قراءة في فتاوى الأزهر بردّة المتعاون مع المحتل الصهيوني
تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT
قضية تعاون المسلم فردًا كان أم جماعة أم نظامًا حاكمًا مع العدو المحتل، أو الغاصب أرضَ المسلمين، قضيةٌ شغلت بال الفقيه المسلم قديمًا وحديثًا، وقد برزت هذه المسألة أكثر من ذي قبل، منذ بداية الاحتلال الصهيونيّ أرضَ فلسطين، ومن المؤسَّسات الدينية الكبرى التي صدرت لها فتاوى في هذا الشأن: الأزهر الشريف، وهي مؤسّسة يصعب أن توصف بالتطرف، أو المغالاة، خاصةً لو صدرت منه فتاوى على مراحل تاريخية مختلفة، منتهية لنفس الرأي الفقهي، سواء اتّفق معها أم اختلف، لكنها فتاوى ومواقف جديرة بالقراءة والتأمل، وهذا ما نحاول الوقوف عليه في مقالنا.
لقد صدرت فتاوى عدّة عن الأزهر الشريف تتعلق بقضية فلسطين، وبخاصة ما يتعلق بالتعاون مع العدوّ الصهيوني، أو ما يسمى في لغتنا الفقهية: موالاة الأعداء، ومن أوائل ما صدر من فتاواه: فتوى لجنة الفتوى بالأزهر، والتي صدرت في الرابع عشر من شهر شعبان، لعام 1366هـ، الموافق شهر يونيو/ حزيران 1947م، وقد كان رئيسها آنذاك، الشيخ عبد المجيد سليم، والذي صار بعد ذلك شيخًا للأزهر، ومما جاء في فتواها:
(الرجل الذي يحسب نفسه من جماعة المسلمين إذا أعان أعداءهم في شيء من هذه الآثام المذكورة، وساعد عليها مباشرة، أو بواسطة، لا يعد من أهل الإيمان، ولا ينتظم في سلكهم، بل هو بصنيعه حربٌ عليهم، منخلع من دينهم، وهو بفعله الآثم أشد عداوة من المتظاهرين بالعداوة للإسلام والمسلمين.
ولا شك أن بذل المعونة لهؤلاء، وتيسير الوسائل التي تساعدهم على تحقيق غاياتهم التي فيها إذلال المسلمين، وتبديد شملهم، ومحو دولتهم، أعظم إثمًا؛ وأكبر ضررًا من مجرد موالاتهم.. وأشد عداوة من المتظاهرين بالعداوة للإسلام والمسلمين.. والذي يستبيح شيئًا من هذا بعد أن استبان له حكم الله فيه يكون مرتدًا عن دين الإسلام، فيفرق بينه وبين زوجه، ويحرم عليها الاتصال به، ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين).
من الفتاوى الجماعية التي صدرت عن الأزهر، فتوى مجمع البحوث الإسلامية، وقد صدرت بعد اجتماع عددٍ من علماء العالم الإسلامي، بعد تباحث وتشاور
فتاوى الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهرأما الشيخ محمود شلتوت، فقد تعرض للموضوع في أكثر من مناسبة، وكان موقفه نفس الموقف، بل زاد في التفصيل فيه، مبينًا صور التعاون، فكتب فصلًا في كتابه: (من توجيهات الإسلام) طبعة الأزهر سنة 1959م، بعنوان: موالاة الأعداء، ص: 250-251، فقال: (هذا ولموالاة الأعداء، صور وألوان، المعونة الفكرية بالرأي والتدبير، موالاة للأعداء. والمعونة المالية، بالبذل والإنفاق، موالاة للأعداء، وترويج سلعهم بالبيع والشراء، تنميةً لأموالهم، وتثبيتًا لأقدامهم في بلاد المؤمنين، موالاة للأعداء، والاغترار بزخرف ثقافتهم، وأن فيها ماء الحياة، وتوجيه النشء إليها، وغرس عظمتها في نفسه، موالاة للأعداء، والعمل معهم في المصانع والمعسكرات التي يهيئونها للنيل من المؤمنين، موالاة للأعداء.
