اتخذ البنك المركزى المصرى قراراً ببداية الإصلاح الاقتصادى بتحرير سعر الصرف فى مطلع نوفمبر 2016، ليتم تسعيره وفقاً لقوى العرض والطلب، واستهدف البنك المركزى من هذه السياسات إصلاح التشوه السعرى بسوق الصرف والقضاء على السوق الموازية.

وتمكين الدولة من توفير العملات الأجنبية اللازمة لاستيراد السلع الأساسية والوفاء بالتزاماتها نحو الشركات الأجنبية العاملة بالسوق المصرية وبناء الاحتياطى الأجنبى لمستويات ما قبل أحداث يناير ليغطى الواردات لمدة 6 أشهر على الأقل، وجذب الاستثمارات الأجنبية، والسيطرة على الموجة التضخمية الناتجة عن تحرير سعر الصرف، وتحقيق مستهدفات السياسة النقدية فى استقرار الأسعار على الأجل المتوسط.

البنك المركزى يتبع سياسة نقدية تقييدية للسيطرة على معدلات التضخم ورفع مستويات السيولة فى السوق المصرفية

وفى سبيل تحقيق الأهداف السابقة اتخذ البنك المركزى مجموعة من القرارات، التى تتمثل فى تخفيف القيود الرقابية التى سبق فرضها على عمليات النقد الأجنبى.

ومن أهمها حدود السحب والإيداع، التى أسهمت فى القضاء على السوق الموازية للنقد الأجنبى وتوفير العملات الأجنبية اللازمة لاستيراد السلع الأساسية وسداد مستحقات الشركات الأجنبية العاملة بالسوق المصرية وبناء الاحتياطيات الأجنبية، التى وصلت لمستويات تاريخية بالرغم من المخاطر التى تعرضت لها الأسواق الناشئة فى منتصف عام 2018 واتباع سياسة نقدية تقييدية.

من أجل السيطرة على معدلات التضخم باستخدام مزيج من أدوات السياسة النقدية، منها سعر الفائدة، نسبة الاحتياطى الإلزامى وعمليات السوق المفتوحة للسيطرة على مستويات السيولة بالسوق المصرفية، وإعلان مستهدفات التضخم فى البيانات الصحفية للجنة السياسة النقدية لأول مرة فى تاريخ البنك المركزى.

ما يزيد من مستويات ثقة المستثمرين والمستهلكين فى الاقتصاد المصرى، وقدرة «المركزى» على الإبقاء على معدلات التضخم ضمن مستوياتها المستهدفة، وهو ما انعكس إيجابياً على الاقتصاد المصرى فى العديد من المؤشرات، منها مؤشرات ميزان المدفوعات.

وتطور عجز الميزان التجارى وعجز الميزان التجارى من 39.1 إلى 38.79 مليار دولار لعامى 2014/15 و2015/16 على التوالى لتصل إلى 36.4 مليار دولار بحلول عام 2019/2020، ليرتفع عقب ذلك إلى 43.96 مليار دولار بحلول عام 2021/2022، بفعل تأثيرات الأزمات العالمية، كجائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، على أداء الصادرات والواردات المصرية.

وغير أن الأمر الإيجابى أن الاقتصاد المصرى حقق فائضاً فى ميزان المعاملات البترولية، إذ بلغت الصادرات البترولية نحو 17.9 مليار دولار فى العام 2021/2022 مقابل الواردات البترولية البالغة 13.5 مليار فقط خلال نفس العام، ويرجع هذا إلى ارتفاع معدلات إنتاج المواد البترولية، خصوصاً الغاز الطبيعى فى ظل الاكتشافات الحديثة.

تقلص عجز الميزان التجارى وتحقيق فائض فى ميزان المعاملات البترولية وتحسن مستوى مصر فى مؤشرات تنافسية السياحة

المؤشر الثانى تطورات الميزان الخدمى، فعلى صعيد الميزان الخدمى تضاعف فائض الميزان الخدمى مدعوماً بزيادة ملحوظة فى إيرادات السياحة وحصيلة قناة السويس، إذ أسهم تحرير سعر الصرف الذى ساعد على تحسن مستوى مصر فى مؤشرات تنافسية السياحة.

وهو ما انعكس بدوره على إيرادات السياحة، التى شهدت تزايداً ملحوظاً فى أعقاب تحرير سعر الصرف، حيث بلغت 10.3 مليار دولار خلال التسعة أشهر الأولى من العام المالى الماضى 2022، وهو ضمن مستويات الأداء المرتفعة حتى بالمقارنة مع ما قبل ثورة يناير.

