو 34 قبراً جراء تساقط القذائف عليها، وهي المقبرة التي دفن فيها الجنود الإنجليز خلال معارك احتلال قطاع غزة أثناء الحرب العالمية الأولى 1914-1918م، الذين سقطوا خلال معارك احتلال مدينة غزة الثلاثة، كما دمر قصر الحاكم المصري لقطاع غزة، وقصفت كنيسة القديس برفيريوس التي أوت أكثر من 300عائلة نازحة، ودمرت قبور الكنيسية، وبيت المطران الكسيوس، وسقف الكنيسة من خلال شظايا القصف، وألحق الضرر بتوابع الكنيسة من خزانات المياه، وتم ايقاع أضرار في جوانب الكنيسة التي يعود بناؤها إلى 406م (ص86).
أما دائرة المخطوطات والآثار التابعة لوزارة الأوقاف فقد تعرضت لدمار جزئي بعد قصف المبنى المجاور لها بطائرات من نوع إف 16 أدى إلى تدمير الممر المؤدي لمكتبة جامع العباس، التي تضم مئات الكتب الحجرية، وأكثر من مئة مخطوط تاريخي يشمل علوماً أهمها العلوم الإسلامية.
الحرب على آثار غزة عام 2023م
تعرضت إسرائيل بترسانتها العسكرية لصدمة كبرى مما وقع في السابع من أكتوبر عام 2023م، مع عبور فصائل المقاومة الفلسطينية للحدود الفلسطينية على طول مسمي مستوطنات غلاف غزة، البالغ مساحته أكثر من 300 كيلو متر مربع، براً وبحراً وجواً بإمكانيات محدود أمام الترسانة العسكرية الإسرائيلية؛ حين عبرت المقاومة الفلسطينية عن رفضها لاستمرار الانتهاكات الإسرائيلية في مدينة القدس، ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، وتوغل الاستيطان في الضفة الغربية، والتنكيل بالأسرى، وزيادة الحصار المحكم على قطاع غزة، وتفاقم الوضع الإنساني من فقر وبطالة بلغت أعلى معدلاتها، شنت إسرائيل حرب مسعورة على قطاع غزة، وأحكمت إغلاق منافذه، وقطع جميع المساعدات الإنسانية عنه، فقتلت أكثر من 45 ألف فلسطيني، ليتناقص عدد السكان في القطاع لأكثر من 6% خلال عام، واحتلت أكثر من 30% من مساحة القطاع بمستشفياته ومساجده وكنائسه ضاربة بعرض الحائط بكافة القوانين الدولية، وتلقت الآثار الفلسطينية ضربة قاسمة جراء القصف والتدمير للمباني التاريخية.
فقد استهدفت المساجد الأثرية وأقدمها المسجد العمري الكبير في مدينة غزة الذي لم يتبقى منه سوى مئذنته التي يعود بناؤها إلى 1400 عام، " المسجد الأكبر والأقدم في قطاع غزة، بمساحة تبلغ نحو 4100 متر مربع بينما كانت مساحة البناء تبلغ 1800 متر مربع، وقد أحدث القصف دماراً كبيراً، في مشهد يذكرناً بالعصور الوسطى"، وتم قصف الجامع العمري في جباليا، الذي بني على الطراز المملوكي، ودمر تدميراً كلياً في 19 أكتوبر 2023م، والعديد من المساجد الأخرى، إذ استهدف القصف الإسرائيلي معظم مساجد القطاع.
