الإصلاح النقدي.. بدأ بعلاج تشوهات سوق الصرف مطلع نوفمبر 2016
تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT
اتخذ البنك المركزى المصرى قراراً ببداية الإصلاح الاقتصادى بتحرير سعر الصرف فى مطلع نوفمبر 2016، ليتم تسعيره وفقاً لقوى العرض والطلب، واستهدف البنك المركزى من هذه السياسات إصلاح التشوه السعرى بسوق الصرف والقضاء على السوق الموازية.
وتمكين الدولة من توفير العملات الأجنبية اللازمة لاستيراد السلع الأساسية والوفاء بالتزاماتها نحو الشركات الأجنبية العاملة بالسوق المصرية وبناء الاحتياطى الأجنبى لمستويات ما قبل أحداث يناير ليغطى الواردات لمدة 6 أشهر على الأقل، وجذب الاستثمارات الأجنبية، والسيطرة على الموجة التضخمية الناتجة عن تحرير سعر الصرف، وتحقيق مستهدفات السياسة النقدية فى استقرار الأسعار على الأجل المتوسط.
وفى سبيل تحقيق الأهداف السابقة اتخذ البنك المركزى مجموعة من القرارات، التى تتمثل فى تخفيف القيود الرقابية التى سبق فرضها على عمليات النقد الأجنبى.
ومن أهمها حدود السحب والإيداع، التى أسهمت فى القضاء على السوق الموازية للنقد الأجنبى وتوفير العملات الأجنبية اللازمة لاستيراد السلع الأساسية وسداد مستحقات الشركات الأجنبية العاملة بالسوق المصرية وبناء الاحتياطيات الأجنبية، التى وصلت لمستويات تاريخية بالرغم من المخاطر التى تعرضت لها الأسواق الناشئة فى منتصف عام 2018 واتباع سياسة نقدية تقييدية.
من أجل السيطرة على معدلات التضخم باستخدام مزيج من أدوات السياسة النقدية، منها سعر الفائدة، نسبة الاحتياطى الإلزامى وعمليات السوق المفتوحة للسيطرة على مستويات السيولة بالسوق المصرفية، وإعلان مستهدفات التضخم فى البيانات الصحفية للجنة السياسة النقدية لأول مرة فى تاريخ البنك المركزى.
ما يزيد من مستويات ثقة المستثمرين والمستهلكين فى الاقتصاد المصرى، وقدرة «المركزى» على الإبقاء على معدلات التضخم ضمن مستوياتها المستهدفة، وهو ما انعكس إيجابياً على الاقتصاد المصرى فى العديد من المؤشرات، منها مؤشرات ميزان المدفوعات.
وتطور عجز الميزان التجارى وعجز الميزان التجارى من 39.1 إلى 38.79 مليار دولار لعامى 2014/15 و2015/16 على التوالى لتصل إلى 36.4 مليار دولار بحلول عام 2019/2020، ليرتفع عقب ذلك إلى 43.96 مليار دولار بحلول عام 2021/2022، بفعل تأثيرات الأزمات العالمية، كجائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، على أداء الصادرات والواردات المصرية.
وغير أن الأمر الإيجابى أن الاقتصاد المصرى حقق فائضاً فى ميزان المعاملات البترولية، إذ بلغت الصادرات البترولية نحو 17.9 مليار دولار فى العام 2021/2022 مقابل الواردات البترولية البالغة 13.5 مليار فقط خلال نفس العام، ويرجع هذا إلى ارتفاع معدلات إنتاج المواد البترولية، خصوصاً الغاز الطبيعى فى ظل الاكتشافات الحديثة.
تقلص عجز الميزان التجارى وتحقيق فائض فى ميزان المعاملات البترولية وتحسن مستوى مصر فى مؤشرات تنافسية السياحةالمؤشر الثانى تطورات الميزان الخدمى، فعلى صعيد الميزان الخدمى تضاعف فائض الميزان الخدمى مدعوماً بزيادة ملحوظة فى إيرادات السياحة وحصيلة قناة السويس، إذ أسهم تحرير سعر الصرف الذى ساعد على تحسن مستوى مصر فى مؤشرات تنافسية السياحة.
