قضية تعاون المسلم فردًا كان أم جماعة أم نظامًا حاكمًا مع العدو المحتل، أو الغاصب أرضَ المسلمين، قضيةٌ شغلت بال الفقيه المسلم قديمًا وحديثًا، وقد برزت هذه المسألة أكثر من ذي قبل، منذ بداية الاحتلال الصهيونيّ أرضَ فلسطين، ومن المؤسَّسات الدينية الكبرى التي صدرت لها فتاوى في هذا الشأن: الأزهر الشريف، وهي مؤسّسة يصعب أن توصف بالتطرف، أو المغالاة، خاصةً لو صدرت منه فتاوى على مراحل تاريخية مختلفة، منتهية لنفس الرأي الفقهي، سواء اتّفق معها أم اختلف، لكنها فتاوى ومواقف جديرة بالقراءة والتأمل، وهذا ما نحاول الوقوف عليه في مقالنا.

فتوى لجنة الفتوى بالأزهر

لقد صدرت فتاوى عدّة عن الأزهر الشريف تتعلق بقضية فلسطين، وبخاصة ما يتعلق بالتعاون مع العدوّ الصهيوني، أو ما يسمى في لغتنا الفقهية: موالاة الأعداء، ومن أوائل ما صدر من فتاواه: فتوى لجنة الفتوى بالأزهر، والتي صدرت في الرابع عشر من شهر شعبان، لعام 1366هـ، الموافق شهر يونيو/ حزيران 1947م، وقد كان رئيسها آنذاك، الشيخ عبد المجيد سليم، والذي صار بعد ذلك شيخًا للأزهر، ومما جاء في فتواها:

(الرجل الذي يحسب نفسه من جماعة المسلمين إذا أعان أعداءهم في شيء من هذه الآثام المذكورة، وساعد عليها مباشرة، أو بواسطة، لا يعد من أهل الإيمان، ولا ينتظم في سلكهم، بل هو بصنيعه حربٌ عليهم، منخلع من دينهم، وهو بفعله  الآثم أشد عداوة من المتظاهرين بالعداوة للإسلام والمسلمين.

ولا شك أن بذل المعونة لهؤلاء، وتيسير الوسائل التي تساعدهم على تحقيق غاياتهم التي فيها إذلال المسلمين، وتبديد شملهم، ومحو دولتهم، أعظم إثمًا؛ وأكبر ضررًا من مجرد موالاتهم.. وأشد عداوة من المتظاهرين بالعداوة للإسلام والمسلمين.. والذي يستبيح شيئًا من هذا بعد أن استبان له حكم الله فيه يكون مرتدًا عن دين الإسلام، فيفرق بينه وبين زوجه، ويحرم عليها الاتصال به، ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين).

من الفتاوى الجماعية التي صدرت عن الأزهر، فتوى مجمع البحوث الإسلامية، وقد صدرت بعد اجتماع عددٍ من علماء العالم الإسلامي، بعد تباحث وتشاور

فتاوى الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر

أما الشيخ محمود شلتوت، فقد تعرض للموضوع في أكثر من مناسبة، وكان موقفه نفس الموقف، بل زاد في التفصيل فيه، مبينًا صور التعاون، فكتب فصلًا في كتابه: (من توجيهات الإسلام) طبعة الأزهر سنة 1959م، بعنوان: موالاة الأعداء، ص: 250-251، فقال: (هذا ولموالاة الأعداء، صور وألوان، المعونة الفكرية بالرأي والتدبير، موالاة للأعداء. والمعونة المالية، بالبذل والإنفاق، موالاة للأعداء، وترويج سلعهم بالبيع والشراء، تنميةً لأموالهم، وتثبيتًا لأقدامهم في بلاد المؤمنين، موالاة للأعداء، والاغترار بزخرف ثقافتهم، وأن فيها ماء الحياة، وتوجيه النشء إليها، وغرس عظمتها في نفسه، موالاة للأعداء، والعمل معهم في المصانع والمعسكرات  التي يهيئونها للنيل من المؤمنين، موالاة للأعداء.