ومقابل 3.8 مليار دولار خلال عام 2015/16 أى بنسبة زيادة قدرها 36.9%، وبالنسبة لإيرادات قناة السويس فقد أنعشت خزينة الدولة بحجم إيرادات بلغ 9.4 مليار دولار خلال العام المالى 2022/2023، لتتجاوز هذه القيمة ما تحقق من قبل، بالرغم من الأزمات العالمية المتتالية.

وبلغت إيرادات قناة السويس 5.2 مليار دولار عام 2015 وخلال السنوات اللاحقة كانت الحصيلة أعلى قليلاً أو أقل قليلاً عن هذه النسبة، حتى بدأت فى الارتفاع منذ عام 2021 لتحقق 6.3 مليار دولار ثم نحو 8 مليارات دولار عام 2022، لتصل أخيراً إلى 9٫4 مليار دولار خلال العام المالى 2022/2023.

المؤشر الثالث التدفقات الاستثمارية، حيث يعد التحسن الأبرز الذى تبع تحرير سعر الصرف هو تدفقات استثمارات المحافظ الأجنبية، حيث تخطت 30 مليار دولار منذ تحرير سعر الصرف، وهو ما يؤكد جاذبية الاستثمارات المالية المصرية للمستثمرين الأجانب.

ومن الملاحظ أن الميزان المالى قد حقق تدفقات قدرها 4.2 مليار دولار خلال عام 2018/19 مقابل 12.1 مليار دولار خلال عام 2017/18 ليصل إلى 7.3 مليار دولار عام 2019/2020. وهو ما يتوافق مع الأحداث العالمية، فالحروب التجارية بين الولايات المتحدة والصين قد أثرت سلبياً على تدفقات استثمارات الحافظة.

بجانب جائحة فيروس كورونا المستجد، إلا أنه مع تحسن الأوضاع عادت لتحقق 18.7 مليار دولار خلال عام 2020/2021 وبشكل عام، ارتفعت التدفقات الاستثمارية خلال العام الحالى 2023 بنسبة 72% بفضل التسهيلات التى قدمتها الدولة للمستثمرين على خلفية 22 قراراً صادراً من المجلس الأعلى للاستثمار.

ارتفاع صافى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر إلى 3.3 مليار دولار وضع مصر فى المركز الأول على مستوى شمال أفريقيا وحقق فائضاً فى ميزان المدفوعات تخطى 26 مليار دولار

وجاء ارتفاع التدفقات الاستثمارية مدعوماً بارتفاع حجم الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر خلال عام 2022 إلى 8.9 مليار دولار مقابل 5.2 مليارات دولار فى 2021 وخلال الربع الأول من العام الحالى 2023 ارتفع صافى تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر إلى مصر ليصل إلى حوالى 3.3 مليار دولار، لتحقق مصر المركز الأول على مستوى دول شمال أفريقيا فى مؤشر التدفقات الواردة من الاستثمار الأجنبى، والأولى عربياً من حيث نمو الاستثمارات الأجنبية. والتطورات السابق ذكرها أسهمت فى تحقيق فائض فى ميزان المدفوعات يتخطى 26 مليار دولار خلال عامى 2016/17 و2017/18.

وشهد عام 2019/18 تبايناً فى أداء الموازين الثانوية، وهو ما انعكس على ميزان المدفوعات سلباً ليحقق عجزاً بمقدار 0.1 مليار دولار، إلا أن ميزان المدفوعات حقق فائضاً قدره 1.86 مليار دولار فى العام المالى 2020/2021. وبنهاية سبتمبر من العام الماضى 2022 حقق ميزان المدفوعات المصرى فائضاً كلياً بلغ 523.5 مليون دولار، مدعوماً بارتفاع الإيرادات السياحية وحصيلة الصادرات السلمية البترولية وغير البترولية، إلى جانب تصاعد إيرادات قناة السويس وارتفاع صافى التدفق الداخل للاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر.

الاحتياطى النقدى وسعر الصرف: انعكست هذه التطورات على صافى الاحتياطيات الدولية، التى شهدت أعلى معدلات تاريخية فى ديسمبر 2018 بقيمة 45.55 مليار دولار، إلا أنه تخلى عن هذه المستويات بفعل التأثيرات العالمية ليصل إلى 33.53 مليار دولار بحلول نوفمبر 2022 ليتعافى عقب ذلك بحلول أغسطس 2023 عند 34.9 مليار دولار.

