ما دلالات مهاجمة وسائل إعلام إماراتية "اتفاق التهدئة" في اليمن الذي ترعاه السعودية وسلطنة عمان؟ (تقرير)
تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT
في الوقت الذي تتحدث مصادر سياسية مطلعة عن اتفاق مرتقب بين الحكومة اليمنية (المعترف بها دوليا) وجماعة الحوثي بوساطة المملكة العربية السعودية، تشن وسائل إعلامية تابعة للإمارات وشخصيات محسوبة عليها هجوما على أي اتفاق للتهدئة، في خطوة عدها مراقبون وسياسيون بأن أي مصالحة في الوقت الراهن تتعارض مع مشاريع وأجندات أبوظبي في اليمن، بقدر ما تكشف الخلافات والتباينات مع السعودية ضمن مصالحهما جنوب البلاد.
ومع تواتر الأنباء حول حدوث تقدّم في جهود إيجاد حلّ سلمي للصراع اليمني، عمدت وسائل الإعلام الإماراتية على تحريك قضية "جنوب اليمن" وتصعيدها باستعادة دولة الجنوب التي كانت قائمة قبل الوحدة اليمنية المنجزة في تسعينات القرن الماضي، عبر كياناتها التي أنشأتها في جنوب البلاد على رأسها المجلس الانتقالي الجنوبي.
وخلال الأيام الماضية عاد الحراك الدبلوماسي الدولي والاقليمي حول الملف اليمني بعد قرابة شهر من الجمود بسبب الانشغال بالحرب في غزة، نحو الحديث عن قرب توقيع اتفاق سلام بين الحكومة المعترف بها وجماعة الحوثيين برعاية أممية، بعدما هندسة السعودية بوساطة عمانية خارطة الطريق بين الأطراف المتحاربة في اليمن.
وتحدثت صحيفة الشرق الاوسط السعودية بأن التحركات الأخيرة في جهود السلام التي تقودها السعودية تتمحور حول خريطة السلام الأولى التي قُدمت في رمضان الماضي، بعد إجراء تعديلات وملاحظات عليها من الشرعية اليمنية والحوثيين.
وعلى إثر ذلك الزخم الدولي لإنهاء الصراع في اليمن هاجمت وسائل إعلامية تابعة للإمارات اتفاق التهدئة الجديد بين الأطراف اليمنية، الذي أعلنت السعودية عنه، خلال الأيام الماضية.
القفز على القضية الجنوبية
صحيفة العرب الإماراتية في تقرير لها قالت إن الاتفاق يصب في خدمة الحوثيين، ويسعى لاسترضائهم، مشيرة إلى أن بنود مشروع الاتفاق قد تثير غضب المكونات الأخرى، خاصة الانتقالي الجنوبي.
وذكرت الصحيفة أن ما يثير مخاوف المكونات السياسية اليمنية الأخرى هو أن الاتفاق، الذي قد يتم الإعلان عن تفاصيله خلال الساعات القادمة، يدعو إلى تشكيل لجنة حوار سياسية تضم مختلف المكونات، تكون مهمتها التحضير لتسوية سياسية، وهو ما يعني العودة إلى المربع الأول في ملف المفاوضات، خاصة أن عمل اللجان يكون عادة طويل النفس وتفاصيله متشعّبة.
ولفتت إلى أن صيغة الاتفاق، التي يجري الحديث عنها، تبدو غير معنية بالحل السياسي، وإنما هي معنية بتحسين الظروف المعيشية في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا، ومناطق سيطرة الحوثيين، بما يوحي بوجود قبول ضمني باستمرار واقع الانقسام الحالي، وتعليق الحل السياسي إلى وقت غير معلوم.
وأردفت الصحيفة الإماراتية أن موقف الحكومة اليمنية غير معروف قد يرتبط برغبة السعودية في وقف المعارك مع الحوثيين، وإن تأجيل الحل السياسي إلى وقت غير معلوم لا يتماشى مع خطط المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يريد أن تفضي مسارات الحوار اليمنية - اليمنية (سواء داخل الشرعية أو مع الحوثيين) إلى حل في صالحه، أي الاعتراف بوضع الجنوب؛ بقطع النظر عن نتائج الحوار مع الحوثيين.
وزادت إن جماعة الحوثي لا تبدو مكترثة باتفاق التهدئة، التي تدفع السعودية والأمم المتحدة نحوها، وتستمر بالتصعيد بإطلاق صواريخ وإرسال مسيَّرات نحو إسرائيل من أجل خلط الأوراق، ما يجعل من الصعب توقّع قبولها بسلام دائم، سواء مع السعودية أو مع الأطراف اليمنية، حتى لو حصلت على تنازلات أكبر مما تطالب به.
