الاتحاد الأوروبي يدرس فرض عقوبات على هيئات ومنظمات تمول حرب السودان
تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT
رصد – نبض السودان
أكدت أنيت فيبر، مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي، في حوار مع الشرق الأوسط، أن هنالك حاجة لدمج كل المبادرات (الأوروبية، السعودية، الأميركية، الأفريقية) في مبادرة جادة واحدة، لافتة إلى وجود ثقة لدى جميع الأطراف في الأوساط السعودية.
وأرجعت فيبر، التي تزور الرياض، تعثر المفاوضات السودانية إلى انعدام الرغبة لدى الطرفين في السلام، وشعورهما بإمكانية تحقيق المكاسب عبر القوة العسكرية عوضاً عن التفاوض، محذرة من أن الطرفين يأخذان البلد بأكمله معهما نحو الأسفل.
رغم كل ذلك، أفادت المبعوثة الأوروبية بأن الحرب الحالية ليست باسم السودانيين، وأن الفظائع والانتهاكات لحقوق الإنسان لا يمكن أن تمر دون عواقب، كاشفة أن الاتحاد الأوروبي يدرس فرض عقوبات بشكل تدريجي ووقف الإمدادات المالية على الهيئات والمنظمات التي تؤيد وتمول الحرب.
وتحدثت الدبلوماسية الألمانية أنيت فيبر أيضاً عن ملف سد النهضة، ومواجهة القرصنة والاتجار بالبشر في القرن الأفريقي، إلى جانب أمن البحر الأحمر ودور الجماعات المسلحة في زعزعة الاستقرار فيه… فإلى تفاصيل الحوار…
استهلت فيبر حديثها عن أهمية السودان بالنسبة للاتحاد الأوروبي، وأنه دولة محورية، تصل بين الساحل والبحر الأحمر، وبين ليبيا والقرن الأفريقي، كما أن الأمن البحري في البحر الأحمر أمر أساسي للتجارة الأوروبية، على حد تعبيرها.
وأضافت: «السودان دولة تمثل حلقة وصل بشكل إيجابي ويمكن أن تصبح مكاناً لكثير من الإمكانات مثل الزراعة وغيرها، ولكن هناك مخاطر كبيرة، منها الانهيار بسبب الحرب، وهذه إحدى المناقشات الرئيسية التي أجريناها مع المسؤولين السعوديين، ونود أن تكون هناك إمكانات وصول إنسانية للمساعدات الإنسانية، ونعمل في الوقت نفسه على الانتقال السياسي».
أشارت مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي إلى أن حالة من الإحباط كانت سائدة في مفاوضات جدة عندما زارتها في مايو (أيار) الماضي، لكنها تحدثت عن «روح مختلفة الآن، بالطبع السعودية تلعب دوراً رئيسياً في هذا الأمر، ونحن نقدر ذلك».
وتابعت بقولها: «ما أشعر به أننا جميعاً نذهب في اتجاه واحد، كل طرف يقدم جزءاً بسيطاً، جدة الجزء الأساسي، نحن في الاتحاد الأوروبي بدأنا نحو 5 جولات مشاورات مع المدنيين من كل الخلفيات من المحافظين إلى التقدميين في الشمال والجنوب والشرق، نشعر بأن كل هذه الأمور يجب أن تُضم معاً في مبادرة جادة، المبادرة السعودية والأميركية وأيضاً مبادرة الإيقاد والاتحاد الأفريقي لديهم دور هام في عملية السلام».
وأوضحت فيبر أن السعودية بدأت جهودها في السودان منذ وقت مبكر قبل اندلاع الحرب الحالية من خلال العمل في مختلف المواقع، وأن هناك ثقة في دور الوساطة السعودية، والاتحاد الأوروبي يدعم كل هذه الآليات.