وإفشاء الأسرار، والترتيبات التي يعدها المؤمنون لمكافحتهم، وزعزعة سلطانهم، موالاة للأعداء. وهو فوق هذا (جاسوسية) على الوطن وأهله، يهدر – في حكم الشرع والدين- دم القائم به، ويجعلهم في حكم المرتدين، (ومن يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر، فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة، وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) البقرة: 217. والتثاقل عن رد عدوانهم، ومد يد المعونة الفعلية في كبح جماحهم موالاة للأعداء).
ثم عادَ بعد ذلك الشيخ شلتوت، وكتب مقالًا، في صيغة بيان، بعنوان: موالاة الأعداء وموقف الإسلام منها، نشره في مجلة (الأزهر) في العدد (2-3) من المجلد الثاني والثلاثين، الصادر في ربيع الأول والآخر سنة 1380هـ، ومما جاء فيه: (فلئن حاول إنسان أن يمد يده لفئة باغية يضعها الاستعمار لتكون جسرًا له؛ يعبر عليه إلى غاياته، ويلج منه إلى أهدافه، لو حاول إنسان ذلك لكان عمله هو الخروج على الدين بعينه، والنكوص الممقوت).
فتوى وتوصيات مجمع البحوث الإسلاميةمن الفتاوى الجماعية التي صدرت عن الأزهر، فتوى مجمع البحوث الإسلامية، وقد صدرت بعد اجتماع عددٍ من علماء العالم الإسلامي، بعد تباحث وتشاور، فأصدروها على هيئة توصيات وفتاوى، ومما ورد في توصيات المؤتمر الثالث لمجمع البحوث (جمادى الآخرة سنة 1386هـ – أكتوبر سنة 1966م) هذه التوصية أو الفتوى:
(تنبيه المسلمين في جميع أقطار الأرض إلى أن العمل الجدي الدائم على إنقاذ فلسطين من أيدي الصهيونيين الباغين الغاصبين هو فرض في عنق كل مسلم ومسلمة، وتحذيرهم من فتنة المروق من الإسلام بالتعاون مع الصهيونيين الغاصبين الذين أخرجوا العرب والمسلمين من ديارهم، أو التعاون مع الذين ظاهروا على إخراجهم، وتوكيد ما تقرر في المؤتمر الثاني من دعوة الدول الإسلامية التي اعترفت بإسرائيل بسحب اعترافها).
قراءة في الفتاوىلقد ذكرت هنا أهم الفتاوى التي صدرت عن الأزهر في موضوع التعاون -أو الموالاة باللغة الفقهية والقرآنية- مع الأعداء، وتحديدًا هنا العدو الصهيوني المحتل للأراضي الفلسطينية، وهناك فتاوى أخرى مشابهة متعلقة ببيع أراضي فلسطين، وغيرها من الفتاوى، ولم أتتبع فتاوى الأزهر فيما بعد في قضية التعاون، وهل صدر عن المؤسسة، أو عن رموزها فتاوى متعلقة بالموضوع ذاته أم لا؟ وقد حاولت البحث فيما صدر عن الفتاوى فيما بعد، ولم أصل إلى فتاوى معبرة عن المؤسسة الأزهرية كما في هذه الفتاوى، وربما يوجد فتاوى فردية لمشايخ وعلماء كبار من الأزهر، لكن إطار القراءة والبحث فيما صدر، ووقفت عليه.
فتاوى جماعيةوهي فتاوى كما نرى، صدرت على فترات مُختلفة، وربما متباعدة، ومع اختلاف الشخصيات العلمية التي أصدرت الفتوى، فإنها كلها فتاوى جماعية، سوى فتوى الشيخ شلتوت، والتي صدرت عنه بوصفه شيخًا للأزهر، وقد كان ضمن العلماء الذين حرروا فتوى لجنة الفتوى، والتي صدرت باسم الشيخ عبد المجيد سليم؛ لأنه كان رئيسها آنذاك. أي أن مجمل ما صدر لم يكن رأيًا فرديًا، ولا قولًا علميًا شاذًا صدر عن رأي فقهي غريب، فهو رأي يمثل الأزهر، ويمثل المؤسسة، وقد جاء على فترات مختلفة كما رأينا، فمنها ما صدر قبل احتلال فلسطين، وأكثرها صدر بعد احتلالها، ودخول البلاد العربية والإسلامية مع الكيان الصهيوني في حروب.