وفي تقرير سابق لصحيفة "العرب" زعمت أن اقتصار السعودية على محاورة الحوثيين يمثل، في نظر المهتمّين بالملف، نقيصة قد تعيق نجاحها، بينما يعتبر ساسة وقادة رأي من جنوب اليمن أنّ ذلك يشكّل محاولة للقفز على قضيتهم المتمثلة في استعادة دولة الجنوب التي يرونها أساسا ضروريا لاي سلام شامل ومستدام.
حبر على ورق ومضيعة للوقت
بدورها زعمت صحيفة الاتحاد الإماراتية، أن مساعي واتفاقيات السلام الجارية لإنهاء الحرب في اليمن مجرد حبر على ورق، وتضييع للوقت.
وذكرت الصحيفة في تقرير لها أن جماعة الحوثي أبعد ما تكون عن السلام الحقيقي، وتخفيف أعباء الحرب عن اليمنيين.
وأضافت أن تجارب السنوات الماضية في المفاوضات مع الحوثي باءت بالفشل، رغم كل المحاولات المتواصلة لدعم جهود تحقيق السلام، إلا أنها لم تثمر عن نتائج واضحة لخريطة طريق تدعم الاستقرار والأمن، بسبب ممارسات الحوثي المستمرة لعرقلة تلك المحاولات التي تقودها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، من خلال الانتهاكات المستمرة.
وطبقا للتقرير فإن جماعة الحوثي تعتبر كل جولة من المفاوضات فرصة لكسب المزيد من الوقت لزيادة الضريبة التي يتحملها اليمنيون جراء ممارساتهم.
وحذرت الصحيفة الإماراتية من أي مفاوضات مع جماعة الحوثي التي وصفتها بالمتطرفة واعتبرت ما يجري معها "ضياع للوقت والجهد"، مشددة على ضرورة عدم إضاعة الوقت مرة أخرى في جولات ماراثونية للمفاوضات لا تسمن ولا تغني من جوع خاصة بعد كل التجارب التي أفشلتها.
ونقلت صحيفة الاتحاد عن محللين وخبراء قولهم إن الجماعة تجهض كل محاولات السلام بمجرد الشروع فيها، لأن الجماعة تفضل سلوك طريق الحرب، وتحول التسهيلات التي يقررها المجتمع الدولي مثل فتح مطار صنعاء وتسهيلات ميناء الحديدة إلى حرب اقتصادية لعرقلة عمليات السلام.
ترحيل للصراع
وضمن محاولات التثبيط بشأن المحادثات واستباقا لأي اتفاق بين السعودية والأطراف اليمنية بما فيهم الحوثيون نشرت صحيفة العرب مطلع نوفمبر الجاري، مقالا للكاتب اليمني هاني مسهور، أشار فيه إلى أن عملية السلام في اليمن لن تنجح إلا بفك الارتباط، حد زعمه.
وقال المسهور في مقاله المعنون بـ "حلّ الدولتين بين اليمن وفلسطين" إلى أن تأتي حلول الواقع السياسية في القدس وعدن سنتابع فصولا من الرهانات غير الواقعية التي ستفاقم الصعوبات في الحلول السياسية فهذا هو شرقنا الأوسط الواقع دائما تحت مباضع جراحين مترددين، وهم يعرفون الحل ولكنهم دائماً حائرون حتى وهم يعلمون أن لا مفرّ من حلّ الدولتين بين اليمن وفلسطين.
وأضاف الكاتب الذي ينتمي لجنوب اليمن والمدعوم إماراتيا أن "محددات الأمن الجيوسياسي في الشرق الأوسط لا يمكن تجزئتها باعتبارات الأهواء والرغبات، فمع أهميّة ما أعيد طرحه في الصراع العربي – الإسرائيلي على كافة المستويات الدولية والإقليمية من أنه لا حلّ إلا بحلّ الدولتين وإقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة بحدود العام 1967، فإن هذا المنطق الواقعي يطرح أيضاً وضع اليمن المنشطر واقعياً بين جنوب يناضل لأجل استعادة وطنه على حدود ما قبل 1990".