وعبّرت الدكتورة أنيت عن تفاؤلها عطفاً على الزخم الموجود حالياً، مبررة ذلك بقولها: «رأينا البرهان شارك في القمة العربية الإسلامية بالسعودية، كان لا يتحدث على دور الجوار، الآن الأمر يتغير، لا يمكن العيش في فراغ، لديهم جيران. عليهم الحديث مع جيرانهم، وهذه خطوة إيجابية، تحدثت مع حمدوك وكثير من القوى المدنية، نرى وحدة مدنية قوية، الوقت غير مناسب لصراع سياسي، علينا الاجتماع، وأن نبدأ الخطوة التالية، ونتخطى الحرب للفترة الانتقالية».
بحسب المبعوثة الأوروبية، فإن انعدام الرغبة من كلا الطرفين يعد من أبرز التحديات أمام جهود السلام الحالية في الملف السوداني، وقالت: «كل طرف يشعر أنه يمكنه أن يكتسب مزيداً من الأرض بالقوة العسكرية والنفوذ، هناك صراع بين الطرفين وهما يأخذان البلد بأكمله معهما نحو الأسفل، ما نراه الآن بالعمل مع المدنيين أن الجميع يرغب في العودة للتنمية وبناء السودان وازدهاره والنظر إلى المستقبل، لكن الطرفين المتحاربين يشعران أنهما يمكنهما الحصول على المكاسب عبر القوة عوضاً عن التفاوض».
شددت الدكتورة فيبر على أن الفظائع والانتهاكات لحقوق الإنسان التي يرتكبها الطرفان لا يمكن أن تمر دون عواقب، وأضافت: «نحن في الاتحاد الأوروبي بدأنا الحديث عن عقوبات بشكل تدريجي وإجراءات عقابية، عليهم أن يفهموا أن هناك محاسبة، لا يمكنك أن تذبح مدنيين وتذهب من دون عقاب، هذا أمر يتعلق بالمستقبل، لا يمكننا أن نغلق الباب لكن علينا القول لا يمكنكم أن تفعلوا هذه الأمور دون عواقب».
وتابعت: «ننظر إلى وقف الإمدادات المالية للهيئات والمنظمات التي تؤيد وتمول الحرب، يمكننا القول إذا بدأتم المفاوضات لن نتحدث عن العقوبات (…) الحرب ليست باسم السودانيين، وهم لا يمثلون السودانيين، على جميع السودانيين من جميع الخلفيات أن يرسلوا نفس الرسالة والعمل على بداية جديدة، وأعتقد أنه على جامعة الدول العربية مع السعودية ومصر والأميركيين والاتحاد الأوروبي إرسال نفس الرسالة. علينا أن نكون متحدين وأن نضغط على الجانبين».
من وجهة نظر أوروبية، تقول فيبر إن التركيز في ملف سد النهضة اليوم يجب ألا يكون على السد نفسه، بل على مستقبل الاستثمارات واحتياجات الدول الثلاث للسنوات المائة المقبلة، وأضافت: «رؤيتي لملف سد النهضة يجب أن ننظر لاحتياجات الدول الثلاث؛ إثيوبيا ومصر والسودان، ليس اليوم، ولكن للسنوات الخمسين أو المائة المقبلة».
وأشارت إلى أن «إثيوبيا تحتاج للطاقة لاستهلاكها وأيضاً بيعها للجيران، كيف يمكن أن نساعد في الاستثمار في الطاقة الخضراء في إثيوبيا والوقود غير الأحفوري والطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الحرارية من أجل أن تركز الطاقة بعيداً عن سد النهضة، كذلك نحتاج إلى النظر في إدارة الماء بالسودان حيث لديه إمكانات زراعية كبيرة، فالخليج والجميع يحتاجه لإنتاج الغذاء للمنطقة وما بعدها، نحتاج المياه، ولا يمكننا أن نوقف السودانيين عن إنتاج الغذاء وأن تكون لديهم القدرة والمعرفة والطاقة والتكنولوجيا من أجل أن يكونوا قادرين على استخدام المياه لآخر قطرة».
