شعبان بلال (القاهرة)
أخبار ذات صلةلم يتخيَّل عادل رضوان، العربي الذي يعيش في إسبانيا منذ 28 عاماً، الارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة وتسببه في حرائق آلاف الهكتارات من الغابات التي تمد الأرض بالحياة، وهو الناتج عن ظاهرة تغير المناخ التي بدأت تأثيراتها في الظهور خلال السنوات الأخيرة.
حرائق الغابات في إسبانيا ليست الوحيدة، فخلال الفترة الماضية شهدت غابات أوروبا خاصة في فرنسا واليونان وإيطاليا، وكذلك البرتغال وقائع مشابهة غير مسبوقة، أدت لخسائر مادية وبشرية كبيرة، أرجعها خبراء وباحثون إلى ظاهرة تغير المناخ. يقول عادل رضوان لـ«الاتحاد»: إن أشخاصاً لقوا حتفهم في إسبانيا بسبب ارتفاع درجات الحرارة بخلاف اشتعال الحرائق في مساحات شاسعة من الغابات ما نجم عنه تأثيرات بيئية واجتماعية خطيرة، موضحاً أنه يعيش في مدريد بإسبانيا منذ 28 عاماً ولم يحدث هذا الارتفاع في درجات الحرارة بهذه الصورة، حيث وصلت درجات الحرارة إلى 43 درجة مع توقعات بوصولها إلى 50 درجة خلال السنوات الماضية بسبب تغير المناخ.
وكشف خبراء وباحثون ودراسات علمية عن وجود علاقة قوية بين زيادة معدلات حرائق الغابات وتغير المناخ الذي تسبب في ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق.
وأوضح الدكتور محمد داوود، الأستاذ بالمركز القومي لبحوث المياه المصري، واستشاري أول موارد المياه بحكومة أبوظبي، أن التوسع في استخدام الوقود الأحفوري بعد الثورة الصناعية في القرن الماضي تسبب في زيادة الانبعاثات الغازية مثل ثاني أكسيد الكربون وأكسيد «النيتروز»، وهي غازات دفيئة قوية تغطي الأرض وتحبس حرارة الشمس، وهو ما أدى إلى حدوث التغيرات المناخية وظاهرة الاحترار العالمي، موضحاً أن إزالة وقطع مساحات كبيرة من الغابات الطبيعية لإنشاء مزارع أو مراعي أو استخدام الأخشاب أسهم في ذلك.
12 مليون هكتار من الغابات
وتشير الإحصائيات إلى أنه يتم قطع نحو 12 مليون هكتار من الغابات سنوياً، ونظراً لأن هذه الغابات تمتص ثاني أكسيد الكربون، فإن إزالتها يحد أيضاً من قدرة الطبيعة على إبقاء الانبعاثات خارج الغلاف الجوي، حسب داوود، الذي أشار إلى أن إزالة الغابات والزراعة والتغيرات الأخرى في استخدام الأراضي تعد مسؤولةً عما يقارب من ربع انبعاثات غازات الدفيئة العالمية. ورغم الجهود المبذولة عالمياً للحد من ظاهرة الاحترار العالمي للوصول بارتفاع درجة حرارة الأرض إلى أقل من درجتين في العقود المقبلة، إلا أنها ما زالت لها كثير من الآثار، وخصوصاً على حرائق الغابات الطبيعية، وقد أسهمت موجات الحر وظروف الجفاف وانخفاض رطوبة التربة التي يفاقمها الاحترار المناخي في السنوات الخمس الماضية، في اندلاع حرائق غير مسبوقة في غرب الولايات المتحدة وأستراليا وحوض البحر الأبيض المتوسط على سبيل المثال.
ومع تزايد وتيرة التغيرات المناخية، كشفت دراسات حديثة أبرزها دراسة بعنوان «الغابات وتغير المناخ» لمنظمة الزراعة والأغذية العالمية الفاو، عن تأثيرات خطيرة لتغير المناخ على ارتفاع عدد حرائق الغابات الطبيعية الكبيرة في كل أنحاء العالم بشكل ملحوظ في العقود المقبلة، حيث سوف تصل زيادة الحرائق الشديدة بشكل خاص من تسعة إلى أربعة عشر في المائة بحلول عام 2030 حتى هذه الزيادة من عشرين إلى ثلاثة وثلاثين في المائة بحلول عام 2050.
رئة العالم
وأوضح داوود أنه مع تزايد هذه الحرائق فإنه يتم التخلص من رئة العالم وزيادة ظاهرة الاحترار مرة أخرى، مضيفاً أن الأمر لا يقتصر الأمر على ذلك، بل يمتد إلى وجود الكثير من الآثار الصحية والاقتصادية والبشرية والبيئية، حيث تتسبب حرائق الغابات الكبيرة التي قد تبقى مشتعلة لأيام أو أسابيع مع صعوبة الحد من انتشارها ووقفها، في مشكلات في الجهاز التنفسي والقلب، لا سيما لدى المسنين والصغار في مناطق هذه الحرائق. وأظهرت الدراسات العلمية الحديثة إلى أن التعرض لدخان حرائق الغابات يؤدي في المتوسط إلى أكثر من ثلاثين ألف وفاة سنوياً في ثلاثة وأربعين بلداً. كما تراوحت الأضرار الاقتصادية في الولايات المتحدة وحدها وهي أحد البلدان القليلة التي تحسب هذه التكلفة بشكل سنوي، بين 71 و348 مليار دولار في السنوات العشر الأخيرة.