وإفشاء الأسرار، والترتيبات التي يعدها المؤمنون لمكافحتهم، وزعزعة سلطانهم، موالاة للأعداء. وهو فوق هذا (جاسوسية) على الوطن وأهله، يهدر – في حكم الشرع والدين- دم القائم به، ويجعلهم في حكم  المرتدين، (ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر، فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة، وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) البقرة: 217. والتثاقل عن رد عدوانهم، ومد يد المعونة الفعلية في كبح جماحهم موالاة للأعداء).

ثم عادَ بعد ذلك الشيخ شلتوت، وكتب مقالًا، في صيغة بيان، بعنوان: موالاة الأعداء وموقف الإسلام منها، نشره في مجلة (الأزهر) في العدد (2-3) من المجلد الثاني والثلاثين، الصادر في ربيع الأول والآخر سنة 1380هـ، ومما جاء فيه: (فلئن حاول إنسان أن يمد يده لفئة باغية يضعها الاستعمار لتكون جسرًا له؛ يعبر عليه إلى غاياته، ويلج منه إلى أهدافه، لو حاول إنسان ذلك لكان عمله هو الخروج على الدين بعينه، والنكوص الممقوت).

فتوى وتوصيات مجمع البحوث الإسلامية

من الفتاوى الجماعية التي صدرت عن الأزهر، فتوى مجمع البحوث الإسلامية، وقد صدرت بعد اجتماع عددٍ من علماء العالم الإسلامي، بعد تباحث وتشاور، فأصدروها على هيئة توصيات وفتاوى، ومما ورد في توصيات المؤتمر الثالث لمجمع البحوث (جمادى الآخرة سنة 1386هـ – أكتوبر سنة 1966م) هذه التوصية أو الفتوى:

(تنبيه المسلمين في جميع أقطار الأرض إلى أن العمل الجدي الدائم على إنقاذ فلسطين من أيدي الصهيونيين الباغين الغاصبين هو فرض في عنق كل مسلم ومسلمة، وتحذيرهم من فتنة المروق من الإسلام بالتعاون مع الصهيونيين الغاصبين الذين أخرجوا العرب والمسلمين من ديارهم، أو التعاون مع الذين ظاهروا على إخراجهم، وتوكيد ما تقرر في المؤتمر الثاني من دعوة الدول الإسلامية التي اعترفت بإسرائيل بسحب اعترافها).

قراءة في الفتاوى

لقد ذكرت هنا أهم الفتاوى التي صدرت عن الأزهر في موضوع التعاون -أو الموالاة باللغة الفقهية والقرآنية- مع الأعداء، وتحديدًا هنا العدو الصهيوني المحتل للأراضي الفلسطينية، وهناك فتاوى أخرى مشابهة متعلقة ببيع أراضي فلسطين، وغيرها من الفتاوى، ولم أتتبع فتاوى الأزهر فيما بعد في قضية التعاون، وهل صدر عن المؤسسة، أو عن رموزها فتاوى متعلقة بالموضوع ذاته أم لا؟ وقد حاولت البحث فيما صدر عن الفتاوى فيما بعد، ولم أصل إلى فتاوى معبرة عن المؤسسة الأزهرية كما في هذه الفتاوى، وربما يوجد فتاوى فردية لمشايخ وعلماء كبار من الأزهر، لكن إطار القراءة والبحث فيما صدر، ووقفت عليه.

فتاوى جماعية

وهي فتاوى كما نرى، صدرت على فترات مُختلفة، وربما متباعدة، ومع اختلاف الشخصيات العلمية التي أصدرت الفتوى، فإنها كلها فتاوى جماعية، سوى فتوى الشيخ شلتوت، والتي صدرت عنه بوصفه شيخًا للأزهر، وقد كان ضمن العلماء الذين حرروا فتوى لجنة الفتوى، والتي صدرت باسم الشيخ عبد المجيد سليم؛ لأنه كان رئيسها آنذاك. أي أن مجمل ما صدر لم يكن رأيًا فرديًا، ولا قولًا علميًا شاذًا صدر عن رأي فقهي غريب، فهو رأي يمثل الأزهر، ويمثل المؤسسة، وقد جاء على فترات مختلفة كما رأينا، فمنها ما صدر قبل احتلال فلسطين، وأكثرها صدر بعد احتلالها، ودخول البلاد العربية والإسلامية مع الكيان الصهيوني في حروب.