وتابعت: «الجميع يتحدث عن احتياجات إثيوبيا من الطاقة والاحتياجات المصرية لما يكفي من المياه، يمكننا جمع هذين الأمرين، وأن نتخطى نقطة السد نفسه ونفكر في مستقبل الاستثمارات».
وفقاً للدبلوماسية الأوروبية، فإن الأوضاع ازدادت سوءاً في منطقة القرن الأفريقي منذ العام الماضي، ولا سيما اندلاع الأزمة السودانية، كما أن «حركة الشباب» لا تزال قوية في الصومال، بحسب وصفها. وتضيف: «نريد أن نرى القوات الصومالية أكثر قوة، هناك حاجة في المنطقة أن يكون هناك هيكل أمني عبر تنسيق بين كينيا وإثيوبيا وجيبوتي، هذه الدول تحتاج للتعاون، هناك رابط بين أزمة (الشباب) في الصومال ومخاطر محتملة في السودان، هناك كثير من المحاربين يأتون من الساحل، لا نريد أن نرى مزيداً من الجهاديين مثل (القاعدة) و(داعش) يتفقون أو ينتقلون للسودان، ما يؤدي إلى مزيد من زعزعة الوضع».
اعتبرت مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي تأسيس «مجلس الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن» أمراً أساسياً بالنسبة لأوروبا، مبينة أن البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط يمثلان شريان حياة للتجارة الأوروبية، وقالت: «ليس ممراً مائياً فقط، لكنه وسيلة اتصال، نرى كثيراً من القلاقل الصغيرة، كما رأينا الناقلة (جيفغن) عندما توقفت في قناة السويس أخذ الأمر شهور طويلة لإطلاق السفن، نحن حريصون على مجلس البحر الأحمر لتقديم الدعم في أي أمر، لدينا (أتلانتا) التابع للاتحاد الأوروبي لمحاربة القرصنة، ونناقش كيف يمكن ربط هذه الإدارات بعضها مع بعض، الأمر يتطلب كثيراً من الجهود الجماعية، نرى كل هذه الأمور في قناة السويس والمخاطر المحتملة، كما الحوثيين».
ووفقاً للدكتورة فيبر، فإن «الأمور بين اليمن والصومال مقلقة، هناك تجارة غير شرعية موجودة، وتبادل في كلا المنطقتين، والأمر يزداد، كما نحتاج للحد من القنابل القذرة التي تستخدم ضد السفن، والسؤال هو؛ من يتحكم في أمن البحر الأحمر؟ الأمر أصبح أكثر أهمية من أجل منع كل هذه الأمور (…) نحتاج إلى تفاهم جماعي للأمن في البحر الأحمر».
على الجانب الشخصي، تقول الدكتورة أنيت فيبر إنها للتوّ أنهت قراءة كتاب الكاتب التنزاني الحائز على جائزة نوبل للآداب عبد الرزاق قرنح، حيث يتحدث الكتاب عن الماضي الاستعماري الألماني في تنزانيا.