حرائق الغابات
قضية التغيرات المناخية ليست بالجديدة، حيث أكد رئيس مركز معلومات تغير المناخ المصري الدكتور محمد علي فهيم لـ«الاتحاد»، أن العالم المتقدم بدأ الانتباه إليها منذ ما يقرب من 25 إلى 30 عاماً، عندما لاحظ أن هناك تغيراً ما طرأ على المناخ، بينما لم ينتبه إليها العالم النامي إلا مؤخراً.
وتعود أسباب هذه الظاهرة - حسب فيهم - إلى زيادة معدلات النشاط البشري الصناعي الذي أدى إلى زيادة تركيز غازات معينة في الغلاف الجوي، وحدوث ما يسمى بـ«الاحتباس الحراري».
وحول علاقة تغير المناخ باحتراق الغابات، أوضح فهيم أن ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى قابلية البقايا النباتية الجافة للاشتعال، موضحاً أن هذه الفترة من السنة تصاحبها ارتفاع كبير في درجات الحرارة مع سرعات عالية للرياح الساخنة تساعد على اشتعال النيران وتنتقل تباعاً إلى باقي المناطق حتى الأشجار الخضراء.
زيادة عالمية
على الرغم من الحرائق التي شهدها العالم خلال الفترات الماضية، إلا أن تقرير جديد لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة توقع أن يؤدي تغير المناخ إلى زيادة تواتر حرائق الغابات وشدتها، مع زيادة عالمية في الحرائق الشديدة بنسبة تصل إلى 14 في المائة بحلول عام 2030، و30 في المائة مع نهاية عام 2050 و50 في المائة بحلول عام 2100.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: رئة العالم غابات الأمازون درجات الحرارة ارتفاع درجات الحرارة الاحتباس الحراري مؤتمر الأطراف الغابات حرائق الغابات درجات الحرارة حرائق الغابات تغیر المناخ من الغابات
إقرأ أيضاً:
الاحتباس الحرارى خارج السيطرة.. حرارة قياسية تضرب العالم
شهدت درجات الحرارة العالية خلال شهر مارس 2025 ارتفاعًا غير مسبوق، حيث استمرت موجات الحر التي بدأت قبل عامين نتيجة لتغيرات المناخ المستمرة، ليصبح مارس 2025 هو ثاني أكثر الأشهر حرارة على مستوى العالم بعد مارس 2024.
وهو ما يسلط الضوء على استمرار تأثيرات الاحتباس الحراري لتتراوح الأحوال المناخية في بعض المناطق بين موجات حر شديدة وأمطار غزيرة، وذلك مثلما حدث في إسبانيا والبرتغال، بينما تعرضت مناطق أخرى للجفاف مثل هولندا وشمال ألمانيا.
وعلى الرغم من أن ظاهرة النينو قد تسببت في ارتفاع درجات الحرارة في 2023 و2024، إلا أن درجات الحرارة بقيت مرتفعة بشكل استثنائي في 2025، مما يشير إلى أن العوامل الأخرى المساهمة في تغير المناخ قد تكون قد فاقمت الوضع.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الارتفاعات في درجات الحرارة تتجاوز بكثير المعدلات الطبيعية التي كانت سائدة قبل الثورة الصناعية، وهو ما يعكس التأثيرات المستمرة للنشاط البشري خصوصًا من خلال حرق الوقود الأحفوري.
وفي هذا الصدد، قال خبير التغيرات المناخية أحمد غديرة، إن هناك زيادة كبيرة في منسوب الحرارة على مستوى كوكب الأرض، وعدم الخروج من الظاهرة الطبيعية التي تسمي النينو والتي تحدث على مستوى المحيط الهادئ على منطقة محدودة ما بين القارة الأمريكية وشرق القارة الآسيوية.
وتابع، خلال مداخلة عبر تطبيق سكايب على فضائية القاهرة الإخبارية من المنستير، اليوم الأربعاء، أن ظاهرة النينو تسببت في حركة بالغلاف الجوي في الرياح والهواء وسطح البحر لتنتج عنها أعاصير وأمطار غزيرة وجفاف التي تؤدي إلى حرائق محتملة للغابات وغيرها.
اقرأ أيضاًالطقس في القاهرة.. الأرصاد تكشف الظواهر الجوية على المحافظة ودرجات الحرارة المتوقعة
مائل للحرارة نهارا.. الأرصاد تكشف عن حالة الطقس اليوم السبت 5 مارس 2025
حالة طقس الجمعة.. الأرصاد تحذر من نشاط للرياح وارتفاع درجات الحرارة