هل تتسم بالشدة؟

ربما ظن بعض القراء للفتاوى، أنها شديدة، وفي حكم عملي، لا يتعلق باعتقاد واضح، فالمتعاون هنا لم يكفر بالإسلام، ليحكم عليه بهذا الحكم الشديد، والمتأمل لهذه الفتاوى، ولطبيعة المعارك التي تتعلق بالمقدسات، سيجد أنها ليست شديدة، فالقوانين العربية نفسها تحكم بالفتوى نفسها، فالعسكري – أو المدني – الذي يثبت انتماؤه أو تعاونه مع العدو، سواء بالإمداد بالمعلومة، أو التعاون العملي، فحكمه في العسكرية أنه خائن، ويعدم بالضرب بالرصاص، وهو حكم لا يزال معمولًا به في جلّ الدول العربية والإسلامية، ولم يلغَ إلا في بلاد ألغت حكم الإعدام بوجه عام.

التفريق بين اليهودية والصهيونية

والملاحظ في فتاوى الأزهر- وبخاصة الفتوى الثالثة الصادرة عن مجمع البحوث الإسلامية- أنه يفرق بين اليهودية والصهيونية، فهو يفرق بين الديانة كمعتقد، ولا عداوة بين المسلمين واليهود كمعتقد، وبين الصهيونية كمحتل باغٍ على الأرض المسلمة، فلا ينظر هنا لمعتقده، بل ينظر لبغيه واعتدائه، ولذا كانت الصيغة منضبطة، ومقيدة، بالاعتداء والبغي.

لم تصدر في وقت حروب مباشرة

الملاحظ للفتاوى- التي ذكرتها للأزهر- أنها كلها صادرة في وقت لم يكن هناك حرب، ليروا فظائع هذه الحروب، فتكون هي الدافع والمحفز لفتاواهم، فالأولى سنة: 47، والثانية: سنة 61، والثالثة: سنة 66، وغالبها قبل حروب كبرى، فهي بعيدة عن أي تأثير، يكون سببًا لشدة الفتوى، ومن الواضح أنها كانت صادرة في كل هذه المناسبات، عن بعد نظر، وتأملٍ لتاريخ الخيانة والتعاون في تاريخنا البعيد والقريب، واستحضارٍ لآثار هذا التعاون والخيانة، وما يجلبه من نكبات كبرى على الأمة، أي: أنها فتاوى بعيدة عما يمكن أن يثار ضدها، بأنها صدرت بناء على واقع معيش، جعل الفقيه يذهب لهذا الرأي، بل على العكس، فقد كانت المؤسسة الفقهية هنا في أناة وتمهّل في الموقف والرأي.

ليست فتاوى سلطة

الملمح البارز في هذه الفتاوى جميعًا، أنها لم تكن بناء على رغبة سلطة طلبت من الأزهر، أو علمائه، إصدارها، فقد صدرت كما ذكرت في فترات متباعدة، وبعيدًا عن أوقات حروب مباشرة، فالأولى سنة 1946م، وأصحاب الفتوى- وعلى رأسهم الشيخ عبد المجيد سليم- معروفون بمواقفهم التي لا تلين مع السلطة، فسليم فيما بعد سيكون شيخًا للأزهر، وهو الذي عرّض بالملك فاروق، وعرض ببذخه في حفلاته، وتقتيره على الأزهر، وقال قولته المشهورة عندما قللوا ميزانية الأزهر: أإسراف هناك، وتقتير هنا؟!! وما يقال عن سليم يقال عن بقية أعضاء اللجنة، وهو ما يعطي لهذه الفتاوى صفة الاستقلالية والحياد العلمي التام.

فتاوى مقاصدية تراعي مآلات الأفعال

فهذه الفتاوى تعد مقاصدية بالدرجة الأولى، حيث اعتبرت مآلات الأفعال، من حيث ما ينبني على هذا التعاون، فما يبنى على التعاون والموالاة مع العدو، فهو فساد كبير، وتمكين للعدو من المسلمين ومقدراتهم، وهو ما يعد عملًا خطيرًا؛ لذا كانت شدة الفتاوى مبنية على هذا الاعتبار، على ما ينتج عن الفعل من آثار تدميرية على مستوى اعتقاد الشخص، ومستوى ذلة الأمة، ومستوى تقهقرها، وامتلاك عدوها زمامَ أمرها.