هل تتسم بالشدة؟ربما ظن بعض القراء للفتاوى، أنها شديدة، وفي حكم عملي، لا يتعلق باعتقاد واضح، فالمتعاون هنا لم يكفر بالإسلام، ليحكم عليه بهذا الحكم الشديد، والمتأمل لهذه الفتاوى، ولطبيعة المعارك التي تتعلق بالمقدسات، سيجد أنها ليست شديدة، فالقوانين العربية نفسها تحكم بالفتوى نفسها، فالعسكري – أو المدني – الذي يثبت انتماؤه أو تعاونه مع العدو، سواء بالإمداد بالمعلومة، أو التعاون العملي، فحكمه في العسكرية أنه خائن، ويعدم بالضرب بالرصاص، وهو حكم لا يزال معمولًا به في جلّ الدول العربية والإسلامية، ولم يلغَ إلا في بلاد ألغت حكم الإعدام بوجه عام.
التفريق بين اليهودية والصهيونيةوالملاحظ في فتاوى الأزهر- وبخاصة الفتوى الثالثة الصادرة عن مجمع البحوث الإسلامية- أنه يفرق بين اليهودية والصهيونية، فهو يفرق بين الديانة كمعتقد، ولا عداوة بين المسلمين واليهود كمعتقد، وبين الصهيونية كمحتل باغٍ على الأرض المسلمة، فلا ينظر هنا لمعتقده، بل ينظر لبغيه واعتدائه، ولذا كانت الصيغة منضبطة، ومقيدة، بالاعتداء والبغي.
لم تصدر في وقت حروب مباشرةالملاحظ للفتاوى- التي ذكرتها للأزهر- أنها كلها صادرة في وقت لم يكن هناك حرب، ليروا فظائع هذه الحروب، فتكون هي الدافع والمحفز لفتاواهم، فالأولى سنة: 47، والثانية: سنة 61، والثالثة: سنة 66، وغالبها قبل حروب كبرى، فهي بعيدة عن أي تأثير، يكون سببًا لشدة الفتوى، ومن الواضح أنها كانت صادرة في كل هذه المناسبات، عن بعد نظر، وتأملٍ لتاريخ الخيانة والتعاون في تاريخنا البعيد والقريب، واستحضارٍ لآثار هذا التعاون والخيانة، وما يجلبه من نكبات كبرى على الأمة، أي: أنها فتاوى بعيدة عما يمكن أن يثار ضدها، بأنها صدرت بناء على واقع معيش، جعل الفقيه يذهب لهذا الرأي، بل على العكس، فقد كانت المؤسسة الفقهية هنا في أناة وتمهّل في الموقف والرأي.
ليست فتاوى سلطةالملمح البارز في هذه الفتاوى جميعًا، أنها لم تكن بناء على رغبة سلطة طلبت من الأزهر، أو علمائه، إصدارها، فقد صدرت كما ذكرت في فترات متباعدة، وبعيدًا عن أوقات حروب مباشرة، فالأولى سنة 1946م، وأصحاب الفتوى- وعلى رأسهم الشيخ عبد المجيد سليم- معروفون بمواقفهم التي لا تلين مع السلطة، فسليم فيما بعد سيكون شيخًا للأزهر، وهو الذي عرّض بالملك فاروق، وعرض ببذخه في حفلاته، وتقتيره على الأزهر، وقال قولته المشهورة عندما قللوا ميزانية الأزهر: أإسراف هناك، وتقتير هنا؟!! وما يقال عن سليم يقال عن بقية أعضاء اللجنة، وهو ما يعطي لهذه الفتاوى صفة الاستقلالية والحياد العلمي التام.
فتاوى مقاصدية تراعي مآلات الأفعالفهذه الفتاوى تعد مقاصدية بالدرجة الأولى، حيث اعتبرت مآلات الأفعال، من حيث ما ينبني على هذا التعاون، فما يبنى على التعاون والموالاة مع العدو، فهو فساد كبير، وتمكين للعدو من المسلمين ومقدراتهم، وهو ما يعد عملًا خطيرًا؛ لذا كانت شدة الفتاوى مبنية على هذا الاعتبار، على ما ينتج عن الفعل من آثار تدميرية على مستوى اعتقاد الشخص، ومستوى ذلة الأمة، ومستوى تقهقرها، وامتلاك عدوها زمامَ أمرها.
