حتى لو طال أمد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، فمن المرجح أن تسعى قيادة مصر والأردن إلى توجيه الغضب الشعبي بعيدا عن قطاع الطاقة، إذ يتشبث البلدان بواردات الغاز الطبيعي الإسرائيلية في ظل استمرار معاناتهما من مشاكل اقتصادية كبيرة.

تلك القراءة طرحها كولبي كونيلي في تحليل بـ"معهد الشرق الأوسط بواشنطن" (MEI) ترجمه "الخليج الجديد"، مضيفا أن "المخاطر الأمنية التي تهدد أصول الغاز البحرية في إسرائيل راسخة، ورغم أن الصراع أدى إلى تفاقم نقص الطاقة في مصر، إلا أنه ليس السبب فيه".

وأوضح أن "أبرز مثال على تأثير الصراع على المدى القريب على صناعة الغاز كان هو الأمر الذي أصدرته وزارة الطاقة الإسرائيلية لمنصة غاز "تمار"، التي تديرها شركة "شيفرون" بوقف عملياتها، على الرغم من استئنافها لاحقا".

ولفت إلى أن "حقل تمار يحتوي على 10 تريليون قدم مكعب من الغاز، وهو ثاني أكبر حقل إنتاج في إسرائيل ومصدر رئيسي لإمدادات السوق المحلية والصادرات إلى الدول المجاورة".

واستطرد: "كما أنه نقطة عبور للغاز من أكبر حقل في إسرائيل، وهو "ليفياثان"، الذي تديره شيفرون أيضا وتبلغ طاقته 22 تريليون قدم مكعب، إلى مصر".

وأضاف كونيلي أنه "هذه المرة، كانت التأثيرات أكثر وضوحا، إذ استمر توقف العمليات لأكثر من شهر. وكانت مصر تستورد الغاز عبر خط أنابيب غاز شرق البحر الأبيض المتوسط، المعروف باسم خط أنابيب عسقلان-العريش".

واستدرك: "لكن التدفقات توقفت بعد أن وصلت إلى مستويات قياسية تبلغ 900 مليون قدم مكعب يوميا في وقت سابق من العام الجاري.. ثم كان على الواردات أن تسلك طريقا جديدا عبر خط أنابيب الغاز العربي بكميات أقل مما كانت تتلقاه القاهرة قبل الحرب".

اقرأ أيضاً

مع تراجع المخاطر.. زيادة تدفقات الغاز الإسرائيلي إلى مصر 60%

أسوأ وقت ممكن

"من المؤكد أن هذا التطور جاء في أسوأ وقت ممكن على الأرجح بالنسبة لمصر، التي بدأ إنتاجها المحلي من الغاز في الانخفاض الحاد؛ مما أدى إلى نقص في الإمدادات بشكل مخيف مماثل لذلك الذي تسبب في أزمة الطاقة قبل عقد من الزمن؛ مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي"، كما تابع كونيلي.

وزاد بأنه "بعد الانهيار الأولي في الواردات، تعافت التدفقات إلى حد ما وتمكنت مصر من تخفيف انقطاعات الكهرباء. ومنذ أن أكدت شيفرون إعادة تشغيل حقل تمار في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني (الجاري)، من المفترض أن تكون التدفقات قد وصلت إلى مستويات ما قبل الصراع".

كونيلي قال إن "السياسة قد تخيم بشكل كبير على صادرات الغاز الإسرائيلي إلى مصر، فضلا عن الكميات الأصغر التي تتدفق (من إسرائيل) إلى الأردن".

ومنذ عامي 1979 و1994 على الترتيب، ترتبط مصر والأردن بمعاهدتي سلام مع إسرائيل، التي تحتل أراضٍ في فلسطين ولبنان وسوريا منذ عقود.

وزاد بأن "الغضب الشعبي (ضد إسرائيل) في البلدين تحول في السابق نحو تجارة الطاقة، وأدى إلى هجمات متعددة على البنية التحتية لخطوط الأنابيب في منطقة سيناء (بمصر) في السنوات الأخيرة، لكن هذا الشعور لم يشكل بعد تهديدا ملموسا لواردات الغاز من إسرائيل إلى أي من البلدين".

اقرأ أيضاً

حرب غزة تعرقل إمدادات مصر للغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا

مشاكل اقتصادية كبيرة

ومع استمرار الحرب وعدد القتلى المدنيين في غزة في إثارة الغضب الدولي، بحسب كونيلي، "قد يتغير هذا الوضع، ولكن من المرجح أن تقاوم القاهرة وعمان قدر استطاعتهما أي ضغوط لوقف الواردات الإسرائيلية".