فقد يبدو الفعل للبعض هينًا من حيث شكله، لكنه من حيث جوهره، ومن حيث مآله هو كارثة تتعلق بدين وخلق وولاء الشخص، لدينه وأمته، ثم لوطنه وبني جلدته؛ ولذا راعت الفتاوى هذه المآلات التي تبنى على هذا الفعل الذي يمقته العدو نفسه، لو قام به أحد من أهله.

حكم عام لا يتعلق بمعين

الفتاوى الصادرة هنا بحكمها على المتعاون مع المحتل، هي معنية ببيان حكم الفعل، وليست معنية بالحكم على معين، أي: شخص معين، أو جهة معينة، سواء كانت فصيلًا أو سلطة، أو نظامًا، أو هيئة، بل كل هذه الفتاوى يبدأ وينتهي دورها ببيان الحكم الشرعي، فدورها ووظيفتها البيان، وليست مخوّلة بالحكم على أشخاص، ولا تعطي هذا الحق لأشخاص، فلا بد من فهم الفتاوى في إطارها الصحيح، فهي تبين حكم هذه الموالاة، أما الحكم على معين بذلك، فهي مسألة أخرى، هو حكم قضائي؛ لأنه يتعلق به أمور كثيرة، ليست من سلطة المفتي، بل من سلطة القاضي.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: مجمع البحوث الإسلامیة هذه الفتاوى الفتاوى ا عن الأزهر ا للأزهر مع العدو من حیث ما صدر

إقرأ أيضاً:

دعاء ختم القرآن في رمضان كامل ومكتوب.. للأحياء والأموات

يبحث عن دعاء ختم القرآن كامل في رمضان ، عادة أولئك الذين يحرصون على اغتنام كل لحظة في رمضان ويعرفون قدر وفضل أيامه ولياليه، وخاصة العشر الأواخر ، وليس هناك أفضل من قراءة القرآن سواء على مدار الشهر الكريم مرة واحدة أو عدة مرات أو يختمونه كل ليلة ، وبالتالي فإنه تزيد الحاجة لترديد دعاء ختم القرآن ، ولأن شهر رمضان هو شهر القرآن ، فإنه لا غنى عن دعاء ختم القرآن في رمضان.

موعد أذان الفجر في القاهرة والمحافظات.. اعرف وقته بالدقيقةهل وقفة عيد الفطر 2025 غدا؟.. الإفتاء تحددها بعد 17 ساعةدعاء ختم القرآن في ليلة القدر الأخيرة 29 رمضان.. النبي أوصى به لهذا السببدعاء ختم القرآن في رمضان كامل

• اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي بالقُرْآنِ وَاجْعَلهُ لِي إِمَامًا وَنُورًا وَهُدًى وَرَحْمَةً.
• اللَّهُمَّ ذَكِّرْنِي مِنْهُ مَا نَسِيتُ وَعَلِّمْنِي مِنْهُ مَا جَهِلْتُ وَارْزُقْنِي تِلاَوَتَهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ وَاجْعَلْهُ لِي حُجَّةً يَا رَبَّ العَالَمِينَ.
• اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي، وَاجْعَلِ الحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ وَاجْعَلِ المَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ.
• اللَّهُمَّ اجْعَلْ خَيْرَ عُمْرِي آخِرَهُ وَخَيْرَ عَمَلِي خَوَاتِمَهُ وَخَيْرَ أَيَّامِي يَوْمَ أَلْقَاكَ فِيهِ.
• اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِيشَةً هَنِيَّةً وَمِيتَةً سَوِيَّةً وَمَرَدًّا غَيْرَ مُخْزٍ وَلاَ فَاضِحٍ .
• اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ المَسْأَلةِ وَخَيْرَ الدُّعَاءِ وَخَيْرَ النَّجَاحِ وَخَيْرَ العِلْمِ وَخَيْرَ العَمَلِ وَخَيْرَ الثَّوَابِ وَخَيْرَ الحَيَاةِ وَخيْرَ المَمَاتِ وَثَبِّتْنِي وَثَقِّلْ مَوَازِينِي وَحَقِّقْ إِيمَانِي وَارْفَعْ دَرَجَتِي وَتَقَبَّلْ صَلاَتِي وَاغْفِرْ خَطِيئَاتِي وَأَسْأَلُكَ العُلَا مِنَ الجَنَّةِ .
• اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ وَعَزَائِمِ مَغْفِرَتِكَ وَالسَّلاَمَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ وَالغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ وَالفَوْزَ بِالجَنَّةِ وَالنَّجَاةَ مِنَ النَّارِ.
• اللَّهُمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتَنَا فِي الأُمُورِ كُلِّهَا، وَأجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الآخِرَةِ .
• اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بِهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعْصِيَتِكَ وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهَا جَنَّتَكَ وَمِنَ اليَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مَصَائِبَ الدُّنْيَا وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا وَاجْعَلْهُ الوَارِثَ مِنَّا وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا وَلاَ تجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا وَلاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا وَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا .
• اللَّهُمَّ لَا تَدَعْ لَنَا ذَنْبًا إِلَّا غَفَرْتَهُ وَلَا هَمَّا إِلَّا فَرَّجْتَهُ وَلَا دَيْنًا إِلَّا قَضَيْتَهُ وَلَا حَاجَةً مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ إِلَّا قَضَيْتَهَا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
• رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الأَخْيَارِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