المصدر: نبض السودان
كلمات دلالية: الأوروبي الاتحاد عقوبات فرض يدرس الاتحاد الأوروبی البحر الأحمر هذه الأمور سد النهضة لا یمکن یمکن أن کل هذه
إقرأ أيضاً:
عقوبات الاتحاد الأوروبي على عثمان عمليات وكرشوم: كوميديا سياسية في مسرح الأزمات السودانية
*“عقوبات الاتحاد الأوروبي على عثمان عمليات وكرشوم: كوميديا سياسية في مسرح الأزمات السودانية”* بقلم: لنا مهدي هل سمعتم بالملهاة الجديدة التي أطلقها مجلس الاتحاد الأوروبي عندما قرر أن يعاقب أبرياء الدعم السريع ظنًا منه أن العقوبات المضحكة هذه ستُحدث أي تأثير يذكر اللواء عثمان محمد حامد عثمان قائد عمليات الدعم السريع أصبح فجأة المسؤول الأول عن كل ما جرى وكأن الساحة السياسية والعسكرية في السودان تخلو من أي تعقيد أو تشابك في المصالح والولاءات هذا الرجل الذي يُفترض أنه قائد عمليات ميدانية صار بين ليلة وضحاها عراب كل انتهاكات حقوق الإنسان التي يمكنكم تخيلها وكأن هناك فوضى حقوقية تحصل بضغطة زر من مكتبه السحري ثم جاء الدور على التجاني كرشوم رئيس الإدارة المدنية بولاية غرب دارفور الرجل الذي يقال إنه جنّد المليشيات وكأنه فتح مكتب توظيف علني للانتهاكات وماذا كان عقاب الاتحاد الأوروبي يا ترى تجميد الأصول وكأن هؤلاء يعيشون على حسابات مصرفية في بنوك باريس أو فيينا حظر الأموال والأصول يبدو وكأنه عقاب على شاكلة من يحظر الهواء على سكان القمر ثم تأتي القنبلة الكبرى وهي حظر السفر إلى الاتحاد الأوروبي وكأن هذه الشخصيات كانت تخطط لقضاء عطلات نهاية الأسبوع في الريفيرا الفرنسية أو التسوق في ميلانو تذكّرنا هذه العقوبات بالمسرحيات الساخرة التي تُكتب للضحك فقط لكنها للأسف تفتقر إلى أي حبكة درامية فاعلة أو حتى خيال مبتكر العقوبات صارت أداة كوميدية جديدة يُضاف إليها شعور الأوروبيين بأنهم يلعبون دورًا بطوليًا وهم في الحقيقة يضحكون علينا وعلينا فقط. و مع هذه العقوبات العبقرية التي يبدو أنها وُضعت في لحظة من الإلهام الكوميدي الخالص تخيّل أن مجلس الاتحاد الأوروبي، ذلك المجلس الذي يضم عباقرة السياسة الدولية، قرر أن يُعلمنا درسًا في “فن العقوبات بلا جدوى” فبدلًا من أن يعاقب المجرمين الحقيقيين الذين يديرون اللعبة من وراء الكواليس أو حتى أن يتعامل بجدية مع الواقع المعقد في السودان قرروا أن يُظهروا لنا براعتهم في صنع عقوبات لا تمس إلا الهواء الفارغ والآن لنقف للحظة ونتأمل عقوباتهم الجميلة، تجميد الأصول أولًا هل خطر ببال أحد هؤلاء العباقرة أن هؤلاء القادة ليس لديهم حسابات مصرفية في أوروبا أصلًا أم أنهم يتخيلون أن اللواء عثمان حامد مثلًا كان يُخبئ ثروته في بنك سويسري استعدادًا لشراء فيلا على بحيرة جنيف ثم يأتي الحظر المالي وكأن قوات الدعم السريع كانت تعتمد في تمويلها على بطاقات الائتمان الأوروبية أو تتلقى حوالات من بنوك برلين أو روما ثم حظر السفر، يا لهذه الضربة القاصمة! يبدو أن مجلس الاتحاد الأوروبي يعتقد أن هؤلاء القادة كانوا يخططون لحضور عروض الأوبرا في فيينا أو زيارة متاحف مدريد ولكن للأسف حُرموا من هذا الحلم بسبب العقوبات إذا كانت هذه العقوبات تهدف إلى بث الخوف أو تغيير موازين القوى في السودان فإنها بلا شك أضاعت طريقها تمامًا في الحقيقة، هي ليست سوى رسالة ساخرة موجهة للعالم تقول فيها أوروبا إنها لا تفهم شيئًا مما يحدث لكنها تحب أن تبدو مشغولة جدًا بملفات حقوق الإنسان والقانون الدولي إنها أشبه بمن يحاول إطفاء حريق هائل بنفخ الشموع معتقدًا أن رمزيته ستصنع الفرق
لنا مهدي
lanamahdi1st@gmail.com