وبالنسبة لأسعار الصرف شهد عام 2020 أداء جيداً للجنيه المصرى مقارنة بالأسواق الناشئة، بدعم من نتائج برنامج الإصلاح الاقتصادى ومساعى الدولة لتحسين مؤشرات الاقتصاد والبرامج الحمائية، التى اتخذتها الدولة خلال فترة جائحة كورونا.

إلا أن سوق الصرف شهدت مطلع عام 2022 تحولاً كبيراً على خلفية التقلبات العالمية وصدمات الاقتصاد الدولى الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية، لتتخذ البنوك المركزية عالمياًً وبالتبعية البنك المركزى المصرى سياسة تشددية للسيطرة على معدلات التضخم المرتفعة، وفى ظل هذه الأوضاع ارتفع سعر الدولار مقابل الجنيه المصرى من 15 جنيهاً للدولار ليصل إلى 30.90 جنيه مقابل الدولار.

معدلات التضخم: تراجعت معدلات التضخم بوتيرة أسرع مما كان متوقعاً من قبل المحللين، فقد سجل معدل التضخم تراجعاً من 21.6% عام 2017/2018 فى أعقاب تحرير سعر الصرف نتيجة برنامج الإصلاح الاقتصادى - إلى%6.4%79 خلال عامى 2019/2020 2020/2021 على التوالى، مرتفعاً بعد ذلك بمستويات كبيرة بفعل تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية على معدلات التضخم العالمية والمحلية، إلا أنه من المتوقع أن يعود إلى الاستقرار مرة أخرى فى عام 2023/2024 إلى مستويات ما دون 20%.

 

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الاقتصاد المصري القطاع الخاص ملیار دولار خلال عام الاستثمار الأجنبى على معدلات التضخم تدفقات الاستثمار میزان المدفوعات تحریر سعر الصرف البنک المرکزى العام المالى قناة السویس لیصل إلى وهو ما

إقرأ أيضاً:

5.13 مليار درهم أرباح «أبوظبي الأول» خلال الربع الأول بنمو 23%

 

أبوظبي (الاتحاد)

أخبار ذات صلة «موديز»: البيئة التشغيلية القوية تدعم ربحية بنوك الإمارات في 2025 50 بنكاً ومؤسسة مالية تتيح تحويل الأموال خلال 10 ثوانٍ