فضل دعاء ختم القرآن في رمضان

ورد فضل دعاء ختم القرآن في رمضان أن جمع الناس له مستحب، وهو لما ورد عن الرّسول عليه السّلام في الحديث الشّريف: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَسَلُوا اللَّهَ بِهِ فَإِنَّ مِنْ بَعْدِكُمْ أَقْوَامًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَسْأَلُونَ بِهِ النَّاسَ» وَفِي رِوَايَةٍ: «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلْيَسْأَلِ اللَّهَ بِهِ، فَإِنَّهُ سَيَجِيءُ قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ بِهِ».

دعاء ختم القرآن للميت

ويجتمع فيه أهل المتوفي أو حتى الغرباء ويقومون بعمل خاتمة للمتوفي، بحيث يقرأ كل منهم جزء حتى ينتهوا من ختم القرآن فيرددون دعاء ختم القرآن للميت مكتوب بآخر صفحات المصحف الشريف، ولا يشترط عند ترديد دعاء ختم القرآن للميت أن يقوم به مجموعة من الناس، وإنما قد يؤدي دعاء ختم القرآن للميت شخص واحد، وعادة ما يتم ذلك في إحياء ذكرى الوفاة السنوية، أو في الأربعين، وعن اختلاف صيغة دعاء ختم القرآن عن دعاء ختم القرآن للميت مكتوب فكليهما بنفس الصيغة.

صيغة إهداء ثواب قراءة القرآن للميت

ورد عن الفقهاء أنها عبارة عن سبع كلمات هي: «اللهم اجعل مثل ثواب ما قرأتُ من القرآن لفلان -أي يذكر اسم المتوفي-»،صيغة إهداء ثواب قراءة القرآن للميت مكتوب، ففيه جاء إن وصول ثواب قراءة القرآن إلى الميت يحصل بقول القارئ تلك الكلمات السبع.

فضل ختم القرآن في رمضان

خص الله رمضان بالقرآن، فقِيل إنّ الله أنزله إلى السماء دفعة واحدة في رمضان، ثمّ أنزله مُقسَّمًا على دفعات إلى رسول الله، وقِيل إن أول دفعة نزلت منه كانت في ليلة القدر، وقِيل إن بداية نزوله كانت في شهر رمضان في ليلة القدر، وقد كان السلف الصالح يظهرون اهتمامهم بالقرآن في هذا الشهر الفضيل؛ فمنهم من كان يختم القرآن كلّ عشرة أيام، ومنهم كلّ سبعة أيام، ومنهم كلّ ثلاثة أيام.

وجعل الله المحافظين على قراءة القرآن الكريم في الليل والنهار في الآخرة في الدرجات العُليا، كما أنّ بكلّ حرفٍ حسنة، والحسنة بعشرة أمثالها، والله -عزّ وجلّ- يضاعف أجر قارئ القرآن؛ ثوابًا له، وتدبُّر القراءة يدعو إلى التفكُّر، وكلّما قرأ المسلم المزيد من الآيات أكثر من الاستغفار؛ لما يرى من الثواب المُمتدّ الذي أعدّه الله لعباده المُتّقين، وما أعدّه الله من العذاب للكافرين الذين خرجوا عن طاعته -تعالى-، وبين تلك الآيات جميعها يقرأ دعوة الله عباده إلى التوبة، وكلّ ذلك يُؤدّي به إلى النجاة من عقاب الله، والقرب من الفوز بنعيمه.