وهو ما انعكس بدوره على إيرادات السياحة، التى شهدت تزايداً ملحوظاً فى أعقاب تحرير سعر الصرف، حيث بلغت 10.3 مليار دولار خلال التسعة أشهر الأولى من العام المالى الماضى 2022، وهو ضمن مستويات الأداء المرتفعة حتى بالمقارنة مع ما قبل ثورة يناير.
ومقابل 3.8 مليار دولار خلال عام 2015/16 أى بنسبة زيادة قدرها 36.9%، وبالنسبة لإيرادات قناة السويس فقد أنعشت خزينة الدولة بحجم إيرادات بلغ 9.4 مليار دولار خلال العام المالى 2022/2023، لتتجاوز هذه القيمة ما تحقق من قبل، بالرغم من الأزمات العالمية المتتالية.
وبلغت إيرادات قناة السويس 5.2 مليار دولار عام 2015 وخلال السنوات اللاحقة كانت الحصيلة أعلى قليلاً أو أقل قليلاً عن هذه النسبة، حتى بدأت فى الارتفاع منذ عام 2021 لتحقق 6.3 مليار دولار ثم نحو 8 مليارات دولار عام 2022، لتصل أخيراً إلى 9٫4 مليار دولار خلال العام المالى 2022/2023.
المؤشر الثالث التدفقات الاستثمارية، حيث يعد التحسن الأبرز الذى تبع تحرير سعر الصرف هو تدفقات استثمارات المحافظ الأجنبية، حيث تخطت 30 مليار دولار منذ تحرير سعر الصرف، وهو ما يؤكد جاذبية الاستثمارات المالية المصرية للمستثمرين الأجانب.
ومن الملاحظ أن الميزان المالى قد حقق تدفقات قدرها 4.2 مليار دولار خلال عام 2018/19 مقابل 12.1 مليار دولار خلال عام 2017/18 ليصل إلى 7.3 مليار دولار عام 2019/2020. وهو ما يتوافق مع الأحداث العالمية، فالحروب التجارية بين الولايات المتحدة والصين قد أثرت سلبياً على تدفقات استثمارات الحافظة.
بجانب جائحة فيروس كورونا المستجد، إلا أنه مع تحسن الأوضاع عادت لتحقق 18.7 مليار دولار خلال عام 2020/2021 وبشكل عام، ارتفعت التدفقات الاستثمارية خلال العام الحالى 2023 بنسبة 72% بفضل التسهيلات التى قدمتها الدولة للمستثمرين على خلفية 22 قراراً صادراً من المجلس الأعلى للاستثمار.
ارتفاع صافى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر إلى 3.3 مليار دولار وضع مصر فى المركز الأول على مستوى شمال أفريقيا وحقق فائضاً فى ميزان المدفوعات تخطى 26 مليار دولاروجاء ارتفاع التدفقات الاستثمارية مدعوماً بارتفاع حجم الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر خلال عام 2022 إلى 8.9 مليار دولار مقابل 5.2 مليارات دولار فى 2021 وخلال الربع الأول من العام الحالى 2023 ارتفع صافى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر إلى مصر ليصل إلى حوالى 3.3 مليار دولار، لتحقق مصر المركز الأول على مستوى دول شمال أفريقيا فى مؤشر التدفقات الواردة من الاستثمار الأجنبى، والأولى عربياً من حيث نمو الاستثمارات الأجنبية. والتطورات السابق ذكرها أسهمت فى تحقيق فائض فى ميزان المدفوعات يتخطى 26 مليار دولار خلال عامى 2016/17 و2017/18.
وشهد عام 2019/18 تبايناً فى أداء الموازين الثانوية، وهو ما انعكس على ميزان المدفوعات سلباً ليحقق عجزاً بمقدار 0.1 مليار دولار، إلا أن ميزان المدفوعات حقق فائضاً قدره 1.86 مليار دولار فى العام المالى 2020/2021. وبنهاية سبتمبر من العام الماضى 2022 حقق ميزان المدفوعات المصرى فائضاً كلياً بلغ 523.5 مليون دولار، مدعوماً بارتفاع الإيرادات السياحية وحصيلة الصادرات السلمية البترولية وغير البترولية، إلى جانب تصاعد إيرادات قناة السويس وارتفاع صافى التدفق الداخل للاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر.