الكنائس المسيحية التاريخية:
طال القصف الإسرائيلي ثلاث كنائس تاريخية في مدينة غزة، احتمى بها المجتمع المسيحي داخل مدينة غزة وأبناء الشعب الفلسطيني، ومنها كنيسة برفيريوس العريقة، أقدم الكنيسة في القطاع التي يعود بناءها الأصلي إلى عام 406 م، ودمر مجلس وكلاء الكنائس بالكامل، وكنيسة العائلة المقدسة اللاتينية، التي بنيت عام 1869م، الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في القطاع، والكنيسة المعمدانية التي بنيت عام 1882م، المقامة داخل مستشفى المعمداني بأكثر من استهداف، وأوقعت فيها دولة الاحتلال مجزرة كبرى راح ضحيتها أكثر من 500 شهيد في نوفمبر عام 2023م، ومازال المستشفى والكنيسة يتعرض لضربات الإسرائيلية المتلاحقة، لإخراجه عن العمل.ص101
المكتبات التاريخية
لم تسلم مكتبات الجامعات الفلسطينية من الحرب الإسرائيلية، ودمرت أكبر مكتبات القطاع "مكتبة مركز التخطيط الفلسطيني" التي يعود إنشاؤها لعام 1968م، هذه المكتبة الضخمة من حيث نوعية الكتب والدراسات التي تضمها بعدة لغات الخاصة بالقضية الفلسطينية من مصادر عربية وانجليزية وعبرية، كان يزورها كل باحث فلسطيني بمختلف الدرجات العلمية، وهي المكتبة التي نقلت من بيروت إلى تونس، فقطاع غزة عام 1994م، كونها تضم ذاكرة وأرشيف القضية الفلسطينية بمختلف مراحلها، ومكتبة المسجد العمري التي تضم 132مخطوطاً قديماً، وآلاف الكتب الحجرية، والأرشيف المركزي لبلدية غزة بما فيه سجلات تعود ل150 عاماً، ومكتبة البلدية، ومكتبة البلدية، ومكتبة العباس، ومكتبة رشاد الشوا" ديانا تماري صباغ"، ومكتبة بيت القدس للدراسات والبحوث الفلسطينية " مكتبة الشهيد محمود أبو النصر"، وكذلك المكتبات والمطابع التجارية كمكتبة سمير منصور، والشروق الثقافية، ودار الكلمة واليازجي، لتفقد غزة وفلسطين بذلك أهم جزء توثيقي من تاريخها الطويل.(ص103)
لم تسلم مكتبات الجامعات الفلسطينية من الحرب الإسرائيلية، ودمرت أكبر مكتبات القطاع "مكتبة مركز التخطيط الفلسطيني" التي يعود إنشاؤها لعام 1968م، هذه المكتبة الضخمة من حيث نوعية الكتب والدراسات التي تضمها بعدة لغات الخاصة بالقضية الفلسطينية من مصادر عربية وانجليزية وعبرية، كان يزورها كل باحث فلسطيني بمختلف الدرجات العلمية، وهي المكتبة التي نقلت من بيروت إلى تونس، فقطاع غزة عام 1994مكما أتت الحرب على عشرات المواقع الأثرية في عدة مواقع كموقع البلاخية الأثري، وميناء غزة القديم" ميناء الأنثديون الأثري" في شمال غربي مدينة غزة، الذي يعود بناؤه إلى 800 عام قبل الميلاد، أهم المعالم الأثرية في القطاع، والمدرج على اللائحة التمهيدية للتراث العالمي، ولائحة التراث الإسلامي، واستهدف تل رفح، الموقع الأثري الذي يعود إلى الفترتين اليونانية والرومانية، وتبلغ مساحته 160 دونماً، وموقع تل أم عامر دير القديس هيلاريون الذي يعود بناؤه إلى أكثر من 1600 عام والكنيسة البيزنطية بجباليا التي تأسست 444م، وكنيسة أصلان في جباليا " هدم الاحتلال أكثر من 60% من مباني القطاع بين كلي وجزئي، كل ذلك يؤكد محاولات الاحتلال مسح غزة عن الخارطة، كما تمنوا يوماً أن يبتلعها البحر، لكنها ظلت عصية عليهم، لتكتب دماء الشهداء من جديد تاريخ فلسطين الذين حاولوا طمسه لصالح الرواية الإسرائيلية، واستكمالاً للاستعمار الذي يشمل تهويد التاريخ والثقافة والإرث الفلسطيني" ص105.