فقد يبدو الفعل للبعض هينًا من حيث شكله، لكنه من حيث جوهره، ومن حيث مآله هو كارثة تتعلق بدين وخلق وولاء الشخص، لدينه وأمته، ثم لوطنه وبني جلدته؛ ولذا راعت الفتاوى هذه المآلات التي تبنى على هذا الفعل الذي يمقته العدو نفسه، لو قام به أحد من أهله.
حكم عام لا يتعلق بمعينالفتاوى الصادرة هنا بحكمها على المتعاون مع المحتل، هي معنية ببيان حكم الفعل، وليست معنية بالحكم على معين، أي: شخص معين، أو جهة معينة، سواء كانت فصيلًا أو سلطة، أو نظامًا، أو هيئة، بل كل هذه الفتاوى يبدأ وينتهي دورها ببيان الحكم الشرعي، فدورها ووظيفتها البيان، وليست مخوّلة بالحكم على أشخاص، ولا تعطي هذا الحق لأشخاص، فلا بد من فهم الفتاوى في إطارها الصحيح، فهي تبين حكم هذه الموالاة، أما الحكم على معين بذلك، فهي مسألة أخرى، هو حكم قضائي؛ لأنه يتعلق به أمور كثيرة، ليست من سلطة المفتي، بل من سلطة القاضي.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: مجمع البحوث الإسلامیة هذه الفتاوى الفتاوى ا عن الأزهر ا للأزهر مع العدو من حیث ما صدر
إقرأ أيضاً:
الإجرام الصهيوني في الضفة الغربية
لم تكد تتوقف عمليات الإجرام على غزة حتى انطلق إلى الضفة الغربية مستغلا الهدنة مع المقاومة رغم أنها (الضفة الغربية)خاضعة للسلطة الفلسطينية برئاسة (ابومازن)مهندس – اتفاقات أوسلو -الذي صرح قائلا (لإسرائيل الحق في الأمن الكامل وهذا واجبنا -وقبلها –طلب الحماية لأنه لا يحارب إسرائيل وليس لديه الإمكانية وليس لديه الرغبة ).
الإجرام الصهيوني لم يراع الصداقة، ولم يشفع له قيامه بتسليم المجاهدين وبتقديم المعلومات لليهود وتحذيراته المستمرة لهم من تحركات المجاهدين حتى أن وزير الداخلية الفلسطيني صاح في وجه وزير التنسيق اليهودي “لقد أخبرناكم وحذرناكم لكنكم لم تأخذوا احتياطاتكم” ؛آخر هذه الإنجازات تسليم المجاهدة التي نفذت عملية بطولية ضد جنود الاحتلال.
عباس هو مهندس اتفاقيات أوسلو(٢،١)لتحقيق السلام مع الصهاينة والتي بموجبها تحولت منظمة التحرير إلى شرطي لخدمة الاحتلال وترك الكفاح المسلح ووصفته بالأعمال الإرهابية ؛الاتفاقيات حولتها إلى شرطي ينفذ أوامر الاحتلال ،يمنع ويقمع كل العمليات الجهادية، يوفر لهم الأمن ويسهر على راحتهم حتى لو تمت الاعتداءات داخل الأراضي التي يسيطر عليها –عباس -.
المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد دعا إلى محاكمة المسؤولين عن اتفاقيات أوسلو وأما رئيس الاتحاد الدولي لمؤرخي فلسطين (غسان وشاح) فقد سرد سبع كوارث تضمنتها اتفاقيات أوسلو نشرتها -الجزيرة نت –نوردها باختصار:
1 -اعتراف منظمة التحرير بحق إسرائيل في الوجود على 87%من الأراضي الفلسطينية وما بقي فخاضع للمفاوضات مع سلطات الاحتلال بعد إلغاء الكفاح المسلح (نبذ المقاومة المسلحة وانتهاج السلم والمفاوضات كحل وحيد لاسترداد الحق الفلسطيني) وحتى الأراضي الباقية التي أعطيت للسلطة الفلسطينية جزر موزعة بين الضفة وغزة ومقسمة إلى (أ، ب ،ج).