الاحتياطى النقدى وسعر الصرف: انعكست هذه التطورات على صافى الاحتياطيات الدولية، التى شهدت أعلى معدلات تاريخية فى ديسمبر 2018 بقيمة 45.55 مليار دولار، إلا أنه تخلى عن هذه المستويات بفعل التأثيرات العالمية ليصل إلى 33.53 مليار دولار بحلول نوفمبر 2022 ليتعافى عقب ذلك بحلول أغسطس 2023 عند 34.9 مليار دولار.
وبالنسبة لأسعار الصرف شهد عام 2020 أداء جيداً للجنيه المصرى مقارنة بالأسواق الناشئة، بدعم من نتائج برنامج الإصلاح الاقتصادى ومساعى الدولة لتحسين مؤشرات الاقتصاد والبرامج الحمائية، التى اتخذتها الدولة خلال فترة جائحة كورونا.
إلا أن سوق الصرف شهدت مطلع عام 2022 تحولاً كبيراً على خلفية التقلبات العالمية وصدمات الاقتصاد الدولى الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية، لتتخذ البنوك المركزية عالمياًً وبالتبعية البنك المركزى المصرى سياسة تشددية للسيطرة على معدلات التضخم المرتفعة، وفى ظل هذه الأوضاع ارتفع سعر الدولار مقابل الجنيه المصرى من 15 جنيهاً للدولار ليصل إلى 30.90 جنيه مقابل الدولار.
معدلات التضخم: تراجعت معدلات التضخم بوتيرة أسرع مما كان متوقعاً من قبل المحللين، فقد سجل معدل التضخم تراجعاً من 21.6% عام 2017/2018 فى أعقاب تحرير سعر الصرف نتيجة برنامج الإصلاح الاقتصادى - إلى%6.4%79 خلال عامى 2019/2020 2020/2021 على التوالى، مرتفعاً بعد ذلك بمستويات كبيرة بفعل تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية على معدلات التضخم العالمية والمحلية، إلا أنه من المتوقع أن يعود إلى الاستقرار مرة أخرى فى عام 2023/2024 إلى مستويات ما دون 20%.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الاقتصاد المصري القطاع الخاص ملیار دولار خلال عام الاستثمار الأجنبى على معدلات التضخم تدفقات الاستثمار میزان المدفوعات تحریر سعر الصرف البنک المرکزى العام المالى قناة السویس لیصل إلى وهو ما
إقرأ أيضاً:
لماذا قرر “مؤسس داماك” حسين سجواني استثمار 20 مليار دولار في أميركا؟
كشف مؤسس شركة داماك حسين سجواني، عن قراره في استثمار 20 مليار دولار في أمريكا، بسبب زيادة الطلب على مراكز البيانات في السوق الأمريكي.
وقال رداً على سؤال خلال جلسة بمنتدى الإدارة الحكومية العربية ضمن جدول أعمال اليوم الثاني للقمة العالمية للحكومات المنعقدة في دبي، لماذا قررت استثمار 20 مليار دولار لبناء مراكز بيانات جديدة في أمريكا؟ إن شركة داماك الإماراتية تم إنشاؤها منذ أكثر من 25 عاماً في مجال العقارات وكافة الشركات تعمل على تطوير أعمالها، وفي عام 2021 تم اتخاذ قرار الدخول في مراكز البيانات.
وأضاف: “بعد دخول عالم الذكاء الاصطناعي زاد الطلب على مراكز البيانات ونمتلك حالياً مراكز بيانات في 10 دول حول العالم، وركزنا خلال العامين الماضيين على آسيا وأوروبا، وفي عام 2024 تم اتخاذ قرار بدخول السوق الأمريكي حيث يشهد إقبال كبير على تلك النوع من المراكز، ونمتلك أكتر من 70 محفظة استثمارية في أميركا”.
صحيفة الامارات اليوم
إنضم لقناة النيلين على واتساب