تمارس القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل عملية انتقام متواصلة من المدنيين في قطاع غزة بعدما فشلوا في تحقيق نصر عسكري على فصائل المقاومة، وذلك لأسباب كثيرة تتعلق بالحرب وبما بعدها، كما يقول خبراء.

ففي الوقت الراهن، يجابه الفلسطينيون -في شمال ووسط القطاع- عملية تطهير عرقي وإبادة كاملة وبطريقة همجية من جانب الاحتلال الذي لم يتمكن من إبادة السكان في عموم القطاع، وفق الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي.

اقرأ أيضا list of 3 itemslist 1 of 3شاهد.. الدمار الذي خلفه القصف الإسرائيلي لمربع سكني عند مفترق الهَوَجا بمخيم جبالياlist 2 of 3للأسبوع السادس.. مظاهرات بمدن أوروبية تنديدا بالعدوان على غزةlist 3 of 3نائب فرنسي: إسرائيل تشن حربا استعمارية للقضاء على الفلسطينيينend of list

ومع ذلك، فقد أكد البرغوثي -خلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟" على شاشة الجزيرة- أن الاحتلال ليس وحده المجرم، و"إنما من يتواطؤون معه وخصوصا قادة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا الذين يصرون على التصدي لأي قرار بوقف إطلاق النار"، حسب قوله.

ويرى البرغوثي أن الأمر لم يعد يقف عند قتل الفلسطينيين ولكن الاحتلال الآن يريد قتل الأسرى والمحتجزين المدنيين لدى المقاومة، واستدل على ذلك بتزايد أعداد القتلى من هؤلاء خلال الأيام الأخيرة.

أما رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل الدكتور بلال الشوبكي، فيرى أن إسرائيل تحاول استهداف المدنيين بأكبر قدر ممكن قبل أن يتغير الموقف الدولي منها وتجبر على وقف الحرب لسبب أو لآخر.

إلى جانب ذلك -يقول الشوبكي- فإن إسرائيل تحاول تدمير كل ما يمكن تدميره في القطاع حتى تشغل من سيحكم غزة بعد الحرب -أيا كان- لسنوات في إعادة الإعمار.

كما أن حكومة بنيامين نتنياهو تراهن على تحقيق هدف كبير من خلال القصف العشوائي حتى تقدمه للمجتمع الإسرائيلي على أنه نصر تحقق خلال الحرب، وفي الوقت نفسه ربما تتخلص من أكبر عدد ممكن من أسراها ومحتجزيها حتى تفقد المقاومة مزيدا من أوراق الضغط عليها، برأي الشوبكي.

وثمة سيناريو آخر تضعه إسرائيل في الحسبان -من وجهة نظر الشوبكي- وهو أن تستمر الحرب لأشهر تحت مظلة القبول الغربي، وبالتالي فهي تحاول خلق منطقة عازلة في الشمال من خلال تدميره تماما بدليل أنها تدمر كل ما تصل إليه حتى أجهزة المستشفيات.

وفي خضم هذه السيناريوهات، فإن سيناريو تهجير سكان القطاع ما زال هدفا قائما بالنسبة لتل أبيب وهي تمضي قدما فيه ولن تتوقف ما لم تواجَه إقليميا ودوليا.

واتفق البرغوثي مع حديث الشوبكي عن خطة التهجير، لكنه يرى أن المشروع قد انكسر بسبب صمود الفلسطينيين ورفض الدول العربية، ومن ثم فقد استبدلوا به تهجير سكان الشمال إلى الجنوب، عبر تدمير كل مقومات الحياة في الشمال.

لكن إسرائيل تحاول تدمير مقومات الحياة في الشمال بشكل وحشي وبطريقة نازية غير مسبوقة، وهو ما يؤكد انفجار أكثر المشاعر همجية لدى الإسرائيليين الذين يريدون إبادة كل ما هو فلسطيني فعليا؛ والدليل على ذلك أنهم يمارسون تدميرا وعنفا كبيرين في الضفة الغربية المحتلة، وفق البرغوثي.