أ -تمثل سيطرة كاملة للسلطة مع تأمين البؤر الاستيطانية وتسليم المقاومين في جنين وطولكرم ونابلس وقلقيلية ورام الله وأريحا وبيت لحم والخليل ، جزر مفصولة عن بعضها ومتباعدة تحيط بها المستوطنات والطرق الالتفافية وتمثل 18 ٪.
ب -تمثل22 % تحت السيطرة المشتركة .
ج -تمثل 60 % تحت السيطرة الإسرائيلية مع أن السيطرة الفعلية على الجميع هي لليهود في جميع تلك المناطق .
2 -تخلص إسرائيل من عبء المسؤولية أمام المجتمع الدولي وفقا للاتفاقيات الدولية باعتبارها سلطات احتلال وتحميل السلطة العبء بدلاً عنها وهو ما عبر عنه مدير الاستخبارات في جيش العدو شلومو جازيت: “استعمار فاخر ومريح”.
3 -تفجير الاختلافات في الداخل الفلسطيني بين الفصائل المقاومة والسلطة والفصائل بعضها ضد بعض بعد قيام حركة فتح بالتنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني دون التنسيق معها وتحولها إلى درع يحمي ويدافع عن الاحتلال.
4 -حددت المرحلة الانتقالية بخمس سنوات للانتقال إلى مفاوضات الوضع النهائي وهو ما منح سلطات الاحتلال فرض سلطة الأمر الواقع بالقوة في كل الأمور الهامة، لأنه ليس هناك ضمانات أو شروط جزائية لـ “أوسلو” .
تضاعفت عمليات الاستيطان واستخدم الاحتلال بعض المفاوضين لإشراكهم بشراء مواد البناء منهم، واستمرت الملاحقات ولم يتم اطلاق الأسرى؛ وتفرغ الاحتلال للسيطرة على الحدود ورسمها كما يريد وبنى جدار الفصل العنصري على اكثر من 12 % في الضفة وملأها بالحواجز، ومازال يسيطر على 60 % منها؛ كما واصل تهويد القدس واستباحة المسجد الأقصى؛ وهمشت الاتفاقية حقوق الفلسطينيين المهجّرين في الخارج واهتمت بالداخل الذين لا يمثلون سوى 38 % من إجمالي السكان.
5 -احتفظت إسرائيل بعمليات تتبع وقتل المقاومين في كل الأراضي الفلسطينية فلها السيطرة الكاملة وفق مصطلح (المطاردة الساخنة) فلا يستطيع احد الاعتراض عليها.
6 -جرّمت الاتفاقية الكفاح المسلح كحق شرعي وقانوني كفلته المواثيق والعهود الدولية كحق من حقوق الشعوب حتى تقرير المصير مع انه لا يجوز التنازل عنه أو الاتفاق على مخالفته.
7 -حسّنت أوسلو الوجه القبيح لإسرائيل الذي عرّته انتفاضة الأقصى كوجه إجرامي أمام الرأي العام العالمي والإنساني وأوجدت المبرر لصهاينة العرب في التطبيع العلني مع اليهود بعد أن كان سرا.
وبينما جراح غزة لم تندمل أو تهدأ توجه الإجرام الصهيوني إلى الضفة الغربية ليكمل جرائمه في حق الشعب الفلسطيني ؛لم يكتف بتدمير غزة وإبادة أهلها وجعلها مكانا غير صالح للعيش بل انه يريد تهجير أهلها منها وبمعونة أمريكا وصهاينة العرب حكّاما وممولين خاصة دول الجوار وأثرياء الخليج وهي جريمة القرن التي تحدث عنها السيد القائد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي يحفظه الله (ترامب في ولايته الأولى أوجد صفقة القرن ؛وفي الثانية جاء بجريمة القرن –فتوجه الأمريكي في اطار المشروع الصهيوني بالسيطرة على فلسطين وتصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي).