وزعم مسهور أن الموضوعية السياسية تفرض على صنّاع السياسة الدولية والإقليمية إعادة تقييم صحيحة تفرض فيها سياسات تدفع بحلول بعيدة المدى، لن يجدي إطلاقاً التسويف تحت أيّ أنواع الضغوط الوهميّة من اتخاذ قرارات حاسمة بمنح الجنوبيين استحقاقهم السياسي كما هو الحال في فلسطين.
وزاد "كلتا القضيتين تفرضان مساراً واحداً بحلّ الدولتين لفك الاشتباك في الصراع العربي – الإسرائيلي وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني كما هي معاناة ما سماه "الشعب الجنوبي".
الاتفاق السعودي- الحوثي يتعارض مع مصالح الإمارات
وفي وقت سابق، قالت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية إن الاتفاق السعودي الحوثي يترك اليمن عرضة للصراع ويتعارض مع المصالح الأساسية للإمارات في البلاد، مما يشجع المجلس الانتقالي الجنوبي على تقويضه.
ومن الملاحظ في الحراك الدبلوماسي الدولي والإقليمي خلال الأيام الماضية، في الرياض، عمد عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات في مجمل لقاءاته على طرح ما سماها القضية الجنوبية ضمن أولويات عملية السلام، والذي قال إن "نجاح السلام باليمن مرهون بحلول قضايا الصراع وفي مقدمتها القضية الجنوبية".
وكان الزبيدي قد قال في وقت سابق في حديث لصحيفة الغارديان البريطانية إنّه "تمّ بالفعل تهميش الانتقالي في المحادثات الجارية بين السعودية والحوثيين".
ورأى الزبيدي أن الحفاظ على حالة الهدوء الراهنة أفضل من التوصّل إلى اتفاق سيء يلبي للحوثيين مطالبهم ويمثّل استجابة لابتزازهم.
ولفت إلى وجود مخاوف من أن يفضي أي اتفاق سلام إلى تسليم اليمن للحوثيين وإلى سيطرة إيران التي تقف خلفهم على ممرات الملاحة الدولية.
الانتقالي يرفض أي اتفاق يرحل القضية الجنوبية
طارق صالح، عضو مجلس القيادة الرئاسي، طارق -قائد ما يعرف بقوات "حراس الجمهورية" المدعومة إماراتيا- هو الآخر قال في تغريدة على منصة (إكس) في معرض حديثه عن الحراك الدولي المكثف بشأن إحلال السلام في اليمن "شركاء في السلام وأيادينا على الزناد".
وفي السياق ذاته قال القيادي الإعلامي في الانتقالي صلاح بن لغبر في تغريدة على حسابه بمنصة (إكس)، إنه لا يوجد اتفاق أو مقاربة متفق عليها تخص الجانب السياسي في تحركات الرياض وأن ما سيتم الإعلان عنه "يقتصر على ترتيبات اقتصادية تتعلق بالبنك والعملة والرواتب والطرقات وإعادة تصدير النفط الخام".
وأضاف "قد يتم إرفاق نص يتحدث عن العمل مستقبلا لإنجاز إعلان مبادئ للجانب السياسي من خلال بدء مفاوضات، لكن الحقيقة أن المواقف متباعدة جدا، إذ يرفض المجلس الانتقالي أي اتفاق لا يعطي الجنوبيين ضمانات تتعلق بحق الاستقلال واستعادة دولتهم وأرضهم، مع الإشارة الواضحة لذلك في كل مراحل أي عملية سياسية، وهو ما يرفضه الحوثيون جملة وتفصيلا".
وأفاد بن لغبر أن "الانتقالي يرفض طروحات تقترح مقاربة ترحل القضية الجنوبية إلى مرحلة لاحقة أو مرحلة الحل النهائي وشكل الدولة، ويرفض حتى مناقشة هذا الطرح، الذي يتبناه اثنان من أعضاء مجلس القيادة عن الشمال"، دون ذكر اسمهما.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن السعودية الحوثي الانتقالي الامارات الانتقالی الجنوبی المجلس الانتقالی القضیة الجنوبیة جماعة الحوثی مع الحوثی أی اتفاق فی الیمن إلى أن
إقرأ أيضاً:
تقرير: ترامب لا يمتلك وسائل للتأثير على بوتين
في أيامه الأولى في السلطة، كثف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الضغوط على نظيره الروسي فلاديمير بوتين، سعياً لدفعه إلى الجلوس على طاولة المفاوضات، بهدف التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
وبعد أكثر من 48 ساعة من عودته إلى البيت الأبيض، قال ترامب إن "بوتين يدمر بلاده بالحرب المستمرة منذ ما يقرب من 3 سنوات ضد كييف"، وهدد بزيادة العقوبات على موسكو إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بسرعة.