وجعل الله -عز وجل- قراءة القرآن الكريم من أفضل الأعمال؛ حيث إنّ قراءة القرآن فيها خير عظيم وفائدة كبيرة؛ ومما يدل على ذلك قوله – تعالى-:«إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ»، ( سورة الإسراء: الآية 9)، وأما الدليل على فضل قراءة القرآن الكريم من السنة النبوية، قوله - صلى الله عليه وسلم-:«اقرؤوا هذا القرآن فإنه يأتي شفيعًا لأصحابه يوم القيامة»، صحيح مسلم.

أخطاء عند قراءة القرآن

القرآن الكريم عظمته ومكانته من عظمة المتكلم به والمنزل عليه، وهذا ما يستلزم من العبد عند قراءة القرآن الكريم أن يكون معظِّماً له في هيئته وحاله، وقد يقع البعض عند قراءة القرآن في أخطاء تتنافى مع آداب تلاوة القرآن، ومن هذه الأخطاء ما يلي:

• ظنُّ بعض الناس أن ختم القرآن مقصود لذاته، فيسرع في قراءة القرآن بهدف إكمال أكبر عدد من الأجزاء والسور، دون مراعاة التدبر وأحكام التلاوة والترتيل، مع أن المقصود من قراءة القرآن إنما هو التدبر والوقوف عند معاني الآيات، وتحريك القلب بها، وقد قال رجل لابن مسعود رضي الله عنه: إني أقرأ المفصل في ركعة واحدة، فقال له ابن مسعود: "أهذًّا كهذِّ الشعر؟! إن أقواماً يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع في القلب، فرسخ فيه نفع" رواه مسلم.
• التفريط من بعض الناس في ختم القرآن خلال شهر رمضان، فربما مرَّ عليه الشهر دون أن يختم فيه القرآن مرة واحدة، وهذا بلا شك من التفريط في شهر القرآن، وهذا النوع مقابل للصنف الأول.
• اجتماع بعض الناس على قراءة القرآن بطريقة معينة فيما يعرف بعادة «المساهر»، حيث يستأجرون قارئاً لهم، يقرأ عليهم من كتاب الله، ويجلس الناس من بعد صلاة التراويح إلى السحور في أحد البيوت، ويرفعون أصواتهم بعد قراءة القارئ لكل آية مرددين بعض عبارات الاستحسان والإعجاب، وهذا الاجتماع بهذه الطريقة بجانب كونه غير مأثور عن السلف، فإن فيه كذلك رفعاً للأصوات وتشويشاً ينافي الأدب مع كلام الله، ويفوت الخشوع والتدبر، ولأن يقرأ الإنسان وحده بتدبر وخشوع خير له من الاجتماع على الصياح الذي يفوت عليه ذلك.
• رفع الصوت بالتلاوة في المسجد بحيث يشوش على المصلين، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر وقال: «ألا إن كلّكم مناجٍ ربَّه، فلا يؤذينّ بعضكم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة، أو قال: في الصّلاة» رواه أبو داود.
• من الأمور التي قد يتساهل فيها بعض من يجتمعون للتلاوة وتدارس القرآن، الضحك واللغط، وقطع القراءة للانشغال بأحاديث جانبية، والذي ينبغي الاستماع والإنصات، وتجنب كل ما يشغل ويقطع عن التّلاوة.
• عدم الالتزام بآداب التّلاوة من طهارة، وسواك، واستعاذة، وتحسين صوت، وغيرها من آداب التّلاوة المعروفة التي ينبغي أن يكون القارئ منها على بيّنة من أمره، وهو يتلو كلام الله جلّ وعلا.