أعلن بنك أبوظبي الأول، تحقيق نتائج قوية خلال الربع الأول من عام 2025، حيث وصل صافي أرباح المجموعة إلى 5.13 مليار درهم، مسجلاً نمواً بنسبة 23% مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، وبلغت أرباح المجموعة قبل الضريبة 6.13 مليار درهم، بنمو نسبته 22% مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي.
ويعكس هذا الأداء المالي وفق البنك، زخم الأعمال المتصاعد، والتزايد المستمر في نشاط العملاء، وتنوّع مصادر الإيرادات، حيث حافظ بنك أبوظبي الأول على مكانة قوية تؤهله لتحقيق أفضل قيمة وتقديم عوائد مستدامة للمساهمين.
وارتفعت الإيرادات التشغيلية إلى 8.81 مليار درهم، محققة زيادة نسبتها 11% مقارنة مع الربع الأول من عام 2024، بعد تسجيل نمو مزدوج الرقم عبر كافة القطاعات، وزيادة الإيرادات غير المشتملة على الفوائد بنسبة 22%، لتسهم بنسبة 43% من إجمالي إيرادات المجموعة، ما يؤكد نجاح استراتيجية البنك لتنويع مصادر الإيرادات.
من جهة أخرى، ارتفعت القروض والودائع بنسبة 8% و4% على التوالي مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، فيما ارتفع إجمالي الموجودات بنسبة 6% مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، متجاوزاً 1.3 تريليون درهم للمرة الأولى على الإطلاق.
وارتفع صافي هامش الفوائد بواقع 4 نقاط أساس مقارنة بالربع الماضي ليصل إلى 1.97%، فيما تحسنت نسبة التكاليف إلى الإيرادات لتصل إلى 22.3% مقارنة مع 24.0% خلال الربع الأول من عام 2024. 
كما ارتفع العائد على حقوق الملكية الملموسة إلى 20.4%، مقارنة مع 17.4% خلال الربع الأول من العام الماضي، تماشياً مع الهدف المتوسط المدى لبنك أبوظبي الأول بتحقيق عائد يتجاوز 16%، فيما حافظ البنك على الأسس المتينة للميزانية العمومية، حيث حصل على تصنيف ائتماني عند AA-. 
ويسهم الأداء القوي لبنك أبوظبي الأول خلال الربع الأول من عام 2025 في ترسيخ مكانته كمؤسسة مالية بارزة في القطاع المصرفي في المنطقة، ومساهم رئيسي في دفع مسيرة النمو والازدهار الاقتصادي في دولة الإمارات العربية المتحدة. 
وقالت هناء الرستماني، الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك أبوظبي الأول، إن النتائج تعكس مواصلة المجموعة تنفيذ أولوياتها الإستراتيجية مستفيدين من نمو وازدهار الاقتصاد الوطني، وتوسع شبكتها الدولية وقطاعات الأعمال، التي تضم الخدمات المصرفية للاستثمار والأسواق، والخدمات المصرفية للشركات، والخدمات المصرفية للأفراد والأعمال وإدارة الثروات، ومجموعة العملاء المميزين، بالإضافة إلى فروعها الخارجية، وحافظ البنك على مكانته الرائدة كبنك عالمي لدولة الإمارات بميزانية عمومية قوية وإجمالي أصول تجاوز 1.3 تريليون درهم.
ولفتت إلى ارتفاع العائد على حقوق الملكية الملموسة إلى 20.4% تماشياً مع التزام المجموعة بتحقيق قيمة مستدامة للمساهمين على مدار العام، في حين حافظ البنك على إمكانات قوية تشمل السيولة العالية وجودة الأصول. 
وأكدت الرستماني مواصلة بنك أبوظبي الأول جهوده للاستفادة من الابتكارات الحديثة وتقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز الإنتاجية والتحليل التنبؤي وتحسين الخدمات، حيث قام البنك خلال الربع الأول باتخاذ خطوات إضافية لدمج الذكاء الاصطناعي وتم تعيين مستشار للذكاء الاصطناعي كمراقب في مجلس الإدارة. وحقق قطاع الخدمات المصرفية للاستثمار والأسواق أداءً قوياً على صعيد الإيرادات التي ارتفعت بنسبة 15% مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، وبنسبة 22% مقارنة مع الربع الماضي. 
وارتفعت إيرادات قطاع الخدمات المصرفية للشركات بنسبة 12% مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، نتيجة خبراته المتخصّصة في مختلف قطاعات الأعمال والمجموعة المتكاملة من المنتجات والحلول وقدرته على تحقيق النمو في القروض والودائع بنسبة 13% و18% مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، على التوالي، مع نمو كبير في أرصدة الحسابات الجارية وحسابات التوفير. 
كما ارتفعت إيرادات قطاع الخدمات المصرفية للأفراد، والأعمال، وإدارة الثروات، ومجموعة العملاء المميزين بنسبة 11% مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، وبنسبة 7% مقارنة بالربع الماضي، ما يعكس الاستقطاب المستمر للعملاء الجدد، وتحسين تجربتهم من خلال الاستفادة من التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي.
وشهدت محفظة الأعمال الدولية زيادة كبيرة في الميزانية العمومية، حيث ارتفعت القروض والودائع بأكثر من 19% و13% مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، على التوالي، من مختلف البلدان.

مقالات مشابهة

  • صادرات الفوسفاط ومشتقاته تصل 20,3 مليار درهم عند متم مارس 2025 (مكتب الصرف)
  • بنك الكويت: الاستثمارات الخليجية بـ 12 مليار دولار لـ مصر كافية لسد فجوة التمويل الخارجي
  •  عقود بقيمة 18 مليار دولار.. أمريكا تُشعل سباق الغواصات النووية
  • مكتب الصرف: عجز تجاري قدره 71,63 مليار درهم عند متم شهر مارس
  • طاحون: 19.8 مليار جنيه استثمارات الشراكة بين القطاعين العام والخاص في 2024
  • إنتاج الكهرباء يرتفع بـ4.7 في المائة منذ مطلع العام
  • هجمات متعددة على قوات تابعة للانتقالي في أبين
  • مستشار حكومي: نعتزم رفع التبادل التجاري مع إيران إلى 25 مليار دولار
  • 5.13 مليار درهم أرباح «أبوظبي الأول» خلال الربع الأول بنمو 23%
  • السوداني يرفع من حجم الصادرات الإيرانية للعراق إلى (25) مليار دولار سنويا بعد رفعه شعارا لا زراعة ولا صناعة في عراق البكاء