مسح الطيران الإسرائيلي متحف قصر الباشا الذي يحتوي على العشرات القطع الأثرية من الفترة الأيوبية، وتحديداً عام 1237م فترة الظاهر بيبرس (1260-1277)، كما أنه يمثل أيقونة تمزج العمارة المملوكية العثمانية في غزة، الذي يعد نموذج الوحيد للقصور المتبقية في المدينة، وتم ترميمه عام 2005م، لكن تم إيقاف الترميم لقلة الإمكانيات مع استمرار الحصار على غزة، يضم المتحف مئات القطع الأثرية، من الفخار والزجاج، وزينة نساء، وتعود تلك القطع الأثرية للعصور اليونانية والرومانية والبيزنطية والإسلامية ، ليتم قصفه وتدميره بالكامل، وأتت الجرافات الإسرائيلية على ما تبقى منه. ص108
بيوت غزة الأثرية:
تعرضت معظم بيوت غزة القديمة، والأثرية لحالة كبير من التدمير، والبالغ عددها نحو 146بيتاً قديماً، من أهمها بيت السقا الأثري في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، الذي يعود بنائه إلى 400 عام، والبالغ مساحته 700متر، وبيت الغصين وهو مبنى تاريخي يعود إلى أواخر الفترة العثمانية يقع في حي الدرج، ودمر مع تدمير سوق القيسارية التاريخي، وسوق الذهب، وسوق الزاوية.
ما ميز هذه الدراسة أن الكاتب أرفق بها بيانات دقيقة حول كافة الأضرار التي تعرضت لها الأماكن الأثرية، من مساجد، وكنائس، وبيوت أثرية، ومتاحف، بين فيها طبيعة الأضرار ومستوى التدمير التي طالت تلك الأماكن، أتبعها أبو النصر وضع جدول خاص بأسماء الشهداء العاملين في مجال علم الآثار والتاريخ .
صعوبات عمليات الترميم الأثري في قطاع غزة، وتمثلت في:
ـ الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ سنوات طولية، ومنع ادخال المواد الأساسية والإنسانية، وحتى المواد المطلوبة لإعادة الإعمار المنازل والمؤسسات، أي أنه لن يسمح أيضاً بإدخال مواد الترميم، أو أي جهة قد تأخذ على عاتقها المساهمة في إعادة ترميم الأماكن الأثرية.
ـ افتقار الخبرات الفلسطينية في عمليات الترميم، وإذا وجدت تكون في إطار محدود وضمن إمكانيات معينة.
ـ عدم وجود جدول زمني لإعادة الإعمار مع استمرار الحرب، وقسوة فصل الشتاء من رياح وأمطار شديدة، ستأتي على ما تبقى من كنوز أثرية تاريخية.
اتهم سفير فلسطين باليونسكو منير أنسطاس دولة الاحتلال بتعمد استهداف نحو 200 موقع أثري وتراثي منذ بداية الحرب على غزة، ورفض حضور السفير الإسرائيلي لاجتماع اليونسكو، " الاستهداف متعمد، ليس فقط للمواقع الأثرية كالمساجد، والكنائس، والمتاحف والمنازل الأثرية وغيرها من مواقع التراث، لكن أيضا للمدراس والجامعات والمستشفيات"، وقد تحققت اليونسكو بالاستناد إلى صور الأقمار اصطناعية بدءاً من تاريخ 7 مارس 2024م، من الأضرار التي لحقت ب41 موقعاً تاريخياً دمر منذ تاريخ 7 أكتوبر 2023م، إذ تضررت 10 مواقع دينية و22 مبني ذي أهمية تاريخية، ومستودعان للممتلكات الثقافية المنقولة و3 صروح أثرية ومتحف واحد و3 مواقع أثرية. (ص136)
نعم فقدت غزة الكثير من آثارها، مقارنة بالسرد التاريخي المصاحب لحضارتها، فهناك تغيرات كبيرة أثرت في معالمها، من عوامل سياسية وحروب وعوامل طبيعية من زلازل وتغيرات جوية" غزة كانت مدينة زاخرة عامرة، وكانت جزءاً من حضارة فلسطين المشرقة بكامل ما تحمله، وهذا الكتاب امتداد لما كتب عن تاريخ هذه المدينة... قد تكون حرب أكتوبر 2023م أعنفها على الإطلاق، وغيرت معالم القطاع بالكامل، وأخفت معالمها الأثرية إلى الأبد".