آداب تلاوة القرآن الكريم

آداب تلاوة القرآن الواردة في الأثر عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، هي مجموعة من الآداب التي أرشدنا إليها النبي –صلى الله عليه وسلم-، وأوصانا بالحرص على مراعاتها عند قراءة القرآن الكريم ، للفوز واغتنام ثوابه العظيم وفضله الكبير، وقد ورد من آداب تلاوة القرآن الكريم سبعة أمور، وهي:

• يستحب البكاء عند قراءة‏ القرآن الكريم،‏ مستدلًا بقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏ «إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ نَزَلَ بِحُزْنٍ، فَإِذَا قَرَأْتُمُوهُ فَابْكُوا، فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكَوْا، وَتَغَنَّوْا بِهِ، فَمَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِهِ فَلَيْسَ مِنَّا».
• إحضار التأمل والجدية والتدبر في كلام رب العالمين من عهود ومواثيق ووعد ووعيد ومبادئ فإن هذا يؤدي إلى الخشوع والاهتمام بالأمر وبالتالي البكاء أثناء قراءة القرآن الكريم ‏.‏
• مراعاة حق الآيات‏،‏ فإذا مر بآية سجدة سجد‏،‏ وإذا مر بآية عذاب استعاذ‏،‏ وإذا مر بآية رحمة دعا الله سبحانه وتعالى أن يكون في رحمته‏.
• بدء تلاوة القرآن الكريم بقوله‏:‏ أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم‏، لقوله تعالى‏: «فَإِذَا قَرَأْتَ القُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» الآية 98 من سورة النحل.
• قول «صدق الله العظيم» عند الفراغ والانتهاء من قراءة القرآن الكريم، كما نص عليه الإمام الغزالي في كتاب‏ «آداب تلاوة القرآن»‏ وذلك امتثالًا لقوله تعالى‏: «قُلْ صَدَقَ اللهُ» الآية 95 من سورة آل عمران.‏
• الجهر بالقراءة والإسرار بها‏، ولكل موطنه وفضله شأن ذلك شأن الصدقة كما ورد في مسند أحمد وأبي داود والترمذي والنسائي حديث «الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة‏،‏ والمسر به كالمسر بالصدقة»، وذلك من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه‏.
• تحسين القراءة، فقال صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏ «زينوا القرآن بأصواتكم» أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه‏.

فضل قراءة القرآن الكريم

ورد أن القرآن الكريم يضع للإنسان المنهج الصحيح تسهيلاً وتيسيراً لحياة المؤمن، فالله -تعالى- وضع لنا المنهج القويم في القرآن الكريم والذي به تصلح حياتنا، ويحقق لنا الاستقرار، وهو من النعم التي تستوجب من المؤمن شكر الله سبحانه و تعالى، قراءة القرآن له أجر عظيم من الله تعالى، وعن فضل قراءة القرآن الكريم فقد ورد فيه ، عدة فضائل:

• قراءة القرآن الكريم حرز للمسلم وحصن له من كل سوء بإذنه عز وجل.
• قراءة القرآن سبب لرفعة المسلم في الدنيا و الآخرة.
• كما أن قراءة القراءة تحقق البركة في حياة المسلم بالدنيا.
• تلاوة القرآن هي نور لقارئه على الأرض.
• قراءة القرآن ذخر للمسلم يوم القيامة.
• من خلال تلاوة القرآن الكريم يشعر العبد بالسكينة والوقار.
• قارئ القرآن الكريم تحفّه الملائكة، وتغشاه الرحمة، ويذكره الله فيمن عنده.
• قراءة القرآن في كل حرف حسنة، والحسنة بعشرة أمثالها، فهنيئاً لقارئه العامل بما فيه الفاهم لمعانيه.
• قارئ القرآن الكريم والعامل به من أهل الله وخاصته.
• يأتي القرآن الكريم يوم القيامة شفيعاً لأصحابه يوم القيامة.

مقالات مشابهة

  • قراءة في خطاب حميدتي
  • أساتذة جامعيون يطلقون مشروعا لتشجيع الأبحاث حول القضية الفلسطينية ومحاربة التطبيع
  • هل يصل ثواب قراءة القرآن إلى الميت؟ دار الإفتاء تجيب
  • فتاوى يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عُمان
  • في الذكرى 49 ليوم الأرض .. عزيمة لا تلين في دحر المحتل
  • حكومة السوداني بين التحديات والإنجازات.. قراءة في المشهد العراقي
  • دعاء ختم القرآن في رمضان .. اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته
  • دعاء ختم القرآن في رمضان كامل ومكتوب.. للأحياء والأموات
  • حزب الله ينفي علاقته بإطلاق صواريخ للشمال المحتل
  • زكاة الفطر وتحذير من فوضى الفتاوى.. موضوع خطبة الجمعة الأخيرة في رمضان