جرائم الجيش الصهيوني تتوالى في اقتحام مخيمات وقرى ومدن الضفة التي سلمت للسلطة الفلسطينية، لم يكتف بالتنسيق معها ولا بما تبذله من تقديم الأخبار والمعلومات عن المقاومة والمقاومين لهم بل أراد العدو أن يثبت انه قادر على فعل ما يريد متى يشاء حتى لو التزم أمام العالم انه قد ترك الأمر للسلطة الفلسطينية.
غزة دُمرت مبانيها وقدمت خمسين ألف شهيد وأكثر من مائة وخمسين ألف جريح ومفقود لكن لم تُدمر إرادة أهلها في المقاومة والخلاص من الكيان المحتل الذي انسحب منها وخضع لمطالب المجاهدين بتبادل الأسرى الذين اكل التعذيب الإجرامي أجسادهم وعقولهم وشاهد العالم همجية الإجرام الصهيوني على أصوله من خلالهم.
سجناء وأسرى ماتوا شهداء تحت التعذيب، لم يستسلموا أو يرفعوا الراية البيضاء أو يتحدثوا بما يريده الإجرام ولو تحدثوا لسلمت أجسادهم وسُلمت لهم المناصب والرتب والنياشين وشملتهم الحصانة التي تم الاتفاق عليها بين الصهاينة وسلطة أبو مازن؛ حصانة تحميهم من المقاومة واسر الضحايا الذين تم اغتيالهم بتلك الوشايات.
سُئل ذات مرة الرئيس الكوبي فيدل كاسترو عن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية فقال: أنا لا أفهم هذه المفاوضات لوكنت أنا لفاوضت اليهود كيف يريدون الرحيل برا أم بحرا أم جوا.
رحل كاستروا وبقيت مواقفه العظيمة في دعم القضية الفلسطينية ، ولم تخرج تصريحات معظم رؤساء أمريكا الجنوبية ومثل ذلك الرأي العام والمعارضة عن دعم القضية الفلسطينية واستثناء من ذلك المعارضة المدعومة من أمريكا.
في مقابل ذلك مواقف مخزية سجلتها السلطة الفلسطينية ومعظم الزعماء والرؤساء العرب الذين أيدوا الإجرام الصهيوني ودعموه بكل ما يملكون .
غزة تُركت وحدها تواجه الإجرام الصهيوني الصليبي في معركة بين الحق والباطل والكفر والإيمان ووصل الحال منهم (الزعماء والرؤساء العرب) بإصدار تصريحات بضرورة القضاء على المجاهدين في غزة سواء حماس أو الجهاد أو غيرهما، وامتد الأمر إلى الإعانة لليهود على حركات المقاومة في لبنان واليمن والعراق وايران.
الآن جاء الدور على الضفة الغربية التي يحكمها عباس (مهندس أوسلو) والواجب عليه حماية اليهود ومع ذلك لم يمنع الجيش الإجرامي من ارتكاب أبشع الجرائم هناك الأعلام العربي والعبري متفقان على السكوت وعدم التحدث عن جرائمه ولا يستطيعون حتى الإدانة.
هللوا لجرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية في غزة نكاية بالمقاومة، ولما اُعلن مشروع التهجير انكروا بداية وشجبوا ثانيا في استعراض كاذب ولما جدّ الأمر وعلموا توجهات أمريكا صمتوا صمت القبور لأنهم لا يستطيعون قول كلمة لا في وجه الإملاءات الصهيونية والأمريكية.
الرأي العام العالمي ندد بكل جرأة وشجاعة بجريمة التهجير التي يسعى اليها صهاينة العصر؛ دول أوروبا أعلنت رفضها ودول أفريقيا وآسيا ومن ذلك تصريح وزير الخارجية الإسباني( لا يمكن لأي صفقة عقارية أن تخفي الشر والعار والجرائم ضد الإنسانية التي شهدتها غزة لن نسمح لترامب بتهجير الفلسطينيين من غزة) أما زعماء العرب وملوكهم فمازالوا يحسبون المكاسب التي قد يعرضها عليهم ترامب، هذا اذا لم تخضع المقايضة للاستمرار في الحكم أو المغادرة تحقيقا لوعد ترامب وإرضاء لأولي نعمته من لوبي اليهود المتحكم بقرارات أمريكا والمشرف على تنفيذ سياستها الإجرامية في العالم.