ولكنه سرعان ما رجع إلى مجاملة روسيا، عبر شبكته للتواصل الاجتماعي (تروث سوشيال)، قائلاً: أحب الشعب الروسي، ولدي علاقة ممتازة مع الرئيس بوتين. أنا لا أسعى إلى إيذاء روسيا، لكني سأقدم لاقتصادها المنهار، ولبوتين خدمة كبيرة للغاية. استسلما الآن، وأوقفا هذه الحرب السخيفة!".
President Trump talks tough with Russian President Vladimir Putin on ending Ukraine war https://t.co/y15gKJb4Qh
— The Hill (@thehill) January 22, 2025 الدفع نحو السلاموحسب تقرير لصحيفة "ذا هيل" الأمريكية، تمثل هذه المنشورات بداية لجهود ترامب لإظهار أن سياسته "السلام من خلال القوة"، يمكن أن تنهي أكبر حرب برية في أوروبا، منذ ما يقرب قرن من الزمان.
لكن الرئيس الأمريكي قال إن "حل الحرب الروسية في أوكرانيا، يشكل تحدياً أصعب مقارنة بالشرق الأوسط".
وشكل الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، انتهاكاً صادماً للنظام الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية، حيث سعت موسكو إلى تغيير حدود دولة ذات سيادة بالقوة.
فوراً..ترامب يهدد روسيا بالعقوبات إذا لم توقف الحرب على أوكرانيا - موقع 24طالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، نظيره الروسي فلاديمير بوتين، الأربعاء، بالتوصل لاتفاق ينهي للحرب الطاحنة في أوكرانيا "على الفور"، مهدداً موسكو بفرض رسوم جمركية وعقوبات عليها. انفتاح أوكرانيوأشارت الصحيفة، إلى أن الرأي العام الأوكراني أصبح منفتحاً بشكل متزايد على التفاوض، لإنهاء الحرب في أقرب وقت ممكن.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه متفائل بأن حسم ترامب قد يغير ديناميكيات الحرب.
وأضاف "ترامب قادر على أن يكون حاسماً في هذه الحرب. إنه قادر على إيقاف بوتين، أو بعبارة أكثر إنصافاً، مساعدتنا على إيقاف بوتين. إنه قادر على القيام بذلك".
وفي تصريحات أدلى بها من المكتب البيضاوي، قال ترامب: "زيلينسكي يريد التوصل إلى صفقة. لا أعلم ما إذا كان بوتين سيفعل ذلك أم لا، ربما لا، لا أعلم. يجب عليه أن يعقد صفقة".
الكرملين: مستعدون للحوار مع ترامب - موقع 24قال الكرملين، اليوم الخميس إنه لا يرى "شيئاً جديداً" في التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن الحرب في أوكرانيا وتهديداته بفرض عقوبات جديدة على روسيا، مؤكّداً في الوقت نفسه أنه منفتح على الحوار. موقف أوروباولفت التقرير إلى أن روسيا وأوكرانيا ليستا اللاعبين الوحيدين في هذا الصراع. فقد ترسخت التحالفات الدولية على جانبي الصراع، مع وجود عدد من البلدان على جانبي الخط.
وقال سام جرين، مدير المرونة الديمقراطية في مركز تحليل السياسة الأوروبية، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن العاصمة، إنه "إذا كان ترامب يريد ممارسة نفوذه على روسيا، فسوف يحتاج إلى الوحدة مع أوروبا"، مشيراً إلى أن هذه الخطوة قد تكون صعبة إذا أوفى بوعده، بفرض رسوم جمركية باهظة على القارة.
وأضاف جرين "أعتقد أن الواقع هو أن ترامب لا يملك - والولايات المتحدة بشكل عام لا تملك - نفوذاً هائلاً على أي من الطرفين في هذا الصراع".
وأشار إلى أن بوتين ربما يتمكن من بيع صفقة للشعب الروسي، لكنه سيظل يجد صعوبة في الموافقة على وقف الحرب.
وأوضح قائلاً "بوتين يستطيع أن يجد وسيلة لرفع راية إنجاز المهمة، حتى ولو لم يكن يسيطر على كامل أوكرانيا، أو كامل الأراضي التي ادعت الحكومة الروسية ملكيتها لها. ولكن ما ستكافح روسيا من أجله هو الابتعاد عن الصراع، والمواجهة مع الغرب".