وفي هذا الصدد تحديدا، ينتقد البرغوثي بشدة موقف الدول العربية والإسلامية التي اجتمعت في الرياض قبل نحو 10 أيام، وقال إن عليها الاجتماع مرة أخرى للنظر فيما حدث بعد القمة الأولى "لأنهم لم يتحركوا خطوة واحدة لكسر الحصار تنفيذا لمقررات اجتماع الرياض"، حسب تعبيره.

لكن هذه الدول -برأي الشوبكي- ليست منخرطة جديا في الأزمة الراهنة ولن تنخرط غالبا لأسباب تتعلق بأسس نشأة الأنظمة السياسية لهذه الدول، وبالتالي فهي "تحاول تقسيم العجز من خلال قمة هنا وتحرك هنا"، كما يقول.

وحتى لو تحركت هذه الدول، فإنها لن تتحرك إلا خوفا من الشارع الذي ربما يزداد سخونة مستقبلا، كما يقول الشوبكي، الذي يؤكد أن الغضب الشعبي الحالي وإن كان حاضرا فإنه لم يصل إلى مرحلة تحريك الحكومات لأنه غير منظم وفاتر قياسا بمواقف شعوب غربية.

ويختلف البرغوثي مع الشوبكي فيما يتعلق بمقدار التأثير الشعبي على القرارات السياسية وهو يستند في هذا إلى إجبار الشارع الفرنسي الرئيس إيمانويل ماكرون على المطالبة بوقف القتال، لكنه يرى أن هذا التأثير ليس على النحو المطلوب حتى الآن.

أما الشارع العربي -يقول البرغوثي- فإنه يعرف جيدا أن ما يحدث للفلسطينيين حاليا هو ما ينتظرهم مستقبلا؛ لأنهم لم ينسوا أبدا ما حدث عام 1948، مؤكدا أن العامل الحاسم في هذه المعركة هو صمود الفلسطينيين ومقاومتهم وهو "ما لن ينكسر مهما حدث"، وفق تعبيره.

ويتفق الشوبكي مع البرغوثي فيما يتعلق بإمكانية وقف الحرب عبر مزيد من الضغط الشعبي لكنه يؤكد أن الأمر يتطلب تصاعدا في هذا الضغط، وهو يرى أن تحولا مهما حدث في الشارع الغربي وخصوصا الأميركي.

ويتمثل هذا التغير -برأي الشوبكي- في التعاطف الشعبي مع فلسطين من الجانب الإنساني إلى الجانب السياسي بعدما كسر الناس في الغرب الحاجز النفسي المتعلق بالخوف من الحديث عن أي شيء يمس إسرائيل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ما حدث

إقرأ أيضاً:

حرب الرسائل بين إسرائيل وحماس.. كيف تجاوزت معركة الرموز سجون الاحتلال؟

تشهد الساحة الفلسطينية الإسرائيلية فصلاً جديدًا من "حرب الرسائل" التي تتجاوز حدود المواجهات العسكرية المباشرة، لتصل إلى ساحة الرموز والشعارات المؤثرة.

في مشهد يعكس تصاعد التوترات بين حماس وإسرائيل، تحولت عملية تسليم الدفعة السادسة من الأسرى إلى ساحة مواجهة غير تقليدية، حيث استخدمت إسرائيل ملابس تحمل رسائل سياسية حادة، وردّ عليها الأسرى الفلسطينيون بإحراقها علنًا، في مشهد يحمل دلالات أعمق من مجرد تبادل للأسرى.

وشهدت عملية تبادل الأسرى الأخيرة بين حركة حماس وإسرائيل تصاعدًا في "حرب الرسائل" بين الجانبين، حيث استخدمت كل طرف وسائل رمزية للتأثير وإيصال رسائل معينة.

في الدفعة السادسة من تبادل الأسرى، أفرجت حماس عن ثلاثة رهائن إسرائيليين، بينهم ساشا تروبانوف، الذي يحمل الجنسية الروسية، وذلك استجابة لطلب القيادة الروسية.