ويشن جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ 43 يوما حربا مدمرة على غزة خلّفت أكثر من 12 ألف شهيد فلسطيني، بينهم 5 آلاف طفل و3 آلاف و300 امرأة، فضلا عن أكثر من 30 ألف مصاب، 75 بالمئة منهم أطفال ونساء، بحسب أحدث إحصاء رسمي فلسطيني.

فيما قتلت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) نحو  1200 إسرائيلي وأسرت حوالي 239، بينهم عسكريون برتب رفيعة، ترغب في مبادلتهم مع أكثر من 7 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، في سجون الاحتلال.

و"يكمن الاقتصاد في قلب هذه القضية (واردات الغاز الإسرائيلي). بالنسبة لمصر، فإن حقيقة أن انتعاش الواردات مكّن من تخفيف انقطاعات الكهرباء يسلط الضوء على هشاشة توازن الغاز لديها والدور الذي تلعبه علاقات الطاقة مع إسرائيل"، كما زاد كونيلي.

وأردف: "أما في الأردن، فإن إنتاج الغاز المحلي ضعيف. وإنهاء واردات الغاز الإسرائيلي في أي من البلدين سيتطلب تلبية الطلب بواردات الغاز الطبيعي المسال الباهظة الثمن؛ مما يتسبب في معاناة اقتصادية للسكان وتآكل احتياطيات النقد الأجنبي في وقت تواجه فيه كل من القاهرة وعمان بالفعل مشاكل اقتصادية كبيرة".

اقرأ أيضاً

زيادة انقطاع الكهرباء بمصر.. تساؤلات حول غاز إسرائيل وتذكير بمأساة غزة

المصدر | كولبي كونيلي/ معهد الشرق الأوسط بواشنطن- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: حرب غزة مصر الأردن غاز إسرائيل الغاز الإسرائیلی أکثر من

إقرأ أيضاً:

مباحثات مصرية أمريكية لتعزيز الشراكة في مجال الطاقة

استقبل وزير الطاقة الأمريكي، كريس رايت، المهندس كريم بدوي وزير البترول والثروة المعدنية، في افتتاح اليوم الثاني للقمة العاشرة للطاقة بإفريقيا التي تستضيفها العاصمة الأمريكية واشنطن خلال يومي 6-7 مارس الجاري.

وذكرت وزارة البترول، في بيان اليوم الجمعة، أن اللقاء تطرق إلى سبل تعزيز التعاون بين البلدين ونقل الخبرات في مجال الطاقة، والتي شهدت خلال السنوات تطوراً ملحوظاً سواء على المستوى الثنائي أو الإقليمي والدولي، وقد ظهر ذلك جلياً في دخول عدد من الشركات الأمريكية لأول مرة مجال البحث والاستكشاف في مصر، وعلى رأسها شركتي شيفرون وإكسون موبيل.

كما جرى بحث تعزيز التعاون مع الشركات الأمريكية لتنمية حقول منطقة شرق المتوسط وجلب الغاز المُنتج من تلك الحقول إلى مصر للربط بتسهيلات الإسالة المصرية والذي تُوج مؤخراً بالاتفاق الذي تم توقيعه بالقاهرة مع شركة "شيفرون" خلال حفل افتتاح مؤتمر "إيجبس 2025" لتنمية موارد الغاز من حقل افروديت القبرصي وربطه بتسهيلات الإسالة في مصر.

واتفق الجانبان على عقد اجتماع ثنائي موسع، يوم الثلاثاء المقبل، ضمن فعاليات CERA week.

مقالات مشابهة

  • السوداني يتابع مع وزارتي النفط والكهرباء مشاريع الطاقة
  • إسرائيل: إنشاء إدارة للهجرة لتنفيذ خطة ترامب بشأن غزة
  • وزير الطاقة الإسرائيلي يوجه بقطع الكهرباء عن غزة
  • البابا فرنسيس: نحن بحاجة إلى ”معجزة الحنان“ التي ترافق الذين هم في محنة
  • لعام آخر.. العراق يحتاج الغاز الإيراني ولا بدائل قريبة - عاجل
  • السفارة الأميركية في العراق: استيراد الغاز الطبيعي خارج منظومة العقوبات
  • الكهرباء تستعد للصيف بخزين ستراتيجي من الوقود
  • تركيا تكشف رسميا عن معدلات انتاجها اليومي من النفط
  • العراق.. تحذير من فقدان نصف الطاقة الكهربائية مع توقف إمدادات الغاز الإيراني
  • مباحثات مصرية أمريكية لتعزيز الشراكة في مجال الطاقة