رسائل قاسية من حماس

وجهت كتائب القسام ا رسائل لقوات الاحتلال الإسرائيلي وحكومتها والداخل الإسرائيلي توصل من خلالها رسائلها إلى العالم والتي بمجرد نقلها للداخل الإسرائيلي أثارت فزعا كبيرا في إسرائيل على الحالة الصحية لباقي الأسرى المحتجزين لدى حركة حماس في قطاع غزة.

ووضعت كتائب القسام أسفل المنصة صورا لـ 11 كيبوتسًا وموقعًا عسكريًا استطاعت خلال السابع من أكتوبر السيطرة عليها شرق خان يونس، وكتب عليها "عبرنا مثل خيط الشمس" في إشارة للسرعة الكبيرة التي نفذتها حماس في عملية طوفان الأقصى في داخل المستوطنات الإسرائيلية.

الرسالة الثانية القوية التي وجهتها حماس كانت من خلال ظهور سيارة اغتنمتها حركة حماس خلال عملية "طوفان الأقصى" من داخل المستوطنات الإسرائيلية خلال هجوم السابع من أكتوبر، وظهر مقاتلون من كتائب القسام يحملون أسلحة اغتنمت من جيش الاحتلال الإسرائيلي في العملية ذاتها.

رسالة أخرى قوية أفزعت الداخل الأسرائيلي خوفا على باقي الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة حيث وضعت المقاومة الفلسطينية ساعة رملية كتب أسفلها "الوقت ينفذ" وعليها صورة لوالدة أسير إسرائيلي هي متان تسنجاوكر.

ونصبت المقاومة الفلسطينية منصة كبيرة في عليها صور عدد من قادتها الذين استشهدوا خلال الحرب على منصة الإفراج عن أسرى الاحتلال، وكتبت رسالة "نحن الجنود يا قدس فاشهدي" وصورة لمهاجرين يحملون أعلام الدول العربية في طريقهم للقدس، في رسالة على أنه لا هجرة في الأراضي الفلسطينية إلا نحو القدس.

رسائل إسرائيلية

وقامت مصلحة السجون الإسرائيلية بتزويد الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم بملابس رياضية تحمل رسالة باللغة العربية كتب فيها "لن ننسى ولا نغفر"، مرفقة برمز نجمة داود وشعار مصلحة السجون الإسرائيلية، في إشارة إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي لن ينسى ما صنعته حماس وسيرد عليه ولن يسنى هؤلاء الأسرى.

رد فلسطيني حارق

ردًا على تلك الحركة من جيش الاحتلال الإسرائيلي قام الأسرى الفلسطينيون المفرج عنهم بإحراق هذه الملابس فور وصولهم إلى الأراضي الفلسطينية، تعبيرًا عن رفضهم للرسالة الموجهة من الجانب الإسرائيلي.

وبحسب متابعون فإن تصاعد حدة تلك الرسائل وحرب الرمزية تعكس صراعًا على الوعي والذاكرة، حيث يسعى كل طرف لترسيخ روايته وإيصال رسائله للعالم بطرق مبتكرة وغير تقليدية.

مقالات مشابهة

  • خبير سياسي: إسرائيل تحاول إيجاد مبررات للتواجد في لبنان «فيديو»
  • محلل سياسي: إسرائيل تحاول إيجاد مبررات للوجود في لبنان
  • محمد مصطفى أبو شامة: إسرائيل تحاول إيجاد مبررات للتواجد في لبنان
  • كاتب صحفي: إسرائيل تحاول إيجاد مبررات للوجود في لبنان
  • حرب الرسائل بين إسرائيل وحماس.. كيف تجاوزت معركة الرموز سجون الاحتلال؟
  • خبير: ترامب وضع إسرائيل في ورطة إعادة الحرب مرة أخرى
  • عائلات الأسرى الإسرائيليين: الحكومة تحاول عرقلة الصفقة بدل تطبيقها كاملا
  • ماذا يقول ChatGPT عن ازمات اللبنانيين؟
  • الاستخبارات الأمريكية: إسرائيل تريد ضرب إيران خلال أشهر قليلة
  • خروقات إسرائيل لاتفاق غزة: إعادة اعتقال الأسرى المحررين.. وقتل عشرات الفلسطينيين